بسم الآب والآبن والروح القدس الإله الواحد آمين
سلام لكم يا إخوتي ...
سألني أحد الأحباء سؤالاً يختص بخلاص نفسه ...
إذ قال: هل إذا أخطأ الإنسان وطلب من الله أن يمرض لكي يكفر عن خطيئته التي فعل فيخلص ويستحق ان يدخل الحياة الأبدية ...
وهل لو أتى مرض نتيجة خطية معينة ممكن لو احتمله الإنسان بالشكر والتوبة هذا يجعله يستطيع أن يكفر عن ما صنع أمام الله ويصير راضياً عنه !!! ...
وهذا ما استنتجته من خبرات بعض الرهبان والذين تكلموا عن الأمراض التي أتت إليهم واعتبروها لخلاص نفوسهم وبها كفروا عن خطاياهم ؟ ! ...
طبعاً في هذا الكلام أو هذا السؤال فكر مشوش جداً ...
ما بين التكفير والتأديب ...
وقد نبع هذا الفكر عموماً من سماع بعض خبرات الناس الذين ليس عندهم روح تعليم وفق الكتاب المقدس ...
وتكلموا بدون تدقيق ، بل ووصلوا مفهوم يُعتبر ضد الإنجيل والتعليم الإلهي السليم ...
لأن الكتاب المقدس لم يعطي اي شيء للتكفير عن النفس سوى بالرمز في العهد القديم بتقديم الذبيحة ...
لكي يعرف الإنسان خطورة الخطية التي تستدعي الموت وسفك الدم ...
لأن بدون هذا الرمز لا يُمكن يفهم الإنسان شناعة الخطية التي قتلته وابعدته عن الله وجعلت هناك حاجز خطير وكثيف يمنع الإنسان من معرفة الله والوصول إليه قط ….
ولكن لنعود للتعليم في الكتاب المقدس ، لأنه مكتوب:
[ في هذه هي المحبة ليس إننا نحن أحببنا الله، بل انه هو أحبنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا ] (1يوحنا 4: 10) ...
[ الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله ] (رومية 3: 25) ...
[ وهو كفارة لخطايانا، ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً ] (1يوحنا 2: 2) ...
إذن الإيمان بدم المسيح وحده فقط ...
[ ولكن أن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية (1يوحنا 1: 7) ...
أن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويُطهرنا من كل إثم (1يوحنا 1: 9) ] ...
نطهر ونتقدس ، ولا يوجد أي شيء في الدنيا كلها يطهرنا ويغسلنا من خطايانا سوى الإيمان بدم حمل الله رافع خطية العالم ...
لأن لو كان عمل الإنسان ينفع أمام الله لما أتى الرب يسوع في ملء الزمان ليعطي حياة لكل من يؤمن به ومكتوب:
[ فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع] (عبرانيين 10: 19) ...
بدم يسوع فقط وليس بأي شيءٌ آخر مهما كان، فمهما ما عملنا نحن عبيد بطالون لا نفعل سوى ما يهبنا الله ...
لأن حتى الإيمان هو عطية الله ...
أي أن كل من يؤمن بالله يقترب منه ...
ويفتح بصيرته على عمله الإلهي ...
ويدعوه دعوة مقدسة خاصة يسمعها في قلبه فيتحرك نحو الله ويؤمن به ...
ويصدق عمله فيحيا به ويدخل في سرّ الكفارة لينفتح على العلو الحلو الذي للقديسين ...
ويستحق به أن يدخل للأقداس العُليا حيثما هو جالس ، لأن أن كنا قمنا معه سنيحا أيضاً معه …
يقول القديس بيصاريون (وكلامه كان موجه للقديسة تاييس التائبة):
[ أن الله لم يغفر لك خطاياك بسبب توبتك، إنما بسبب الفكر الذي جعلتيه في قلبك أن تهبي نفسك للمسيح ] ...
عموماً يا إخوتي ..
كل ما علينا هو أن نلبي دعوة الله لنا ...
نتوب ونضع في قلبنا أن نأتي دوماً إليه طالبين منه أن يجددنا ويُغيرنا إليه حسب ما هو مكتوب:
[ ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح ] (2كورنثوس 3: 18) ...
فكل ما علينا هو أن نطيع الروح ونتجاوب ما نداءات الله فقط لا غير ...
أما الأمراض وأتعاب الجسد فهي في النهاية تصب في مجد القيامة ...
ولم ولن تكون للتكفير على الإطلاق ...
وانظروا لأمراض الرسل التي كانت شهادة حيه لله الحي:
[ حتى كان يؤتى عن جسده بمناديل أو مآزر إلى المرضى فتزول عنهم الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة منهم ] (أعمال 19: 12) ...
وأيضاً يقول القديس بولس الرسول:
[ ولئلا أرتفع بفرط الإعلانات أُعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا أرتفع ]
(2كورنثوس 12: 7) ...
فالأمراض والأتعاب التي تأتي على من آمن بالمسيح يسوع هي يا إما ليتمجد الله فيه ...
يا إما من أجل أن لا يتكبر فيضل عن الطريق ويهلك ...
وكلها ستُصب في شركة آلام ربنا يسوع حسب المكتوب:
[ فإن كنا أولاداً فإننا ورثة أيضاً ، ورثة الله ووارثون مع المسيح ، أن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضاً معه ] (رومية 8: 17) ...
[ فان كنا نتضايق فلأجل تعزيتكم وخلاصكم العامل في احتمال نفس الآلام التي نتألم بها نحن أيضاً أو نتعزى فلأجل تعزيتكم وخلاصكم ] (2كورنثوس 1: 6) ...
إذن آلامنا وأمراضنا واتعابنا التي تأتي علينا نحن الذين آمنا ليست للتكفير ولا لاستحقاق ملكوت الله ...
لأنه لم ولن يوجد من هو مستحق ، بل الاستحقاق يأتي فقط وفقط من دم حمل الله رافع خطية العالم وحده:
[ فإنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضاً أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب ] (1كورنثوس 15: 3) ...
[ الذي أسلم (سلم نفسه حسب مشيئة الآب) من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا ] (رومية 4: 25) ...
[ الذي بذل نفسه لأجل خطايانا لينقذنا من العالم الحاضر الشرير حسب إرادة الله وأبينا ] (غلاطية 1: 4) ...
[ وتعلمون أن ذاك أُظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية ] (1يوحنا 3: 5) ...
[ الذي بذل نفسه لأجل خطايانا لينقذنا من العالم الحاضر الشرير حسب إرادة الله وأبينا ] (غلاطية 1: 4) ...
[ الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي ] (عبرانيين 1: 3) ...
[ ومن يسوع المسيح الشاهد الأمين البكر من الأموات ورئيس ملوك الأرض الذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه] (رؤية 1: 5) ...
فلا يظن أحد أن بأعماله يخلُّص أو يستحق ملكوت الله والدخول للأقداس العُليا ...
أو يستطيع أن يُكفر عن خطاياه وأن سلَّمَ جسده كله ليحترق من أجل هذا ولا ننسى المكتوب:
[ إذ نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس بل بإيمان يسوع المسيح ...
آمنا نحن أيضاً بيسوع المسيح لنتبرر بإيمان يسوع لا بأعمال الناموس، لأنه بأعمال الناموس لا يتبرر جسد ما ] (غلاطية 2: 16) ...
[حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه لا بأعمال في برّ عملناها نحن ، بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس ...
الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا . حتى إذا تبررنا بنعمتهنصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية ] (تيطس 3: 4 – 6) ...
لنُصلي يا إخوتي من أجل بعضنا البعض ...
لكي يفتح الله أذهاننا لنفهم الكتب وندخل في سرّ تبريرنا بالروح وليس حسب فكرنا الخاص ولا أعمالنا التي لم ولن تنفع قط ...
بل حسب نعمة الله المعطاة لنا في سرّ التقوى وعمل الروح القدس في داخلنا ، كونوا معافين في سرّ خلاص الله بالمسيح يسوع ربنا آمين
منقول / بحر الكلمة الارثوذكسية