الراهب
أو الراهبة هو أنسان أمتلئ وجدانه بالحب الإلهى عاشق للمسيح لسان حاله
يقول : " معك يارب لا أريد شيئاً " , هؤلاء الناس هم الذين تركوا كل شئ
وتبعوا المسيح , لا يريدون شيئاً غير التسبيح والكلام مع الرب الإله , لا
يستريح هؤلاء إلا أن يجدوا راحة للرب ومسكناً للإله يعقوب فى حياتهم ,
هؤلاء الناس قال لنا عنهم السيد المسيح فى أمثاله فقال عنهم أنهم وجدوا
جوهرة غالية الثمن فباعوا كل شئ وتبعوه .
وعندما يسلك هؤلاء فى سلك الرهبنة
فلهم نظام تعبدى لأن لهم هدف واحد هو العيش بعيداً عن ضوضاء العالم فى
عزلة عن الحياة العاملة وصخبها وشرورها , يهب حياته للصلاة العميقة الطويلة
والتعبد بغير شاغل أو عائق .
ويتدرج الراهب فى العبادات ويتقوى بالإيمان ويرتقى فى النعمه بالرغم من
المحاربات الشيطانية وعندما يغلب بتواضعه يحصل على مقامات روحانية عالية
فينكشف أمام عينية مفاهيم عميقة ما كان يصل مستواها من غير تلك العزلة
وتكريس حياتهم للخالق .
معنى كلمة راهب
يقول
المتنيح العلامة الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا الدير المحرق
تاريخه ووصفه وكل مشتملاته , ألأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات العليا
اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمى إيداع رقم 4676/ 1992 ص26: " لعل
التعبير العربى "رُهْبان" هو جمع " راهِب " مشتق من الرٌهبْة أو الجزع
الذى يتولى ذلك الطراز من عًباد الرب , عندما يدخل فى مرحلة فحص الضمير
وإمتحان النفس ومعرفتها على حقيقتها خصوصاً عندما يصل إلى بعض الإشراق
الباطنى ويشرف على مرحلة الشخوص فى الأنوار العليا فتتولاه الرهبة وجزع " .
والرهبة والجزع عبر عنها أشعياء النبى عندما وصل إلى لحظات الإشراق فقال : "
ويل لى إنى هلكت لأنى أنسان نجس الشفتين وأنا مقيم بين شعب نجس الشفتين ,
لأن عينى قد رأتا الملك ربٌ الجنود ( أشعياء 6: 5) وفى اللغة القبطية يقول
الأنبا غريغوريوس : " أن التعبير القبطى يستخدم للدلالة على كلمة راهب هو
موناخوس ومنها أشتقت الكلمة اللاتينية Monachus والإنجليزية Monk والفرنسية
moine وغيرها من اللغات الأخرى " .
وكل الكلمات فى اللغات السابقة معناها " المتوحد" وذلك لأن المتوحد هو
إنسان إعتزل الناس ليحيا بمفرده من غير زوجه وأولاد بعيداً عن المجتمع ,
فيتوفر له الوقت الكافى لينموا با طنياً وروحياً ونفسياً .
والإنعزال عن المجتمع البشرى ليس أمراً سهلاً كما يبدو بل يمكن القول أنها
مستحيله ولهذا قال أرسطو الفيلسوف : " لا يمكن لأحد من الناس أن يعيش
بعيداً عن المجتمع إلا من كان دون الطبيعة البشرية أو فوق مستواها "
وعندما نتعمق فى كلمات أرسطوا يتضح لنا سمو الإتجاه الرهبانى فى الإنعزال بسمو الهدف وهذا ما أكده لنا تاريخ العلم الرهبانى :
1- أن هذه العزلة ممكنة لقلة ممتازة ومتميزة من الناس
, قد أرتفعت فوق السلوك البشرى , وسمت بمستواها فوق سلوك الغريزة البشرية ,
لنوال النعمة الإلهية الكاملة وهنا يتحقق قول أرسطو هو أن هذه المجموعة هى
فوق مستوى الطبيعة البشرية .
2- والعزلة ليست غاية إنما هى وسيلة من ضمن وسائل عديده للرهبان لبلوغهم الهدف , هذا الهدف هو بلوغ المستويات الروحية والعلمية فى القداسة والنعمة .
3- والعزلة ليست إنفصال عن المجتمع الإنسانى
الكبير بل أنه يساهم بطريقة أو اخرى فى تمريض وعلاج النفس البشرية المتعبة
حينما يتجه ألاف المتعبين إلى الأديرة طلباً لراحه النفس بعيداً عن قلق
العالم كما يساهم الرهبان فى الإنتاج الإقتصادى بطريقة بسيطة فالراهب حسب
قوانين الرهبنة يأكل من تعب يديه , فهو إذاً ليس عبئاً على المجتمع , وفى النهاية يرفع هؤلاء الرهبان الصلوات للكنيسة وشعبها أمام الرب الإله .
عناصر الرهبانية الثلاث
أولا : إعتزال العالم للتعبد
الرهبنة ليست هربا من مسئوليات الحياة , أو هرباً من المواقف الإنفعالية التى تواجه الشخص فى العالم , وليست الرهبنة نوعاً من السلوك السلبى وإلا كانت الرهبانية سلوكاً مرضياً .
الرهبنة هدفها العمل الناجح والتفرغ للتعبد وإنقطاع الإنسان للرياضيات
الروحية والعقلية , هى أنصراف للتأمل والتصوف , وخلود إلى السكون , والوجود
الدائم فى حضرة الرب الإله والتفكير الدائم فيه والإتحاد به وفى إرضاؤه
والتفكير فى عمل الخير دائماً .
ثانياً : نذر التبتل للرب
يقتضى من طالب الرهبنة
نذر التبتل للرب , والبتوليه هى حياة العزوبة الإختيارية مدى الحياة .
وهذا النذر ليس هرباً من مسؤوليات الزواج , ولا كراهية للمرأة أو الأولاد ,
ولكن إيثارا وطلباً منه لحياة أفضل , لكى لا يكون منشغلاً عن الرب
ومنفصلاً عنه بهموم العالم ومشاكله لكى يكون مقدساً للرب نفساً ووجداناً
وروحاً .
وذلك حسب قول السيد المسيح نفسه : " لأن من الخصيان من وُلدوا كذلك من بطون
أمهاتهم , ومنهم من خصاهم الناس , ومنهم من خصوا انفسهم من أجل ملكوت
السماوات , فمن إستطاع أن يحتمل فليحتمل ... وكل من ترك بيتاً أو إخوة أو
أخوات أو أباً أو أماً أو إمرأة أو بنين أو حقولاً لأجل إسمى , يأخذ مائة
ضعف ويرث الحياة الأبدية (إنجيل متى 19: 12- 29) وأيضاً : " فإن غير
المتزوج يهتم فيما للرب وكيف يرضى الرب , أما المتزوج فيهتم للعالم كيف
يرضى إمرأته , إن بين الزوجة والعذراء فرقاً , غير المتزوجة تهتم فيما للرب
لتكون مقدسة فى الجسد وفى الروح , واما المتزوجة فتهتم فيما للعالم كيف
ترضى رجلها (كورنثوس الأولى 7: 32- 34) وليس نذر البتوليه هو القضاء على
الجنس البشرى لأن هذا الطريق هو طريق ضيق جداً ويسميه القديسين طريق القلة وهذا واضح من قول السيد المسيح : " ليس الجميع يحتملون هذا الكلام إلا الذين وهب لهم (متى 19: 11) .
إختيار حياة الفقر
قال
الرب يسوع : " لأ يقدر أحد أن يخدم سيدين الرب والمال " وملخص الخبرة
الإنسانية أن محبة المال هى أصل لكل الشرور لهذا إشترطت قوانين الرهبنة إختيار العيش فى حياة الفقر طواعية ويقنع الإنسان بحياة الكفاف مكتفياً بالضروريات فقط ويأكل من عمل يدية , ولهذا تشترط قوانين الرهبنة
قبل الإعتزال فى الدير تنفيذ وصية الرب القائلة : " إن كنت تريد أن تكون
كاملاً فإذهب ويع كل شئ لك وإعطيه للمساكين فيكون لك كنز فى السماء وتعال
وأتبعنى ( متى 19: 21) .
وإذا حدث أن توفر المال للراهب من عمل يديه فقد نصت قوانين الرهبنة
أن يصير هذا المال ملكاً للدير أو الكنيسة من بعد حياته طبقاً للفكر
الرهبانى : " أنه إذا كان الراهب قد مات عن طلب الحياة فى العالم بإيثاره
وإختياره , فمن كان ميتاً لا يرث ولا يورث , بل أنه لا يملك لنفسه شيئاً
لأنه قد وهب حياته كلها للرب "
ويحكى أن ذهب أقرباء راهب إليه فى ديرة يخبرونه أن قريباً له قد مات فله أن يرثه .. فأجاب متسائلاً : " ومتى مات
" فقالوا له : " منذ سنة " فقال الراهب : " ولكنى مت عن العالم منذ سنوات طويلة , فكيف لميت أن يرث ميتاً "
وليس معنى إختيار الفقر طواعية أن الرهبنة هى طريق الفقراء الذين لجأوا إلى الدير هرباً من أعباء الحياة أو ليتخلصوا من دفع الجزية .. فتاريخ الرهبنة
طويل ينبئنا عن أعداد لا حصر لها من ذوى الثراء ومن كانوا فى منصب عليا ,
ومع ذلك تركوا كل شئ وتبعوا السيد المسيح الذى ليس له مكان ليسند راسه ,
فآثروا الفقر والتعبد على الغنى والجاه وهم فى ثقة أن المناصب الرفيعة إنما
هى نفاية من أجل ربح المسيح .
وعلى
سبيل المثال لا على سبيل الحصر , القديس أنطونيوس الكبير أبو الرهبان كان
يملك 300 فدان من أجود الأراضى باعها ووزع ثمنها على الفقراء , القديس
باخوميوس "أبو الشركة" كان قائداً فى الجيش إعتزل منصبه الكبير وترهب ,
القديس أرسانيوس كان " معلم لأولاد الملوك" وكان ابن لأحد قضاة روما
وأستاذاً خاصاً لأركاديوس ابن الإمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير وكان يحيا فى
قصر الإمبراطور حياة القصور فى بذخ وترف ونعيم , ولكنه زهد فيها حاسباً عار
المسيح أعظم من خزائن الملك , القديس مكسيموس وأخوه دوماديوس كانا " أبنا
لأمبراطور الروم فالنتيان الأول ( 364- 375م) وكانا أبوهما فى أوج عظمته
وقوته وغناه ولكنهما تركا قصره ليعيشا حياة التعبد , والقديس مار مينا
العجائبى كان ابنا لحاكم مريوط , والقديس يوحنا صاحب الإنجيل المذهب كان
ابنا لملك , القديسة دميانة كان ابوها حاكماً لأقليم البرلس .. هؤلاء
وغيرهم تركوا الغنى والجاه والسلطان ونعيم الحياة وترفها وآثروا حياة الزهد
والنسك والتعبد , سكنوا فى البرارى وشقوق الأرض من اجل عظم محبتهم فى
المسيح .
نظم الرهبانية
أولاً : نظام العباد المتوحدين
بدأ نظان الرهبنة بنظام التوحد وأول نظام أتبع فى الرهبنة
وسار عليه أول من ترهب مثل الأنبا بولا السائح والأنبا أنطونيوس , وهذ
النظام الرهبانى هم الرهبان الذين يعيشون متفرقين منفردين كل واحد فى مغارة
أو كهف فى الصحارى والجبال , ويتبعون نظاماً خاصاً فى صلاته وصومه وعبادته
وتأملاته , وحتى الأنبا باخوميوس الذى وضع نظام الشركة للرهبان الكثيرين
الذين تبعوه , عاش هو نفسه على نظام العباد المتوحدين وكانت له مغارته
البعيدة عن الدير , وعاش المتوحدين بالقرب من أديرتهم فى مبانى خاصة فيما
بعد عرفت هذه المبانى بالمنشوبيات
وفى
نظام التوحد لا يضم المغارات ولا الكهوف ولا المنشوبيات سور واحد , وما كان
على الأنبا أو اب الدير أو رئيسه يتفقد الرهبان واجداً واحداً يرشدهم
ويوجههم ويسأل عن سلامتهم وإحتياجاتهم ويجيب على أسئلتهم والدير بهذا
المعنى يسمى موناستيريون .. ومعناه المكان يضم مجموعة مغارات متناثرة كل
منها مونا مستقلة بذاتها .
ثانياً : نظام الشركة أو الرهبانية الإشتراكية
وضع هذا
النظام الأنبا باخوم ولهذا عرف هذا النظام باسمه " النظام الباخومى" وتغير
أسم الأنبا باخوم وأطلق عليه أسم "أبى الشركة" وهذا النظام فى الحقيقة
يرجع إلى النظام الإشتراكى المسيحيى الذى وضعته الكنيسة الأولى حسب ما جاء
نصه : " وكان جميع المؤمنين معاً وكان كل شئ مشتركاً بينهم ( أعمال الرسل
2: 44) " وكان كل شئ مشتركاً بينهم .. ولم يكن فيهم محتاج لأن كل الذين
كانوا يملكون ضياعاً أو بيوتاً كانوا يبيعونها ويأتون بأثمانها .. فيوزع
لكل واحد حسب إحتياجاته ( أعمال الرسل 4: 32- 34)
وقد وضع
الأنبا باخوم قوانين لهذا النظام الإشتراكى ويسير الرهبان فى خضوع لنظام
صارم دقيق موحد : فى يقظتهم ونومهم وصلواتهم , وأصوامهم , وطعامهم ,
وإجتماعاتهم وعملهم , وللدير وظائف فنية وإدارية وهندسية .. ألخ يعهد بها
للرهبان الأكفاء وعلى الباقيين التعاون معه لأجل إكمال هذا النظام فى تواضع
وبذل آخذين نظامهم من المعيشة المشتركة التى كان التلاميذ يحيونها مع
المسيح , وهذا النظام ألإشتراكى التعاونى البسيط وكل واحد له حقوق وعليه
إلتزامات , ولا يسمح لأحد الخروج على النظام العام المرسوم ومن يخرج عليه
توقع عليه عقوبة صارمة رادعه .
وقد نقل
الغرب هذا النظام وهذا النظام يمثل طريقاً وسطاً بين الحياة العامة ونظام
التوحد المطلق , كما يعد ممراً لكلا الإتجاهين , وفى الغالب يكون الإتجاه
نحو التوحد فى تدرج الطبيعى دون إفتعال أو عنف كبير , فيتدرج تحت إرشاد
الشيوخ المتوحدين إلى أن يصل أن يكون هو معلماً لطريق الوحده للآخرين .
[center]درجات الرهبانية
الرهبنة طريق
جهاد طويل ومنظم تحت إرشاد معلم وصل إلى الفضيلة يتدرج مع الراهب من خطوة
إلى أخرى وتختلف مدة إكمال كل خطوه والإنتقال إلى الثانية طبقاً لعوامل
عديده منها إستعداد الراهب وتحمسه , مدى طاعته , قدرته على تنفيذ تعليمات
مرشده , ودرجه جده وإجتهاده
[size=21]1- تلميذ الرهبنة
وتعنى هذه الدرجه مؤمن
2- راهب
3- عابد
4- ناسك
5- متوحد
6- سائح
والسواح المجاهدين هم رهبان أحياء وصلوا إلى درجة السياحه تزداد محبتهم
للصلاة حتى يصيروا كما قال الكتاب : " أما أنا فصلاة" , ومن فرط تعلقهم
بالتأملات العالية وتعلقهم بالسمائيات وإنبهار عقولهم بالإلهيات تقل حاجتهم
إلى الطعام والنوم فيقنعون بالقليل من عشب البرية والنباتات التى تنموا
على الجبال والصحارى , فتتلاشى رغبات الجسد وتسموا أرواحهم وتستنير نفوسهم ,
وتسهل إنتقالهم من مكان إلى آخر بما يعرف بالإختطاف .
وعندما تشتد رغبة السياح لصلاة القداس يختطفون من أماكنهم النائية ويجتمعون
فى غير أوقات الصلاة العامة ويصلون فى كنيسة قديمة أو مهجورة حيث يتوافر
لهم الهدوء والسكون وينصرفون قبل أن يراهم الناس ويرجع كل إلى مكانه البعيد
فى قلب الصحراء وعلى رؤوس الجبال . راجع كتاب الأنيا غرغوريوس عن الدير
المحرق - وقد سمعت العديد من افواه الكهنة أنهم فى بعض الأحيان يجدون أدوات
المذبح فاطرة وهو التعبير الشائع حينما تستخدم أدوات المذبح فى الصلاة
وهذا معناه أنها أستخدمت فى قداس سابق ولا يجب ان تستخدم فيستخدمون غيرها -
وذكر لى أحد الأصدقاء أنه أثناء صلاة التسابيح فى إحدى كنائس مصر القديمة
أن كثير من الأرائك القديمة الموجوده فى الكنيسة صدر عنها صوت دليل على
وجود ناس فى الكنيسة فى الوقت الذى لا يوجد غيره وأثنين آخرين وقال لى أن
شعر راسه وقف من الرهبه التى أحس بها وقد اسرع فى الإنتهاء من التسابيح
وترك الكنيسه بسرعه - وقد تعجبت لأن صديقى كان عملاقا وكان لا يهاب أحداً
لأنه كان مصارعاً .
الرؤيا
وهى مرحله نادره لا يصلها إلا القلائل وهى مرحلة الشخوص فى الرب والإتحاد به
اذكروني في صلواتكم
♥♥ شارك صفحتنا على الفيس بوك ♥♥