في اليوم السابق لعيد الميلاد المجيد خرج كاهن احدي القري في الصعيد كعادته ومعه أحد الخدام لتوزيع عطايا العيد علي المحتاجين في القرية . وبعد أن طافا بالبيوت التي يقصدونها ، بقي كوخ صغير في اخر البلده . تردد الخادم في الذهاب اليه من أجل المجهود الذي قاما به ولأن الوقت قد تأخر حتي يستطيعا اللحاق بميعاد صلاة ليلة العيد . ولكن الكاهن شجعه وسارا في الطريق الطويل حتي وصلا الي هذا الكوخ .

كانا يتساءلان في فكرهما أثناء سيرهما من سيفتح لنا الباب ؟؟؟؟ أو لعله غير مغلق تمامآ ؛ لأنهما يعلمان أن السيدة التي تقيم في الكوخ مقعده.

وصلا الي الكوخ ووجدا الباب مغلقآ ، فطرقاه . والعجيب أنهما وجدا السيدة تفتح لهما وقد تشددت رجلاها . فأعطياها عطية العيد من المواد الغذائية فشكرتهما وعندما هما بالانصراف ، امسكت بهما وأصرت علي دخولهما .

عندما دخلا اشتما رائحة ذكية ، بل رأيا نورآ واضحآ في الكوخ لم يعرفا مصدره .

اما السيدة فقالت لهما: اني اعيش مع ابني في هذا الكوخ ولا استطيع القيام باحتياجاتي . وابني يقضي معظم الوقت خارج المسكن . واعاني من الاجساس بالوحدة ، لأنه يندر أن يزورنا أحد في كوخنا البسيط هذا البعيد عن القرية . وليس أمامي ألا الصلاة وطلب معونة الله ؛ حتي يرفع عني الاحاس بالوحدة ويعطيني شيئآ من اللام والراحة .

واليوم بعدما خرج ابني ، ازدادت عليا مشاعر الاحساس بالوحدة والعزلة ؛ لأنه في هذا اليوم يستعد الجميع للاحتفال بالعيد ويلبسون الملابس الجديدة ويلتقون في الكنيسة بالمسيح ويفرحون بميلاده ، أما أنا فأرقد وحيدة بهذا الكوخ ، ولا أشعر بأفراح العيد ، فأخذت أصلي وأعاتب المسيح لأنه تركني في هذه الوحدة . وكانت معلقة أمامي صورة السيد المسيح الطفل الذي تحمله السيدة العذراء ، فنظرت اليه وعاتبته قائلة " : أنت نسيت الغلابة ولا ايه ؟؟

ثم فكرت السيدة انه لم يزورها أحد من الأقارب أو الكنيسة ، فواصلت عتابها للمسيح قائلة له :

العيد دخل علينا ومحدش زارنا.

وفيما أنا أنظر اليه وأعاتبه ودموعي تسيل من عيني وجدته وقد خرج من الصورة وأقترب مني ومسح دموعي وقال لي : كل سنة وانتي طيبة يلا قومي

فشعرت بفرح ورهبه لا استطيع التعبير عنها وأحسست في نفس الوقت بقوة تسري في كياني ، فتشددت رجلاى الضعيفتان وقمت منتصبة وأذ المسيح قد أختفي تاركآ في الكوخ نوره الجميل ورائحته الذكية . ولم يمضى وقت طويل حتي وجدت طرقاتكما علي الباب

فتعزي الكاهن والخادم ، وشكرا الله الذي شجعهما ليزوروا آخر زيارة وأهم زيارة في هذا الكوخ الحقير ؛ ليصير أعظم مسكنآ في القرية . وكما بارك قديمآ المكان .

عندما يبتعد عنك الناس أو عندما تجد الكثيرون حولك لا يشعرون بك وتعاني من العزلة النفسية ، أعلم أن المسيح مشتاق أن يشعرك بوجوده معك ، هو قريب منك جدآ وهذه هي فرصتك للتمتع به . أطلبه وضع كل شكواك واحتياجاتك أمامه ؛ أنه يحبك ويشتاق أن يسمع صلاتك ومهما طال أحساسك بالوحدة فأعلم أنه بجوارك ولم يتركك لحظة واحدة .
ألح عليه ليظهر ذاته لك ؛ فيعزي قلبك وتتمتع بسلام وفرح لا يعبر عنه ولا يضاهيه أيه راحة أو فرح من أفراح العالم.
امين