بسم الثالوث الأقدس الملوكي
الآب والآبن والروح القدس الإله الواحد آمين
هو من تحبه نفسى
أتيت ليكون لهم أفضل (يو 10:10)
لا ، ليست العلاقة مع الرب يسوع كأى علاقة اّخرى ..
إن أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها من السماء .. إنها تمتع بالمجد ..
فالرب يسوع ليس كأى شخص اّخر أيا كان .. إنه مختلف تماما عن كل الذين عرفهم العالم ..
هو للذين عرفوه بحق ، أحلى ما فى حياتهم وأعظم مافى وجودهم ..
لا .. لا مثيل لحبه ..
لا .. لا مثيل لعنايته ..
لا .. لا مثيل للذة التلامس معه ..
وأنت .. كن صادقا مع نفسك ، هل تتمتع بهذه العلاقة ؟ ..
هل تحظى بحبه العظيم ، وعنايته الفائقة ؟ ..
هل لك حوار مشبع معه كل يوم !! هل تتمتع بالمجد ..
أيها القارئ الحبيب ، دعنى فى هذا الكتيب احدثك عن جانب هام جدا من جوانب هذه العلاقة الخاصة التى يجب أن تكون بينك وبين الرب يسوع ..
دعنى أحدثك عن الجانب العرسى ..
لقد صور الكتاب المقدس العلاقة بين الرب والمؤمن الحقيقى بالعلاقة بين العريس والعروس ..
نعم ، الرب يريد أن يكون له علاقة خاصة جدا جدا بك .. علاقة حب حار ، علاقة حب عميق متبادل ..
فهو العريس الذى يشبع قلبك بحبه العجيب ..
وهو العريس الذى يعوضك عن أى شئ اّخر ، معه لا تشعر بالوحدة ، وتنسى الهموم والاتعاب ، وتمتلئ بالثقة والرجاء ..
ما أحلى رفقته .. وما الذ الحديث معه ..
سر معه .. سيشبعك .. سيعطيك من ملئه "نعمة فوق نعمة"
(يو16:1) .. وسيسدد كل احتياجاتك ..
من مثله ، عريس يعينك فى الصعاب مهما كانت قسوتها .. يحول " اللعنة إلى بركة " (تث 5:23) ويخرج لك " من الجافى حلاوة" (قض 14:14) .
من مثله ، عريس يحرر من القيود الثقيلة ويشفى من الأمراض المستعصية ويفرح القلب ، ويجعل كل شئ فى الحياة يعمل لخيرك !!
هو حبيبك الأول فهل تقول له صادقا " أنا لحبيبى .. وحبيبى لى " (نش 3:6) ..
هل تمتعت به كعريس لك .. إنها المعجزة الأولى فى حياتك ..
المعجزة الأولى :
والآن اقرأ معى هذا الجزء الهام من انجيل يوحنا .. "هذه بداية الآيات فعلها يسوع فى قانا الجليل وأظهر مجده " (يو 11:2) ..
هذا الجزء يتحدث عن معجزة تحويل الماء إلى خمر ..
ولتدقق معى النظر .. إن اسم البلدة " قانا " مشتق من كلمة عبرية تعنى يقتنى الشئ عن طريق الشراء ..
وإن كلمة "اّية " فى أصلها اليونانى تعنى معجزة لها مغزى ..
وإن الخمر (الغير مسكر) الذى تحول إليه الماء وملأ الأجران .. هو اشارة إلى الفرح الفائض المتدفق (مز 15:104، قض 13:9).
ما معنى كل هذا ؟ ..
معجزة تحويل الماء إلى خمر فى عرس قانا الجليل هى أول المعجزات لأنها تشير إلى المعجزة الأولى التى تحدث مع كل مؤمن حقيقى والتى لا تعلو فوقها معجزة اّخرى ..
هى معجزة تمتع المؤمن بالرب يسوع عريس له .. عريسا يعطى خمرا جيدا فائضا ، يعطى فرحا متدفقا لا يعرفه العالم ..
عريسا يلمس الماء ، أى شئ نضعه فى يديه فيحوله إلى خمر .. إلى مصدر فرح ..
خذ المسيح عريسا لك ،
وبكل تأكيد سيلمس بيده الرقيقة دموع فشلك ويأسك ، واحساسك بالعجز وبأن حياتك بلا جدوى ..
سيلمسها لمسة حب وشفاء لتتحول إلى دموع فرح .. فرح .. فرح لم تذقه من قبل ..
إنها المعجزة الأولى فى حياة المؤمن أن يتمتع بالرب يسوع العريس الذى اقتناه بالشراء ( معنى اسم قانا ) ..
وما هو الثمن الذى دفعه ؟ ..
ياللنعمة الغنية !! لقد دفع حياته .. لقد سفك دمه .. لكى يشتريك عروسا له ..
ياللنعمة الغنية !! .. كما لو كان هو هذا التاجر الثرى الذى مضى وباع كل ما يمتلكه لكى يشترى بالثمن لؤلؤة واحدة غالية جدا .. هى أنت !!
أيها الحبيب ، هيا تمتع معى بالصور البديعة الرائعة التى قدمها لنا الوحى ليشرح بالتتابع ابتداء من أول سفر التكوين جوانب هذه العلاقة التى لم تكن لتخطر على قلب أحد ..
أنا هو العروس والرب ملك الملوك ورب الارباب هو العريس ..
1- صورة اّدم وحواء :
المثال الأول .. لقد اوقع الله على اّدم سباتا عميقا ثم أخذ منه واحدا من أضلاعه ، وكون من هذا الضلع حواء .. قدمه عروسا لآدم ..
هنا نرى رمزا جميلا ..
السبات رمز لرقاد الرب فى القبر ..
لقد تألم الرب ومات لكى تصير أنت عروسا له .. هل تصدق هذا؟!! ..
مات لا لتكون فقط عروسا بل لتكون له عروسا مميزة ، من لحمه ، ومن عظامه (تك 32:2 ، أف 15:14:2) !!
عروسا لمعونته (تك 20:2) !! هل تصدق أيضا هذا ؟ !!
اّه ، لاتضاع الرب العجيب .. يريدك عروسا تعينه ، تحمل حبه وحريته وشفاءه لكثيرين وكثيرين ..
2- إبراهيم وسارة :
سارة تحدثنا عن العروس التى انجبت بعد سنوات طويلة من العقم ..
لقد صارت أما بعد أن كانت عاقرا لنحو تسعين سنه !! وأما لشعب الله (غلا 26:4) ..
أيها الحبيب ، مهما كان ماضى حياتك بلا ثمر لمجد الله ، وان طال عقمك زمنا طويلا مثل سارة ، فهوذا الآن يوم خلاص " (2كو 2:6) ، يوم خلاص من العقم ..
نعم الوقت قد اّتى ، ها هو الرب يسوع يرحب بك عروسا له ، ليجعلك مثمرا ..
لن تظل عقيما ، استسلم لقيادة العريس ..
التصق به وسيجعلك تأتى بكثيرين إلى المجد ..
وها هو الوعد الألهى يسكب فى قلبك فيضا من التعزيات ..
" ترنمى أيتها العاقر التى لم تلد ..
أشيدى بالترنم ..
أوسعى مكان خيمتك ..
لا تمسكى !!
لأنك تمتدين إلى اليمين وإلى اليسار ..
لاتخافى لأنك لا تخزين ، ولا تخجلى لأنك لا تستحين ..
فإنك تنسين خزى صباك وعار ترملك لا تذكرينه بعد .. " (إش-1:54-4
3- إسحق ورفقه :
اقرأ القصة كاملة فى أصحاح 24 من سفر التكوين ..
لقد قام اليعازر الدمشقى باحضار رفقه إلى إسحق ..
لقد سار بها مسافات طويلة عبر صحراء قاحلة ..
لقد اعدها لتكون عروسا لاسحق ..
ما المعنى ؟ !
لاحظ فى هذا الأصحاح ، الوحى لا يذكر اسم اليعازر.. لماذا ؟ ..
لانه يشير إلى عمل الروح القدس الذى يختفى وراء الاحداث والعظات وخدام العمل الفردى ..
الذى يختفى لكنه يعمل لكى يدفعك دفعا إلى الرب يسوع ..
الذى يتحدث إلى قلبك بالحاح لكى تأتى إلى الرب ..
الذى يمسك بيدك لكى يعبر بك صحارى اليأس ومحبة العالم ليسلمك عروسا للرب ..
إنه الروح القدس الذى بيكتك على الخطية ..
لا لتيأس وتستسلم للفشل بل لتعطيه أن يسرع بك إلى احضان الرب الدافئة ..
لتأتى نادما ومعترفا فيغسلك الرب بدمه فتبيض أكثر من الثلج ..
والرب مثل إسحق يقف فى الحقل متطلعا (تك 63:24) منتظرا مجيئك ، لكى يدخلك إلى حجاله .. ويمتعك بحبه ..
4- يعقوب وراحيل :
كم قطع يعقوب من مسافات طويلة لكى يبلغ إلى مكان راحيل ..
وهناك اشتغل بكل جدية لكى يقبل ابوها أن يعطيها له ..
لقد عمل سبع سنين ثم سبع سنين اّخرى قال عنها هو بنفسه "كنت فى النهار ياكلنى الحر وفى الليل الجليد .. وطار نومة من عينى " (تك 40:31) .
لكن انظر معى هذا التعليق ذات المغزى الحلو الذى يضيفه لنا الوحى ..
"فخدم يعقوب براحيل سبع سنين . وكانت فى عينيه كأيام قليلة بسبب محبته لها " (تك 20:29) .
يالحبك المذهل أيها الرب يسوع (يعقوب الحقيقى ) .. لقد احتملت اضعاف اضعاف ما احتمله يعقوب من أجل راحيل عروسته ..
لكن كم كان تعبك قليلا جدا فى عينيك بسبب حبك لى ..
اّه ، كم أنا مديون لك ..
كم أنا مديون لمحبتك ..
أنا لك .. ولك
أعطى كل قلبى ..
5- يوسف وأسنات :
أسنات كانت غربية (من جنس اّخر ) ، لكن يوسف ارتبط بها فى وقت كان هو مرفوضا من اخوته ..
أيها الحبيب .. كثيرون الآن يرفضون الرب يسوع ..
كثيرون من الذين لهم الحياة الروحية الشكلية يرفضونه عريسا ، لا يعطونه الكل ، يكتفون باعطائه القليل من الوقت أو المال ليغطوا به برودة قلوبهم فى الحب ..
وكثيرون يرفضون سلطانه علانية ، ويحتقرون وصاياه ، ويزدرون بنعمته وحبه ..
كن أنت مختلفا .. كن مثل أسنات ..
مهما كان ماضى حياتك مظلما ..
مهما كان احتقارك لنفسك لما صدر منك ، تذكر أسنات لقد كانت لتعزية يوسف على الرغم من أنها كانت فى ماضى حياتها مستعبدة لأوثان مصر ..
إنها النعمة الغنية التى تعطيك برغم كل الماضى أن تكون مصدر شبع لقلب الرب يسوع ..
مصدر شبع لقلبه .. بتوبتك ، باصرارك عل الالتصاق به والشهادة له ..
نعم يمكنك إن جاز التعبير أن تكون عروس الرب الذى تعوضه عن رفض الكثيرين له ،
هل سمعت كلمات الوحى التى تؤكد هذا "يبتهج ( الرب ) بك (بنفسك) فرحا ، يسكت (يستريح) فى محبته (لك) ..
يبتهج بك (بنفسك) بترنم ، (صف 17:3) .. "كفرح العريس بالعروس يفرح بك إلهك " (إش 5:62) .
6- موسى والمرأة الكوشية :
ياللتناقض ، موسى نبى الله قائد شعبه ، يتزوج بأمراة كوشية سوداء اللون !! ..
مرة اّخرى اقول إنها النعمة الغنية التى ترفع النفس من التراب .. من المزبلة لكى تملكها كرسى المجد ( 1 صم 8:2 ) ..
النعمة الغنية لا ترى سوادك ، نعم بإمكانك أن تقول " أنا سوداء وجميلة " (نش 5:1) ..
نعم أنت جميل جدا فى عينة الرب لأنه احبك جدا ..
لم يعبأ موسى بنقد أخيه وأخته وإعتراضهما على إرتباطه بالكوشية ( عد 1:12) .. لم يتراجع ..
أيها الحبيب ، وعود الرب لك هى بلا ندامة .. لا تلتفت إلى كلمات الآخرين غير المشجعة ..
ثق أنه إختارك عروسا له .. ولن يتراجع أبدا عن إختياره ..
7- راعوث وبوعز :
ونأتى إلى مثالنا الأخير ..
راعوث تتحدث عن النفس التى تصر على أن تكون عروسا للرب .. كم تكلمنا قصتها عن الاصرار .. الاصرار هو الوجه الثانى للايمان ..
تأمل راعوث .. اصرت أن تترك الماضى ، أن تنكر لالهتها القديمة .. أصرت أن تترك مكان الخطية وأن تأتى مع نعمى إلى شعب الله .
أصرت أن تأتى برغم محاولات نعمى فى منعها وبالرغم من أن ما سمعته منها كان يلقى باليأس إلى قلبها .. لكنها أصرت ..
وبعدما أتت اصرت أن تتمتع بثمار أرض الموعد .. وظلت تلتقط وراء الحصادين فى حقل بوعز من الصباح إلى المساء .. كانت مصرة أن تأخذ من يد الله ..
تأمل أيضا ، إنها لم تكتفى بهذا ..
لم تكتفى بأن تأخذ من الثمار المتروكة فى حقل بوعز .. عرفت من كلمة الله أنها من الممكن أن تصير عروسا له ..
كان هو ثانى ولى لها وكان الناموس يقر أن من حقها أن تتزوجه لو رفض الولى الأول ، ولو أراد هو ..
يالثقة راعوث .. يا لقوة إيمانها ، يا لاصرارها ، لم تنظر إلى انها ارملة معدمة فقيرة ، لم تنظر إلى أصلها أنها مواّبيه من بلاد الخطية ..
ولم تتراجع بسبب فكرة أن بوعز الولى الثانى غنى جدا ورجل معروف وكيف يقبل أن يكون عريسا لها ..
لم تكتف بعطايا بوعز ، ارادته هو ..
هذا هو الايمان الحقيقى للمؤمن الحقيقى ..
لا يريد عطايا من الرب يسوع بل يريد الرب نفسه ..
يصر أن يلتصق به ليصير معه روحا واحدا (1كو 17:6) ..
كم يفرح الرب يسوع بالنفوس التى تفعل مثل راعوث ، تتشبث به كعريس ..
تريده هو ، على الرغم من هزائمها السابقة وحالتها السيئة ..
كم يفرح الرب بالنفوس التى تريده هو قبل عطاياه ..
كم يفرح بالنفوس التى تثق أن حبه لها أعظم من حالتها ، وأن نعمته ستعالج كل شئ ..
إن معنى اسم بوعز هو " فيه قوة " ..
الرب يسوع هو بوعز الحقيقى الذى فيه كل القوة الكافيه لتحريرك من اختبارات الفشل .. إ
ن فيه الأشباع لاحتياجاتك ..
الذى يعوضك عن أيام مواّب التى أكلها الجراد ..
تعال إليه حالا .. افتح قلبك له .. سلمه قيادتك .. اقبله عريسا لك ، ولن تظل فى الضعف والهوان ..
ستتغير ، نعم ستتغير بالكامل ، وستصير حياتك الجديدة شاهدا حيا للرب الذى يصنع العجائب ..
أيها القارئ ..
لا تتردد أن تعطى حياتك للرب يسوع .. اعطه كل شئ كما تعطى العروس ذاتها وكل ما تمتلك لعريسها ..
وستحيا حياة المجد .. وستمتلئ بالمجد .. وستشع بالمجد ، لأن عريسك هو " رب المجد " (يع 1:2).
نعم ستتمتع بالمجد ، ستكون "إكليل جمال بيد الرب وتاجا ملكيا بكف إلهك " (إش 3:62).
تنبأ هوشع عن العلاقة بين الرب والمؤمن الحقيقى فقال
" يكون فى ذلك اليوم يقول الرب أنك تدعيننى رجلى
ولا تدعيننى بعد بعلى (رجلي أو سيدي) " (هو 16:2).
إن كلا من كلمتى "رجل" و "بعل" كانتا تطلقان على العريس ، فلماذا التغيير من "بعلى إلى "رجلى " ؟ ..
كلمة "بعلى " تعنى ربى أو سيدى وهى تشير إلى طاعة وخضوع العروس للعريس ..
بينما كلمة " رجلى " تعود بنا إلى أساس العلاقة بين أدم وحواء "لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدا واحدا " (تك 24:2) .. إن تعبير رجل هنا يتحدث عن الشركة الحقيقية والارتباط الكامل بين العريس والعروس ..
نعم ، النفس التى اتخذت الرب عريسا لها ستخضع له فى كل شئ ، لكن الأمر لن يكون خضوعا يخلو من المشاعر ..
كلا إنه خضوع النفس التى تحب عريسها ، ومن حبها له مهما قدمت له لا تشعر أنها فعلت شيئا .. دائما ترى عمله هو لأجلها لا عملها هى لأجله .. إنها دائما مأسورة بحبه ..
إنها شركة الحب والوحدة .. تسير النفس مع عريسها الرب وتلتصق به فتتمتع بما تمتع به تلميذى عمواس حينما سارا معه ، لقد التهبا قلباهما بكلماته (لو 24).
اّه أى عريس هو ..
يلهب قلبك بكلماته ..
يقدم لك جسده ودمه لتثبت فيه وهو فيك ..
أى عريس هو ..
حمل اّثامك ليعطيك بره ..
وحمل أحزانك ليغمرك بسلامه وفرحه ..
وحمل أوجاعك ليعطيك شفاءه وحريته ..
أى عريس هو ..
يسدد احتياجاتك .. كل احتياجاتك ..
هو راحتك المؤكدة ، وسلامك الدائم ..
ثرى هل تقبل دعوته ؟ ..
هل تقبله عريسا لك ..
وهل تقول عنه .. هو "من تحبه نفسى " (نش 4:3).
القس دانيال