بسم الثالوث الأقدس الملوكي
الآب والآبن والروح القدس الإله الواحد آمين
المسيحية و الرومانسية
المسيحية والرومانسية فى عالم اختفت فيه كل معانى الرومانسية، وهذا ما قد جعلنى أتساءل: هل يوجد فى المسيحية علاقة بالرومانسية وما هو مصدر الرومانسية؟
فوجدت أن المسيحية هى أساس الرومانسية ووجدت أيضاً أن كل مبادئ الرومانسية موجودة فى المسيحية بكل مفاهيمها التى نعرفها.
فعندما يروى شكسبير قصة روميو وجوليت وهى أعظم قصص الحب فى العالم كما يقول البعض رغم انها غير واقعية حيث نرى فيها التضحية والحب والعطاء من أجل الآخر وحيث كان فيها الحب هو الذي صالح بين العائلتين اللتين لم يستطع القانون ممثلاً بالأمير ولا الدين ممثلاً بالقس أن يصلحا بينهما.
وبالمقابل نرى فى المسيحية أعظم قصة حب واقعية فى الكون يرويها لنا الكتاب المقدس من سفر التكوين الى سفر الرؤيا نرى فيها كل معانى الحب من الله من أجل الإنسان بدون مقابل من الإنسان
بل بالعكس نرى من الإنسان طعناً للمحب وجرحاً وخيانة ورفضاً له، ونرى الله كيف يحب الإنسان وماذا فعل لكى يصالحنا معه.
فنرى مفارقة بين قصة روميو وجوليت وقصة السيد المسيح وحبه لنا.
ففى قصة روميو وجوليت انتهى الحب بموت الطرفين لكن فى قصة السيد المسيح والإنسان لم ينته الحب بموت السيد المسيح على عود الصليب بل فى الصليب كان الإعلان عن أعظم قصة حب فى الكون.
وتساءلت: ماذا يقول العظماء عن الرومانسية، وماذا يقول أيضاً الكتاب المقدس عن الرومانسية؟ وإليكم هذه الأقوال:
لقد قال "تشيكوف" (إذا كان فى وسعك أن تحب ففى وسعك أن تفعل أى شىء).
وهذا ما قد حدث بين الله والإنسان، لقد فعل الله كل شىء من أجل حبه للإنسان حتى أنه بذل نفسه كما يقول الكتاب المقدس فى يوحنا16:3 (لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية.) هل يوجد شىء أكثر من هذا يمكن أن يفعله المحب للمحبوب؟!
وقال "جوته": (الحب يكون أقوى عندما يعطى أكثر مما يأخذ)
ويعلمنا الكتاب المقدس أن حب المسيح كله عطاء وبذل وتضحية بدون مقابل من الإنسان، فيقول الكتاب المقدس فى إنجيل يوحنا 13:15(ليس لأحد حب أعظم من هذا: أن يضع أحدٌ نفسه لأجل أحبائه)
ويقول أيضاً فى غلاطية4:1 (الذي بذل نفسه لأجل خطايانا، لينقذنا من العالم الحاضر الشرير حسب إرادة الله وأبينا)
ويقول أيضاً فى تيموثاوس الأولى 6:2(الذى بذل نفسه فدية لأجل الجميع)
وأيضاً فى أشعياء 7:53 (ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه. كشاة تساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه) فالذى نروى عنه القصة لم يكن أميراً أو ملكاً عادياً لكنه ملك الملوك ورب الأرباب الذى له كل سلطان على الأرض وفى السماء.
وهذا يجعلنا نقول مع 1يوحنا1:3 (انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله)
إنها محبة عجيبة ومحيرة للعقول، محبة تأسر القلب والعقل أيضاً كما قال بولس (إن محبة المسيح تحصرنا) كورنثوث الثانية 14:5)
وقال "أرسطو": (إن حباً أمكن يوماً أن ينتهى لم يكن فى يوم حباً حقيقياً)
ونرى هذا أيضاً فى حب المسيح للإنسان كما هو مكتوب فى إنجيل يوحنا 1:13(إذ كان قد أحب خاصته الذين فى العالم أحبهم إلى المنتهى)
فحب المسيح ليس له نهاية فحبه إلى المنتهى إلى أبد الآبدين، فإنه لا يعتمد على محدوديتنا بل على محدودية الله، ولا على صلاح الإنسان بل على صلاح الله، فهو حب لا يوقفه الزمن ولا الظروف ولا الصعوبات، إنه حب أقوى من أى شىء فهو يخترق كل الظروف كما يقول بولس فى رومية 3539:8
(من سيفصلنا عن محبة المسيح؟
أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف؟ ولا علو ولا عمق، ولا خليقة أخرى، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا)
فليس هناك شىء يستطيع أن يفصلنا عن محبة المسيح.
وقال "لا مارتين": (عندما تحب أحداً رغم عيوبه فهذا هو الحب)
ويقول بولس الرسول1كورنثوس 28:1(واختار الله أدنياء العالم والمزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود)
لقد اختار الله بكامل إرادته الإنسان فى صورته الرديئة، ورغم كل ما يتصف به الإنسان من عيوب ورغم عناد قلبه وشره قدام الله، لكن الله ظل يحب الإنسان.
أليس هذا أعظم حب، أن تحب شيئاً ليس له قيمة مثل الإنسان؟ ويقول الكتاب فى متى 46:13) فلما وجد لؤلؤةً واحدةً كثيرة الثمن، مضى وباع كل ما كان له واشتراها)
لقد رآنا الله لؤلؤة غالية الثمن رغم أننا مزدرى بنا وغير موجودين! فكيف تحدث هذه المعادلة إن لم يكن هذا هو الحب الحقيقى.
وقال "شكسبير": (ما أقوى الحب، فهو يجعل من الوحش إنساناً)
وهذا ما فعله الله معنا فقد غير حياة الإنسان بقوة حبه كما يقول الكتاب فى رومية 5:5(لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا
فتغيرت قلوبنا وأصبحنا بمحبة الله نعرف المحبة كما قال يوحنا (من لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة) فبحب الله لنا خلق الحب فينا فتغيرت حياتنا.
وقال "جوته": (عندما تنام كل العيون تظل عين الحب وحدها ساهرة)
فنرى أيضاً فى إلهنا عيون الساهر علينا، فيقول داواد فى مزمور 3.4:121
(لا يدع رجلك تزل لا ينعس حافظك- إنه لا ينعس ولا ينام حافظ إسرائيل)
فأى حب مثل هذا أن يكون المحب ليس له شىء آخر غير محبوبته يهتم بها ويرعاها ويحفظها ويدافع عنها حتى الموت ويفكر فيها ليلاً ونهاراً ويكون دائماً ساهراً على راحتها؟
أليست هذه أعظم قصص الرومانسية التى فى الكون كله التى تبرز كل مفاهيم الحب الحقيقية والتى مصدرها المسيحية.
وأختم بالقول:
(إن الذى لا يعرف المسيح معرفة حقيقية لا يعرف المعنى الحقيقى للرومانسية)
كما قال الكتاب المقدس فى 1يوحنا 16:3(بهذا قد عرفنا المحبة: أن ذاك وضع نفسه لأجلنا) ففى الصليب عرفنا ليس بالعقل فقط المحبة لكننا أدركناها بقلوبنا، ففى الصليب تغيرت قلوبنا من قلوب لا تعرف إلا الأنا إلى قلوب تعرف أن تحب..
وهذا هو ميثاق الحب كما قال الكتاب المقدس في رسالة القديس بولس الرسول :
المحبة تتأنى وترفق.
المحبة لا تحسد.
المحبة لا تتفاخر، ولا تنتفخ، ولا تقبح، ولا تطلب ما لنفسها، ولا تحتد، ولا تظن السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق،
وتحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء،
وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء.
المحبة لا تسقط أبدًا.