كتب الأخ خليل يسأل: أنا
لا أستطيع أن أفهم حقيقة أن الله ثالوث أبدا مع إني كنت اعرفها من قبل ولم
تشكل لي أية مشكلة وكنت آخذ خلوة مع الرب بشكل متواصل لكن في الفترة
الأخيرة بدأت أتعمق في دراسة الثالوث و للأسف بدأت أضيع وأصبحت تشكل حاجزا
بيني وبين الله هل لديكم أي اقتراح قد يساعدني او مرجع معين او كتاب قد
يساعدني في هذا الأمر وهل أستطيع أن اطلب مساعدة الروح القدس في هذا الأمر
وشكرا
يجيب القس عماد عبد المسيح
سبق
وأجبت عن هذا السؤال وتم نشره في موقع همسات حية ولكني أيضا سوف أجيب
بطريقة أخري بناءً علي سؤالك لأن علاقتنا بالرب لا ترتبط بمصطلح الثالوث من
عدمه ، لكنها مرتبطة بإيمانك بالله وبأنه موجود ويسمعك .
أولا : العلاقة مع الله كيف تكون : العلاقة مع الله تتطلب أن تؤمن بأن الله واحد
"اسمع يا إسرائيل,الرب إلهنا رب واحد والرب إلهك تتقي وإياه وحده تعبد وباسمه تحلف ( تثنية 4:6-13 ) "
هذا هو أيماننا الذي يجب أن يكون دائما نصب أعيننا ، لآن هذا حق ، وانه ليس شبه للرب " فَبِمَنْ تُشَبِّهونَ الله وأي شَبَهٍ تعادلون به (اش18:40) "
فليس من يشبه الرب ، لا من الملائكة ولا من البشر " بمن تشبِّهونَني وتساوونَني وتمثِّلونني لنتشابه ( أشعياء 5:46) "
مَنْ مِنَ
الملائكةِ والبشر يتساوى مع الله ؟. أو يدَّعي انه واحد مع الله ؟.سوى
ابنه وكلمته الأزلي الوحيد المتساوي معه في العظمة والطبيعة الإلهية
الواحدة ؟ وهذا ما يعلنه الوحي الإلهي في كلمته المقدسة "
مز 2 : 12 قبلوا الابن لئلا يغضب فتبيدوا من الطريق لأنه عن قليل يتقد غضبه طوبى لجميع المتكلين عليه
فإيماننا بان الله واحد وان الابن المبارك هو صورة الله الغير منظور
" ليكن
فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضا الذي اذ كان في صورة الله لم
يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائرأً في
شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى
الموت موت الصليب . لذلك رفعه الله أيضا وأعطاه ا سماً فوق كل اسم, لكي
تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض, ويعترف كل لسان ان
يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب ( فيلبي 5:2-1) "
فإيماننا يجب أن ينحصر في حقيقة أن الله واحد ، وأعلن هذا من خلال ابنه يسوع المسيح ، لذلك قال المسيح
لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضا و من الآن تعرفونه و قد رأيتموه يو 14 : 7
فمعرفة الاب هي عن طريق الابن .
ثانياً : موضوع الثالوث في كلمة الله :
الكلمة نفسها ((التثليث او الثالوث)) لم ترد في الكتاب المقدس، أول من صاغها واخترعها واستعملها هو ترتليان في القرن الثاني للميلاد .
ترتليانوس (باللاتينية Tertullianus) أو ترتليان (حوالي 160 إلى 220 م )
جاء أثناسيوس واضعاً أساس العقيدة السليمة التي قبلها واعتمدها مجمع نيقية في عام 325 ميلادية .
ولقد
تبلور قانون الإيمان الاثناسيوسي على يد أغسطينوس في القرن الخامس، وصار
القانون عقيدة الكنيسة الفعلية من ذلك التاريخ إلى يومنا هذا.
فإن كانت كلمة ثالوث لم ترد في الكتاب المقدس
" فلن ادعوك ان تؤمن بها كمصطلح " لكن يجب ان تؤمن بوجود الآب والابن
والروح القدس وإيمانك بهم هو الإيمان الحقيقي الذي يجب ان تكون عليه
· من هو الاب :
توجد حقيقة يجب ان تعرفها وهي ان الله الآب لم يره احد قط ، وهذا معلن بوضوح في كلمة الله " الله لم يَرَهُ احدٌ قط الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر (انجيل يو18:1) "
من اجل ذلك أعلن المسيح ( الابن ) عن الآب وقال لنا " الآب الذي أرسلني هو يشهد لي لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته ( انجيل يوحنا 37:5) " وهذا ما تعلمه يوحنا وعرفه لذلك قال " الله لم ينظرهُ احدٌ قط (1يو4 :12)
" وأيضا " لأنَّ من لا يحبُ أخاه الذي أبصرَه كيف يقدرُ ان يحُبَّ اللهَ الذي لم يبصرْهُ (1يو 20:4) " فالله لم يراه احد من الناس لأنه "
وحدَه له عدمُ الموتِ ساكناً في نورٍ لا يدنى منه الذي لم يرَه احد من
الناسِ ولا يقدرُ ان يراهُ, الذي له الكرامةُ والقدرةُ الأبدية. آمين" (1تي
16:6-17)
" هذا هو الله العظيم ( الآب ) الذي يجب ان تتمركز كل عبادتك وحياتك له . الإنسان لا يري الله ( الأب ) ويعيش " لا تقدر ان ترى وجهي. لان الإنسان لا يراني ويعيش (خر 18:33)
" ذلك, لان مجد الرب دون غطاء بالنسبة الى البشر, "هو نار آكلة". يكتب موسى: "وكان منظر مجد الرب كنار آكلة على رأس الجبل أمام عيون بني إسرائيل" (خر17:24) .
فعندما
يريد الله ان يظهر لمحة من مجده يجب ان يختبئ الإنسان من مجد الله الآب
فنحن لا ننسى برقع موسى , الذي اضطره أخوه هارون أن يضعه على وجهه خوفا على
عيون الشعب, وحدث ذلك بعد أن رأى لمحة واحدة من مجد الرب وهو مخفي تحت يده في نقرة الصخرة - راجع التوراة (خروج 21:33)
· من هو الابن :
هدف المسيح أن يعلن اسم الآب فقد قال : "
أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ
الْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي، وَقَدْ حَفِظُوا
كَلاَمَكَ. يوحنا ١٧:٦ " تعلمنا في كنائسنا
أن الله مثلث الأقانيم ، وهذا ما تعلنه الكلمة الحية ، ليس بالأسلوب
المباشر ، فكلمة الله تعلن ان الله واحد ولم تعلن كلمة اقنوم ، لأن كلمة اقنوم كلمة سريانية وتعني شخص (باليونانية هي ـ Hyp stasis ـ
هيبوستاسيس )
فعندما
نقول الآب اقنوم والابن اقنوم والروح القدس اقنوم فنحن بهذا نتكلم عن ثلاث
اقانيم أي ثلاث أشخاص ، وهذا ما يجعل كثيرين يتساءلون هل هو ثلاثة ام واحد
، ولكن ليعلم القارئ ان الله هو الرب القدير يهوه وهذا اسمه ، من اجل ذلك
أتي المسيح ودعي اسمه يسوع " فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ".متى ١ : ٢١
وكلمة يسوع : الصيغة العربية للاسم العبري يشوع و معنى الاسم يهوه مخلص ( יהוה של המושיע )، ويهوة ( yehôvâh ) هو اسم الله الأب ومن هنا يظهر لنا ان المسيح هو خلاص الله لشعبه ، والكتاب المقدس يعلن عن المسيح انه هو ابن الله ، ولم يقل ولا مره واحده انه الله ، الا من مضمون الآيات تستطيع ان تستنتج انه هو الله المسيح هو كلمة الله ومكلم الأنبياء فقد كلم موسي " لم يقم بعد نبيٌّ في اسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجهاً لوجه (تثنية 10:34 ) "
فموسي
رأي الله ، ولكنه لم يري الاب ، بل رأي الابن الذي هو صورة الله الاب ،
لأن الله لم يره احد قط ، من اجل ذلك يستطيع موسي ان يقول انه رأي الرب " وكان الرب يكلم موسى وجهاً لوجه كما يكلم الرجل صاحبه ( الخروج 11:33) "
وقد قال الرب ( الابن ) لمريم وهارون بعد ان انتقداَ أخاهما موسى بسبب اتخاذه المرأة الكوشية زوجة :
"ان
كان منكم نبيٌّ للرب فبالرؤيا استَعْلِنُ له في الحلم أُكلِّمَهُ. وأما
عبدي موسى فليس هكذا بل هو أمين في كل بيتي . فماً إلى فمٍ وعياناً أتكلم
مع موسى لا بالألغاز وشبه الرب يعاين. ( العدد 12 : 8 ).
فالذي كان يتعامل مع شعب الله في العهد القديم هو الابن ، لآن الله لم يره احد قط
· من هو الروح القدس :
نقرأ في كلمة الله ان الروح القدس له عمل منفرد في خلاص البشر كأعمال الآب والابن المنفردة وقال لتلاميذه عن الروح القدس:
"لكني أقول لكم الحق انه خير لكم أن انطلق . لأنه إن لم انطلق لا يأتيكم المعزي . ولكن ان ذهبت أرسله إليكم (يوحنا16: 7).
" فالروح القدس له عمل واضح في كلمة الله " ومتى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق ... ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويعطيكم ( يو 13:16 -14) " والروح القدس هو المرشد الأمين لمعرفة الآب " قد كلمتكم بهذا بامثال و لكن تأتي ساعة حين لا أكلمكم أيضا بأمثال بل أخبركم عن الأب علانية (يو16: 25)
" ومساعد الابن في الخليقة " وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة و روح الله يرف على وجه المياه (تكوين 2:1)
" وهو مع الآب مرسل الابن في العهد القديم " تقدموا الي اسمعوا هذا لم أتكلم من البدء في الخفاء منذ وجوده انا هناك و الان السيد الرب أرسلني و روحه ( أشعياء 48 : 16) " وموحي الانبياء " لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس*( 2بط 1: 21)
" ومبكت العالم على خطيئة وعلى بر وعلى دينونة " ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية و على بر و على دينونة( يو16: 8)
" والروح القدس مرشد الكنيسة إلى إتباع الحق الكتابي في عدم اهتمام وخوف من البشر "
لان الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه( لوقا 12: 12 ) " "
فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون و لا تهتموا بل مهما
أعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا لان لستم انتم المتكلمين بل الروح
القدس(مرقس13: 11 ) "
· ملخص مما سبق :
مما
سبق أقول أن أيماننا بالله الذي هو الآب والابن والروح القدس ، فالأب لم
يراه احد قط وهو اصل كل شئ ، وان الابن هو كلمة الله وبداءة خليقة الله و
به عمل العالمين ، والروح القدس هو نَفَس الله ويعمل فينا معلما ومبكتاً
وغيرها من الحقائق التي ذكرتها
ثالثاً : صلاتي أقدمها لمن :
الصلاة
التي أقدمها أرفعها لله الأب باسم يسوع المسيح وعمل الروح القدس ، فأنت
عندما تصلي تتحد بالروح القدس وترفع الصلاة باسم يسوع المسيح .
رابعاً : إن لم أؤمن بالثالوث فما هو مصيري :
الإيمان
يجب أن يكون بالله حسب الإعلان الإلهي ، فالله اعلن عن نفسه في الكتاب
المقدس ، فنحن نؤمن بالأب والابن والروح القدس ، سواء ذكر مصطلح الثالوث او
لم يذكر ، فكلمة الثالوث ليست موحي بها ، لكن الحق الكتابي اعلن انه يوجد
اب وابن وروح قدس ، وما علينا إلا ان ندرس الحقائق المرتبطة بالله كأب في
كونه لم يره احد قط ، والابن الذي هو صورة الله الأب وهو الذي كان يظهر في
العهد القديم وهو الذي تجسد ومات علي الصليب وقام ، وان الروح القدس الآن
يعمل فينا ، هذا هو الله حسب ما اعلن في كلمة الرب .