منتدايات يسوع بحر الحب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أفلام مسيحية , عظات مسيحية , ترانيم مسيحية , قداسات مسيحية , تأملات مسيحية ,معجزات مسيحية , كتب مسيحية ,صلاوت مسيحية ,صور مسيحية ,
 
الرئيسيةالمجلة البوابةالشاتأحدث الصورالتسجيلمركز رفع الملفاتدخول

 

 كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:35 am

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث




1- ما هو الخير؟









كلنا نؤمن بالخير، ونريد أن نعمل
الخير.




ولكننا نختلف فيما بيننا في معنى
الخير وفي طريقته.


وما يظنه أحدنا خيرًا، قد يراه
غيره شرًا!!


فما هو
الخير إذًا؟ وما هي
مقاييسه؟


لكي نحكم على أي عمل بأنه
خير، ينبغي أن يكون هذا العمل خيرًا في ذاته، وخيرًا في وسيلته.. وخيرًا في
هدفه، وبقدر الإمكان يكون أيضًا خيرًا في نتيجته.

وسنحاول
أن نتناول هذه النقاط واحدة فواحدة، ونحللها. وسؤالنا الأول هو: ما معنى أن
يكون العمل خيرًا في ذاته!


وفى الواقع أن كثيرين
-بنيه طيبة- قد يعملون أعمالًا يظنونها خيرًا. وهى على عكس ذلك ربما تكون شرًا
خالصًا..




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org--Heart-Vector-Line

St-Takla.org Image:
Vector art: Heart Line
صورة في موقع الأنبا تكلا:
صورة من فن فيكتور: رسم قلب!

مثال
ذلك الأب الذي يدلل ابنه تدليلًا زائدًا يتلفه، وهو يظن ذلك خيرًا!! ومثال ذلك
أيضًا الأب الذي يقسو على ابنه قسوة تجعله يطلب الحنان من مصدر آخر ربما يقوده
إلى الانحراف. وقد يظن ذلك الأب أن قسوته نوع من الحزم والتربية الصالحة. ومن
أمثلة الذين يظنون عملهم خيرًا وهو شر في ذاته، أولئك الذين عناهم
السيد المسيح
بقوله لتلاميذه: "تأتى ساعة يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله".



إن الناس يختلفون فيما
بينهم في معنى الخير. ويختلفون في حكمهم على الأعمال. ويتناقشون حول ذلك
ويتصارعون. وقد يعمل أحدهم عملًا، فيعجب به
الناس ويمتدحونه، ويسرفون في مدحه، بينما يتضايق البعض من نفس هذا العمل الذي
يمدحه زملاؤهم. ويتناظر الفريقان، وكل منهما يؤيد وجهة نظره بأدلة وبراهين،
ويتولى الفريق الآخر الرد عليها بأدلة عكسية. ويبقى الحق حائرًا بين هؤلاء
وهؤلاء.


من أجل هذا كان على
الإنسان أن يتمهل ويتروى، ولا يتعجل في حكمه على الأمور.



بل على العكس أيضًا أن يعمل
عملًا، ويحاول أن يتأكد أولًا من خيرية تصرفه. ومن أجل هذا أيضا أوجد الله
المشيرين وذوى الخبرة والفهم كإدلاء في طريق الحياة. وهكذا قال
الكتاب المقدس
"الذين بلا مرشد يسقطون مثل أوراق الشجر".
وأوجد

الله المربين والحكماء. وجعل هذا أيضًا في
مسؤولية
الوالدين والمعلمين والقادة
وآباء الاعتراف، وكل من يؤتمنون على أعمال التوعية
والإرشاد.


ولكن يشترط في المرشد
الذي يدل الناس على طريق الخير، أن يكون هو نفسه
حكيمًا، وصافيًا في روحه..



وينبغي أن يكون هذا المرشد
عميقًا في فهمه، لئلا يضل غيره من حيث لا يدرى ولا يقصد. ولهذا السبب لا يصح أن
يسرع أحد بإقامة نفسه على هداية غيره، فقد قال يعقوب الرسول: "لا تكونوا معلمين
كثيرين يا أخوتي، لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنا".. حقًا ما أصعب السقطة
التي تأتى نتيجة أن يتبوأ أي إنسان مسئولية الإرشاد فيضيع غيره.. ولهذا قال
السيد المسيح: "أعمى يقود أعمى، كلاهما يسقطان في حفرة".


لذلك كان كثير من
الآباء
المتواضعين بقلوبهم يهربون من مراكز القيادة الروحية، شاعرين أنهم ليسوا أهلًا
لها، وخائفين من نتائجها. وعارفين أن الشخص الذي يقود غيره في طريق ما، أو ينصح
غيره نصيحة معينه، إنما يتحمل أمام الله مسئولية نتائج توجيهاته ونصائحه،
ويعطى حسابًا عن نفس هذا الشخص الذي سمع نصيحته. وقد قيل في ذلك إن نفسًا تؤخذ
عوضًا عن نفس.


فعلى الإنسان حينما
يسترشد أن يدقق في اختيار مرشديه، ولا يسمع لكل قول، ولا يجرى وراء كل نصيحة
مهما كان قائلها. وأن يتبع الحق وليس الناس. وكما قال بطرس الرسول: "ينبغي أن
يطاع الله أكثر من الناس".
إذن الخير مرتبط بالحق، ومرتبط بكلام الله إن أحسن الناس فهمه، وإن أحسنوا
تفسيره، وإن ساروا وراء روحه لا حرفه.


إن كلام الله هو الحق
الخالص، والخير الخالص، ولكن تفسير الناس لكلام الله
قد يكون شيئًا آخر.


إن كلام الله يحتاج إلى ضمير حي
يفهمه، وإلى قلب نقى يدركه. وما أخطر أن نحد كلام الله بفهمنا الخاص!! وما أخطر
أن نغتر بفهمنا الخاص، ونظن أنه الحق ولا حق غيره، وأنه الفهم السليم ولا فهم
غيره..!


إن الذي يريد أن يعرف
الخير، عليه أن
يتواضع..


يتواضع فيسأل غيره، ويقرأ ويبحث
ويتأمل، محاولًا أن يصل وأن يفهم.. وحينما يسأل، عليه أن يسأل الروحيين
المتواضعين الذين يكشف لهم الله أسراره. وعليه أن يسأل الحكماء الفاهمين ذوى
المعرفة الحقيقية والإدراك العميق. وكما قال الشاعر:


فخذوا العلم على أربابه
واطلبوا الحكمة عند
الحكماء


لو كنا جميعًا
نعرف
الخير، ما كنا نتخاصم وما كنا نختلف.. علينا إذن - في تواضع القلب - أن نصلى
كما صلى داود النبي من قبل: "علمني يا رب طرقك، فهمني سبلك".



إن
الصلاة بلا شك هي وسيلة أساسية لمعرفة الحق والخير، فيها وبها يكشف الله للناس
الطريق السليم الصحيح.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3


وهنا نسأل سؤالًا هامًا:


هل الضمير هو الحكم في معرفة
الخير؟ وهل نتبعه بلا نقاش؟




أجيب وأقول: يجب على
الإنسان أن يطيع ضميره، ولكن يجب أيضا أن يكون ضميره صالحًا. فهناك ضمائر تحتاج
إلى هداية. إن الأخ الذي قتل أخته دفاعًا عن الشرف، أو الأخ الذي قتل أخته
لأنها أرادت الزواج بعد زوجها الأول.. ألم يكن كل منهما مستريح الضمير في قتله
لأخته (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم
الأسئلة والمقالات)؟! ألم يسر كل منهما على هدى من ضميره، وكان ضميره مريضًا؟!


إن الضمير يستنير
بالمعرفة: بالوعظ والتعليم، بالاسترشاد، بالنصح،
بالقراءة.. فلنداوم على كل
هذا، لكي يكون لنا ضمير صالح أمام الله..


لأننا كثيرًا ما نعمل
عملًا بضمير مستريح، واثقين أنه خير..!!


ثم يتضح لنا بعد حين
أنه كان عملًا خاطئًا!


فنندم على هذا العمل، الذي كان
يريحنا ويفرحنا من قبل.




وأمثال هذا العمل قد يسمى في
الروحيات أحيانًا"
خطيئة
جهل"..


إن الإنسان الصالح
ينمو يومًا بعد يوم في معرفته الروحية.
وبهذا النمو يستنير ضميره أكثر،
فيعرف ما لم يكن يعرفه، ويدرك أعماقًا من الخير لم يكن يدركها قبلًا..



وربما بعض فضائله السابقة
تتضح له كأنها لا شيء، بل قد يستصغر نفسه حينما كان يتيه بها في يوم ما..!


من هنا كان
القديسون
متواضعين.. لأنهم كل يوم يكشفون ضآلة الفضائل التي جاهدوا من أجلها زمنًا
طويلًا..!


وذلك بسبب نمو ضميرهم وشدة
استنارته في معرفة الخير..




والخير يرتبط بنسيانه..



إذ ننسى الخير الذي
نفعله، من فرط انشغالنا بالسعي وراء خير آخر أعظم منه،
نرى أننا لا نعمله نحن، وإنما يعمله الله بواسطتنا. وكان
يمكن أن يعمله بواسطة غيرنا، ولولا أنه من تواضعه ومحبته شاء أن يتم هذا الخير
على أيدينا، على غير استحقاق منا لذلك..


ولكن ما هو الخير؟ وكيف
يكون خيرًا في ذاته؟ وفي وسيلته؟ وفي هدفه؟ وفي نتيجته؟


أري أنني قد طفت معك
حول إطار هذه الصورة.. التي ليتنا نستطيع أن
نتأملها في مقال آخر إن أحبت نعمة الله وعشنا..



كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3




المقال مع بعض التعديلات نُشِر في وقتٍ لاحق



ما هو الخير؟




كلنا نؤمن بالخير.

ونريد أن نعمل الخير.




ولكننا نختلف فيما
بيننا في معني الخير وفي طريقته. وما
يظنه أحدنا خيرًا. قد لا يراه كذلك!
فما هو الخير؟ وما هي مقاييسه؟




لكي نحكم علي أي
عمل بأنه خير: ينبغي أن يكون هذا
العمل خيرًا في ذاته. وخيرًا في
وسيلته.. وخيرًا في هدفه. وبقدر
الإمكان يكون أيضًا خيرًا في نتائجه..




وسنحاول أن نتناول
هذه النقاط واحدة فواحدة. ونحللها..
وسؤالنا الأول: ما معني أن يكون العمل
خيرًا في ذاته؟




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



في الواقع أن
كثيرين بنيّة طيبة قد يعملون أعمالًا
يظنونها خيرًا. وقد تكون علي عكس ذلك
تمامًا.
مثال ذلك الأب الذي يدلّل ابنه تدليلا
زائدًا. يتلفه!
ومثال ذلك أيضا الأب الذي يقسو علي
ابنه قسوة تجعله يطلب الحنان من مصدر
آخر ربما يقوده إلي الانحراف!
وقد يظن كل من هذين الأبوين أنه يفعل
خيرًا. وأن أسلوبه هو التربية السليمة
الصالحة. بينما يكون مخطئًا في فهم
معني الخير..
وربما يكون الخير في مرحلة متوسطة بين
التصرفين: بين التدليل والشدة. وقد
يكون في التدليل حينًا. وفي الشدة
حينًا آخر. حسبما تقتضي الظروف
والأسباب.



كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



وإذا شك إنسان فيما
يكون خيرًا. عليه أولًا أن يتروي حتى
يتثبت. ومن الممكن أيضًا أن يسترشد
بغيره.
يستشير شخصًا راجح الفكر وواسع العقل.
وذا خبرة في مثل هذا الأمر. فيضيف إلي
عقله عقلًا. وربما يطرق معه زاوية
معينة. أو يعرض له بعض ردود الفعل.

من أجل ذلك أوجد الله المشيرين وذوي
الخبرة والفهم. كل منهم دليل في طريق
الحياة. كما أوجد المربين والحكماء.
وجعل هذه المشورة أيضًا في مسئولية
الوالدين والمعلمين والقادة. وكل من
يؤتمنون علي التربية والتوعية
والإرشاد.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



ولكن يُشترط في
المرشد الذي يدل الناس علي طريق
الخير. أن يكون هو نفسه حكيمًا.
صافيًا في روحه.
وينبغي أن يكون هذا المرشد عميقًا في
فهمه. لئلا يضل غيره من حيث لا يدر ي
ولا يقصد. فقد قال السيد المسيح
"وأعمي يقود أعمي. كلاهما يسقطان في
حفرة".
حقًا ما أصعب السقطة التي تأتي نتيجة
أن يتبوأ إنسان غير مؤهل مسئولية
الإرشاد. فيضّيع غيره. فلا يصح إذن أن
يسرع شخص بإقامة نفسه علي هداية غيره.
نتيجة ثقة زائفة بذاته.
لذلك كان كثيرون من المتواضعين يهربون
من مراكز القيادة الروحية. عارفين أن
الشخص الذي يقود غيره في طريق ما. أو
ينصح غيره نصيحة ما. إنما يتحمل أمام

الله مسئولية نصائحه وإرشاداته.





كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



فعلي الإنسان حينما
يسترشد. أن يدقق في اختيار مرشديه:

ولا يسمع لكل قول. ولا يجري وراء كل
نصيحة مهما كان قائلها. ولا يتبع
الناس بل يتبع الحق. لأنه "ينبغي
أن
يطاع الله أكثر من الناس" فنصائح
الناس يجب أن تكون موافقة لوصايا
الله.
إذن الخير مرتبط بالحق الخالص. ومرتبط
بكلام الله إن أحسن الناس فهمه. وإن
أحسنوا تفسيره. وإن ساروا وراء روحه
لا حرفه.
إن كلام الله هو الحق الخالص. والخير
الخالص
ولكن تفسير الناس لكلام الله. قد يكون
شيئا آخر!
إن كلام الله يحتاج إلي ضمير حي
يفهمه. وإلي قلب نقي يدركه. وما أخطر
أن نحدّ كلام الله بفهمنا الخاص! وما
أخطر أن نفتر بفهمنا. ونظن أنه الحق
ولا حق غيره! وأنه الفهم السليم ولا فهم غيره!




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



إن الذي يريد أن
يعرف الخير. عليه أن يتواضع..
يتواضع. فيسأل ويقرأ ويبحث ويتأمل.
محاولًا أن يعمل وأن يفهم. وحينما
يسأل. عليه أن يسأل الروحيين
المتواضعين الذين يكشف لهم الله
أسراره. كما يسأل الحكماء الفاهمين.
ذوي المعرفة الحقيقية والإدراك
العميق. وكما قال الشاعر:
فخذوا العلم علي أربابه .. واطلبوا
الحكمة عند الحكماء
لو كنا جميعا نعرف الخير. ما كنا
نتخاصم وما كنا نختلف..
علينا إذن في تواضع قلب أن نصلي كما
صلي داود النبي من قبل: "علّمني يا رب
طرقك.. فهمني سبلك".
إن الصلاة بلاشك. هي وسيلة أساسية
لمعرفة

الحق والخير.
وبها يكشف الله للناس الطريق السليم
الصحيح.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



وهنا نسأل سؤالًا
هامًا:
هل ضمير كل إنسان هو الحكم في معرفة
الخير؟ وهل يتبعه بلا نقاش؟
بداءة أقول: يجب علي كل إنسان أن يطيع
ضميره
(اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع
هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم
الأسئلة والمقالات).
ولكن يجب أيضًا أن يكون ضميره صالحا.
فهناك ضمائر تحتاج إلي هداية.
إن الأخ الذي قتل أخته دفاعًا عن
الشرف!. أو الأخ الذي قتل أخته. لأنها
أرادت أن تتزوج بعد وفاة زوجها
الأول.. ألم يكن كل منهما مستريح
الضمير في قتله لأخته؟! ألم يسر كل
منهما علي هدي من ضميره. وكان ضميره
مريضًا؟!
إن الضمير يستنير بالمعرفة: بالوعظ
والتعليم والإرشاد والنصح. وبالقراءة
السليمة.. فلنداوم علي كل ذلك. لكي
يكون لنا ضمير صالح أمام الله.
لأننا كثيرًا ما نعمل عملًا بضمير
مستريح. واثقين أنه خير! ثم يتضح لنا
بعد حين أنه كان عملًا خاطئًا. فنندم
علي ذلك العمل الذي كان يريحنا
ويفرحنا من قبل!
ومثل هذا العمل قد يسمي في الروحيات
أحيانًا "خطيئة جهل".




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



إن الإنسان الصالح
ينمو يومًا بعد يوم في معرفته الروحية.
وبهذا النمو يستنير ضميره أكثر. ويعرف
ما لم يكن يعرفه. ويدرك أعماقًا من
الخير لم يكن يعرفها قبلًا. وربما بعض
فضائله السابقة يتضح له كأنها لاشيء.
بل يستصغر نفسه حينما كان يتيه بها في
يوم ما!
من هنا كان القديسون متواضعين.. لأنهم
بنموهم في الفضيلة يتكشفون كل يوم
ضآلة الفضائل التي جاهدوا من أجلها
زمانًا طويلًا!
وذلك بسبب نمو ضميرهم. واستنارته في
معرفة الخير.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



الخير أيضا يرتبط
بنسيانه: إذ ننسي الخير الذي نفعله.
من فرط انشغالنا بخير أعظم نريد أن
نعمله.. أو ننسي أننا عملنا هذا الخير.
موقنين أن الله هو الذي عمله
بواسطتنا. وكان يمكن أن يعمله بواسطة
غيرنا. لولا أنه من تواضعه ومحبته.
شاء أن يتم هذا الخير علي أيدينا. علي
غير استحقاق منا لذلك.
ما هو الخير؟
الخير هو أن ترتفع فوق ذاتك ولذاتك.
وأن تطلب الحق أينما وجد. وتثبت فيه.
وتحتمل لأجله. الخير هو النقاء
والقداسة والكمال.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



الخير لا يتجزأ.
فلا يكون إنسانًا خيرًا وغير خير في
نفس الوقت.
أي لا يكون صالحًا وشريرًا في وقت
واحد.
الإنسان الخير ليس هو الذي تزيد
حسناته علي سيئاته. فربما سيئة واحدة
تتلف نقاوته وصفاء قلبه. إن ميكروبا
واحدًا كاف لأن يلقي إنسانًا علي فراش
المرض. ليس هو محتاجًا إلي مجموعات
متعددة من الجراثيم. لكي يحسب
مريضًا!! تكفي جرثومة واحدة. هكذا
خطية واحدة تضيّع نقاوة الإنسان.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



إن الشخص الشرير
ليس هو الذي يرتكب كل أنواع الشرور.

إنما بواسطة شر واحد يفقد نقاوته.
مهما كانت له فضائل متعددة.
فالسارق إنسان شرير. لا نحسبه من
الأخيار. مهما كان في نفس الوقت
لطيفًا أو بشوشًا. أو متواضعًا أو
متسامحًا. أو كريمًا أو خدومًا.
والظالم إنسان شرير. وكذلك القاسي
والشتّام. وقد يكون أي واحد من هؤلاء
شجاعًا. أو مواظبًا علي الصلاة
والصوم!
فإن أردت أن تكون خيّرًا. سر في طريق
الخير كله. ولا تترك شائبة واحدة تعكر
نقاء قلبك. ولا تظن انك تستطيع أن
تغطي رذيلة

بفضيلة.. أو أن تعوّض سقوطك في
خطيئة معينة. بنجاحك في زاوية أخري من
زوايا الخير.. بل في المكان الذي هزمك
الشيطان فيه. يجب أن تنتصر.. علي نفس
الخطية. وعلي نفس نقطة الضعف.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



كن خيّرًا. وقس
نفسك بكل مقاييس الكمال. وأعرف نواحي
النقص التي فيك. وجاهد لكي تنتصر
عليها..
فنحن مطالبون بأن نسير في طريق الكمال
حسبما نستطيع. لأن النقص ليس خيرًا.

والخير ليس هو فقط أن تعمل الخير. بل
بالأكثر أن تحب الخير الذي تعمله. فقد
يوجد إنسان يفعل الخير مرغمًا دون أن
يريده. أو أن يعمل الخير بدافع من
الخوف. أو بسبب الرياء. لكي ينظره
الناس. أو لكي يكسب مديحًا أو لكي
يهرب من انتقاد الآخرين...!
وقد يوجد من يفعل الخير وهو متذمر
ومتضايق. كمن يقول الصدق ونفسيته
متعبة. ويود لو يكذب وينجو. أو من
يتصدق علي فقير. وهو ساخط وبوده ألا
يدفع!
فهل نسمي كل ذلك خيرًا ؟
بل عمق الخير. هو محبة الخير الذي
تفعله...




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



فقد يوجد من يفعل
الخير لمجرد إطاعة وصية الله. دون أن
يصل قلبه إلي محبة الوصية! كمن لا
يرتكب الزنا والفحشاء. لمجرد وصية
الله التي تقول "لا تزن". دون أن تكون
في قلبه محبة العفة والطهارة! وفي ذلك
قال



القديس جيروم: يوجد أشخاص عفيفون
وطاهرون بأجسادهم. بينما تكون

نفوسهم زانية!
مثال آخر: من يدفع من ماله صدقة
للفقراء. لمجرد إطاعة الوصية. ويكون
كمن يدفع ضريبة أو جزية! دون أن تدخل
محبة الفقراء إلي قلبه..




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



كل هؤلاء اهتموا
بالخير في شكلياته. وليس في روحه.
والخير ليس شكليات. وليس لونا من
المظاهر الزائفة. إنما هو روح. ويكمن
في القلب.
لذلك فاختبار الخير يكون بمعرفة حالة
القلب من الداخل.
ولكي نحكم علي أي عمل بأنه خير. يجب
أولًا أن نفحص دوافعه وأسبابه
وأهدافه. فالدوافع هي التي تظهر لنا
خيرية العمل من عدمها.
فقد يوبخك اثنان: أحدهما بدافع الحب.
والآخر بدافع الإهانة.. ويكون عمل
أحدهما خيرًا. وعمل الآخر شرًا. وقد
يشترك اثنان في تنظيم سياسي وطني:
أحدهما من أجل حب الوطن والتفاني في
خدمته. والآخر من أجل حب الظهور أو حب
المظاهر. وهنا الهدف يختلف. والنية
تختلف..




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



الخير أيضًا ليس
عملًا مفردًا أو طارئًا. إنما هو حياة.
فالشخص الرحيم ليس هو الذي أحيانًا
يرحم. أو الذي ظهرت رحمته في موقف
معين.. إنما الرحيم هو الذي تتصف
حياته كلها بالرحمة. فتظهر الرحمة في
كل أعماله. وفي كل معاملاته: في
أقواله وفي مشاعره. حتى في الوقت الذي
لا يباشر فيه عمل رحمة.
الخير هو اقتناع داخلي بالحياة
الصالحة. مع إرادة مثابرة مجاهدة في
عمل الخير وتنفيذه.. هو حب صادق
لفضيلة. مع حياة فاضلة.
الخير هو شهوة في القلب لعمل الصلاح.
تعبر عن ذاتها وعن وجودها بأعمال
صالحة. وليس هو مجرد روتين إلى للعمل
الصالح.
ما لم يصل الإنسان إلي محبة الخير.
والتعلق به. والحماس لأجله. والجهاد
لتحقيقه. فهو لا يزال في درجة
المبتدئين.
"وللمقال
بقية".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:36 am

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





2- الإنسان
الخيِّر








الخير هو أن ترتفع فوق
مستوى
ذاتك ولذاتك..
وأن تطلب الحق أينما وجد، وتثبت
فيه وتحتمل من أجله.


الخير هو النقاوة، هو
الطهر
والقداسة.. هو الكمال.


الخير لا يتجزأ:


فلا يكون إنسان خيرًا وغير خير
في وقت واحد..




أي لا يكون صالحًا وشريرًا في
نفس الوقت.

الإنسان الخير:


ليس هو الذي تزيد حسناته على
سيئاته!


فربما سيئة واحدة تتلف نقاوته
وصفاء قلبه!




أن نقطة حبر واحدة كافية
لأن تعكر كوبًا من الماء بأكمله، وميكروبًا واحدًا كاف لأن يلقى إنسانًا على
فراش
المرض. ليس هو محتاجًا إلى مجموعات متعددة من الجراثيم لكي يحسب مريضًا!!
تكفى جرثومة واحدة.. كذلك خطية واحدة يمكنها أن تضيع قداسة الإنسان..



إن
الشخص الشرير ليس
هو الذي يرتكب كل أنواع الشرور. إنما بواسطة شر واحد يفقد نقاوته مهما كانت له
فضائل متعددة..




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org--Ann-James-Massey-Morning-Routine

St-Takla.org Image:
Ann James Massey, Morning Routine - caring for animals
صورة في موقع الأنبا تكلا:
صورة للفنانة آن جيمس مايسي: عادة الصباح - الرفق بالحيوان

فالسارق إنسان شرير. لا
نحسبه من الأخيار. وربما يكون في نفس الوقت لطيفًا أو بشوشًا، أو
متواضعًا، أو
متسامحًا، أو كريمًا، أو نشيطًا..


والظالم إنسان شرير، وكذلك
القاسي، وكذلك
الشتّام، وقد يكون
أي واحد من هؤلاء غيورًا أو
شجاعًا، أو مواظبًا
على الصلاة والصوم..!


إن أردت أن تكون خيرًا،
سر في طريق الخير كله.. ولا تترك شائبة واحدة تعكر نقاء قلبك.



ولا تظن أنك تستطيع أن تغطى
رذيلة بفضيلة.




أو أن تعوض سقوطك في خطيئة
معينه، بنجاحك في زاوية أخرى من زوايا الخير.. بل في المكان الذي هزمك
الشيطان
فيه، يجب أن تنتصر.. على نفس الخطية، وعلى نفس نقطة الضعف..


كن إنسان خيرًا، قس
نفسك بكل مقاييس الكمال. واعرف نواحي النقص فيك، وجاهد لكي تنتصر عليها..
فهكذا علمنا الإنجيل المقدس: "كونوا كاملين، كما أن أباكم الذي في السموات هو
كامل.. كونوا قديسين، كما أن أباكم الذي في السموات هو قدوس.." (مت48:5).




نحن مطالبون إذن بأن
نسير في طريق الكمال، لأن النقص ليس
خيرًا.. والخير ليس هو فقط أن تعمل الخير..
بل بالأحرى أن تحب الخير الذي تعمله..


فقد يوجد إنسان يفعل
الخير مرغمًا دون أن يريده، أو أن يعمل الخير بدافع الخوف، أو بدافع
الرياء لكي
ينظره الناس أو لكي يكتسب
مديحًا.. أو لكي يهرب من انتقاد الآخرين. وقد يوجد
من يفعل الخير وهو متذمر ومتضايق: كمن يقول
الصدق ونفسيته متعبة، وبوده لو يكذب
وينجو. وكمن يتصدق على فقير وهو ساخط، وبوده ألا يدفع..


فهل نسمى كل ذلك خيرًا..
؟!


قد يوجد من يفعل الخير
لمجرد إطاعة وصية

الله، دون أن يصل قلبه إلى محبة تلك
الوصية! كمن لا يرتكب
الزنا والفحشاء، لمجرد وصية الله التي تقول:
"لا
تزن"،
دون أن تكون في قلبه محبة
العفة والطهارة..! وفي ذلك قال


القديس جيروم: (يوجد
أشخاص عفيفون وطاهرون بأجسادهم، بينما نفوسهم زانية!!)


ومثال ذلك أيضًا، الذي
يتصدق على الفقراء لمجرد إطاعة الله، ويكون كمن يدفع ضريبة أو جزية!! دون أن
تدخل محبة
الفقراء إلى قلبه..!


كل هؤلاء اهتموا بالخير في
شكلياته، وليس في روحه..!




والخير ليس شكليات، وليس
لونًا من المظاهر الزائفة. إنما هو روح وقلب.. ولذلك اهتم الله بحالة القلب،
أكثر من ظاهر العمل. وهكذا قال: "يا أبني أعطني قلبك"..


من أجل هذا، لكي نحكم على
العمل بأنه خير، يجب أولًا أن نفحص دوافعه وأسبابه وأهدافه.
والدوافع هي التي تظهر لنا خيرية
العمل من عدمها.. فقد
يوبخك اثنان: أحدهما بدافع الحب، والآخر بدافع الإهانة.
وقد يشتركان في نفس كلمات التوبيخ (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في
موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). ولكن عمل أحدهما يكون خيرًا وعمل الآخر يكون
شرًا.. وقد يشترك اثنان في تنظيم سياسي وطني، أحدهما من أجل حب الوطن والتفاني
في خدمته، والآخر من أجل حب الظهور أو حب المناصب.. الهم إذن في الدافع
والنية..


والخير ليس عملًا
مفردًا أو طارئًا، إنما هو حياة..


فالشخص الرحيم ليس هو الذي
أحيانًا يرحم، أو الذي ظهرت رحمته في حادث معين.. إنما الرحيم هو الذي تتصف
حياته كلها
بالرحمة. تظهر الرحمة في كل أعماله وفي كل معاملاته، وفي أقواله،
وفى مشاعره، حتى في الوقت الذي لا يباشر فيه عمل الرحمة..


الخير هو اقتناع داخلي
بحياة
القداسة، مع إرادة مثابرة مجاهدة في عمل الخير وتنفيذه.. هو حب صادق
للفضيلة، مع حياة فاضلة.


الخير هو شهوة في
القلب لعمل الصلاح تعبر عن ذاتها وعن وجودها بأعمال صالحة وليس هو مجرد روتين
إلى للعمل الصالح..!


هو - حسب رأى
القديسين
- استبدال شهوة بشهوة.. ترك شهوة المادة، من أجل التعلق بشهوة الروح.. والتخلص
من محبة الذات، من فرط التعلق بمحبة الآخرين..


ما لم تصل إلى محبة
الخير، والتعلق به، والحماس لأجله، والجهاد لتحقيقه، فآنت ما تزال في درجة
المبتدئين، لم تصل بعد لغاية، مهما عملت أعمالًا صالحة..!


والذي يحب الخير، يحب
أن جميع الناس يعملون الخير..


لا تنافس في الخير..



فالتنافس قد توجد فيه ناحية من
الذاتية..




أما محب الخير، فإنه يفرح
حتى ولو رأى جميع الناس يفوقونه في عمل الخير، ويكون بذلك سعيدًا.. المهم عنده
أن يرى الخير، وليس المهم بواسطة مَنْ! به أو بغيره..


لذلك فعمل الخير بعيد عن الحسد
وعن الغيرة..


والإنسان الخير يقيم
في حياته تناسقًا بين فضائله، فلا تكون واحدة على حساب الأخرى..




خدمته مثلًا للمجتمع، لا تطغى
على اهتمامه بأسرته. ونشاطه لا يطغى على أمانته لعمله. بل أن صلاته وعبادته، لا
يصح أن تفقده الأمانة تجاه باقي مسئولياته..


إن الفضيلة التي تفقدك
فضيلة أخرى، ليست هي فضيلة كاملة أو خيرة.. إنما الفضائل تتعاون معًا.. بل
تتداخل في بعضها البعض..


فهكذا نتعلم من
الله نفسه تبارك
اسمه: فعدل الله مثلًا لا يمكن أن يتعارض مع رحمته، بل لا ينفصل عنها. عدل
رحيم، ورحمة عادلة. عدل الله مملوء رحمة الله، فليس من جهة الفصل نتكلم، إنما
من جهة التفاصيل، لكي تفهم عقولنا القاصرة عن إدراك
اللاهوتيات..


والخير ليس هو سلبية، بل
إيجابية:


ليس
هو سلبية تهدف إلى البعد عن الشر، إنما هو إيجابية في عمل الصلاح ومحبته.
فالإنسان الخير ليس هو فقط الذي لا يؤذى غيره، بل بالحرى الإنسان الذي يبذل
ذاته عن غيره.. ليس فقط الإنسان الذي لا يرتكب خطية، إنما بالحرى الذي يعمل
برًا..


والإنسان الخير هو الذي يصنع
الخير مع الجميع، حتى
مع الذين يختلفون معه جنسًا أو لونًا أو لغةً أو مذهبًا أو عقيدة..


إنه كالينبوع الحلو
الصافي، يشرب منه الكل.. وكالشجرة الوارفة يستظل تحتها الكل. إن الينبوع
والشجرة لا يسألان أحدًا: ما هو جنسك؟ أو ما هو لونك؟ أو ما هو مذهبك؟!


الخير يعطى دون أن
يتفرس في وجه من يعطيه ويحب دون أن يحلل دم من يحبه..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:37 am

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





3- كلمة أخرى عن
الخير








تكلمنا في المقالات السابقة عن:
الخير، والعمل الخيِّر،
والإنسان الخير..



وبقى أن نكمل هذا الموضوع بكلمة بسيطة عن الخير وعن وسائله
أيضًا..


قلنا من قبل إن الخير
لابد أن يكون في ذاته، وخيرًا في هدفه، وخيرًا في وسيلته، وبقدر الإمكان يكون
خيرًا في نتيجته.


ونحن نتكلم عن الخير
بمعناه النسبي فقط،
أقصد بالنسبة إلى ما نستطيع
إدراكه من الخير، وما نستطيع عمله من الخير.. وأقصد الخير بقدر فهمنا البشرى
له، وبقدر طاقتنا المحدودة في ممارسته..




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org--The-Tree-of-Life

St-Takla.org Image:
Vector Art: The Tree of Life, growth

صورة في موقع الأنبا تكلا:
صورة فن الفيكتور: شجرة الحياة، النمو

لذلك فالإنسان الخير يعمل
باستمرار على توسيع طاقاته في
عمل الخير.

ولا يرضى عن الخير الذي يعمله من
أجل اتجاهه نحو خير أكبر.. وفي اشتياقه نحو اللامحدود، يشعر في أعماقه بأن هناك
آفاقًا في الخير أبعد بكثير وأوسع مما يفهمه حاليًا.


وربما بعدما نخلع هذا
الجسد المادي، وندخل في عالم
الروح.. سننظر إلى ما عملناه قبلًا من خير، فنذوب
خجلًا! ونتوارى منه حياء!! فكم بالأولى ما قد ارتكبناه من شر..؟!



لهذا فإن مستوى الخير عند
القديسين أعلى من مستواه عند البشر العاديين. ومستوى الخير عند
الملائكة أعلى
بكثير من مستواه عند البشر أجمعين. أما مستواه عند
الله، فإنه غير محدود، وغير
مدرك.. حقًا ما أعجب قول الكتاب عن الله: "إن السماء ليست طاهرة قدامه، وإلى
ملائكته ينسب حماقة"..


إن الله هو صاحب الخير
المطلق، وأعمالنا تعتبر خيرًا بقدر ما تدخل فيها يد الله
..
وبقدر ما نسلم إرادتنا لمشيئة الله الصالحة، فيعمل الله فينا، ويعمل الله بنا،
ويعمل الله معنا.. ونكون نحن مجرد أدوات طيعة في يد الله الكلية الحكمة
والكلية القداسة..


وبقدر بعدنا عن الله،
نبعد عن الخير..


يبعد الإنسان عن الخير، عندما
يعلن استقلاله عن
الله..




عندما يرفض أن يقود
الله حياته. وعندما تبدأ إرادته البشرية أن تعمل منفردة!



أما القديسون فإنهم يحيون حياة
التسليم، التسليم الكامل لعمل الله فيهم.. هؤلاء لا تكون عليهم دينونة في اليوم
الأخير.. وكأن كلا منهم يقول للرب في دالة الحب: (على أي شيء تحاكمني يا رب؟
وأنا من ذاتي لم أعمل شيئًا! كل شيء بك كان، وبغيرك لم يكن شيء مما كان.. فيك
كانت حياتي، وفي يدك استسلمت إرادتي..).


حياة الخير إذن، هي
حياة التسليم.




هي الحياة التي فيها يسلم
الإنسان نفسه لله كل فكره، وكل مشاعره، وكل إرادته، وكل عمله.. فإذا ما فكر،
يكون له فكر الله، وإذا عمل فإنما يعمل ما يريده الله، أو ما يعمله الله
بواسطته..


فهل أعمالك أيها القارئ
العزيز هي أعمال الله؟ أم هي أعمال بشرية قابلة للزلل والخطأ والسقوط..؟


والخير كالماء.. دائمًا يمشى،
ولا يقف.
.




و إن وقف، أصابه الركود!


لذلك فالخير باستمرار
يمتد إلى قدام،
وينمو ويكبر. وباستمرار يتحرك نحو الناس ونحو الله.. لا يتوقف
وينتظر مجيء الناس إليه يخطبون وده، بل هو يتجه إليهم، ويذهب دون أن يطلبوه..
ولأنه الخير، لذلك فيه عنصر المبادرة..


والخير فيه لذة.
حتى إن كان مملوءًا آلاما،
فآلامه حلوة، تريح القلب، ويجد الإنسان فيها عزاءًا..




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3


والخير لا يشترك إطلاقًا مع
الشر
، لأنه أية شركة
للنور مع الظلمة.


لذلك نحن لا نوافق إطلاقًا على
المبدأ المكيافيللى Machiavelli القائل بأن الغاية تبرر الواسطة (الوسيلة)، أي أن للغاية الخيرة يمكن
أن تكون تبريرًا للواسطة الخاطئة..!


إن وسيلة الخير ينبغي
أن تكون خيرًا مثله. والخير لا يقبل وسيلة شريرة توصل إليه. إذ كيف يجتمع
الضدان معًا؟!



فالذي يلجأ إلي
الكذب
لينقذ إنسانًا، والذي يلجأ إلي القسوة والعنف لكي ينشر بهما الحق أو ما يظنه
حقًا، والذي يلجأ إلي الرشوة لكي يحقق لنفسه خيرًا، والذي يلجأ إلي الإجهاض لكي
ينقذ فتاة، كل أولئك استخدموا وسائل شريرة لكي يصلوا بها إلي الخير أو ما يظنونه خيرًا..


ولكن لعل البعض يسأل:



ماذا نفعل إذن، إن
كنا مضطرين إلي هذه الوسائل؟!




أقول إن هذه كلها وسائل
سهلة وسريعة، يلجأ إليها الإنسان تلقائيًا دون أن يحاول أن يبذل مجهودًا للوصول
إلي الخير، دون أن يبذل تضحية، ودون أن يتعب أو يحتمل..


فالكذب مثلًا حل سريع وسهل. أما
الإنسان الحكيم الخير، فإنه يفكر ويجهد ذهنه بعيدًا عن هذه الوسيلة ويقينًا أنه
سيصل إلى وسيلة أخرى تريح ضميره..


كذلك العنف والقسوة، كلاهما حل
سهل يلجأ إليه إنسان لا يريد أن يتعب في الوصول إلي حل آخر وديع ولطيف..


إن الخير يريدك أن تتعب
لأجله..



ولا تلجأ إلي الحلول السهلة،
السريعة الخاطئة..



وبمقدار تعبك من أجل الخير، تكون
مكافأتك عند الله. وبهذا المقياس تقاس خيريتك (اقرأ مقالًا آخر عن هذا
الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. إن الحل السهل أو التصرف السهل،
يستطيعه كل إنسان. أما الذي يكد ويتعب للوصول إلي تصرف سليم، فإنه يدل على
سلامة ضميره وحبه للخير.


قال
السيد المسيح له
المجد: (أدخلوا من الباب الضيق) لأنه واسع هو الباب، ورحب هو الطريق
الذي يؤدي إلي الهلاك، وكثيرون يدخلون منه. ما أضيق الباب وأكرب الطريق، الذي
يؤدي إلى الحياة. وقليلون هم الذين يجدونه..).


إذن ينبغي أن تتعب من أجل
الخير، ينبغي أن تجد لذة في هذا التعب.




عليك أيضًا أن تفحص
الوسائل التي تستخدمها للوصول إلى الخير، وتتأكد من أنها وسائل خيرة.. لأن هناك
طرقًا رديئة قد يسلكها البعض من أجل محبتهم للخير!! وكما قال البعض: (كم من
جرائم قد ارتكبت باسم الفضيلة)!!


إن الشيطان عندما يفشل
في إقناعك بطريق الشر، ويجدك مصرًا على
طريق الخير، حينئذ يقول لك: "خذني
معك"..!



وهكذا قد تسير في طريق الخير،
ويسير معك الشيطان، ويرشدك في الطريق ويوجهك، ويقدم لك الوسائل، والخطط،
والحلول..!!


والشيطان حينما يفقد
السيطرة على الهدف أو على نوع العمل، قد يقنع بالسيطرة على الوسيلة.




أما أنت أيها القارئ المبارك،
فلا تترك للشيطان شيئًا فيك، ولا تدخله معك في خططك ومشروعاتك الخيرة، ولا
تجعله يكسب أية جولة في صراعه معك..


واطلب من الله أن تكون نتائج
عملك خيرًا أيضًا.



ولا
شك أنك قد لا تستطيع أحيانًا أن تتحكم في النتائج. وقد تتدخل في الأمر عوامل
شريرة خارجة عن إرادتك، محاولة أن تفسد نتائج مجهوداتك الخيرة..


إنك كما تجاهد بكل قوتك في أن
تعمل الخير، كذلك فإن
الشيطان يعمل بكل قوته لكيما يعرقل عملك.. ولكن لا
تيأس،
فإن الله موجود..


لهذا قلت إن العمل الخير،
تكون نتائجه -بقدر الإمكان- خيرًا أيضًا..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:38 am

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





4- مقياس الطول
ومقياس العمق (روحانية العبادة)









أود في هذا المقال أن
أحدثكم عن روحانية العبادة لكي يختبر
الإنسان مقدار درجته في العبادة، هناك مقياسان:




أما مقياس الطول، فهو
مقدار الوقت الذي يقضيه الإنسان مع الله في
كافة نواحي العبادة: في
الصلاة،
في التأمل، في
الترتيل، في
الألحان، في
التسبيح، في
القراءات الروحية..



في مقياس الطول لا أريد أن
أحداثك عن الدرجات الروحية العالية لئلا تقع في اليأس.
لا أريد أن أحدثك عن
حياة



الصلاة الدائمة فربما لا يكون هذا هو طريقك في الحياة، وقد تكون هذه من درجات النساك
العابدين. ولا أريد أن أحدثك عن تدريب صلب العقل الذي سار فيه القديس مقاريوس
الإسكندري، ولا عن حالات اختطاف الفكر، ولا عن تدريب خلط كل عمل من أعمال
الحياة بالصلاة.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Art-by-Xavier-Valls


St-Takla.org Image: Art by Xavier Valls

صورة في
موقع الأنبا تكلا: للفنان زافير فالز
ولا أريد أن أحدثك عن
أمثال القديس أرسانيوس الذي كان يقف للصلاة وقت الغروب والشمس وراءه، ويظل
واقفًا مصليًا حتى تطلع الشمس أمامه مقضيًا الليل كله في الصلاة..



ولكني أحب أن أسألك كم
تعطى الله من وقتك؟ وكم تعطى لأمور العالم من
وقتك؟ وهل هي نسبة عادلة؟ وهل الوقت الذي تقضيه في العبادة كاف لغذاء
روحك؟


هناك إنسان يزعم أنه
يصلى كل يوم. وقد يكون مجموع صلواته في اليوم بضع دقائق، لا تشبع روحه ولا
تشعره بالصلة بالله..


وقد يقف إنسان ليصلى، وسرعان ما
يشعر بالسأم والملل، ويحب أن ينهى صلاته بأية طريقة كما لو كان عبئًا ثقيلًا
عليه!! ذلك لأن قلبه جاف من الداخل ليست فيه محبة
الله..


وقد يعتذر إنسان عن
الصلاة بضيق
الوقت. وقد يكون السبب الحقيقي هو عدم وجود الرغبة وليس عدم وجود
الوقت!


إن أكبر رد على مثل هذا الإنسان
هو داود النبي الذي كان ملكًا، وقائدًا للجيش، ورب أسرة كبيرة جدًا، ومع ذلك
نراه يصلى "عشية وباكر ووقت الظهر". ويقول لله: "سبع مرات في النهار
سبحتك على أحكام عدلك".. ولا يكتفي بالنهار بل يقول أيضا: "في نصف الليل نهضت
لأشكرك على أحكام عدلك". ولا يكتفي بالليل بل يقول: "كنت أذكرك على فراشي، وفي
أوقات الأسحار كنت أرتل لك". ولا ينهض فقط في وقت السحر بل يقول للرب: "سبقت
عيناي وقت السحر، لأتلو في جميع أقوالك
ومع كل صلوات الليل هذه، نراه يقول في شوق إلى الله: "يا
الله أنت ألهي، إليك أبكر، عطشت نفسي إليك"..


وفى النهار يقول: "محبوب هو أسمك
يا رب، فهو طول النهار تلاوتي"..


إنه مثل جميل، لرجل من
رجال الصلاة، كان مشغولًا جدًا، وعليه مسئوليات وأعباء لا حصر لها،
ومع ذلك نجح في عمل الصلاة، وضرب مثالًا رائعًا لمقياس
الطول في العبادة.. فلا يصح إذن أن نعتذر بالمشغوليات. لأننا إن آمنا بأهمية
أمر من الأمور، نستطيع أن نوجد له وقتًا. المشكلة إذن في عدم وجود الرغبة.


وقد يكون السبب هو عدم
الإحساس بالاحتياج إلى الصلاة..
مثال ذلك الشاب الذي زارني في
إحدى المرات وقال لي: "إن شاء الله ستبدأ امتحاناتي يوم السبت، فأرجوك أن
تذكرني في صلواتك يوم الأربعاء لأنها مادة صعبة". فقلت له: (وماذا عن امتحان
يوم السبت؟). فأجاب: "إنها مادة سهله لا تحتاج إلى صلاة"..! نعم، ما أكثر تلك
الأمور التي نراها لا تحتاج إلى صلاة.. إنها الثقة بالنفس أو بالظروف المحيطة
أو ببعض المعونات البشرية، التي تجعلنا نشعر أننا لسنا في حاجة إلى صلاة..
كأننا ننتظر الوقت الذي يسمح فيه الله بضيقة أو مشكلة، وحينئذ فقط نصلى!!


أعود إلى سؤالي: ماذا عن
مقياس الطول في حياتك الروحية؟ وهل أنت من جهة وقت العبادة في نمو مستمر؟


أما عن مقياس العمق
فهو حالة القلب أثناء العبادة..
فقد يصلى إنسان وقتًا طويلًا
ولكن في غير عمق.. بصلوات سطحية أو بصلوات من العقل فقط أو من الشفتين وليست من
القلب، أو بصلوات من عقل غير مركز يطيش أثناء الصلاة في العالميات..!


إن مقياس العمق في
الصلاة يجعلنا نسأل الأسئلة الآتية:


هل صلواتك بحرارة؟ وهل هي
بإيمان؟ وهل هي بحب وشوق نحو الله؟ وهل صلواتك في انسحاق وتواضع قلب؟ وهل هي في
خشوع وهيبة شديدة لله؟ وهل هي في تركيز وجمع للعقل؟ وهل صلواتك تشعر فيها
بالصلة الحقيقية أمام الله كما لو كان قائمًا أمامك تخاطبه وجهًا لوجه (اقرأ
مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة
والمقالات)؟ وهل هي
من القلب حقًا أم من الشفتين فقط؟ وهل تتكلم فيها مع الله بدالة وثقة؟ وهل أنت
تجد لذة في صلاتك وتتمنى لو استمرت معك كل الوقت أم أنك تؤدى فرضًا لابد أن
تؤديه؟ وهل صلواتك من أجل نفسك فقط أم من أجل الآخرين أيضًا؟ وهل صلاتك هي لله
وحده أم فيها عناصر الرياء
ومحبة الظهور أمام الناس..


إنها أسئلة كثيرة إن أجبت
عليها تعرف مقدار العمق الذي لك في عبادتك..


ويدخل في مقياس العمق نوعية
الصلاة أيضًا.. فهل
صلاتك مجرد طلب، أم فيها أيضًا عنصر
الشكر، وعنصر التسبيح والتمجيد، وعنصر
التوبة
والانسحاق والاعتراف بالخطية..


ثم أيضًا هل صلاتك بفهم؟


هل تعنى كل كلمة تقولها لله؟ وهل
تفهم معاني الألفاظ التي ترددها وبخاصة في الصلوات المحفوظة وفي
المزامير؟


ويبقى بعد كل هذا أن
نسأل: هل أنت حقًا تصلى؟ هل ينطبق عليك مقياس
العمق؟ هل تشعر أن صلواتك قد وصلت فعلًا إلى الله؟ وهل تشعر أنه قبلها، وأنك
مطمئنًا واثقًا أن الله سيعمل معك عملًا..


وهل في صلاتك تشعر أنك حفنة
من تراب تحدث خالق الكون العظيم،
فتقف أمامه في خشوع تشكره على
الشرف الذي منحك إياه إذ سمح لك أن تقف أمامه..


إن قست نفسك بهذين
المقياسين، مقياس الطول ومقياس العمق، ووجدت نفسك لم تبدأ بعد حياة العبادة،
فنصيحتي لك أن تبدأ من الآن، وأن
تحسن حالتك يومًا بعد يوم.. ولا تنهمك في أمور العالم الانهماك الذي يجفف قلبك
ويقسي روحك ويجعلك تنظر إلى أمور العبادة بعدم اكتراث!!


أيها القاري العزيز، ضع
أمامك على الدوام قول السيد المسيح: "ماذا يستفيد الإنسان لو ربح العالم كله
وخسر نفسه؟! أو ماذا يعطى عوضًا عن نفسه
"؟!..
اهتم إذن بنفسك واحرص على
أبديتك. ولتكن لك علاقة عميقة بالله. وان وجدت صعوبة
في بداية الطريق
فلا
تيأس. وان حاربك الشيطان فقاومه، واثبت في عبادتك. وسيأتي
الوقت الذي تذوق فيه جمال الحياة الروحية فتجدها شهية وممتعة، فتأسف على الأيام
التي ضاعت عبثًا من حياتك. ابدأ في عمل الصلاة، وفي صلاتك اذكر ضعفي. وليكن
الرب معك يقويك على عمل مرضاته..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:39 am














كتب قبطية





كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





5- بين السرعة
والبطء









هل الصالح الإسراع في
العمل أم البطء فيه؟ انه سؤال حير
الكثيرين، وتعددت فيه الآراء، وتناقضت،
وبقى الناس حائرين بين السرعة
والبطء.




نسمع أحد الشعراء يشجع على
التروي والتأني فيقول:


قد يدرك التأني بعض حاجته
وقد يكون مع المستعجل
الزلل


ولكن هذا الكلام لا يعجب شاعرًا
آخر فيرد عليه قائلًا:


وكم أضر ببعض الناس
بطؤهمو
وكان خيرًا لهم لو أنهم
عجلوا


وهكذا بقى الأمر كما هو، موضع
حيرة: هل نبت في الأمر بسرعة، أم نتأنى ونتروى.. فما هو الحل؟


لا شك أن كثيرًا من
الأمور لا يمكن أن تقبل التباطؤ. وقد يكون البطء فيها مجالًا للخطر والخطأ،
ويحسن فيها الحزم والبت السريع.








كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___The-Tortoise-and-the-Hare

St-Takla.org Image:
The Tortoise and the Hare (Rabbit) catroon
صورة في موقع الأنبا تكلا:
السلحفاة و الأرنب - كارتون
فمثلًا لا يصح أن
يتباطأ إنسان في
التوبه.
لأن كل وقت يمر عليه في
الخطيئة، إنما يزيد عبوديته لها.


و يحول الخطأ إلى عادة، وقد يحول
العادة إلى طبيعة. وربما يحاول الخاطئ أن ينحل من رباط شهواته فلا
يستطيع، أو قد يستطيع أخيرًا بمرارة وصعوبة وبعد جهاد مميت. كل ذلك لأنه أبطأ
في توبته وفي معالجة أخطائه..


وبالمثل فإن التباطؤ في
معاجلة
الأمراض الجسدانية، قد ينقلها إلى مراحل من الخطر يصعب فيها علاجها
أو يستحيل.. وبالمثل في مسائل التربية، حيث يؤدى التباطؤ في تقويم
الطفل أو
الشاب إلى إفساده.


وقد صدق الشاعر الذي قال:


إن الغصون إذا قومتها اعتدلت
و لا يلين -إذا قومته-
الخشب


هناك إذن مواقف تحتاج
إلى بت سريع وإلى حزم قبل أن تتطور إلى أسوأ، وقبل
أن يسبق السيف العزل.. وربما تحتاج إلى تصرف قد يكون مؤلمًا، ولكنه يكون
لازمًا وحاسمًا بقدر ما يكون سريعًا وحازمًا. وهناك علاقات ضارة وصداقات
معثرة ينبغي أن تؤخذ من أولها بحزم. كذلك قد توجد اتجاهات فكرية مخزية، أو
اتجاهات سلوكية منحرفة، إن لم يسرع المجتمع في التخلص منها، فقد تقاسى هذا
التباطؤ أجيال وأجيال..


ومع هذا الفضل الذي ننسبه
إلى السرعة، هناك مواقف كثيرة تحتاج إلى التباطؤ وإلى التأني والتروي، ويتلفها
الإسراع أو الاندفاع.


فمتى يصلح التباطؤ
إذن؟


من النصائح الجميلة في
الكتاب
المقدس، قول الوحي الإلهي: "ليكن كل إنسان مسرعًا في الاستماع، مبطئًا في
التكلم، مبطئًا في
الغضب. لأن غضب الإنسان لا يصنع بر
الله".


نعم إن التباطؤ في
الغضب فضيلة عظمى.
فإن الذي يسرع به الغضب، قد يصل
إلى الاندفاع، وفي اندفاعه قد يفقد سيطرته على أعصابه، أو قد يفقد سيطرته على
تفكيره.. وهكذا يخطئ..


لذلك حاذر من أن تأخذ
قرارًا حاسمًا في ساعة غضبك،
لئلا بذلك تضر نفسك أو تضر
غيرك (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم
الأسئلة والمقالات).. إنما تحاول أن تهدئ نفسك أولًا.. ثم بعد ذلك فكر وأنت في حالة هدوء.. أو
ببطء في الموضوع وأجل الأمر إلى أن تهدأ. إن القرارات السريعة التي تصدر في
حالة غضب، تكون في غالبيتها عرضة للخطأ.


قد يطلق إنسان
امرأته،
إن أسرع باتخاذ قرار في ساعة غضب..
وقد يفقد أعز
أصدقائه، وقد يتخلى
عن عمله، بل قد يهاجر أيضًا من وطنه، كل ذلك لأنه أخذ قرارًا سريعًا في ساعة
انفعال، ولم يتباطأ، ولم يؤجل الموضوع إلى أن يهدأ.


بل
قد ينتحر إنسان
ويفقد حياته، لأنه أسرع باتخاذ قرار في ساعة انفعال،
أو قد يسرع بقتل غيره، أو يأخذ ثأره، كل ذلك في ساعة
انفعال.. لذلك أمر الله أن يكون الشخص منا بطيئًا في غضبه.. لا يغضب بسرعة. وإن
غضب لا يقرر شيئًا بسرعة..


وإن قرر إنسان شيئًا بسرعة،
فلا مانع من أن يرجع في قراره.
وقد يظن البعض أنه ليس من
الرجولة ولا من حسن السمعة أن يرجع إنسان في كلمته، أو يلغى قرارًا له. ولكن
الحكمة تقتضي منا أن يراجع الإنسان نفسه فيما اتخذه من قرارات سريعة..




اترك القيادة لعقلك،
لا لأعصابك.
إن أسرعت في التصرف في حالة انفعال، تكون مقادًا بأعصابك لا بعقلك، وفي هذا خطر
عليك وعلى غيرك.




وحاذر من أن تكتب رسالة إلى
غيرك في ساعة غضب، لأنك ستندم على ما كتبته ويؤخذ وثيقة ضدك..
وإن لم تستطع أن تقاوم نفسك،
وكتبت مثل هذه الرسالة، فنصيحتي لك أن تتباطأ في إرسالها. اتركها في مكتبك
يومين أو ثلاثة، ثم عاود قراءتها مرة أخرى، فستجد أنها تحتاج إلى تعديل وتغيير
أو تجد أنك استغنيت عنها ولم تعد تتحمس لإرسالها..




أن التباطؤ في الغضب
قد يصرفه..
الغضب يحركه شيطان سريع الحركة، والتباطؤ يشل حركته ويوقفه عن العمل.. فإن دخلت
في نقاش أدى بك إلى الغضب، أجله لوقت آخر، حتى تهدأ..




كذلك البطء في التكلم نافع
ومفيد.. استمع كثيرًا
قبل أن
تتكلم.. حاول أن تفهم غيرك.. حاول أن تلم بالموضوع إلمامًا كاملًا. أعط
نفسك بهذا البطء فرصة لمعرفة ما ينبغي أن تقوله. وهكذا يكون كلامك عن دراسة،
وبروية
وهدوء، فلا تخطئ.




وأن تكلمت فليكن
كلماتك هادئة.. لا تسرع في حديثك، بل تخير ألفاظك. زنها جيدًا بميزان دقيق قبل
أن تلفظها. وأن تلفظها. وإن وجدت عبارة منها غير مناسبة، أبدلها بغيرها.. وهذا
لايتأتى لك
إلا إذا كنت مبطئًا في التكلم، غير مندفع فيه.




إن الكلمة الخاطئة
التي تقولها، لا تستطيع أن تسترجعها مرة أخرى.
لقد خرجت من فمك وانتهى الأمر، ووصلت إلى آذان سامعيك، وتسجلت، وحسبت عليك..
ربما يمكنك أن تعتذر عنها، أو تندم عليها، ولكن لا يمكنك أن تسترجعها داخل فمك.
لقد حسبت عليك.. لذلك تباطأ في كلامك..


إن العربة المندفعة
بسرعة هائلة، لا تستطيع أن تقف فجأة، أو تغير اتجاهها وهى مسرعة،
كذلك المسرع في
كلامه: ربما لا يمكنه أن يغير أسلوبه فجأة إن أحس بخطئه، وقد لا يحس.. أما الذي
يبطئ في كلامه ويتخير ألفاظه، فما أسهل عليه أن يعدل أسلوبه إن شعر بخطأ..



الهادئ في كلامه
يناقش الفكرة قبل أن يتكلم بها. أما المسرع في حديثه، فيقول الفكرة ثم يناقشها بعد
ذلك، وقد تكون
خاطئة! وقد يضطر إلى أن يسحب فكرته، أو يتنازل عنها، أو يعترف بخطئها. وقد
يصيبه حرج في كل ذلك بسبب إسراعه..


وكما ينفع البطء في
الغضب والكلام، كذلك ينفع البطء في إصدار الأحكام.
لا تحكم بسرعة. ولا تصدق كل ما يقال. ولا تقبل وشاية أو
دسيسة ضد إنسان. إنما فكر كثيرًا، ولا تصدر حكمك إلا بعد مزيد من التروي
والفحص، فهناك أخبار ربما تصلك من أصدقائك أو من أبنائك أو من مرؤوسيك أو من
رؤسائك، أو من مصادر غير موثوق بها، لذلك تباطأ في حكمك.


و مما ينفع فيه البطء أيضًا،
البطء في الرغبات..
إذا أتتك رغبة، فلا تسرع في تنفيذها، لأنك لا تضمن فربما تكون من الشيطان. وأن
كانت رغبة مقدسة، فلا تلهبك السرعة إليها لأن السرعة تورث القلق واللهفة
والاضطراب وتوقعك في تعب الانتظار..


اطرح رغبتك بين يدي
الله، وهو
سيختار لها الموعد المناسب بحكمته الإلهية. وفي بطء رغباتك تعلم الصبر. وانتظر
الرب.. وإذا طلبت من أحد شيئًا، فلا تلح عليه الحاحًا أن ينفذ بسرعة، لئلا
يتضايق منك، ولئلا تكون هناك عوائق أمامه تحتاج إلى وقت وأنت لا تدرى.



كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3




المقال مع بعض التعديلات نُشِر في وقتٍ لاحق



بين السرعة
والبطء



نحن في زمن يتميز بالسرعة. كل ما فيه سريع: توجد سرعة في
تلاحق الأحداث. وسرعة في تناقل الأخبار. وسرعة نتيجة للمخترعات الحديثة مثل
الإنترنت. والفاكس وال Mobile Phone. والكمبيوتر. وحتى في الطيران وُجدت السرعة
التي توصل إلي القمر والمريخ. وسرعة طائرات الـConcorde. وفي الماكينات توجد
سرعة: سرعة في الإنتاج. وسرعة في المطابع وفي استخدام الآلة الكاتبة.

وكثيرون جرفهم تيار السرعة في كل مجالات حياتهم. ونتيجة لكل ذلك. يقف البعض
أمام سؤال هام: هل من الصالح الإسراع أم البطء. والبعض يقول هناك فرق بين
السرعة والتسرع. وبين البطء والتباطؤ..!

والسؤال مازال موضع حوار. ونود هنا أن نوضحه...


كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



نقرأ لأحد الشعراء يشجع علي التروي والتأني فيقول:

قد يدرك المتأني بعض حاجته .. وقد يكون مع المستعجلِ الزللُ

ولكن هذا الرأي لا يعجب شاعرًا آخر. فيرد عليه قائلًا:

وكم أضر ببعض الناس بطؤهمو .. وكان خيرًا لهم لو أنهم عجلوا

وهكذا بقي الأمر كما هو موضع حيرة: هل نبتّ في أمر بسرعة. أم من الأفضل التأني
والتروي؟ ... فما هو الحل؟

لا شك أن كثيرًا من الأمور لا يمكن أن تقبل التباطؤ

وقد يكون البطء فيها مجالًا للخطر والخطأ. ويحسن فيها الحزم والبتّ السريع..
وسنضرب لذلك أمثلة:


كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



فمثلًا لا يصح أن يتباطأ إنسان في
التوبة:

لأن كل وقت يمر عليه في الخطيئة. إنما يزيد عبوديته لها. ويحوّل الخطأ إلي
عادة. وقد يحوّل

العادة إلي طبع. وربما يحاول الخاطئ فيما بعد. أن ينحل من رباطات شهواته
فلا يستطيع. أو قد يستطيع أخيرًا بمرارة وصعوبة وبعد جهاد مميت. وكل ذلك لأنه
أبطأ في التوبة وفي معالجة أخطائه..

فالذي يتباطأ في إقلاعه عن التدخين أو

شرب الخمر. قد يتحول كل منها إلي إدمان يجاهد في علاجه إن جاهد ويصعب الأمر
عليه...


كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



وبالمثل التباطؤ في معالجة الأمراض الجسدية والروحية:

فالمرض إذا تباطأنا في علاجه. قد ينتقل إلي مراحل من الخطأ يصعب فيها العلاج أو
يستحيل. وبالمثل في وسائل التربية. حيث يؤدي التباطؤ في تقويم الطفل أو الشاب
إلي إفساده. وصدق الشاعر الذي قال:

إن الغصون إذا قوّمتها اعتدلت .. ولا يلين إذا قوّمته الخشبُ

سهل عليك أن تصلح تصرفًا سيئًا في طفل. فإذا شبّ علي ذلك وكبر. يكون من الصعب
معالجة ذلك فيه. وقد تحوّل إلي عادة أو طبع.


كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



المسائل التي قد تتحول إلي خطر. تصلح لها السرعة بل تجب:

كإسعاف مريض. أو إنقاذ غريق. أو إطفاء حريق...

لذلك فسيارات الإسعاف. وسيارات المطافئ. يُفسح لها الطريق لتسير بسرعة. حتى لو
أدّي الأمر إلي مخالفة إشارة المرور. لأن سرعتها لازمة لإنقاذ نفس إنسان أو عدة
نفوس. وفي بعض بلاد الغرب يُوجد لها طريق جانبي يسمي Shoulder تجتازه بحرية
(اقرأ مقالًا آخر عن
هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).
وكذلك بعض سيارات الشرطة..

أما باقي السيارات فالسرعة الزائدة فيها خطأ. وهو ضد قواعد المرور.

ولذلك فإن صاحب السيارة قد يقول للسائق ذلك المثل "امشِ علي مهلك. لكي نصل
بسرعة"! أي لكي نصل بدون حوادث تعطلنا...


كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3


أيضا هناك مواقف تُمتدح فيها السرعة. وكأنها فضائل أو مزايا:

مثل السرعة في الفهم. وسرعة البديهة في الرد السليم. والسرعة في الطاعة.
والسرعة في التشهيلات وتيسير الأمور. والسرعة في التصرف قبل فوات الفرصة. وكذلك
السرعة في التصالح. والسرعة في تنفيذ الوعود. والسرعة في الوفاء بالنذر. وفي رد
الديون. وما أشبه...

كذلك السرعة التي فيها حزم وَبتّ سريع. قبل أن تتطور الأمور إلي أسوأ. وقبل أن
يسبق السيف العزل. ومثل هذا الحزم يحتاج إلي تصرف سريع قد يكون مؤلمًا. ولكنه
في نفس الوقت يكون لازمًا وحاسمًا. بقدر ما يكون سريعًا وحازمًا...

وهناك علاقات ضارة. وصداقات معثرة. ينبغي أن تؤخذ من بادئ الأمر بحزم. كذلك قد
توجد اتجاهات فكرية مخربة. أو اتجاهات سلوكية منحرفة: إن لم يسرع المجتمع في
التخلص منها. فقد تقاسي من التباطؤ في علاجها أجيال وأجيال...


كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3


كذلك من الأمور التي تلزمها السرعة: الإغاثة.

سواء إغاثة الفرد المحتاج. أو إغاثة المجتمع بالإصلاح المنشود.. ومنها السرعة
في نظر الشكاوى. والسرعة في إنصاف المظلوم. والسرعة في إعطاء كل ذي حق حقه.
والبعد في الإدارة عن أمور الروتين. وعدم ترك صاحب الطلب ينتظر طويلا حتى يُنظر
في أمره..

وقد كتب في أمثال سليمان الحكيم "لا تمنع الخير عن أهله. حين يكون في طاقة يدك
أن تفعله. لا تقل لصاحبك اذهب وتعالَ غدًا لأعطيك. وطلبه موجود عندك"... بل إن
المرتل يصلي في

المزمور ويقول "اللهم التفت إلي معونتي. أسرع وأعني". ويطلب السرعة في
الاستجابة.


كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



تكلمنا عن المجالات التي تلزم فيها السرعة. ونتحدث الآن عن المجالات التي يحسن
فيها التأني والتروي. فنقول.

ليست أفضل الحلول هي أكثرها سرعة. إنما أفضلها هي أكثرها إتقانًا..

فالسرعة ليست هي مقياس الأفضلية. إنما الأفضلية في الإتقان.. ولنأخذ مثالًا
لذلك في الكلام والغضب. إذ يقول الكتاب المقدس: "ليكن كل إنسان مسرعًا إلي
الاستماع. مبطئًا في التكلم. مبطئًا في

الغضب. لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله". حقًا. إن التباطؤ في الغضب هو
فضيلة سامية. لأن الذي يُسرع إلي الغضب. قد يصل إلي الاندفاع. وفي اندفاعه قد
يفقد سيطرته علي أعصابه. بل قد يفقد السيطرة علي سلامة تفكيره أيضًا. فيخطئ...


كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3


لذلك احذر من أن تأخذ قرارًا حاسمًا في ساعة غضبك...

لئلا بذلك تضر نفسك. أو تضر غيرك... إنما حاول أن تهدئ نفسك أولًا. ثم بعد ذلك
فكرّ وأنت في حالة هدوء... أو تباطأ وأجّل الموضوع إلي أن تهدأ... فالقرارات
السريعة التي تصدر في حالة غضب. تكون في غالبيتها عرضة للخطأ.

أما التباطؤ فيعطي فرصة للتفكير والدراسة والفحص...

قد يطلق إنسان امرأته. إن أسرع باتخاذ القرار في ساعة غضب!

وقد يفقد أعز أصدقائه. وقد يتخلى عن عمله. وربما يهاجر من وطنه.. كل ذلك لأنه
أخذ قرارًا سريعًا في ساعة انفعال..


كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3




المقال مع بعض التعديلات نُشِر في وقتٍ لاحق
في جريدة الأهرام يوم 20 نوفمبر 2011








ما بين السرعة والبطء





هل من
الصالح السرعة في العمل أم البطء فيه؟ إنه سؤال حير الكثيرين‏,‏ وتعددت فيه
الآراء وتناقضت‏,‏ وبقي الناس حائرين‏.‏ فنسمع أحد الشعراء يشجع علي التروي
والتأني وهو مرحلة ما بين السرعة والبطء فيقول‏.


قد يدرك المتأني بعض حاجته
وقد يكون مع المستعجل الذلل


ولكن هذا الكلام لا يعجب شاعرًا آخر
فيرد عليه قائلًا:


وكم اضر ببعض الناس بطؤهم
وكان خيرا لهم ولو أنهم عجلوا


وهكذا بقي الأمر كما هو موضع حيرة: هل
نبت في الأمر بسرعة؟ أم نتأنى ونتروى؟ فما هو الحل؟!


ولاشك أن كثير من الأمور لا يمكن أن
تقبل التباطؤ. وقد يكون البطء فيها مجالا للخطر والخطأ. ويحسن فيها البت
السريع.


فمثلا التباطؤ في معالجة بعض

الأمراض الجسدية, قد ينقلها إلي مراحل من الخطر, يصعب فيها علاجها أو
يستحيل... وبالمثل في مسائل التربية. حيث يؤدي التباطؤ في تقويم الطفل أو الشاب
إلي إفساده بينما لو عولج في طفولته بالهداية لكان الأمر سهلا مثل

غصن الشجرة الذي يمكن عدله في بادئ الأمر, أما إذا تقادم فإنه يتخشب ويصعب
تعديله.


وفي ذلك قال الشاعر:


إن الغصون إذا قومتها اعتدلت
ولا يلين إذا قومته الخشب








كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___The-Tortoise-and-the-Hare

St-Takla.org Image:
The Tortoise and the Hare (Rabbit) catroon
صورة في موقع الأنبا تكلا:
السلحفاة و الأرنب - كارتون

وعلي ذلك لا يصح أن يتباطأ إنسان في

التوبة. لأن كل أمر يمر عليه في الخطيئة, إنما يزيد استعبادها له. فيتحول
الخطأ إلي عادة. وقد تتحول العادة إلي طبع. وحينئذ قد يحاول الخاطئ أن ينحل من
رباط خطيئته أو شهوته فلا يستطيع. أو قد يستطيع بنعمة الله أن ينحل من هذه
الرباطات بعد مدة, ولكن بمرارة وصعوبة, وبعد جهاد مميت... كل ذلك لأنه تباطأ في
توبته وفي معالجة أخطائه.


هناك إذا مواقف تحتاج إلي بت سريع وإلي
حزم, قبل أن تتطور إلي أسوأ, وقبل أن يسبق السيف العزل. وبعض التصرف السريع قد
يكون مؤلمًا, ولكن يكون لازما بقدر ما يكون سريعا وحاسما. وهناك علاقات ضارة
وصداقات معثرة, ينبغي أن تؤخذ من أولها بحزم. كما قد توجد اتجاهات فكرية مخربة,
أو اتجاهات سلوكية منحرفة. إن لم يسرع المجتمع في التخلص منها, فقد تقاسي من
هذا التباطؤ أجيال وأجيال... ومن الناحية الأخرى هناك مواقف عكسية كثيرة تحتاج
إلي التأني, ويتلفها الإسراع أو الاندفاع.


فمتي يصلح التباطؤ إذن؟


يعجبني ذلك القول الحكيم: 'ليكن كل
إنسان مسرعًا إلي الاستماع, مبطئا في التكلم, مبطئا في الغضب. لأن غضب الإنسان
لا يصنع بر الله'، ونص الآية هو: "لِيَكُنْ
كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِي التَّكَلُّمِ،
مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ. لأَنَّ غَضَبَ
الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللهِ"
(رسالة
يعقوب 1: 19، 20)
... نعم إن التباطؤ في الغضب فضيلة
كبيرة. فإن الإنسان سريع الغضب, قد يصل به الغضب إلي الاندفاع. وفي اندفاعه قد
يفقد سيطرته علي أعصابه, أو قد يفقد سيطرته علي لسانه, ويقع في أخطاء كثيرة...


لذلك احذر من أن تأخذ قرارًا حاسمًا في
ساعة غضبك. لئلا تضر نفسك أو تضر غيرك. إنما حاول أن تهدئ نفسك أولًا. ثم بعد
ذلك فكر وأنت في حالة هدوء، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في

موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.

أو تباطأ في الوضع أو أجل
الأمر إلي أن تهدأ. فإن القرارات السريعة التي تصدر في حالة غضب, قد تكون
غالبيتها عرضة للخطأ.


قد يطلق إنسان امرأته, إن أسرع باتخاذ
قرار في ساعة غضب. وقد يفقد أعز

أصدقائه,
وقد يتخلى عن عمله, بل قد يهاجر أيضا من وطنه... كل ذلك لأنه أخذ قرارا سريعا
في ساعة انفعال, دون أن يتباطأ ويفكر, ودون أن يؤجل الموضوع إلي أن يهدأ.


بل قد ينتحر إنسان ويفقد حياته, لأنه
أسرع باتخاذ قرار ساعة انفعال! أو قد يسرع بقتل غيره آخذا بثأره منه. كل ذلك في
ساعة انفعال. لذلك من الخير أن يكون الإنسان مبطئا في غضبه. وإذا غضب لا يقرر
شيئًا بسرعة.


وإذا قرر إنسان شيئًا بسرعة, فلا مانع
من أن يرجع في قراره. أو قد يظن البعض أن الرجوع في القرار حينئذ, ليس هو من
الرجولة أو من حسن السمعة... ولكن الحكمة تقتدي منا أن يراجع الإنسان نفسه فيما
اتخذه من قرارات سريعة.


اترك القيادة لعقلك لا لأعصابك. وإن
أسرعت في التصرف في حالة انفعال, تكون وقتذاك منقادا بأعصابك لا بعقلك. وهذا
خطر عليك وعلي غيرك.


أحذر أيضا من أن تكتب رسالة إلي غيرك في
ساعة غضب. لأنك ستندم علي ما كتبته, ويؤخذ وثيقة ضدك. فإن لم تستطع أن تقاوم
نفسك وكتبت مثل هذه الرسالة, فنصيحتي لك أن تتباطأ في إرسالها. أتركها علي
مكتبك يومين أو ثلاثة. ثم عاود قراءتها مرة أخري. فستجد أنها تحتاج إلي تعديل
وتغيير, أو قد تجد أنك قد استغنيت عنها ولم تعد تتحمس لإرسالها.


إن التباطؤ في الغضب قد يصرفه. كذلك
البطء في التكلم نافع ومفيد. استمع كثيرًا قبل أن تتكلم. حاول أن تفهم غيرك, أو
أن تلم بالموضوع إلماما كاملا. وأعط نفسك فرصة للتفكير ولمعرفة ما ينبغي أن
تقوله. حينئذ يكون كلامك عن دراسة وبهدوء فلا تخطئ. إن الكلمة الخاطئة التي
تقولها, لا تستطيع أن تسترجعها مرة أخري, فقد تسجلت وحسبت عليك.


علي أن الإنسان يجب أن يكون مسرعًا في

التوبة. ويجب أن يكون مسرعا في إنقاذ غيره. فأنت لا تستطيع مطلقا أن تبطئ
في إنقاذ غريق, كما لا يستطيع المجتمع أن يبطئ في إنقاذ من هم في حريق. ولذلك
فإن عربات الإسعاف, وعربات إطفاء الحرائق لها في غالبية البلاد وضع آخر في حركة
المرور. فحياة الناس والحفاظ عليها, لا يصح لها الإبطاء أبدًا.


كذلك في أمور الإدارة, هناك موضوعات
لابد من الحزم فيها بسرعة قبل أن تتحول الشكوى إلي تمرد, ويتحول التمرد إلي
مظاهرات وإلي مشاحنات وما لا يليق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:40 am

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





6- أنصاف
الحقائق








هناك موضوع معين يتسبب
في كثير من
المشاكل، وفي كثير من
الخصومات ويخلق جوًا من النزاع، ومن سوء
التفاهم بين الناس..


ليتنا نحلل هذا الموضوع لكي
نصل إلى حله..


إنه مشكلة أنصاف الحقائق.



إن الحقيقة هي كل
متكامل، وليست جزءًا قائمًا بذاته. وأنصاف الحقائق ليست كلها حقائق..



و كثير من الناس يشوهون الحقيقة،
ولا يقدمون لها صورة سليمة، بسبب استخدامهم أنصاف الحقائق..






كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Half-Truth-Arabic

St-Takla.org Image:
Half of the truth
صورة في موقع الأنبا تكلا:
نصف الحقيقة، أنصاف الحقائق
وفى كل قضية تقدم إلى المحاكم،
كل طرف من المتنازعين يقدم نصفًا للحقيقة، يصورها تصويرًا خاصًا، ويقدم الطرف
الآخر النصف الآخر، ولا تظهر الحقيقة إلا باجتماع النصفين معًا.


لأن الذي يقدم نصف
الحقيقة لا يكون منصفًا. فتقديم الأنصاف ليس فيه إنصاف..




قد تشرح إساءة الناس إليك، دون أن
تشرح الأسباب التي دفعتهم إلى هذه الإساءة، وتكون في حديثك عن إساءاتهم، مهما
كان كلامك صادقًا، مجرد معبر عن نصف الحقيقة. وعندما تجلس إليهم وتناقشهم
في اتهاماتك لهم، ويدافعون عن أنفسهم، حينئذ يقدمون لنا النصف الآخر من الحقيقة
الذي لم تذكره أنت.


ليتك كلما تتهم
إنسانًا، تنصفه أيضًا بأن تذكر النصف الآخر من الحقيقة الذي يدافع به هو عن
نفسه.




ففي دفاعك نوع من النبل ومن محبة
الحق، ومن الإنصاف.. وليتك تدافع عنه أمام نفسك قبل أن تتهمه، فربما هذا الدفاع
يمنعك من الاتهام..


كثيرًا ما سمعت زوجات
وأزواجًا في مشاكل عائلية قد تتطور إلى طلاق، فأسمع أنصاف حقائق. استمع إلى
الزوجة فتشعرني بأن زوجها وحش كاسر، قاسى الطبع سيئ المعاملة، واستمع إلى
الزوج، فيشعرني بأن الزوجة مستهترة أو مقصرة في واجباتها. ويندر أن يذكر واحد
من الطرفين حجج الآخر..


وبسبب أنصاف الحقائق قد يحدث
سوء تفاهم بين الناس. وسنضرب لذلك أمثلة..
قد يشكو ابن من أن والده لا
يقوم
باحتياجاته ولوازمه ولا يصرف عليه، وربما يكون النصف الآخر من الحقيقة أن
الأب
لا يملك ما يصرفه على ابنه، ولو كان يملك ما قصر في حقه.. وقد تشكو سيدة
من أن
صديقة لها أخلفت موعدها معها. وربما يكون النصف الآخر أن هذه الصديقة
معذورة، وقد منعها زوجها من الذهاب وهى لا تستطيع أن تصرح بهذا لأسباب
خاصة..


وقد نحكم على طالب بأنه
فاشل في دراسته، ونقسو عليه في حكمنا. وربما يكون النصف الآخر من الحقيقة أن
ظروفه العائلية قاسية جدًا، لا تساعده اطلاقًا على الاستذكار، أو أن ظروفه
المالية لا تساعده على شراء الكتب اللازمة..


ليتنا نكون مترفقين في
أحكامنا، فنحن قد نرى الخطأ فقط، دون أن نرى أسبابه ودوافعه وظروفه.


لقد خلق الإنسان محبًا للخير
بطبيعته، وما
الشر إلا دخيل عليه. وللشر في حياة الإنسان أسباب كثيرة، ربما
يكون بعضها خارجًا عن إرادته. وقد يرجع بعضها إلى عوامل بيئية، أو وراثية، أو
لأمور ضاغطة يعلمها
الله وحده. لذلك كونوا مترفقين بالناس..


وقد يكسر إنسان قانونًا من
القوانين، أو نظامًا من الأنظمة. وربما يكون هذا الكسر هو نصف الحقيقة، ويكون
النصف الآخر هو خطأ في هذا القانون أو في هذا النظام يحتاج إلى تعديل..
لهذا كانت كثير من الدول تعدل في أنظمتها، وتطور في قوانينها (اقرأ مقالًا
آخراُ عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). لأن المشرعين
ليسوا آلهة. ولهذا أيضًا كان المنصفون ينظرون دائمًا إلى روح القانون وليس إلى
حرفيته.


إن الذين يتمسكون
بحرفية القوانين وينسون روحها، لا يكونون عادلين في أحكامهم.. ومن
أمثال هؤلاء الذين يتمسكون بحرفية وصية من
وصايا الله، دون أن يدخلوا إلى روح
الدين وعمقه، ودون أن يتكشفوا الأسباب والأهداف التي من أجلها وضع الله تلك
الوصية..


والذين يتمسكون بأنصاف
الحقائق، إما يفعلون ذلك عن جهل أو عن عمد وعن معرفة..
فإن فعلوا ذلك عن معرفة يكونون
مدانين، لأنهم أخفوا الحقيقة، وقد يكون وراء الإخفاء خطأ آخر أبشع.. ولذلك تطلب
غالبية المحاكم من الشهود أن يقولوا: "الحق، كل الحق، ولا شيء غير الحق"
فعبارة: "كل الحق
"
عبارة لها وزنها ولها عمقها..


ومشكلة أنصاف الحقائق بدأ
النقاد المنصفون يتحاشونها..
كان الناقد قديمًا يكتفي بذكر
العيوب والنقائص فقط. وهكذا كان ينقص بدلًا من أن ينقد.. أما الناقد المنصف فهو
الذي يحلل الأمر تحليلًا، ويذكر ما فيه من مزايا ومن عيوب، من نواحي قوة ونواحي
ضعف. وقد يُرجع كل شيء إلى أسبابه، في صدق، وفي إنصاف..


وقد يقع الإنسان في أنصاف
الحقائق نتيجة لكراهية أو تعصب أو تحيز أو ميل خاص.. مثال ذلك مدير عمل لا
يذكر موظفًا معينًا إلا بالإساءة والتجريح، ولا يذكر موظفًا آخر إلا بالتقدير
والإطراء، ويكون لكل منهما ما له وما عليه.. ولكنها أنصاف الحقائق..



وقد تدخل مشكلة أنصاف
الحقائق في الرئاسة والإرادة.. فلا يتذكر المدير أو الرئيس إلا سلطته فقط،
وكيف أنه صاحب حق في أن يأمر وينهى، ويعين ويعزل، كأنه متسلط في مصائر الناس.
وفى ذلك ينسى النصف الآخر من الحقيقة، وهي آن الرئاسة محدودة بقانون وبضمير
وبمسئولية أمام الله، وبواجبات من الرعاية الحقة وينبغي أن يحيط بها كل رئيس
عمل جميع من تشملهم إدارته ومسئوليته..


وقد تدخل مشكلة أنصاف
الحقائق في حياتنا الروحية، حينما نعمل لدنيانا فقط، وننسى حياتنا الأخرى..
حينما نهتم بكيف نعيش ههنا على الأرض، وننسى النصف الآخر من الحقيقة وهو أننا
سنقدم عن حياتنا هذه حسابًا أمام الله في اليوم الأخير، يوم لا يجدي عذر، ولا
ينفع شفيع..


وقد تدخل أنصاف الحقائق هذه
في مسائل التربية..
فيظن الأب المسكين أن كل واجبه هو مستقبل أبدى من حيث تعليمه وتوظيفه، وأكله
وشربه وصحته وكافة احتياجاته المادية. وينسى النصف الآخر من الحقيقة وهو واجبه
حيال أبدية هذا الابن وروحياته وعلاقته بالله..


ومشكلة أنصاف الحقائق هذه قد
تدخل في الحياة الاجتماعية، وتسبب متاعب كثيرة وبخاصة في
الفهم الخاطئ للحرية.
فقد يقول إنسان: "أنا
حر. أفعل ما أشاء"
وينسى النصف الآخر من الحقيقة وهو أن عليه أن يمارس حريته بشرط ألا يتعدى على
حريات غيره من الناس..


فالذي يقيم حفلة ويرفع
مكبرات الصوت فيها كما يشاء، وينتشر هذا الصوت العالي في كل مكان، مدعيًا بأنه
حر. إنما ينسى حريات الآخرين، وكيف أن هذا الصوت
قد يزعج نائمًا في فراشه، أو مريضًا محتاجًا إلى الراحة، أو تلميذًا يذاكر
دروسه، أو قومًا يتحدثون في موضوع ما أو أي شخص يريد أن يستغل وقته في شيء آخر
غير سماع هذا الحفل..


ليتنا ننظر إلى الحقائق
كاملة.. ولا نكتفي بأنصاف الحقائق، لئلا تضللنا..




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:41 am














كتب قبطية





كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





7- رحلة الخبر
إلى أذنيك








ليس كل ما يصل إلى أذنيك
هو صدق خالص. فلا تتحمس بسرعة لكل ما تسمع، ولا لكل ما تقرأ.. ولا تتخذ إجراء
سريعًا لمجرد كلام سمعته عن إنسان ما.. بل تحقق أولًا، واعرف أن
كثيرًا من
الكلام يقطع رحلة طويلة قبل أن يصل إلى أذنيك..


صدق الحكيم الذي قال:
(لا تصدق كل ما يقال)..




اجعل عقلك رقيبًا على

أذنيك،
وافحص كل ما تسمعه، ولا تصدق كل خبر، لئلا تعطى مجالًا للوشاة وللكاذبين، ولمن
يخترعون
القصص، ولمن يصنعون الأخبار، ولمن يدسون، ويشهدون شهادة زور.. كل هؤلاء
يبحثون عن إنسان سهل يصدقهم.. وكما قال عنهم أمير الشعراء أحمد شوقي:


قد صادفوا أذنا صغواء
لينة
فاسمعوها الذي لم يسمعوا
أحدا




و ما أجمل قوله أيضًا عن مثل هذا
الذي يصدق كل ما يسمعه، ويقبل الأكاذيب كأنها صدق:


أثر البهتان فيه
و انطوى الزور عليه




ياله من ببغاء
عقله في أذنيه








كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Too-Much-Words-Arabic-01

St-Takla.org Image:
Too much words (Arabic) - Designed by Michael Ghaly for St-Takla.org
صورة في موقع الأنبا تكلا:
كلام كتييييير - تصميم مايكل غالي لموقع الأنبا تكلا

نعم، لو كنا نعيش في عالم مثالي،
أو في وسط
الملائكة
لأمكنك حينئذ أن تصدق كل ما تسمعه، ولا تتعب ذاتك في فحص
الأحاديث. ولكن مادام
الكذب موجودًا في العالم، وما دمنا نعيش في مجتمع توجد
فيه ألوان من الناس يختلفون في نوع أخلاقياتهم وفي مدى تمسكهم
بالفضيلة، فإن
الحكمة تقضى إذن أن ندقق ونحقق قبل أن نصدق.. واضعين أمامنا قول

الكتاب:
"افحصوا كل شيء، وتمسكوا بالحسن".


ولكن قد يقول إنسان: "أنني أصدق
هذا الخبر على الرغم من غرابته، لأنني سمعته من إنسان صادق لا يمكن أن يكذب".



نعم، قد يكون هذا
الإنسان صادقًا، ولكنه سمع الخبر من مصدر غير صادق، أو من مصدر غير دقيق..
قد يكون الشخص
الذي حدثك أو الذي حدث من حدثك، جاهلًا بحقيقة الأمر، أو على غير معرفة وثيقة
أكيدة بما يقول. أو قد يكون مبالغًا أو مازحًا أو مداعبًا. أو ربما يكون قد سمع
خطأ، أو أن المصادر التي استقى منها معلوماته غير سليمة.


أو ربما يكون المصدر
الأصلي الذي أخذ عنه هذا وذاك، غير خالص النية فيما يقول، وله
أسباب شخصية تدفعه إلى طمس الحقائق، أو إلى الدس والإيقاع بين الناس. أو قد
يكون من النوع الذي يتباهى بمعرفة الأخبار والسبق إلى نشرها بين الناس، فيقول
ما يصل إليه بسرعة دون تحقيق.. وقد يكون محبًا للاستطلاع يلقى بالخبر ليعرف ما
مدى وقعه على الناس..


ولكن ربما يقول القائل أنني
لم أسمع هذا الخبر من واحد فقط، وإنما
من كثيرين مما يجزم بصحته..!! فتقول إنه لا يصح أن نحكم عن طريق السماع دون
تحقيق، حتى لو سمعنا من كثيرين. فما أكثر ما يكون كلام الكثيرين على وفرة
عددهم، له مصدر واحد مخطئ (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع
الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. وما أكثر ما تتفق جماعة كبيرة من الناس على كذب
مشترك، مثلما فعل أخوة يوسف حينما بلغوا أباهم خبرًا كاذبًا عن ابنه قائلين إن
وحشًا قد افترسه.. وما أكثر شهود الزور الذين سمعنا عنهم من
الكتاب المقدس ومن
كتب التاريخ..


إن وصية
"
لا تشهد بالزور
"
موجهة إلى السامع، كما هي موجهة إلى المتكلم.
فالذي يسمع الكذب
ويقبله، إنما يشجع الكاذب على الاستمرار في كذبه، ويحيط نفسه بأناس أشرار غير
مخلصين.


وكذلك فإن ناقل الكذب يعتبر
كاذبًا، وشريكًا في الكذب وفي نشره.. ويدخل
تحت هذا العنوان أيضا مروجو الإشاعات الكاذبة. وقد يقع في هذا الأمر أيضا
"البسطاء"
الذين يصدقون كل ما يسمعونه، ويتكلمون عنه كأنه حقيقة، دون
فحص أو تأكيد. وفي الحقيقة لا نستطيع أن نسمى مثل هذه بساطة. لأن البساطة في
جوهرها هي عدم التعقيد، ونحن نؤمن بالبساطة الحكيمة.. فقد قال
السيد المسيح:
"كونوا بسطاء.. وحكماء..".


اثنان يشتركان في خطية
الكذب: ناقل الكذب، وقابل الكذب، وكلاهما يشتركان مع الكاذب الأصلي في نشر
كذبه.


وأن كانت بعض المشاكل تسبب
أحيانًا عن نقل الكلام، فإن أخف الناس ضررًا من ينقلون الكلام كما هو، كما
يفعل جهاز تسجيل الصوت، الأمين المخلص، الذي لا يزيد على ما قيل شيئًا،
ولا
ينقص، ويعطى صورة دقيقة عما قيل..


إنما بعض الناس يأخذون
الكلام، ويضيفون عليه رأيهم الخاص واستنتاجاتهم وأغراضهم، ويقدمون كل ذلك
لإنسان آخر، كأنه الكلام المباشر الذي نطق به من قد سمعوه..!


انظروا
ماء النيل وقت
الفيضان وهو بنى اللون من كثرة ما حمل من طمي.. هذا الماء كان في أصله ماء
صافيًا رائقًا عندما نزل
مطرًا من السماء على جبال الحبشة. ولكنه طوال رحلته في
الطريق ظل ينحت الطمي من الصخور ويختلط
بالطين حتى وصل إليك بهذه الصورة.. هكذا
كثير من الأخبار التي تصل إليك مشبعة
بالطين، ربما كانت رائقة صافية في أولها.
والفرق بينهما وبين ماء النيل أن طينه مفيد للأرض، أما

الطين الذي خلطه الناس
في نقلهم للأحاديث، فإنه ضار وخطر ومفسد للعلاقات.


كثير من الأخبار عندما
تصل إليك تكون أخبارًا مختلفة جدًا عن الواقع. وسأضرب لذلك مثلًا:


يقول شخص لآخر: "ألم تسمع؟ لقد
حدث كذا مع فلان". فيجيبه: "لا شك أنه قد غضب لذلك جدًا". فيقول له: "طبعًا".
ويوصل الخبر لثالث ويقول له: "فلان غضب جدًا لأنه حدث معه كذا". فيجيبه: "من غير
المعقول أن يكون قد غضب فقط، لابد أنه سينتقم"
ويصل الخبر الرابع أنه سينتقم، فيجيب: "حسب معرفتي لطبعه لابد أنه سيدبر دسيسة
لمن أغضبه". ويصل الخبر الخامس فيقول: "ربما يرسل خطابًا لمصلحته ويتهمه
باتهامات". فيجيبه سادس: "لا يبعد أن يقول عنه إنه شيوعي مثلًا". ويصل الخبر
لسابع فيسرع إلى الشخص المقصود ويقول له: "خذ حذرك، فلان أرسل خطابًا إلى
مصلحتك يقول عنك إنك شيوعي"..!!!


يحدث كل هذا، وربما يكون
الشخص الذي يتكلمون عنه قد تضايق في وقتها واستطاع أن يصرف غضبه، ويسامح من
أغضبه!! أو قد يكون قد أخذ الأمر ببساطة ولم يتأثر، وانتهى الأمر.. وقد يحدث
سوء تفاهم بسبب الخطاب المزعوم المرسل إلى المصلحة!! الذي لا وجود له على
الاطلاق.


لذلك أكرر وأقول: (لا
تصدق كل ما يقال).. ولا تكن سمّاعًا، بل افحص ودقق وحقق.. على الأقل في الأمور
الهامة الخطيرة..




المقال مع بعض التعديلات نُشِر في وقتٍ لاحق



رحلة الخبر
إلى أذنيك



ليس كل ما يصل إلى أُذنيك هو صدق خالص. فلا تتحمَّس بسرعة
لكل ما تسمع ولا لكل ما تقرأ. ولا تتخذ إجراءًا سريعًا لمُجرَّد كلام سمعته من
إنسان ما. بل تحقق أوَّلًا. واعرف أن كثيرًا من الكلام يقطع رحلة طويلة قبل أن
يصل إلى أُذنيك.

«« صدق الحكيم الذي قال: "لا تُصدِّق كل ما يُقال". لهذا اجعل عقلك رقيبًا
على أُذنيك، وافحص كل ما تسمعه. ولا تُصدِّق كل خبر، لئلا تُعطي مجالًا للوشاة
والكاذبين، ولِمَن يخترعون القصص، ولِمَن يؤلِّفون الأخبار، ولِمَن يدسُّون
ويشهدون شهادة زور. كل هؤلاء يبحثون عن إنسان سهل يُصدِّقهم. وقد قال عنهم أمير
الشعراء أحمد شوقي:

قد صادفوا أذنًا صفواء ليِّنة

فأسمعوها الذي لم يُسمعوا أحدًا

وما أجمل قوله أيضًا عن مثل هذا الذي يُصدِّق كل ما يسمعه، ويقبل الأكاذيب
كأنها صدق:

أثَّر البهتان فيهِ

يا له من ببغاءٍ

وانطوى الزورُ عليهِ

عقله في أُذنيهِ

«« نعم لو كُنَّا نعيش في عالم مثالي، أو في وسط

الملائكة، لأمكنك حينئذ أن تُصدِّق كل ما تسمعه، ولا تتعب ذاتك في فحص
الأحاديث ولكن ما دام الكذب موجودًا في العالم، وما دمنا نعيش في مُجتمع توجد
فيه ألوان من الناس يختلفون في نوع أخلاقياتهم، وفي مدى تمسكهم بالفضيلة، فإنَّ
الحكمة تقتضي إذن أن نُدقِّق ونُحقِّق قبل أن نُصدِّق، وأن نفحص كل شيء
ونتمسَّك بما هو حق، ولكن قد يقول أحدهم: " إنني أُصدِّق هذا الخبر على الرغم
من غرابته، لأنني سمعته من إنسان صادق لا يمكن أن يكذب".

نعم، قد يكون هذا الإنسان صادقًا، ولكنه سمع الخبر من مصدر غير صادق، أو من
مصدر غير دقيق... أو قد يكون الشخص الذي حدَّثك أو نقل الخبر إلى مَن حدَّثك،
جاهلًا بحقيقة الأمر، أو على غير معرفة وثيقة أكيدة بما يقول ... أو قد يكون
مبالغًا أو مازحًا أو مداعبًا. أو رُبَّما يكون قد أخطأ في السماع أو الفهم. أو
أن المصادر التي استقى منها معلوماته غير سليمة...

««أو رُبَّما يكون المصدر الأصلي الذي أخذ عنه هذا وذاك غير خالص النية فيما
يقول، وهناك أسباب شخصية تدفعه إلى طمس الحقائق، أو إلى الدَّس والإيقاع بين
الناس. أو قد يكون من النوع الذي يتباهى بمعرفة الأخبار والسبق إلى نشرها بين
الناس. فيقول ما يصل إليه بسرعة بدون تحقيق... وقد يكون مُحبًَّا للإستطلاع،
يلقي الخبر ليعرف ما مدى وقعه على الناس.

«« ولكن رُبَّما يقول القائل: " إني لم أسمع هذا الخبر من فرد واحد فقط، إنَّما
من كثيرين، مما يجزم بصحته".

فنقول: إنه لا يصح أن نحكم عن طريق السماع دون تحقيق، حتى لو سمعنا من كثيرين

(اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة
والمقالات)! فما أكثر ما يكون كلام الكثيرين على وفرة
عددهم، له مصدر واحد مخطئ ... وما أكثر ما تتفق جماعة كبيرة من الناس على كذب
مشترك، وفي التاريخ أمثلة كثيرة عن هذا الأمر. وما أكثر ما تتفق مجموعة من شهود
الزور على أمر ما، وهكذا تفعل أيضًا مجموعات من ناشري الشائعات...

«« إنَّ وصية "لا تشهد بالزور" كما أنها موجهة إلى المُتكلِّم، هى أيضًا موجهة
إلى السامع. فالذي يسمع الكذب ويقبله، إنَّما يُشجِّع الكاذب على الاستمرار في
كذبه. وبقبوله، يحيط نفسه بأُناس مخطئين غير مخلصين.

«« وكذلك فإنَّ ناقل الكذب يُعتبر كاذبًا، وشريكًا في نشر الكذب. وقد يقع تحت
هذا العنوان أيضًا مروجو الشائعات الكاذبة. بل قد يقع في هذا الفخ، البسطاء
الذي يُصدِّقون كل ما يسمعونه! ويتكلَّمون عنه. كأنه حقيقة، دون فحص أو تدقيق.
وفي الحقيقة لا نستطيع أن نُسمِّي مثل هذه بساطة. لأنَّ البساطة في جوهرها هى
عدم التعقيد، وليس قلة الفهم أو البعد عن الحكمة والتدقيق. ونحن نؤمن بالبساطة
الحكيمة، وبالحكمة البسيطة...

«« اثنان يشتركان في خطية الكذب: قابل الكذب، وناقل الكذب. وكلاهما يشتركان مع
الكاذب الأصلي في نشر كذبه.

وإن كانت بعض المشاكل تتسبَّب أحيانًا من نقل الكلام، فإن أقل الناس ضررًا مَن
ينقلون الكلام هم، كما يفعل جهاز تسجيل الصوت ( الريكوردر ) الأمين المُخلص،
الذي لا يزيد شيئًا على ما قيل، ولا ينقص، بل يُعطي صورة دقيقة صادقة عمَّا
قيل.

«« إنَّما بعض الأشخاص قد يسمع كلامًا، فيتناوله ويضيف عليه رأيه الخاص ومفهومه
الخاص، واستنتاجه وأغراضه وظنونه، ويُقدِّم كل ذلك معًا لإنسان آخر، كأنه
الكلام المُباشر الذي سمعه مِمَّن نطق به!!

«« انظروا يا إخوتي

ماء النيل وقت الفيضان، وهو بني اللون من كثرة ما حمل من طمي ... هذا الماء
كان في أصله ماءً نقيًَّا صافيًا رائقًا عندما نزل مطرًا من السماء على جبال
الحبشة. ولكنه طوال رحلته في الطريق، كان ينحت الطمي من الصخور، ويختلط
بالطين
حتى وصل إلينا في الفيضان بصورته وهو بُني اللون طيني...

هكذا كثير من الأخبار التي تصل إليك مُشبَّعة
بالطين، رُبَّما كانت رائقة صافية
في بادئ الأمر. والفرق بينها وبين ماء النيل، أن طينه مُفيد للأرض. أمَّا

الطين
الذي خلطه الناس في نقلهم للأحاديث، فإنه ضار وخطر ومُفسد للعلاقات...

«« كثير من الأخبار عندما تصل إليك، تكون أخبار مختلفة جدًا عن الواقع. وسأضرب
لذلك مثلًا:

مُجرَّد خبر هو: حدث حوار ساخن بين صديقين في أحد الموضوعات. وصل هذا الخبر إلى
زميل لهما فقال: "وقد سمعت أن أحدهما جرح شعور صديقه أثناء الحوار جرحًا
غائرًا، وأهانه إهانة شديدة". ووصل هذا الكلام إلى شخص آخر، فأضاف: " وطبيعي أن
هذا الذي أهين قد غضب غضبًا شديدًا وتألَّم". ووصل الخبر إلى شخص ثالث، فقال:
" وسمعت أيضًا أنه قال بعد ذلك: " صديقي هذا هو خطيب أختي. فإن تزوَّجها سوف
يهينها كما أهانني، ويجعل حياتها مُرًَّا وعلقمًا". ووصل هذا الكلام إلى شخص
رابع، فأضاف: " وقد سمعت أنه ذهب إلى أسرته محملًا بهذه المشاعر، وحكى لهم كل
شيء وهو متضايق ومتألِّم". وسمع هذا الكلام شخص خامس، فقال: " وطبيعي أن أب
هذه الأُسرة قال في اجتماع عائلي: نشكر اللَّه الذي كشف لنا هذا الشخص العنيف
قبل أن يتزوج ابنتنا. لا شكَّ أنه إذا تمَّ زواجه بها، سيجعل حياتها جحيمًا لا
يُطاق". ووصل هذا الكلام إلى شخص سادس، فقال: " ولابد أنه في اجتماع الأُسرة
نوقش موضوع فك تلك الخطوبة". ووصل هذا الكلام إلى شخص سابع، فأسرع ونشر خبرًا
في إحدى المجلات بعنوان: (مأساة فتاة مخطوبة)، قال فيه: "حدثت مشادة حامية بين
صديقين، أدَّت إلى خلاف بينهما، ثم بين أُسرتيهما. وانتهى بفك الخطوبة التي بين
أحدهما وأخت الآخر. وانتظروا التفاصيل بالأسماء في العدد المُقبل".

«« حدث كل هذا بينما الصديقان اعتبرا حوارهما موضوعيًا وليس شخصيًا. وخرجا منه
وهما في صفاء تام، دون أن يترك أي أثر سيئ في نفسية أحدهما ضد الآخر. ولكن هكذا
كانت رحلة الخبر عن حوارهما الساخن.

لذلك أقول مرَّة أخرى: لا تُصدِّق كل ما يُقال. بل حقِّق ودقِّق، قبل أن
تُصدِّق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:42 am

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





8- القلب الكبير









لا يكن قلبك ضيقًا..




يتأثر بسرعة، ويتضايق بسرعة،
ويندفع للانتقام لنفسه..


بل كن كبيرًا في قلبك،
وواسع الصدر، تحتضن في داخلك جميع المسيئين
إليك.


وحينئذ ستشعر بالسلام الداخلي،
وتدرك بركة القلب الكبير..


القلب الكبير لا تتعبه
إساءات الناس، ولا يقابل الإساءة بالإساءة. إنما تذوب جميع الإساءات في
خضم محبته وفي لجة احتماله.


القلب الكبير أقوى من
الشر.






كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Half-Heart

St-Takla.org Image:
Love? or Love?!
صورة في موقع الأنبا تكلا:
صورة: حب أم حب؟!


الخير الذي فيه أقوى من الشر
الذي يحاربه. ودائمًا ينتصر الخير الذي فيه.. ومهما
أسىء إليه، يبقى كما هو، دائم المحبة للناس، مهما صدر منهم.. وفي إساءاتهم،
نراه لا ينتقم منهم، بل يعطف عليهم..


إنهم مساكين، قد غلبهم
الشر الذي يحاربهم.. وهم
يحتاجون إلى من يأخذ بيدهم، وينقذهم من هذا الشر الذي خضعوا له في إساءاتهم
لغيرهم..


وإذا انتقم الإنسان لنفسه، يكون
الشر قد غلبه، وأخضعه لحب الانتقام، وأضاع من قلبه التسامح والاحتمال والمودة..



ومحبتنا للناس توضع تحت
الاختبار عندما نتعرض لإساءاتهم.


كل إنسان يستطيع أن يحب من يحبه،
ويحترم من يحترمه، ويكرم من يكرمه.. كل هذا سهل لا يحتاج إلى مجهود. ولكن نبيل
هو الإنسان الذي يحب من يكرهه، ويكرم من يسئ إليه. وفي هذا يقول
السيد المسيح
في عظته المشهورة على الجبل: "لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم.. وإن
سلمتم على أخوتكم فقط فأي فضل تصنعون؟!
"
أليس الخطاة أيضًا يفعلون هكذا؟!
"
وأما أنا فأقول لكم: أحبو أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم،
وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم".


هنا ولا شك تكون المحبة
بلا مقابل. أي أن الإنسان المحب لم يأخذ محبة في مقابل محبته. لم يأخذ أجرًا
على الأرض، ولذلك يكون كل أجره محفوظًا في السماء، إذ لم يستوف منه شيئًا على
الأرض.


إن القلب الكبير ليس
تاجرًا: يعطى حبًا لمن يقدم له حبًا، أو يعمل خيرًا مع الذي ينقذه شكرًا.


إنه يصنع الخير مع الكل، بلا
مقابل. يعمل الخير لأن هذه هي طبيعته. لذلك فإنه يعمل الخير مع من يستحقه، ومع
الذي لا يستحقه أيضًا، مع المحب ومع المسيء، مع الصديق ومع العدو.. مثل الشمس
التي تشرق على الأبرار والأشرار، ومثل السماء التي تمطر على الصالحين
والطالحين (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم
الأسئلة والمقالات).. بل أنه درس نتعلمه من
الله نفسه، الذي يحسن إلينا حتى ونحن في عمق
خطايانا.


إن القلب الكبير لا
يعامل الناس كما يعاملونه، وإنما يعاملهم حسب سموه وحسب نبله. وهو
لا يتغير في سموه وفي نبله طبقًا لتصرفات الناس حياله. إنه لا يرد الإساءة
بالإساءة لأنه لا يحب أن تصدر عنه إساءة لأحد، ولو في مجال الرد.


أما الضعاف فإنهم يتأثرون
بتصرفات الناس، ويتغيرون تبعًا لها.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3


و هنا نسأل:


ما معنى رد الإساءة
بالإساءة، ومقابلة الخطأ بالخطأ؟




لقد أجاب القديسون على هذا
الأمر، وشرحوه في جملة نقاط لا مانع من أن نوضحها في هذا المقال:



1-
هناك إنسان يرد الإساءة بمثلها:

التصرف بتصرف،
والشتيمة بشتيمة، والإهانة بإهانة.. وقد يرى نفسه أنه تصرف بعدل ولم يخطئ، لأن
هناك من يردون الإساءة بأشد منها، ويعللون ضمائرهم بأنهم في موقف المعتدى عليه.



2-
هناك
نوع آخر لا يرد الإساءة بمثلها، فلا يقابل إهانة بإهانة، أو شتيمة بشتيمة.
ولكن الرد يظهر في ملامحه: في نظرة احتقار، أو تقلب الشفتين بازدراء، أو في
صمت قاتل.. الخ.



3- وقد يوجد من لا يفعل شيئًا
من هذا، ولكن رده يكون
داخليًا، في قلبه وفي نيته. ويتصور في قلبه أشياء تحمل معنى رد الإساءة أو
أشد، ولكنها مخفاة..


4-
و يوجد إنسان قد
لا يفعل في الداخل من الإساءة. ولكنه إذا سمع أن المسيء أصابه
مكروه يفرح بالخبر، ويرى أن الله قد انتقم له. وبهذا لا يكون قلبه نقيًا
تجاه من أساء إليه..


5-
وقد يوجد إنسان لا تحاربه هذه المشاعر، بل قد يحزن حقًا إذا حدث مكروه لمن أساء
إليه، ولكنه في نفس الوقت لا يفرح إذا حدث خير لهذا المسيء. إذ يرى انه
لا يستحق الخير، فيتضايق لأخباره المفرحة، وبهذا لا يكون قلبه نقيًا من جهته..



6-
إنسان آخر قد لا يفعل شيئًا من هذا كله. ولكن إساءة المسيء
تظل عالقة بذهنه. آه لم ينسها، لأنه لم يغفر بعد.. هذا أيضًا لم يصل بعد إلى
الحب الكامل الذي ينسى الإساءة ولا يعود يذكرها. لأن المحبة

كما يقول
الكتاب تستر كثرة من الخطايا.


7-
وقد يوجد شخص ينسى الإساءة، ويستمر في نسيانها زمنًا. ثم تحدث إساءة جديدة
من نفس الشخص، فيرجع ويتذكر القديمة أيضًا التي كان قد نسيها، ويتضايق بسبب
الاثنتين معًا.. وبهذا يدل على أنه لم يغفر الإساءة القديمة، وأنها لم تمت
في قلبه، وإنما كانت نائمة ثم استيقظت. مثل جرح ربما يكون قد اندمل، ولكن موضعه
ما يزال حساسًا، أقل لمسة تؤذيه..


إن هناك طريقتين
لمواجهة الإساءة: طريقة التصرف، وطريقة الترسيب.


أما طريقة التصرف فهي الطريقة
الروحية، التي بها يصرف الإنسان الغضب بطريقة سليمة: بإنكار الذات، بلوم النفس،
بعامل المحبة، بالبساطة..


أما طريقة الترسيب فتشبه
دواء في زجاجة يبدو صافيًا من فوق، بينما هو مترسب في أسفلها، وأقل رجه تعكر
السائل كله الذي يملأ الزجاجة. إن هذا الصفاء الظاهري من فوق، ليس هو صفاءًا
حقيقيًا طاهرًا..


ولكن لعل إنسان يقول: كيف
يمكننا الوصول إلى تلك الدرجات الروحية من صفاء القلب تجاه الإساءة؟ ألا تبدو
غير ممكنة..؟


إنها قد تبدو صعبة أو غير ممكنة
بالنسبة إلى القلوب الضيقة التي لم
تمتلئ بالمحبة بعد ولا بالاتضاع. أما القلب
الكبير فإنه يتسع لكل شيء. انه لا يفكر في ذاته ولا في كرامته، بل يفكر في راحة
الآخرين وفي علاجهم. لذلك لا تهزه الإساءات..


كذلك هو يعلم أن المسيء،
إنما قبل كل شيء - يسئ إلى ذاته لا غيره. إن الذي يقترف الإساءة إنما يسئ إلى
مستواه الروحي وإلى نقاوة قلبه وإلى
أبديته. ولكنه لا يستطيع أن يضر غيره ضررًا
حقيقيًا.. فالذي يشتم غيره مثلًا، إنما يبرهن على نوع أخلاقياته هو، دون أن يضر
المشتوم في شيء. يبقى المشتوم في مستواه العالي، لا تقلل الشتيمة من جوهر معدنه
الكريم، بل هي تدل على خطأ مقترفها.. والذي أصابته هذه الإهانة، إن كان قلبه
نقيًا كبيرًا، فإنه لا يتأثر: يأخذ موقف المتفرج الذي يرثى لضعفات غيره، لا
موقف المنفعل.


وهكذا تتضح أمامنا درجات
روحية لمواجهة الإساءة وهي:


احتمال الإساءة، ومغفرة الإساءة،
ونسيان الإساءة، ومحبتك لمن أساء إليك. ففي أية درجة من هذه كلها تضع نفسك أيها
القارئ العزيز؟


درب نفسك على هذه الدرجات
الروحية، لكي تصل إلى نقاوة القلب. وإن لم تستطع أن تصل إلى أية واحدة منها،
فعلى الأقل لا تبدأ بالإساءة إلى غيرك..


خذ موقف
المظلوم لا موقف
الظالم. واعلم أن الله سيقف إلى جانبك. وأما الظالم فإنه يعادى الله قبل أن
يعاديك، وسيقف الله ضده.


و عندما يقف الله معك ضد
ظالميك، قل له كما قال السيد المسيح: "يا أبتاه اغفر لهم، لأنهم لا يدرون ماذا
يفعلون"..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:43 am














كتب قبطية





كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





9- القلب الحنون





تحدثنا في مقالين
آخرين:



عن
القلب الكبير المملوء
بالتسامح والعفو..


وعن
القلب الهادئ المملوء
بالسلام والطمأنينة.


ونريد اليوم أن نعرض للقلب
الحنون، المملوء بالشفقة والحب..


القلب القاسي،
باستمرار يحطم ويهدم. وقسوته لا تشفق، ولا ترحم. إنه نار تأكل كل شيء، حتى
نفسها..


أما القلب الحنون العطوف،
فإنه يفيض رقة وإشفاقًا على كل أحد، حتى الذين لا يستحقون، وحتى على
أعدائه..


وحنو الإنسان على غيره، قد
يشمل
الكائنات جميعًا..
فيحنو على العصفور المسكين، وعلى
الفراشة الهائمة، وعلى
الزهرة الذابلة.. بل قد يحنو على الوحش المفترس، مثل
القديس الذي رأى أسدًا يئن من شوكة في قدمه، فانحني وأراحه منها..








كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Hearts-02

St-Takla.org Image:
Hearts, vector art
صورة في موقع الأنبا تكلا:
قلوب، فن الفيكتور

وقد يكون الحنو في نواح
مادية أو جسدية، وقد يكون في نواح نفسية أو روحية.


وخلاصة الأمر أن القلب المملوء
حنانًا، يفيض بهذا الحنان في كل المجالات، وعلى الكل. فيشفق على
الفقير
المحتاج، وعلى المريض المتألم، كما يشفق على البائس والمتعب نفسيًا، وعلى
الساقط في الخطية المحتاج إلى من يأخذ بيده ليقيمه.


والحنان ليس مجرد عاطفة في
القلب، وإنما تتحول فيه العاطفة إلى عمل جاد من أجل إراحة الغير.



إن
الحنان النظري هو حنان قاصر، حنان ناقص، يحتاج إلى إثبات وجوده بالعمل. ولهذا
قال القديس يوحنا الحبيب: "يا أخوتي، لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل
والحق".


إن القلب الحنون يمكنه
أن يكسب الناس. أما القلب القاسي فينفرهم.




الناس يحتاجون إلى من يعطف
عليهم، إلى من يأخذ بيدهم، إلى من يشجع الضعيف، ويقيم الساقط، ويفهم ظروف الناس
واحتياجاتهم. وتكون له
روح الخدمة فيخدم الكل، ويساعد الكل، ويعين الكل، ولا
يحتقر ضعفات أحد.. كما قال

الكتاب: "شددوا الركب المخلعة، وقوموا الأيدي
المسترخية"..


وقيل
عن السيد المسيح إنه كان: "لا يخاصم ولا يصيح، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته.
قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ".. هذه الفتيلة المدخنة ربما تهب
ريح فتشعلها، فتضئ مرة أخرى..


و كان حنوه يشمل الروح والجسد
معًا. وهكذا قيل عنه في الإنجيل المقدس إنه: "كان يجول يصنع خيرًا"..
كان يشفق على الأرواح
الساقطة فيقيمها
بالتوبة، ويشفق على
الأجساد المريضة فيشفيها.. "يطوف المدن
والقرى: يكرز ببشارة الملكوت، ويشفى كل مرض وكل ضعف في الشعب".



أحضروا إليه مرة امرأة
خاطئة قد ضبطت في ذات الفعل، وانتظروا منه أن يحكم برجمها حسبما تقضى الشريعة
(اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة
والمقالات).
أما هو فقال لهم: من منكم بلا خطية، فليرمها بأول حجر". وانصرف المطالبون
برجمها لأنهم أيضًا خطاة. واطمأنت المرأة. فنظر إليها السيد المسيح وقال لها:
وأنا أيضًا لا أدينك.. أذهبي بسلام. ولا تعودي تخطئي أيضًا".. هذا هو الحنو الذي
يكسب القلب، ويقوده إلى التوبة.. فليتنا نحنو على الخطاة، لكي نكسبهم إلى


الله.



إن الله يحنو علينا،
حتى ونحن في عمق خطايانا. ومن دلائل حنوه أنه يستر ولا يكشف.


كم من أناس قد غطسوا في الشر حتى
غطاهم، وما يزال الله يستر.. لم يكشفهم، ولم يفضحهم، ولم يعلن خطاياهم للناس..
لأنهم ربما لو انكشفوا لضاعوا، وانسد أمامهم الطريق إلى التوبة بعد فقدهم لثقة
الناس.


إن القلب الحنون يستر
خطايا الناس. لا يتحدث عنها، ولا يشهر بها، ولا يقسو في الحكم عليها..
بل قد يجد لهم عذرًا،
أو يخفف من المسئولية الواقعة عليهم.. وأن قابلهم لا يفقد توقيره لهم، معطيًا
إياهم فرصة للرجوع.. بل قد يضحى بنفسه من أجلهم، ويتحمل المسئولية عوضًا عنهم
إن استطاع.


قال
القديس يوحنا ذهبي
الفم: "إن لم تستطع أن تمنع من يتكلم على أخيه بالسوء، فعلى الأقل لا تتكلم
أنت".


"وأن لم تستطع أن تحمل خطايا
الناس، وتنسبها إلى نفسك لكي تبررهم، فعلى الأقل لا تستذنبهم وتنشر خطاياهم".



أن القلب الحنون يعيش في مشاعر
الناس. يتصور نفسه في مكانهم، ولا يجرح أحدًا ويبرهن على نقاوة قلبه بعطفه على
الكل..




وهو يعرف أن الطبيعة البشرية
حافلة بالضعفات..




و إن أقوى الناس ربما تكون في
حياته ثغرات..




و قد يسقط، إن اشتدت الحرب
عليه، وأن تخلت عنه النعمة الحافظة..




لذلك ينظر إلى الناس في
حنو، في قيامهم وفي سقوطهم أيضًا.




كان القديس يوحنا القصير إن سمع
عن أحد أنه سقط، يبكى. فإن سئل في ذلك يقول: (معنى هذا أن الشيطان نشيط. وإن
كان قد أسقط أخي اليوم، فقد يسقطني أنا غدًا..). وهكذا

-في
أتضاع-
لم يضع هذا القديس نفسه في مرتبة أسمى من غيره. وبكل حنو
نظر إلى سقطة غيره، ونسبها إلى عمل الشيطان، لا إلى فساد طبع ذلك الأخ.




وبهذا كان أقوى المرشدين
الروحيين هم الذين يفهمون النفس البشرية، ولا يقسون عليها في ضعفاتها.




إن القلب الحنون لا يعامل
الناس بالعدل المطلق مجردًا، إنما يخلط بعدله كثيرًا من
الرحمة. ولا يجعل عدله
عدلًا جافًا حرفيًا يطبق فيه النصوص، بل أيضًا يقدر الظروف المحيطة، سواء كانت
عوامل نفسية أو تربوية أو عوامل اجتماعية.




أما الذي يصب اللعنات
على كل مخطئ، دون أن يقدر ظروفه أو يفحص حاله، فإنه قلب لا يرحم..




القلب الحنون لا يحكم
على أحد بسرعة..
بل يعطى كل أحد فرصة للدفاع عن
نفسه، ولتوضيح موقفه..




و هو أيضًا لا يكثر اللوم
والتوبيخ، وإن وبخ، فإنما يكون ذلك بعطف وليس بقسوة. وقد يقدم لتوبيخه بكلمة
تقدير أو كلمة حب، حتى يكون التوبيخ مقبولًا. وأن احتاج الأمر منه إلى حزم وشدة
وعنف، فقد يفعل ذلك مضطرًا. ولكنه في مناسبة أخرى يصلح الموقف، ويعالج بالحنو
نفسية ذلك المخطئ.




والقلب الحنون لا يخجل
أحدًا، ولا يحرج أحدًا. وقد يشير إلى الخطأ من بعيد، بألفاظ هادئة. وربما
بطريق غير مباشر، وربما في السر وليس في أسماع الناس.




أما الذي يرجم الناس
بالحجارة، فعليه أن يتروى، لئلا يكون بيته من زجاج. وليعلم أن كل الفضائل بدون
المحبة ليست شيئًا.
والمحبة تتأنى وتترفق.
والحكمة هي أن نكسب الناس بالحنو،
وأن لا نخسر الناس بالقسوة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:44 am

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





10- الذين يعطون








تكلمنا عن
القلب الحنون،
الذي يعطف على الناس روحيًا. هذا القلب يعطف أيضًا ماديًا، وباستمرار يعطى..



وهذه هي شيمة الذين يعطون:
يعطون بحب، وبسخاء وباستمرار، وبدون أن يطلب منهم.. وبراحة داخلية..



ما أجمل أن نشرك
الله معنا في
أموالنا، فيكون له نصيب منها.


وما نعطيه لله، لا
نحسبه جزءًا ضائعًا من مالنا، وإنما نحسبه بركة كبيرة لباقي المال.




إذ أن الله عندما يأخذ من مالنا
شيئًا، إنما يبارك هذا المال، فيزيد أكثر من الأصل بما لا يقاس. ويصبح مالًا
مباركًا، ويعوضه الرب أضعافا من جهات أخرى. ونجد أننا بهذا العطاء قد زدنا ولم
ننقص.


وفى الواقع أننا لا نعطى الله
من مالنا، بل من ماله هو.. إن كل شيء نملكه هو ملك لله، ونحن مجرد أمناء عليه،
مجرد وكلاء لله في
هذا المال الذي استودعنا إياه لكي ننفقه في الخير. حقًا، ما الذي نملكه نحن؟!
نحن الذين قيل عنا إننا:"عراة
جئنا إلى الأرض، وعراة نعود إلى هناك".. الله هو المالك الحقيقي لكل ما نملك.
وما أصدق داود النبي حينما قال لله
"
من يدك أعطيناك"..




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Global-Giving-Symbol

St-Takla.org Image:
Global giving, symbol, sharing, helping
صورة في موقع الأنبا تكلا:
رمز العطاء المتبادل، المشاركة، المساعدة

وقد ظهر العطاء في
التوراة في وصية العشور، حيث طلب الله من الناس أن يدفعوا العشور من كل ما
يملكون.


ولكن العشور لم تكن كل شيء في
العطاء.. كانت هناك
أيضًا البكور، والنذور، والتقدمات، والقرابين، والنوافل.


وفي البكور
كان الإنسان يعطي أوائل ثمار الأرض. أول حصيده يقدمه للرب، لكي يبارك الرب كل

الحصاد. كما كان يقدم المولود البكر من كل حيواناته، حتى ابنه هو البكر، كان
يقدمه لخدمة الرب، كما قال الرب في التوراة
"
قدس لي كل بكر، كل فاتح رحم".


ما أجمل أن نعطي
البكور للرب: المرتب الأول الذي يتقاضاه الإنسان، والعلاوة الأولى وأول إيراد
خاص يصل إليه.
فمثلًا أجرة أول عملية يجريها الجراح يقدمها للرب وأول كشف للطبيب، وأول درس
خصوصي للمدرس، وأول عمل يد للصانع. وهكذا يبارك الله كل أعمالنا لأنها بدأت به،
وقدمنا أولى ثمارها له..


بل أن بكور الوقت
نقدمها لله أيضًا..
الساعة الأولى في النهار نقدمها
لله. أول كلمة ننطق بها كل يوم تكون كلمة موجهه إلي الله. أول عمل نعمله في
يومنا يكون مختصًا بالله وعبادته. وبهذا يبارك الله يومنا ويقدسه وبنفس الوضع
أول يوم في عامنا يكون يومًا للرب.


وفي عطائنا لا يصح أن
نحاسب الله بالدقة الحرفية.
فإن دفعنا العشور مثلًا، لا يجوز
أن نقول لله: "كفاك هذا! ليس لك شيء عندنا بعد!"


كلا، إن العشور والبكور
هي الحد الأدنى للعطاء، وأما العطاء فلا حدود له، أنه يختص بالقلب الحنون
العطوف الذي يعطي عن حب مهما كانت قيمة العطاء، دون أن يحاسب الله على ما
يعطيه..


ولقد جاءت المسيحية فرفعت
العطاء عن مستوى العشور.
وقالت: "من له ثوبان، فليعط الذي
ليس له". ولم تكتف بهذا، بل تطورت إلي العطاء بغير حدود. فقال
السيد المسيح في
الإنجيل المقدس: "من سألك فأعطه. ومن طلب منك، فلا ترده".


هكذا لم يقتصر العطاء على
العشور والبكور والنذور.. بل بقى باب الكمال مفتوحًا لما هو أكثر من هذا (اقرأ
مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة
والمقالات)..
فعندما جاء الشاب الغني إلي السيد المسيح يستلهم منه معرفة الطريق الذي يوصله
إلي
الحياة الأبدية، أجابه بتلك الوصية الجميلة الخالدة..


"إن أردت أن تكون كاملًا، أذهب وبع كل مالك وأعطيه للفقراء،
وتعال أتبعني".


هذه الوصية، نفذها
القديس
انطونيوس حرفيًا وبها أسس الحياة الرهبانية فباع ثلاثمائة فدان كان يملكها من
أجود الأطيان، ووزع ثمنها على الفقراء، وعاش حياة الزهد والنسك..




وسير القديسين تحكي لنا صور
عجيبة للعطاء..


فالقديس الأنبا سرابيون الناسك،
رأى رجلًا فقيرًا، وإذ لم يكن له ما يعطيه، باع إنجيله وأعطاه ثمنه. وفي ذلك
الوقت لم تكن هناك مطبوعات، وكان الإنجيل مخطوطة ثمينة.. ثم مر بعد ذلك فرأى
فقيرًا آخر. وإذ لم يكن له شيء أخر يعطيه، خلع ثوبه وأعطاه له. ورجع إلي مسكنه
بلا ثوب ولا إنجيل. فلما سأله تلميذه: (أين إنجيلك يا أبي؟)، أجابه: (كان هذا
الإنجيل يقول لي: "اذهب بع كل مالك وأعطيه للفقراء
"
فبعته لأنه كان كل ما لي).. فقال له تلميذه: (وأين ثوبك؟)
فأجابه: (خلعته ليلبسه المسيح..).


ولعل أجمل ما في العطاء، أن
يعطى. الإنسان من أعوازه..




لأن الشخص الذي يعطى من أعوازه،
إنما يفضل غيره على نفسه، بل يتعب لأجل إراحة غيره. وهذا هو منتهى الحب الذي فيه
تزول الذاتية، وتحل في موضعها محبة الغير.. وقد مدح السيد المسيح الأرملة
الفقيرة التي وضعت شيئًا ضئيلًا في الصندوق. وقال إنها أعطت أكثر من الجميع،
لأنها أعطت وهي محتاجة..


إن القلب الحنون
دائمًا يعطى. وإن لم يجد شيئًا يعطيه، فإنه يعطى كلمة حب..




و قد يوجد شخص يقترض لكي يعطى
غيره. أو يطلب من الآخرين لكي يعطى للمحتاجين. ومن هنا نشأت الجمعيات الخيرية
التي تجمع لتعطى..


ولكن أهم عطاء هو القلب
ذاته. أعط الناس من قلبك، قبل أن تعطيهم من جيبك.




أعطهم عاطفة، قبل أن تعطيهم مالًا.
أظهر لهم أنك شخص محب، وليس مجرد شخص محسن.. والعطاء الخالي من الحب
يكون عملًا اجتماعيًا أو إداريا، ولكنه ليس عملًا روحيًا.


والقلب الحنون عندما يعطى، إنما
يشعر أنه يتعامل مع الله ذاته:


من مال الله، يعطى
عيال الله، دون أن يشعر بأي فضل من جهته.




هذا القلب العطوف يعطى
للكل..


لا يقتصر على
الأصدقاء والأحباء،
وذوى القربى، وبنى جنسه، وأخوته في الدين والمذهب. كلا، بل يضع أمام عينيه أن
يريح الكل، ويشفق على الكل. وبهذا يكسب الكل، ويحيط نفسه بجو من
المحبة.


والقلب العطوف يعطى دون أن
يطلب منه.




هو دائم التفكير في
احتياجات الناس، دون أن يقولوا له.


يريد أن يريح الناس، يريد أن
يسعدهم. وأن وضعت في يده مسئولية، يستخدمها لراحة الناس. وإن وهبه الله ثروة أو
سلطة أو أية إمكانية، فإنه يستخدمها لأجل راحة الناس، كل الناس.


والقلب العطوف لا يستطيع أن
ينام، إن سمع أن هناك شخصًا متعبًا أو محتاجًا. بل يظل يفكر ماذا يفعل لأجله.



لذلك كان من المستحيل على مثل
هذا القلب أن يؤذى أحدًا، لأنه يتألم لآلام الناس، أكثر من تألمهم هم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:45 am

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





11- القلب
المطمئن المملوء بالسلام









ما أعمق القلب الذي يعيش
في سلام داخلي، يملك الهدوء عليه، وكل ضيقات العالم لا تزعجه.




إنه يستمد سلامه من
الداخل، وليس من الظروف المحيطة..
لذلك فإن الظروف الخارجية لا
تزعزعه.


حقًا، إنه ليس من صالح
الإنسان أن يجعل سلامه يتوقف على سبب خارجي: إن اضطربت الأحوال يضطرب معها، وإن
هدأت يهدأ. سبب خارجي يجعله يثور، وسبب يجعله يفرح، وسبب يبكيه، وسبب يبهجه..
مثل هذا يكون كما قال الشاعر:

كريشه في مهب الريح طائرة
لا تستقر على حال من
القلق


الرجل القوى يجعل الظروف
الخارجية تخضع لمشاعره، تخضع لقوة قلبه، لا أن تتحكَّم في انفعالاته. ولا يخضع هو
لها..


إن حدث حادث معين،
يتناوله في هدوء، يفحصه بفكر مستقر، ويبحث عن حل له. كل ذلك وهو متمالك
لأعصابه، متحكم في انفعالاته. وبهذا ينتصر، ويكون أقوى من الأحداث، ويحتفظ
بسلامه الداخلي.. وذلك لأن قلبه كان أكبر من الظروف وأقوى من الأحداث.. وما
أصدق ذلك الكاتب الروحي الذي قال:




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Hammershoi-Vilhelm-A-Woman-Reading-By-A-Window

St-Takla.org Image:
Hammershoi Vilhelm - A Woman Reading By A Window
صورة في موقع الأنبا تكلا:
لوحة سيدة تقرأ بجوار نافذة، الفنان هامرشوي فيلهيلم

إن

قطعة من الطين يمكنها
أن تعكر كوبًا من الماء، ولكنها لا تستطيع أن تعكر المحيط..


يأخذها المحيط، ويفرشها في
أعماقه، ويقدم لك ماءً رائقًا..




لذلك أيها القارئ العزيز،
كن واسع القلب. كن رحب الصدر. كن عميقًا في داخلك. قل لنفسك في ثقة: أنا لا
يمكن أن أضعف، ولا يمكن أن تنهار معنوياتي أمام الأخبار المثيرة، أو أمام
الضغطات الخارجية. مهما حدث، فسأحاول أنى لا أنفعل. وإن انفعلت، سأحاول أن
أسيطر على انفعالاتي.. سأبتسم للضيقات، وسأكون بشوشًا أمام الضغطات.. وسأثبت
-بقوة من


الله- حتى تمر العاصفة.


لا تفكر في
الضيقة
التي أصابتك، ولا في أضرارها ومتاعبها. بل فكر في إيجاد حل لها.




إن كثرة التفكير في الضيقة هي
التي تحطم الأعصاب وتتعب النفس أحيانًا يكون التفكير في الضيقة أشد إيلامًا
للنفس من الضيقة ذاتها. إن التفكير في الضيقات هو الذي يجلب الأحزان والأمراض
والهم والفكر. وهو لون من الانهيار ومن الخضوع تحت ثقل الضيقة.


أما التفكير في إيجاد حل
للضيقة، فهو الذي يعمل على سلام النفس وراحتها.




ضع في نفسك أن كل ضيقة
لها حل..


وكل ضيقة لها مدى زمني معين
تنتهي فيه.


فكر في حل لضيقتك، فإن وصلت إليه
تستريح. وإن لم تصل، ثق بروح الإيمان أن لدى الله لهذه الضيقة حلول كثيرة، وأنه
-تبارك اسمه-
قادر أن يعينك وأن يحل جميع إشكالاتك. وتذكر ضيقات سابقة قد
حلها الله، ومرت بسلام.


واحذر من أن يوقعك الشيطان
في اليأس، أو أن يصور لك الأمر معقدًا لا حل له.. فإن الإنسان المؤمن لا ييأس.


المؤمن يعرف أن الله
موجود، وانه إله رحيم، ورحمته غير محدودة، وهو ضابط الكل، والعالم كله في قبضة
يديه (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم
الأسئلة والمقالات).. وأن الله يدبر كل شيء حسنًا، ولا بد أنه سيتدخل ويعمل عملًا.. لذلك فإن
المؤمن يستريح في أعماقه، ويلقى على الرب كل همه، ويستودعه جميع إشكالاته..



أما الذي يستسلم
لليأس، فإنه يضيع نفسه. وقد يتصرف في يأسه أي تصرف خاطئ يكون أكثر ضرارًا من
المشكلة القائمة نفسها.


مثال ذلك الذي ييأس من
مشاكل الحياة
فينتحر.. أو مثال تلك الفتاة التي تخطئ، وتيأس من إيجاد حل
لمشكلتها، فتستسلم للخطيئة وتضيع..


إن
القلب القوى لا يستسلم
للضيقات، والقلب الأقوى لا يشعر بالضيقة، لأنها لم تضايقه. وأتذكر أنني قلت في
إحدى المرات:


إن الضيقة قد سميت
ضيقة لأن القلب قد ضاق عن أن يتسع لها.




ولو كان القلب متسعًا، ما شعر
أنها ضيقة. لو كان متسعًا، ما تضايق منها.. الضيق إذن في قلوبنا، وليس في
العوامل الخارجية.. وإن تعكرنا نحن، تبدو أمامنا كل الأمور متعكرة وإن تعبنا في
الداخل، تبدو أمامنا كل
الأمور متعبة.. أليس حقًا أن أمرًا من الأمور قد يضايق إنسانًا ما، وفي نفس
الوقت لا يتضايق منه إنسان آخر، هو نفس الأمر..



ليس المهم إذن في نوع الأحداث
التي تحدث لنا، بل المهم بالأكثر هو الطريقة التي نتقبل بها الأحداث ونتصرف معها.




الإنسان القوى الذي يصمد أمام
الإشكالات، يزداد قوة. والإنسان الضعيف الذي ينهار أمامها، يزداد ضعفًا.
فالإشكالات، فالإشكالات هي نفس الإشكالات.. ولكنها تقوى شخصًا وتزيده صلابة ومراسًا وحنكة،
وتضعف شخصًا أخر، وتزيده انهيارًا وخورًا وحزنًا.


لذلك كونوا أقوياء من الداخل،
وخذوا من الضيقات ما فيها من بركة، وليس ما فيها من ألم..




لقد سمح الله بالضيقات من أجل
فائدتنا ونفعنا. وفي ذلك قال القديس يعقوب الرسول: "احسبوه كل فرح يا
أخوتي
حينما تقعون في تجارب متنوعة".
إن المؤمن يشعر أن الله قد سمح له بالضيقة من أجل نفعه، لذلك يفرح بالضيقة.



وبهذا يقدم لنا

الكتاب درجة
روحية أعلى من احتمال الضيقات، وهى الفرح بالضيقات.. إن المسألة تحتاج إلى
إيمان. لأنك ربما ترى الضيقة فقط ولا ترى الخير الإلهي الكامن فيها..




إن هذا الخير لا تراه بالعين
المادية، ولكنك تراه بالأيمان، بثقتك في عمل الله المحب وحسن رعايته.. مثال ذلك
يوسف الصديق: أحاطت به التجارب والضيقات حتى اتهم اتهامات باطلة وألقى في
السجن. ولكن السجن كان طريقة إلى الملك إن أهل العالم قد تزعجهم التجارب، أما
الإنسان المؤمن فهو ليس كذلك.


إن المتاعب قد تحيط به من
الخارج، ولكنها لا تدخل مطلقًا إلى داخل نفسه..


إنه كالسفينة الكبيرة التي تمخر
عباب المحيط، تضطرب الأمواج حولها، وهى سائرة في رصانة نحو هدفها، طالما أن
المياه ما تزال خارجها.. مسكينة تلك السفينة، إن وُجِدَ ثقب في نفسيتها،
واستطاعت المياه أن تنفذ إلى داخلها..!! احذروا أيها الأحباء من أن تدخل المياه إلى
أنفسكم.


واعلموا في كل ضيقة
أن
التجارب التي يسمح بها الله، لها شروط منها:





1- أنها
على قدر احتمالكم،




2- وأيضا
كل تجربة معها المنفذ




3- وإنها
لابد تؤول إلى نفعكم، إن أحسنتم استخدامها.




إن الله في محبته للبشر، لا يسمح
أن تحل تجربة بإنسان يكون احتمالها أكثر من طاقته. كل التجارب التي يسمح بها
الله هي في حدود احتمالنا. والتجارب القوية، لا يسمح بها الله إلا للناس
الأقوياء الذين يحتملونها.. ما أجمل
قول الكتاب: "ولكن الله أمين، الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون، بل سيجعل
مع التجربة أيضًا المنفذ، لتستطيعوا أن تحتملوها"
(1 كو 10: 13).


4- والتجارب هي مدرسة
للصلاة..




إنها تدرب الإنسان كيف يحنى
ركبتيه أمام الله، وكيف يرفع قلبه قبل أن يرفع يديه، طالبًا العون من الله،
الذي هو معين من لا معين له ورجاء من لا رجاء له عزاء صغيري القلوب، وميناء
الذين في العاصف..





كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3



كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Related_



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:46 am

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





12- جحيم
الرغبات








أيها القارئ العزيز، لتكن رغبتك
الأولى هي
الله،
وباقي الرغبات داخلها. ولتكن رغباتك سببًا في سعادتك وسعادة الناس. واحذر من أن تعيش في جحيم الرغبات.. الرغبات العالمية التي
تستعبد من يخضع لها.. بحث أحد الحكماء في أسباب السعادة والشقاء، فوصل إلى
حقيقة عميقة في فهمها وهى:


إن سبب الشقاء هو وجود رغبة
لم تتحقق.




قد يعيش الإنسان فقيرًا، ويكون
سعيدًا في نفس الوقت. ولكن إن دخلت قلبه رغبة في الغنى ولم تتحقق، حينئذ يتعب
ويشقى.. وهكذا قد يكون الإنسان مريضًا وراضيًا وشاكرًا، يقابل الناس في بشاشة
وابتهاج، لا يشقيه المرض. لكنه يبدأ في التعب إن دخلت في قلبه رغبة في الشفاء لم
تتحقق.


إن رحلة الرغبات داخل القلب
تتعبه وتضنيه وترهقه وتشقيه.




إنه يشتاق، ويشقى في اشتياقه.
يريد، ويجاهد في تعب لكي يصل: يعد العدة ويلتمس الوسائل. يفكر ويقابل ويكتب
ويشكو، ويروح ويجئ، ويسعى ويتعب في سعيه.


وقد ينتظر طويلًا.. متى تتحقق
الرغبة، يشقى في انتظاره.
يصبر، ويضيق صدره، ويمل ويضجر،
ويدركه القلق حينًا آخر. أو قد يتعبه
الخوف، الخوف من الفشل. وقد يتعب من طياشة
الفكر، ومن أحلام اليقظة، ومن مجرد آمال، مجرد قصور في
الهواء، ولا يراها إلا إذا أغمض عينيه..! وقد ينتهى سعيه وتعبه إلى "لا شيء"،
يحرم من رغبته التي يود تحقيقها، فيشقى بالحرمان.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Artwork-by-Arcadi-Blasco

St-Takla.org Image:
Artwork by Arcadi Blasco
صورة في موقع الأنبا تكلا:
عمل فني، الفنان أركادي بلاسكو

وأخطر من هذا كله، فإن
آماله وأغراضه قد تجنح به عن طريق الصواب. فيتعلم بسببها الخداع، أو اللف
والدوران، أو التزلف والتملق، أو الكذب أو الرياء، أو ما هو أبشع من هذا..
وقد صدق أحد الحكماء حينما قال: (لابد أن ينحدر المرء يومًا إلى النفاق، إن
كان في قلبه شيء يود أن يخفيه).


و العجيب في هذه الرغبات
الأرضية، أنها تشقى الإنسان حتى إن تحققت ذلك لأنها لا تقف عند حد..




قد يعيش الإنسان في جحيم الرغبات
زمنًا، حتى إذا ما تحققت له رغبة، وفرح بها وقتًا ما، ما تلبث أن تقوده إلى
رغبة أخرى، إلى خطوة أخرى في طريق الرغبات الذي لا ينتهي.


إن الرغبة عندما تتحقق يلتذ بها،
تقوده اللذة إلى طلب المزيد (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع
الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). والوصول إلى هذا المزيد، قد يجره إلى تعب جديد..
ويكون كمن يشرب من ماء مالح.. وكما قال
السيد المسيح:
"من يشرب من هذا الماء
يعطش". وعندما يعطش سيسعى إلى الماء مرة أخرى ليشرب. وكلما يشرب يزداد عطشًا.
وكلما عطش يزداد اشتياقًا إلى الماء.. في حلقه مفرغة لا يستريح فيها ولا يهدأ.


صاحب الرغبة يعيش في رعب أما
خوفًا من عدم تحقق رغبته أو خوفًا من ضياعها، إن كانت قد تحققت.




ومن
القصص اللطيفة في هذا المجال
أن رجلًا فقيرًا لا يملك شيئًا على الإطلاق، كان يعيش في منتهى السعادة، يضحك
ملء فمه، ويغنى من عمق قلبه. فالتقى به أحد الأمراء وأعجب به، فمنحه كيسًا من
الذهب. فأخذه الفقير إلى بيته، بدأت الآمال والرغبات تدخل إلى قلبه: أية سعادة
سيبنيها بهذا المال! ثم لم يلبث
الخوف أن ملك عليه، لئلا يسرق أحد منه هذا
الذهب قبل أن يبنى سعادته به. فقام وخبأ الكيس وجلس مفكرًا. ثم قام وغير المكان
الذي أخفاه فيه. ثم حاول أن ينام ولم يستطع، وقام ليطمئن على الذهب.. وفي تلك
الليلة فقد سلامه، حتى قال لنفسه: (أقوم وأعيد هذا الذهب إلى
الأمير، وأنام سعيدًا كما كنت). وهكذا أشقته الآمال والرغبات وما تحمل من حرص
وخوف..


وإنسان قد يُقاد من رغباته..
رغباته تمثل نقطة ضعف فيه، يقوده الناس منها..


ما أشقى الإنسان الذي تكون
رغباته في أيدي الناس، في حوزتهم أو في سلطانهم أو في إرادتهم!! بإمكانهم أن
يحققوها له، وبامكانهم أن يحرموه منها. لذلك يعيش عبدًا للناس، تتوقف سعادته
على رضاهم..


لهذا كان النساك يعيشون في
سعادة، زاهدين لا تتعبهم الرغبات..


هؤلاء قد انتصروا على الرغبات،
وارتفعوا فوق مستواها. ولم تعد لهم سوى رغبة واحدة مقدسة هي الحياة مع الله
والتمتع به، وهذه لا يستطيع أحد من لناس أن يحرمهم منها.


إن سعادة
الناسك الزاهد تنبع من
دخله، من قلبه، من إحساسه بوجود الله معه. أما الناس فإنهم ليسوا المصدر الذي
يمنحه
السعادة،
وبالتالي ليسوا هم السبب الذي يحرمه إياها.


إنه قد يسعد بهم من أجل محبته
لهم، من أجل الحب الكامن في قلبه من جهتهم، وليس من أجل الخير الذي يعطونه
إياه.. هذا الإنسان الذي تنبع سعادته من داخله، لا تصير سعادته رهنًا للظروف
الخارجية، ولا يتحكم فيها الناس.


هناك أمثلة جميلة لأولئك الذين
لم تكن لهم رغبة يحققها الناس، لعل في مقدمتهم مثال ديوجين الفيلسوف،
ذلك الحكيم الذي كان يحبه الاسكندر الأكبر، وقد بلغ من فرط إعجابه به قال:
(لو لم أكن الإسكندر، لتمنيت أن أكون ديوجين). في إحدى المرات جاء الإسكندر
لزيارة ديوجين، وأطل عليه من نافذة صومعته وقال له: (أي شيء تريد يا ديوجين، وأنا أعطيك إياه ولو نصف
مملكتي. فنظر إليه ديوجين في عمق وقال له:
"أريد ألا
تمنع عنى الشمس"! وانصرف الإسكندر وقد استصغر ذاته. لم تكن كل مملكته تساوى
شيئًا في قلب ديوجين..


حقًا، أي شيء في العالم، يمكن أن
تتعلق به رغبات الروحيين؟‍ لا شيء. ليس فيه سوى المادة والماديات، ومشتهيات
الجسد والنفس. ولكنهم يعلقون رغباتهم بالله وسمائه، وبعالم الروح. لذلك ليس
في العالم شيء يشتهونه في هذه الأرض، ولو انقلبت الأرض سماء الروحيون أعلى من
رغبات العالم وأسمى. والعالم لا يعطيهم، بل بالحرى يأخذ منهم.


إنهم بركة للعالم، ومن أجلهم
يرضى الله على الأرض.. ليست سعادتهم في أن يتمتعوا بما في العالم من رغبات،
إنما سعادتهم في أن يملوا العالم خيرًا على قدر طاقتهم. إنهم نور للعالم يبدد
ظلماته، وهم بهجة للأرض ونعمة. هؤلاء لا يعيشون في جحيم الرغبات، بل يسعدون
برغباتهم الروحية النابعة من داخلهم، المتحققة دائمًا بسبب صلتهم الدائمة
بالله.. ولقد تأملت في حياة أحد هؤلاء الزاهدين المرتفعين عن مستوى الرغبات
الأرضية
فناجيته بأبيات منها:




كل ما حولك صمت
وسكون
هل ترى
العالم إلا تافها
كل ما فيه
خيال ينمحى
هل ترى
الآمال إلا مجمرًا

لست منهم. هم
جسوم بينما


وهدوء يكشف السر
المصون
يشتهى
المتعة فيه التافهون؟‍
كل ما فيه
سيفنى بعد حين

يتلظى بلظاه
الآملون
أنت روح فر
من تلك السجون




ما أجمل أن يعيش الإنسان سعيدًا
بالله. يمكن أن تكون له رغبات، ولكن لا تستعبده الرغبات.


تكون الرغبات مفتاحًا في يده ولا
تكون أغلالًا في يديه..



كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3




المقال مع بعض التعديلات نُشِر في وقتٍ لاحق
في جريدة الأهرام يوم 11 ديسمبر 2011






جحيم
الرغبات





أيها القارئ العزيز, لتكن رغبتك الأولي والعظمي هي الحياة مع
الله. أما باقي الرغبات فلتكن داخل هذه الرغبة العظمي. واحذر من أن تعيش في
جحيم الرغبات العالمية التي تستعبد من يخضع لها أو يسعى إليها.



† بحث
أحد الحكماء في أسباب السعادة والشقاء. فوصل إلي حقيقة عميقة في فهمها وهي: أن
أهم سبب للشقاء هو وجود رغبة لم تتحقق: فقد يعيش الإنسان فقيرا. ويكون سعيدا في
نفس الوقت. ولكن إن دخلت إلي قلبه رغبة في الغني ولم تتحقق, حينئذ يتعب ويشقي.
وأيضا قد يكون الإنسان مريضا وراضيا شاكرا, يقابل الناس في بشاشة وابتهاج, لا
يشقيه المرض. ولكن المريض الذي تدخل في قلبه رغبة في الشفاء ولم تتحقق فهذا بلا
شك يتعب في رغبته.



† إن
رحلة الرغبات داخل القلب تتعبه وتضنيه, وترهقه وتشقيه: إنه يشتاق, ويشقي في
اشتياقه. يريد ويجاهد ويتعب لكي يصل. ويلتمس الوسائل, فيفكر ويقابل ويكتب
ويشكو, ويروح ويجيء, ويسعى ويتعب في سعيه. وقد ينتظر طويلا متي تتحقق الرغبة,
ويشقي في انتظاره. يصبر ويضيق صدره, ويمل ويضجر. ويدركه القلق حينا, واليأس
حينا آخر. أو قد يتعبه

الخوف من عدم الوصول إلي نتيجة. وربما يتعب من طياشة الفكر ومن أحلام
اليقظة, أو من أن رغباته مجرد آمال, مجرد قصور في الهواء, لا يراها إلا إذا
أغمض عينيه! وقد ينتهي سعيه وتعبه إلي لا شيء. ويحرم من رغبته التي يود
تحقيقها, فيشقي بالحرمان.




وأخطر من هذا كله, فإن آماله وأغراضه قد تجنح به عن طريق الصواب. فتقوده إلي
الخداع, أو اللف والدوران, أو التذلف والتملق, أو الكذب أو الرياء, أو ما هو
أبشع من كل هذا. وقد صدق أحد الحكماء حينما قال: لابد أن ينحدر المرء يوما إلي
النفاق, وإن كان في قلبه شيء يود أن يخفيه.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org--114-Hell

St-Takla.org Image:
Hell
صورة في موقع الأنبا تكلا:
الجحيم



والعجيب في هذه الرغبات الأرضية, أنها تشقي الإنسان حتى إن تحققت! ذلك لأنها لا
تقف عند حد.. فقد يعيش الإنسان في جحيم الرغبات زمنا. حتى إذا ما تحققت له
رغبة, وفرح بها وقتا ما ما تلبس أن تقوده إلي رغبة أخري, إلي خطوة أخري في طريق
الرغبات الذي لا ينتهي! إن الرغبات عندما تتحقق يلتذ بها, وتقوده اللذة إلي طلب
المزيد وللوصول إلي هذا المزيد, قد يجره إلي تعب جديد، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في

موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.

.. ويكون كمن يشرب من ماء, مالح, كلما شرب منه يزداد
عطشا. وكلما يزداد اشتياقًا إلي الماء, في حلقة مفرغة لا يستريح فيها ولا يهدأ.




صاحب الرغبة يعيش في رعب: إما خوفًا من عدم تحقق رغبته. أو خوفًا من ضياعها إن
كانت قد تحققت.


ومن

القصص اللطيفة في هذا المجال: أن رجلًا فقيرًا لا يملك شيئًا علي الإطلاق,
كان يعيش في منتهي السعادة. يضحك ملء فمه, ويغني من عمق قلبه. وفي إحدى المرات
رآه أحد الأمراء وأعجب به. فمنحه كيسًا من الذهب. فأخذ الرجل الفقير كيس الذهب
إلي بيته. وبدأت الآمال والرغبات تدخل إلي قلبه: أية سعادة سيبنيها بهذا المال!
ثم لم يلبث

الخوف أن ملك عليه, لئلا يسرق أحد منه هذا الذهب قبل أن يبني سعادته به,
فقام وخبأ الكيس وجلس مفكرًا. ثم قام وغيَّر المكان الذي أخفاه فيه. ثم حاول أن
ينام ولم يستطع. وقام ليطمئن علي الذهب.. وفي تلك الليلة فقد سلامة. حتى قال
لنفسه: أقوم وأعيد هذا الذهب إلي الأمير, وأنام سعيدًا كما كنت.



† إن
الإنسان قد يقاد من رغباته, ورغباته تمثل نقطة ضعف فيه, يقوده الناس منها: وما
الإنسان الذي تكون رغباته في أيدي الناس, في حوزتهم أو في سلطانهم أو في
إرادتهم! وبإمكانهم أن يحققوها له, وبإمكانهم أن يحرموه منها. لذلك يعيش عبدا
للناس. تتوقف سعادته علي رضاهم.




لقد عاش النساك في سعادة زاهدين لا تتعبهم الرغبات... هؤلاء قد ارتفعوا فوق
مستوي الرغبات الأرضية. ولم تعد لهم سوي رغبة واحدة مقدسة هي الحياة مع الله
والتمتع بعشرته. وهذه لا يستطيع أحد من الناس أن يحرمهم منها. وهكذا فإن سعادة
الناسك الزاهد تنبع من داخله, من قبله, من إحساسه بوجود الله معه. وإذ تتبع
سعادته من داخله, لا تصير تلك السعادة رهنا للظروف الخارجية, كما لا يتحكم
الناس فيها.


حقا أي شيء في العالم يمكن أن تتعلق به رغبات الروحيين ؟! لا
شيء.. فليس في العالم سوي المادة والماديات, ومشتهيات الجسد والنفس... أما
رغباتهم هم فتتعلق بالله وسمائه وبعالم الروح. لذلك ليس في العالم شيء يشتهونه.
لو كان الذي يشتهونه في هذه الأرض, لتحولت الأرض إلي سماء. إن الروحيين أعلي من
رغبات العالم وأسمي. العالم لا يعطيهم بل هم بركة للعالم. وبسببهم يرضي الله
علي الأرض. وإنهم نور للعالم يبدد ظلماته. وهم بهجة للأرض ونعمة... هؤلاء لا
يعيشون مطلقا في جحيم الرغبات الأرضية.


ولقد تأملت في حياتي أحد هؤلاء الزاهدين المرتفعين عن مستوي
الرغبات الأرضية

فناجيته بآبيات من الشعر قلت فيها:


كل ما حولك صمت وسكون


هدوء يكشف السر المصون


هل تري العالم إلا تافها


يشتهي المتعة فيه التافهون؟


هل تري الآمال إلا مجمرا


يتلظي بلظاه الآملون


لست منهم هم جسوم بينما


أنت روح فر من تلك السجون


نعم ما أجمل أن يعيش الإنسان سعيدا بالله. يمكن أن تكون له
رغبات داخل محبة الله ولكن لا يمكن أن تستعبده الرغبات.


تكون الرغبات مفتاحًا في يده, ولا تكون أغلالًا في يديه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:47 am

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





13- يعيش خارج
نفسه








إن نفسك أمانة في عنقك.



ستقدم عنها حسابًا في اليوم
الأخير.


فاهتم بنفسك، واهتم بأبديتك،
وحاذر من أن تعيش حياتك خارج
نفسك.



فما أقسى أن يعيش الإنسان خارج
نفسه.


هل فكرت أيها القارئ
العزيز في
أبديتك؟
أعنى في مصيرك الأبدي، في المكان
الذي ستستقر فيه أخيرًا بعد رحلة هذا العمر؟ إنه سؤال خطير ينبغي أن تفكر فيه،
وأن تعد حياتك كلها من أجله..






كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Alessandro-Botticelli-1444-1510-Portrait-of-a-Man-Michele-Marullo-Tarcaniota

St-Takla.org Image:
Painting by Alessandro Botticelli (1444 1510) - Portrait of a Man : Michele
Marullo Tarcaniota
صورة في موقع الأنبا تكلا:
لوحة للفنان أليخاندرو بوتيشيللي (1444-1510) - صورة رجل: ميشيل مارولو
تاركانيوتا


إن لك نفسًا واحدة إن ربحتها،
ربحت كل شيء وإن خسرتها خسرت كل شيء.


ففكر في مصير هذه النفس، التي
لا يوجد في هذا العالم كله ما هو أثمن منها. وفي ذلك قال
السيد المسيح:


"ماذا يستفيد الإنسان، لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟‍!
"



إن
الشيطان مستعد أن
يعطيك كل شيء، في مقابل أن يربح نفسك له.. هو مستعد أن يعطيك الغنى والشهرة
والمجد واللذة، في مقابل أن يأخذ منك نفسك.. وكثير من الناس تغريهم أمثال هذه
الأمور، فينسون أنفسهم..


كثير من الناس تغريهم
أمور العالم الحاضر، حتى يصبح التفكير في الأبدية أمرًا ثقيلًا عليهم!
تراهم يهربون من هذا الموضوع، ولا يحبون التحدث فيه، لأنه يزعج بهجتهم، ويعطل
تمتعهم بالحياة.. ومع ذلك فهذا الموضوع حقيقة قائمة، الهرب منها لا يمنع
وجودها..


والشيطان مستعد أن يشغل
الإنسان بأي شيء، على شرط ألا يفكر في أبديته، وألا ينشغل بخلاص نفسه..



والشيطان مستعد أن يشغل الإنسان
بأي شيء، لكي لا يضع أمام عينيه ذلك اليوم الرهيب الذي يقف فيه أمام منبر
الله
العادل، ليعطى حسابًا عما فعله في هذه الحياة الدنيا. نعم ذلك اليوم الرهيب،
الذي تفتح فيه الأسفار، وتكشف الأعمال، وتعلن
الأفكار والنيات..


ما أكثر المشغولين عن
نفوسهم بأمور أخرى، لذلك هم يعيشون خارج نفوسهم..


قد جرفهم العالم بكل مشاغله
ومشاكله، وبكل شهواته ونزواته، وبكل أخباره وأفكاره.. وإن فكروا في نفوسهم،
فإنما يفكرون من حيث ارتباطها بأمور العالم، وليس من حيث ارتباطها بالأبدية..!



آمالهم وأحلامهم مركزة
هنا، في هذا التراب، في أمجاد هذا العالم الزائل الذي قال عنه
الكتاب إن
"
العالم يبيد، وشهوته معه". ويندر أن يفكر أحد منهم في
العالم الآخر، في أمجاد السماء، في ذلك النعيم الأبدي الذي قال عنه بولس
الرسول: "ما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر ما أعده الله
لمحبي اسمه القدوس"..


إننا نعيش في عالم
مشغول.. عن خلاص نفسه.. ليس لديه وقت للتفكير في
مصيره (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم
الأسئلة والمقالات).. عالم تجرفه دوامة عنيفة في أبعاد سحيقة، خارج نفسه.. لذلك حسن قال
الكتاب عن الابن الضال الذي تاب أخيرًا، إنه
"
رجع إلى نفسه"..


لقد نجح الشيطان في أن
يشغلنا جميعًا،
حتى لا يبقى لنا وقت للتفكير في
أبديتنا.. بل إن استطاع واحد منا أن يهرب من مشغوليات العالم، لكي ينشغل بالله
وحده، بأن يهدأ في البرية عابدًا
ناسكًا
مصليًا، مهتمًا بخلاص نفسه، مناجيًا
الله طوال ليله ونهاره، مرتفعًا عن تفاهات العالم وأباطيله، نرى الشيطان يتهكم
عليه ويقول: انظروا هذا الهارب من العالم!! هذا الخائف العاجز!! أية رسالة له؟
وأية منفعة؟! إن هدف الشيطان واضح: يريد أن يشغل هذا العابد أيضًا، أو هذا
المصلى، حتى يرجع إلى مشاكل العالم ومشاغله..!


إن الشيطان يعدل خططه
وأساليبه طبقًا للظروف ومقتضيات الحال..


كان يقنع الناس في القديم بأن
الله هو تلك الأصنام والأوثان.. فلما فشل في ذلك الأمر، قدم للبشر فلسفات
مضلة.. فلما فشلت تلك أيضًا، قدم لهم الشهوات واللذة حتى يغريهم بعيدًا عن
الله.. فإن تنبه الناس لإغراءاته، يقدم لهم شيئًا آخر هو المشغولية الدائمة..



إنه لا يهمه نوع السلاح
الذي يحارب به.. إنما المهم عنده أن يربح على كل حال قومًا.. فقد يحارب بهذا
السلاح أو ذاك، أو بكل تلك الأسلحة جميعها، لكي يصل إلى هدف واحد، وهو أن ينفرد
بالإنسان، بعيدًا عن الله، في متاهة.. خارج نفسه..


و إن اتجه الإنسان نحو الصلاح
والخير، وعجز الشيطان عن إبعاده، يحاول حينئذ أن يجعل سعى الإنسان للخير خارج
نفسه!..
فيدعو الناس للخير، دون أن يهتم بالسلوك فيه.


يكون كما قال أحد
الآباء، كمن يشبه أجراس الكنائس، التي تدعو الناس إلى دخول الهياكل
دون أن تدخل
هي إليها.. أو كما قال أحد الاقتصاديين: يكون الخير عنده للتصدير الخارجي، وليس
للاستهلاك المحلى..!


هذا الإنسان يتصل بالخير
عن طريق المعرفة، وليس عن طريق الممارسة.


إنه يتحمس للخير لكي يسير فيه
الناس، لا لكي يسير هو فيه. إنه يشبه ذلك الرجل الذي بكته الشاعر بقوله


يا أيها الرجل المعلم غيره

هلا لنفسك كان ذا التعليم


تصف الدواء لذي السقام وذوى
الضعفى
كيما يصح به وأنت سقيم


ابدأ بنفسك فانهها عن غيها
فإذا انتهت عنه فأنت حكيم


من أجل هذا الإنسان قال
السيد المسيح له المجد: "أخرج أولًا الخشبة من عينك، قبل أن تخرج القذى من عين
أخيك"..


إن كثيرين يهتمون
بأخطاء غيرهم، دون أن يهتموا بأخطاء أنفسهم.


يتحمسون في مناقشة أخطاء الغير،
كأنهم بلا أخطاء!
يتأثرون بأخطاء الغير ويثورون عليها، كأنهم هم الذين
سيحاسبون عليها في اليوم الأخير..! وأما أخطاؤهم هم فلا يبصرونها.. هم أمام
أنفسهم ولا يصلحون لذلك، لأنهم يعيشون خارج أنفسهم! بل أن أخطاءهم ينسبونها إلى
غيرهم، كما قال الشاعر:


نعيب زماننا والعيب فينا


وما لزماننا عيب سوانا


أيها القارئ الكريم، اهتم
بنفسك.. وقبل أن تفكر في أخطاء غيرك، جاهد لكي تصلح أخطاءك..


وقبل أن تطبق المثاليات على
غيرك من الناس، طبقها على نفسك أولًا. وبدلًا من أن تكون واعظًا لسواك، كن عظة،
كن قدوة، كن درسًا عمليًا، كن نموذجًا.. ولكن حاذر من أن تفعل الخير لكي تكون
قدوة، وإلا عشت خارج نفسك. وإنما افعل الخير من أجل نفسك، لكي تكون نقيًا
ومقبولًا أمام الله ومحبًا له..


وإن كنت قد عشت هذا الزمان كله
خارج نفسك، ادخل الآن إليها، واكتشف خباياها، وأصلحها.. ولا تنشغل بأخطاء
الناس، أو ما تظنها أخطاء، فربما تكون ظالمًا في ظنك.. ضع أمامك ذلك المثل
المشهور الذي يقول:


"
من كان بيته من زجاج، لا يقذف الناس بالحجارة".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:51 am

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





14- المحبة هي
قمة الفضائل








المحبة هي الفضيلة الأولى
بل هي جماع
الفضائل كلها. وعندما سئل السيد المسيح عن الوصية العظمى في
الناموس، قال
إنها المحبة"
تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل فكرك، ومن كل قدرتك..
وتحب قريبك كنفسك" "
وبهذا يتعلق الناموس كله والأنبياء".


وقد جاء السيد المسيح إلى
العالم لكي ينشر المحبة، المحبة الباذلة المعطية، محبة
الله للناس، ومحبة الناس
لله، ومحبة الناس بعضهم لبعض. وهكذا قال لرسله القديسين: "بهذا يعلم الجميع
أنكم

تلاميذى، إن كان فيكم حب بعضكم نحو بعض".. وبهذا علمنا أن نحب الله، ونحب
الخير.. ونطيع الله من أجل محبتنا له، ومحبتنا لوصاياه..


تربطنا بالله علاقة
الحب، لا علاقة الخوف.
إن الخوف يربى عبيدًا، أما الحب
فيربى الأبناء، وقد نبدأ علاقتنا مع الله بالمخافة ولكنها يجب أن تسمو وتتطور
حتى تصل إلى درجة الحب، وعندئذ يزول الخوف.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Peace-in-Love

St-Takla.org Image:
Symbol: Peace in love
صورة في موقع الأنبا تكلا:
رموز الحب و السلام
وفى إحدى المرات قال
القديس
العظيم الأنبا انطونيوس لتلاميذه: (يا أولادي، أنا لا أخاف الله). فلما
تعجبوا قائلين: (هذا الكلام صعب يا أبانا)، حينئذ أجابهم القديس بقوله: (ذلك
لأنني أحبه، والحب يطرح الخوف إلى خارج).


والإنسان الذي يصل إلى محبة
الله، لا تقوى عليه الخطية. يحاربه الشياطين من الخارج، وتتحطم كل سهامهم
على صخرة محبته. وقد قال
الكتاب: "المحبة لا تسقط أبدًا". وقال سليمان الحكيم
في
سفر النشيد: "المحبة قوية كالموت.. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة".
ولذلك قال
القديس أوغسطينوس: (أحبب، وأفعل بعد ذلك ما تشاء)..


وقد بلغ من
أهمية المحبة أنها
سارت اسمًا لله. فقد قيل في الكتاب المقدس: "الله محبه، من يثبت في الله،
والله فيه"..


إن
المحبة هي قمة الفضائل
جميعًا. هي أفضل من العلم، وأفضل جميع المواهب الروحية، وأفضل من الإيمان ومن
الرجاء.. ولهذا قال بولس الرسول:


إن كنت أتكلم بألسنة
الناس والملائكة، ولكن ليس لي محبة، فقد صرت نحاسًا يطن أو صنجًا يرن، وإن كانت
لي نبوءة، وأعلم جميع الأسرار وكل علم، وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال،
وليست لي محبة، فلست شيئًا".


"
العلم ينفخ، والمحبة تبنى".


إن الدين ليس ممارسات ولا شكليات
ولا فروضًا، ولكنه حب.. وعلى قدر ما في قلب الإنسان من حب لله وحب للناس وحب
للخير، هكذا يكون جزاؤه في اليوم الأخير..


إن الله لا تهمه أعمال
الخير التي يفعلها الناس، إنما يهمه ما يوجد في تلك الأعمال من حب للخير ومن حب
لله..


فهناك أشخاص يفعلون الخير ظاهرًا
وليس من قلوبهم، وهناك أشخاص يفعلون الخير مجبرين من آخرين، أو بحكم القانون،
أو خوفًا من الانتقام، أو خوفًا من العار، أو خجلًا من الناس.. وهناك أشخاص
يفعلون الخير من أجل مجد ينالونه من الناس في صورة مديح أو إعجاب.. كل هؤلاء لا
ينالون أجرًا إلا إن كان الحب هو دافعهم إلى الخير..


لذلك ينبغي أن نخطط
بكل
فضيلة بالحب، ونعالج
كل أمر بالحب، يكون الحب دافعنا، ويكون الحب وسيلتنا، ويكون الحب غايتنا (اقرأ
مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة
والمقالات). ونضع
أمامنا قول الكتاب: "لتصر كل أموركم في محبة".


+
تدخل الحب في كل الفضائل:


كما
ينبغي أن يدخل الاتضاع في كل فضيلة لكي يحفظها من الزهو والخيلاء والمجد
الباطل، كذلك ينبغي أن يدخل الحب في كل فضيلة لكي يعطيها عمقًا ومعنى وحرارة
روحية.. ولنضرب لذلك بضعة أمثلة..


الصلاة مثلًا، هل هي
مجرد حديث مع الله؟ إنها أكبر من ذلك، إنها اشتياق القلب لله، وهى تعبير عن
الحب الداخلي..


لذلك قال داود النبي في مزاميره:
"يا الله أنت إلهي، عطشت نفسي إليك التحقت نفسي وراءك.. كما يشتاق الأيل إلى
جداول المياه، كذلك اشتاقت نفسي إليك يا الله.. محبوب هو اسمك يا رب، فهو طول
النهار تلاوتي". "وجدت كلامك كالشهد
فأكلته"..


والذهاب إلى بيت الله، أهو
نوع من العبادة، أم هو أيضًا حب؟ نسأل في هذا داود النبي، فيقول في
مزاميره: "مساكنك محبوبة، أيها الرب إله القوات. تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى
ديار الرب". "فرحت بالقائلين لي: إلى بيت الرب نذهب".. "واحدة طلبت من الرب،
وإياها التمس، أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي..".


ليست الصلاة فقط هي علاقة
حب، ولا الذهاب إلى بيت الله فحسب، وإنما العبادة كلها.. إن العبادة ليست هي
حركة الشفتين بل القلب، إنها حركة القلب نحو الله. إنها استبدال
شهوة بشهوة:
ترك لشهوة العالم، من أجل التعلق بشهوة الله..


كذلك خدمة الله،
والسعي
لخلاص أنفس الناس.. كلها أعمال حب..
الخادم هو الإنسان الذي يحب الناس، ويهتم
بمصيرهم الأبدي، ويسعى إلى خلاص نفوسهم. إنه كالشمعة التي تذوب لكي تضئ
للآخرين، يقول مع بولس الرسول: "وددت لو أكون أنا نفسي مرفوضًا، من أجل
أخوتي
وأنسبائي حسب الجسد".. "من يفتر وأنا لا ألتهب؟!".


لذلك كل إنسان يخدم
الله، عليه أن يتعلم الحب أولًا، قبل أن يخدم الناس..
فالناس يحتاجون إلى قلب واسع، يحس إحساسهم، ويشعر بهم
ويتألم لآلامهم، ويفرح لأفراحهم، ويحتمل ضعفاتهم، ولا يحتقر سقطاتهم، بل أيضًا
يحتاجون إلى قلب يحتمل جحودهم وصدودهم وعدم اكتراثهم. وبالحب نستطيع أن نربح
الناس..


والإنسان الذي يعيش بالحب،
عليه أن يحب الكل. إن القلب الضيق هو الذي يحب محبته فقط، أما القلب الواسع
فيحب الجميع حتى أعداءه.


ولهذا قال السيد المسيح له
المجد: "أحبو أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين
يسيئون إليكم ويطردونكم".. وأعطانا مثلًا وقدوة من الله نفسه الذي: "يشرق شمسه
على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين".


لذلك علينا أن نحب الكل،
ولا نضيق بأحد ونأخذ درسًا حتى من الطبيعة.. نتعلم من النهر الذي يعطى ماءه
للكل، يشرب منه القديس، كما يشرب منه الخاطئ.. انظروا إلى الوردة كيف تعطى
عبيرها لكل من يعبر بها، يتمتع برائحتها البار والفاسق، حتى الذي يقطفها،
ويفركها بين يديه، تظل تمنحه عطرها حتى آخر لحظة من حياتها..



ليتنا نعيش معًا
بالحب، وأقصد به الحب العملي، كما قال الكتاب: "لا نحب باللسان ولا بالكلام، بل
بالعمل والحق".. لأن كثيرين قد يتحدثون عن الحب،
وأعمالهم تكذبهم، هؤلاء الذين وبخهم الله بقوله: "هذا الشعب يعبدني بشفتيه، أما
قلبه فمبتعد عنى بعيدًا"..


وأهم ما في الحب هو البذل،
وأعظم ما في البذل هو بذل الذات.. لذلك قال السيد المسيح: "ليس حب أعظم من
هذا، أن يبذل أحد نفسه عن أحبائه". فلنحب الناس جميعًا، لأن القلب الخالي من
الحب، هو خال من عمل الله فيه، هو قلب لا يسكنه الله.


وإن لم نستطع أن نحب
إيجابيًا فعلى الأقل لا
نكره أحدًا. فالقلب الذي توجد فيه الكراهية والحقد هو
مسكن للشيطان..


إن لم نستطع أن نحب الناس، فعلى
الأقل لا نكرههم، وإن لم نستطع أن ننفع الناس، فعلى الأقل لا نؤذيهم..



فليعطنا الله محب البشر،
الذي أحب الكل في عمق، أن نحب بعضنا بعضًا، بالمحبة التي يسكبها الله في
قلوبنا، له المجد الدائم إلى الأبد.
آمين..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:56 am

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





15- كيف تحب
الناس ويحبك الناس؟








هناك قواعد هامة، عليك أن
تتبعها
لكي تكسب محبة الناس، ونحاول هنا أن نعرض لبعض منها.


1- ضع
هدفًا واضحًا أمامك، أن تكسب محبة الناس، حتى لو أدى الأمر أن
تضحى في سبيل
ذلك..


هناك أشخاص يهمهم ذواتهم
فقط، ولا يهتمون بالآخرين. لا يبالون إن غضب فلان أو رضى. أما أنت فاحرص على
شعور كل أحد، وحاول أن تكسب كل أحد، لأن الكتاب يقول: "رابح النفوس حكيم". وإن
عرفت أن واحدًا من الناس متضايق منك، فلا يهدأ قلبك حتى ترضيه. اجعل كل أحد
يحبك، وكما قال الكتاب: "أن استطعتم فعلى قدر طاقتكم سالموا جميع الناس". لذلك
قدم للناس محبتك، واكتسب محبتهم، واعتبر أن محبة الناس كنز ثمين يجب أن تحرص
عليه.


2- وفي
سبيل محبة الناس، احترم كل أحد، حتى من هو أصغر منك وأقل شأنًا.

كثير من الناس يحترمون من
هم أكبر منهم أو من هم أعظم مركزًا، ولكنهم يتجاهلون من هم أقل منهم، وبهذا
يخسرون الكثير. أما أنت فتدرب على احترام الكل وتوقير الكل. لا تقل كلمة فيها
إقلال من شأن أحد، أو جرح لشعور إنسان. ولا تعامل أحدًا باستصغار أو باحتقار،
ولا تتجاهل أحدًا مهما كان مجهولًا. درب نفسك على عبارات تقدير وتوقير بالنسبة
إلى أولادك أو أخوتك الصغار أو مرؤوسيك أو خدمك..




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Painting-by-Daniel-Quintero

St-Takla.org Image:
Mami Amadou, Painting by Daniel Quintero, 2001
صورة في موقع الأنبا تكلا:
لوحة
بعنوان: مامي أمادو، للفنان دانيال كوينتيرو،
2001

واعلم أن أمثال هذه العبارات
سوف لا تنسى، سيتذكرها أولئك الصغار طول العمر، وسترفع من روحهم المعنوية،
وستجعلهم يحبونك. إن كثيرًا من الكبار ينسون احترامك لهم لأنه شيء عادى بالنسبة
إليهم. أما الصغار فلا ينسون. احترامك لهم عمل باق لا يضيع. واعرف أن الله لا
يحتقرنا على الرغم من الفارق اللانهائي بين عظمته وضآلتنا،
والله مع ذلك يتنازل
ويكلمنا، ويتضع مستمعًا إلينا ساعيًا لخلاص أنفسنا.


3-
لذلك
فإن
تواضعك للناس هو عامل هام في كسب محبتهم لك.


لا تكلم أحدًا من فوق،
ولا تتعال على أحد، بل عامل الكل باتضاع، فإن الناس يحبون المتضعين. إن كان لك
مركز كبير، إنس مركزك، وعش مع الناس كواحد منهم. لا تشعرهم بفارق..



في إحدى المرات سألني أحد
الآباء نصيحة، فقلت له: (كن ابنًا وسط أخوتك، وكن أخًا وسط أبنائك) ذلك لأن
الاتضاع يستطيع أن يفتح حتى القلوب المغلقة (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع
هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. والناس قد يخافون من هو عال وكبير
بينهم، ولكنهم يحبون من ينسي مركزه في محبتهم. أكتسب أذن محبة الناس لك لا
خوفهم منك. ولا يكن هدفك أن يهابك الناس وإنما أن يحبوك. لا تطلب أن تكون فوق
رؤوسهم، وإنما أطلب أن تكون داخل قلوبهم.


ولا تظن أن تواضعك للناس، يقلل
من شأنك، بل على العكس إنه يرفعك أكثر.. تذكر قول

الشيخ الروحاني: (في كل موضع
حللت فيه، كن صغير أخوتك وخديمهم).. وقد قال
السيد المسيح: "من وضع نفسه يرتفع،
ومن رفع نفسه يتضع".. وما أجمل تلك النصيحة التي وجهها الشيوخ الحكماء لرحبعام
الملك ابن سليمان الحكيم حينما قالوا له: "إن صرت اليوم عبدًا لهذا الشعب،
وأحببتهم وخدمتهم، يكونوا لك عبيدًا كل الأيام"..


4-
إن أردت
أن يحبك الناس، اخدمهم، وساعدهم، وابذل نفسك عنهم.. أشعرهم بمحبتك بما تقدمه
لهم من معونة ومن عطاء ومن بذل. أن الذين يحبون ذواتهم، يريدون باستمرار أن
يأخذوا وأن ينالوا وأن يكسبوا. أما أنت فلا تكن كذلك. درب نفسك على البذل
والعطاء. لتكن علاقتك بالناس تهدف إلى مصلحتهم هم لا إلى مصلحتك أنت. انظر كيف
تريحهم، وكيف تجلب السرور إلى قلوبهم، وتدخل الفرح إلى حياتهم.. بهذا يحبونك..



إن أكثر إنسان مكروه هو الشخص
الأناني، وأكثر إنسان محبوب هو الشخص الخدوم، الباذل المعطى.


لا تظن أن الطفل هو فقط
الذي تعطيه فيحبك، بل حتى الكبير أيضًا.. الله نفسه علاقته مع الناس علاقة
إعطاء وبذل، وكذلك الرسل.. الأم محبوبة جدًا لأنها باستمرار تعطى وتبذل..



وإن لم يكن لك شيء تعطيه للناس،
أعطهم ابتسامة لطيفة وكلمة طيبة. أعطهم حبًا، أعطهم حنانًا أعطهم كلمة تشجيع..
أعطهم قلبك.. أظهر لهم أنك تريد، وأنك مستعد، لكل تضحية من أجلهم..


5-
و إن
أردت أن يحبك الناس، قابلهم ببشاشة ولطف..


إن الشخص البشوش شخص
محبوب.. الناس أيضًا يحبون الإنسان المرح والإنسان اللطيف، والإنسان الذي
ينسيهم آلامهم ومتاعبهم بكلامه العذب وشخصيته المريحة.. لذلك حاول باستمرار أن
تكون بشوشًا.. حتى في عمق متاعبك وضيقاتك إنس متاعبك لأجل الناس..



لا تكلم أحد وأنت مقطب
الوجه صارم الملامح، إلا في الضرورة الحتمية لأجل الصالح. أما في غير ذلك فكن
لطيفًا..


كلم الناس بكل أدب وذوق،
لا تعبس وجهك..


6-
إن إردت
أن تكسب محبة الناس، لا تكن كثير الانتهار، أو كثير
التوبيخ.. إن الكلمة
القاسية موجعة تتعب الناس. والكلمة الجارحة قد تضيع المحبة وتبددها، فلا تكن
كثير الانتهار.. إن أردت أن توجه لومًا أو نصيحة، فليكن ذلك بهدوء ووداعة وفي
غير غلظة. ولا تشعر الناس بكثرة توبيخك أنك تكرههم. وإن أردت أن تقول كلمة
توبيخ، فلتسبقها عبارة تقدير أو عبارة مديح أو مقدمة لطيفة تمهد الجو لقبول
التوبيخ. أو على الأقل تخير الألفاظ في توبيخك فلا يكن جارحًا مهينًا، ولا يكن
أمام الناس حتى لا يشعر من توبخه بالذل والخزي.. كذلك لا توبخ على كل صغيرة
وكبيرة وإنما على الأمور الهامة فقط، إذ لا يوجد إنسان يخلو من الزلل. ويمكنك
أن توجه الناس دون أن تجرحهم. ولا توبخ كل أحد، لأن سليمان الحكيم يقول: "وبخ
حكيمًا يحبك، وبخ مستهزئًا يبغضك"..


وإذا انتقدت فلا تكن قاسيًا في
نقدك، إنما تكلم عن النقط الحسنة قبل أن تذكر السيئة. إذا انتقدت أحدًا لا
تحطمه بل كن رفيقًا به. وليكن هدف النقد هو البناء وليس الهدم..


7-
وإن
أردت أن يحبك الناس، دافع عنهم، وامدحهم..


حساس جدًا هو القلب المسكين الذي
يجد الكل ضده، ووسط هؤلاء يعثر على إنسان يدافع عنه. إنه يهبه كل قلبه.. لذلك
دافع عن الناس، وبخاصة من تجده في مأزق أو من تجد الضغط شديدًا عليه، أو من
تراه مظلومًا أو في حاجة إلى من يدافع عنه..


وفى تعاملك مع الناس تذكر
حسناتهم وانس سيئاتهم. وتأكد أن كل إنسان مهما كانت حياته مظلمة، لا بد ستجد
فيه بعض نقط بيضاء تستوجب المديح.. ابحث عن هذه النقط البيضاء وامتدحها وأبرزها
واظهر له أنك تعرفها وتقدرها. عندئذ سيحبك ويكون مستعدًا لقبول توجيهك أو توبيخك بعد أن
أظهرت له حبك..


لتكن ألفاظك بيضاء، حاول
أن تكثر من ألفاظ المديح لمن يستحقها.. لا تكن شتامًا، ولا هدامًا، ولا
مستهزئًا، ولا متهكمًا على الآخرين.. اضحك مع الناس، ولكن لا تضحك على الناس.
اشعر كل أحد بتقديرك له، وأعلن هذا التقدير أمام الكل.. استفد من الخير الذي في
الناس قبل أن تنقد الشر الذي فيهم. اعتبر أن الشر الذي في الناس دخيل عليهم،
وواجبك أن تنقذهم منه لا أن تحطمهم بسببه.


8-
وإن
أردت أن يحبك الناس فلتكن إنسانًا فاضلًا فيه الصفات المحببة إلى الناس.



لا تظن أن الناس يحبون
عبثًا أو بلا مقابل، بل يحبون الشخص الذي تتركز فيه الصفات التي يحبونها..
يحبون الإنسان القديس، والإنسان الشجاع والإنسان الناجح والإنسان الذكى.. فلتكن
فيك صفات جميلة.. عندئذ سيحبك الناس بسببها.. لذلك إن أردت أن يحبك الناس قوم
نفسك أولًا..


أصلح العيوب التي فيك
التي يكرهها الناس، عندئذ يحبك الناس..


إن واجهك أحد بعيب فلا
تغضب، بل اختبر نفسك جيدًا فربما يوجد هذا العيب فيك. حينئذ اشكر من وجهك إليه
ولا تحزن منه..


9-
و إن
أردت أن يحبك الناس، احتمل الناس.


لا تنتقم لنفسك، ولا تقابل السيئة
بمثلها، ولا تغضب على مَنْ يسئ إليك.. كل إنسان له ضعفات فاحتمل الناس. لا تتضايق
بسرعة، ولا تخسر الناس بسبب أخطائهم، بل اغفر لكل من يخطئ إليك.. وعندما يرجع
لنفسه ويذكر احتمالك له ستزداد محبته لك.. وحتى الذين لا يرجعون لا تخسرهم
أيضًا بل اذكر قول
القديس يوحنا
ذهبي الفم حينما قال: (من لا توفقك صداقته، فلا
تتخذه لك عدوًا).


10-
و إن
أردت أن يحبك الناس كن مخلصًا لهم، وكن حكيمًا في إخلاصك.


عامل الناس بكل إخلاص، واحذر من
أن تكون محبتك لهم ضارة بهم. بل لتكن محبتك في حكمة استخدم المديح ولكن لا
تستخدم التملق ولا الرياء. واستخدم الحنو، ولكن ابعد عن التدليل الضار.. كن
مخلصًا في حبك للناس، هدفك صالحهم وليس مجرد أن يحبوك.


والله المحب قادر أن يسكب
المحبة في قلوبنا جميعًا لنحب بعضنا بعضًا كما أحبنا هو في قلبه الواسع الكبير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 11:59 am

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





16- الأسرة
السعيدة يجمعها الفهم والحب





إن أول علاقة ينشئها
الإنسان في حياته هي علاقته بأمه، ثم علاقته بأبيه. لولاهما ما كان له وجود،
ولولاهما ما بقى كما هو الآن.
إن أقل غلطة تقع فيها الأم أو
يقع فيها الأب من جهة تربية الابن والحفاظ عليه، كافية لتغيير مصير هذا الابن
وخط سيره في الحياة. لذلك من أول الواجبات على الأبناء، العرفان بجميل
الوالدين.


من أجل هذا أمر الله
بمحبة الوالدين وطاعتهما واحترامهما. وأن وصية
إكرام الوالدين هي أولى الوصايا الخاصة بالعلاقات البشرية التي كتبت ضمن


الوصايا العشر، وسلمت إلينا على يد موسى
النبي.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Josef-Danhause-Austria-Art-A-Family-Resting-At-Sunset

St-Takla.org Image:
Josef Danhause - from Austria - A Family Resting At Sunset
صورة في موقع الأنبا تكلا:
للفنان جوزيف دانهوز، عائلة ترتاح وقت غروب الشمس

ما أقسى على قلب الأم
أن تتعب دهرًا طويلًا من أجل وليدها، حتى إذا شب وكبر، يتنكر لها وكأنه لا
يعرفها..إن
الإنسان الذي يخون أمه وينسى محبتها، من الصعب أن يخلص لأحد من الناس.. حتى إن
كان للأم أخطاء حالية، فلا يصح أن ننسى لها تعبها القديم كله.. إن شيئًا من
الحب ومن العطف ومن الاحترام نقابلها به، يكفى جدًا لأن يذيب مشاعرها، فتقابله
بالتجاوب السريع..


إن محبة الوالدين
غريزة فينا، لذلك فالخروج عنها هو نوع من الشذوذ، ضد طبيعتنا.
انها فضيلة لا نبذل في سبيل
اقتنائها شيئًا من الجهد.. لذلك كانت عقوبة الابن العاق شديدة جدًا. لذلك يقول

الكتاب: "ملعون من يستخف بأبيه وأمه". وجاء في أمثال سليمان الحكيم: "العين
المستهزئة بأبيها، والمحتقرة إطاعة أمها، تقورها غربان الوادي، وتأكلها فراخ
النسر"..


وهناك وسائل كثيرة لإكرام
الوالدين، نذكر من بينها النجاح في الحياة. لا شك أن الابن الناجح يفرح قلب
أمه، ويرفع رأس أبيه. بينما الابن الفاشل أو الجاهل هو مرارة قلب لأبيه وأمه،
وسبب خزي وعار لكليهما. لذلك فإن نجاح الابن يعد من أعظم الهدايا التي يقدمها
لوالديه. أما إن كان فاشلًا في حياته، فإن أباه لا يعرف أين يخفى وجهه.. إن
أوغسطينوس في فترة ضلاله كان مصدر ينبوع دموع مرة لأمه
القديسة مونيكا.



ومن مظاهر إكرام الوالدين
الاهتمام بهما وأعالتهما وبخاصة في حالات
الشيخوخة
والمرض والاحتياج.



قرأت
قصة مؤداها انه في إحدى
المرات غزا جيش الأعداء بلدًا من البلاد وقتل الجنود كل من فيها. وكان في تلك
البلدة شابان على معرفة بقائد الجيش الذي غزا المدينة، وكانا قد فعلا معه جميلًا
من قبل، أراد أن يرده لهما. فقال لهما: (أحملا أثمن ما عندكما، واهربا من البلد
بسرعة، وأنا أضمن سلامتكما). فدخل الشابان إلى بيتهما ليحملا أثمن ما عندهما.
فحمل أحد الشابين أباه، وحمل الآخر أمه، وتركا المدينة..


ومن إكرام الوالدين أيضًا
المحبة والاحترام،
على أن يكون هذا الحب عمليًا أيضًا، فيعمل الابن على إراحة والديه، وكسب
رضائهما، ونوال بركتهما (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا
تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). يظهر لهما محبته باستمرار. ويظل هكذا حتى بعد موتهما،
يحفظ وصية كل منهما، ويقيم الصلوات من أجلهما.


ولا يصح أن يعامل الابن
أبويه بنفس المستوى، كلمة بكلمة، وغضبة بغضبة، ونقدًا بنقد. إن من حقهما أن
يوبخاه، ومن واجبه أن يسمع دون أن يرد. بل يحاول الاستفادة من توبيخهما،
متذكرًا قول الكتاب: "أمينة هي جراح المحب، وغاشية هي قبلات العدو".



ومن علامات احترام الوالدين
خدمتهما في كل ما يحتاجان إليه، دون أن يطلبا ذلك. بل على الابن أن يكون
حساسًا جدًا من هذه الناحية، يدرك ما يلزم والديه فيحضره لهما دون أن يضطرهما
إلى الطلب. عندما دخلت أم سليمان الملك لتزوره، قام عن عرشه، وسجد لها إلى
الأرض، وأحضر كرسيًا وأجلسها بجواره..


وعلامات احترام
الوالدين عدم الخجل من مركزهما إن كانا فقيرين.
إن يوسف الصديق عندما كان نائب
فرعون في مصر ووزيره الأول. لم يستح من والده يعقوب وكان راعيًا للغنم، فقدمه
للملك وأكرمه فرعون من أجله.. من الخطأ أيضًا أن يظن ابن أن والده من جيل قديم
عفا عليه الزمن، أو من عصر بال وتقاليد متأخرة..


ومن علامات إكرام الوالدين
الطاعة والخضوع. على
أن تكون طاعة حقيقية صادرة من القلب، وطاعة سريعة بدون تأخر، وطاعة بغير تذمر،
وإنما برضى وثقة، وطاعة حتى في غيابهما، وطاعة بغير خداع. وتكون أيضًا طاعة
صادقة وليست طاعة شكلية..


إذ قد يوجد ابن يريد
أن يطيع والديه شكليًا. فإن رفضا له طلبًا، يظل يضغط ويلح، ويضغط ويلح وقد
يتضايق وقد يحزن، ويظل هكذا حتى يحصل على موافقتهما..
وينفذ ما يشاء ويفتخر بأنه لم
يخالف والديه مطلقًا، وهو يعلم تمامًا أن موافقتهما شكلية تمت بالضغط من جانبه،
وإنها مجرد موافقة لسان وليست موافقة قلب. حقًا إن هذا الابن قد أطاع من جهة
المظهر لكنه لم ينل رضى والديه ولم يرح قلبهما في تصرفه..


على أن من شروط طاعة
الابن لوالديه أن تكون طاعة مقدسة في حدود وصايا الله..
ولا يصح أن يطيع أبًا أو أمًا فيما يخالف وصايا

الله، ولا
يطيع والدًا منحرفًا يبعده عن طريق الرب، لأن الطاعة لله أولى. وكما قال
الكتاب: "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس".


كن طائعًا خاضعًا في كل
شيء، بكل اتضاع حتى الموت من أجل والديك.. أنكر ذاتك وأنكر مشيئتك، وأنكر
كرامتك.. ولكن لا تنكر ضميرك..


لأجل
هذا يجب على الوالدين أن يكونا دقيقين ورقيقين في أوامرهما. كل أمر يصدر منهما
للأبناء يجب أن يكون مملوءًا
بالحكمة، وموافقًا لكلام الله، وفي حدود إمكانيات
الابن في التنفيذ. أن وصية الله التي تقول لنا: "أيها الأبناء، أطيعوا
آباءكم في الرب"،
تقول أيضًا: "أيها الآباء، لا تغيظوا أولادكم لئلا يفشلوا".


ولا يصح أن نأخذ نصف الحقيقة،
وننسى النصف الآخر. ويجب أن نعلم أن كل حق يقابله واجب. من حق الأب أن يطاع،
ومن واجبه أن يأمر بما يليق، ويراعى شعور ابنه.. وكذلك الأم..


إن الأم التي توقع ابنها في
حيرة وإشكال: أيهما أولى بالإرضاء، أمه أو
زوجته؟! هي أم قاسية على
ابنها. وأن
كانت تحبه، فلا داعي إلى إحراجه بخصامها مع زوجته.. ترفقوا ببنيكم، لئلا
يفشلوا..


نعود إلى إكرام الوالدين، فنقول
إن هذه الوصية يمكن أن تتسع فوق نطاق القرابة الجسدية.


فهناك أنواع كثيرة من الأبوة
والأمومة يجب إكرامها.
هناك نوع من القرابات في مستوى
الأبوة والأمومة كالعم والخال مثلا والعمة والخالة. وهناك أبوة السن أعنى
إكرام الكبار الذين هم في سن الوالدين. وهناك الأبوة الروحية كالمعلم
والكاهن
والمرشد الروحي وأب الاعتراف
وكالآباء القديسين في تاريخنا. وهناك أبوة المركز
ويدخل في نطاقها طاعة الرؤساء.. وفوق الكل هناك أبوة الله لنا.


و هناك أيضًا أبوة الوطن
فكلنا أبناء
لمصر، كلنا أبناء للنيل. كلنا أبناء لوطننا العزيز الذي يجب أن
نكرمه في عيد الأسرة وفي كل حين.





كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 12:01 pm

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





17- فلسفة الأخذ
والعطاء








هل نحن في حياتنا
نأخذ أم
نعطى؟ أم نحن نأخذ ونعطى، أم نأخذ ولا نعطى؟ لسنا نستطيع أن نفهم كل هذا، ما
لم ندرك في عمق: ما هي فلسفة الأخذ والعطاء.


كلنا في الحياة نأخذ ونعطى..
وسعيد هو الإنسان الذي مهما أعطى، يشعر أنه يأخذ أكثر مما يعطى، أو لا يشعر
إطلاقًا أنه يعطى..


مسكين ذلك الشخص الذي يظن
أنه لا يأخذ شيئًا، أو الذي لا يحس ما قد أخذه.. إنه يعيش تعيسًا في الحياة،
شاعرًا بالظلم، وشاعرًا بالعوز، ويقضى عمره في التذمر وفي الضجر وفي الشكوى،
وفى الافتقار إلى الحب.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org__Ethiopia-2008__Debre-Libanos-St-TaklaHaimanot-Monastery-123

St-Takla.org Image:
Poor people, photo from

St-Takla.org 's journey to Ethiopia, 2008 - Photograph by Michael Ghaly for
St-Takla.org, April-June 2008
صورة في موقع الأنبا تكلا:
بعض الفقراء، من صور

رحلة موقع الأنبا تكلاهيمانوت للحبشة، 2008 - تصوير مايكل غالي لـ:
موقع الأنبا تكلا، إبريل - يونيو 2008

واحد فقط، يعطى
باستمرار دون أن يأخذ من أحد، إنه الله. والله
وحده يعطى الكل، ولا يأخذ من أحد شيئًا.. لأنه لا يحتاج إلى شيء، فهو مكتف
بذاته، كامل في كل شيء، يملك كل شيء، ولا يوجد عند أحد شيء يعطيه لله..



ولكن لعل البعض يسأل: ألسنا
في الصلاة نعطى

الله وقتًا، ونعطيه قلبًا، ونعطيه حبًا؟‍!
كلا، ليس هذا هو المفهوم الحقيقي
للصلاة. إننا عندما
نصلى، إنما نأخذ من الله
نعمة، ونأخذ منه بركة، ونأخذ منه
كافة احتياجاتنا الروحية والمادية.. بل نأخذ أيضًا لذة التخاطب معه، ولذة
الوجود في عشرته الإلهية..


إن الذي يظن أنه يعطى
الله وقتًا، ويعطيه ركوعًا وتسبيحًا وتمجيدًا، ما أسهل عليه أن يمتنع أحيانًا عن
الصلاة محتجًا بأن ليس له وقت ليعطيه!


وما أسهل على هذا الإنسان أن
يجدف على الله الذي يطالبه بكل هذا
التسبيح والتمجيد!! والذي يفرض عليه كل هذه
الفروض! وما أسهل على هذا الإنسان أن يحتج بأنه ليست لديه صحة
للصوم، وليست
لديه رغبة للتعبد، وليس لديه وقت للصلاة.. وأن قام بمثل هذه العبادة، يقوم بها
بطريقة حرفية آلية لا روح فيها.


الواقع إننا نصلى
لأننا محتاجون إلى الله، لذلك نبسط إليه أيدينا إشارة إلى أخذنا منه..
إن أفواهنا تتقدس
عندما تلفظ اسمه القدوس، وقلوبنا تبتهج بعشرته وإنه لتواضع كبير من الله أن
يسمح لنا بمخاطبته، ومنه عظيمة منه أن يوقفنا أمامه. لذلك في كل مرة نقف
للصلاة، ينبغي أن نشكره -تبارك اسمه- على هذا التفضل والتواضع.


وعندما يقول الله: "يا
ابني أعطني قلبك"،
إنما يقصد: أعطني هذا القلب لأملأه بركة وحبًا وطهارة.
أعطني هذا القلب لكي أقدسه
وأنقيه وأغسله من جميع أقذاره، وأرفعه عن مستواه الأرضي لكي أجلسه في
السماويات، وأريه مجدي..


لذلك في كل مرة نذهب فيها
للصلاة، ينبغي أن نشعر بأننا نأخذ ولا نعطى، وإنها بركة لنا وليست فرضًا علينا.



هذا من جهة الله، وأما من
جهة الناس، فإنني أسأل: أترانا حقًا نعطيهم شيئًا مهما كنا محبين وكرماء؟


نحن لا نملك شيئًا
لنعطيه. كل الذي لنا هو ملك لله، استودعنا إياه، وقد أخذناه منه لنعطيه لغيرنا
(اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة
والمقالات).
كل ما نتبرع به لمشروعات الخير، إنما نقول عنه
لله ما سبق أن قاله داود النبي: "من يدك أعطيناك". تمامًا كالابن الصغير الذي
يقدم هدية في عيد الأسرة لأبيه أو أمه، ومنهما قد أخذ المال الذي اشترى به هذه
الهدية..


إن الله قد أعطانا
اليد التي تعطى، وأعطانا
الخير الذي نعطى منه، بل قد أعطانا أيضًا محبة العطاء..


نعم، حتى موهبة العطاء قد
أخذناها منه. هذه
الفضيلة،
فضيلة العطاء، قد تفضل الله فأنعم بها علينا.. هي جزء من عمله فينا،
وجزء من مؤازرة نعمته لنا. لأن كل موهبة صالحة، هي نازلة من فوق، من عند الله..



كل شيء نعطيه سنجده في
الأبدية، وسنأخذ أكثر
منه بكثير. وسنرى أن المكافأة في السماء أغزر وأوفر. فالشيء الذي نعطيه، أو
الذي يعطيه الله عن طريقنا، هو محجوز لنا فوق، لم يضع.. في الواقع أننا لم
نعطه، وإنما ادخرناه! فأين العطاء إذن؟!


إننا نعطى الفانيات ونأخذ
الباقيات، نعطى الأرضيات ونأخذ السماويات. نعطى المادة ونأخذ البركة. لا شك
أننا نأخذ أكثر مما نعطى..


لذلك أيها القارئ
العزيز، عوِّد نفسك على العطاء. فقد قال

الكتاب: "مغبوط هو العطاء أكثر من
الأخذ".


أعط بفرح وليس بتضايق لأن الكتاب
يقول: "المعطى بسرور يحبه الرب". وأعط عن حب وعن عاطفة. وأعط بوفرة وبكرم
أعط
وأنت موسر، وأعط وأنت معوز، فالذي يعطى من أعوازه، يكون أعظم بكثير ممن يعطون
من سعة. وأجره أكبر في السماء.


وإن لم يكن لك ما تعطيه،
أعط
ابتسامة طيبة، أو كلمة تشجيع، أو عبارة تفرح قلب غيرك. ولا تظن أن هذا
العطاء المعنوي أقل من العطاء المادي في شيء، بل أحيانًا يكون أعمق منه أثرًا،
ولكن حذار أن تكتفي بالعطاء المعنوي إن كان بإمكانك أن تعطى المادة أيضًا.



واشعر
-عندما
تعطي-
أنك تأخذ.
إن
السعادة التي يشعر بها قلبك
حينما يحقق سعادة لغيره، هي شيء كبير أسمى من أن يقتنى
بالمال.. إن راحة الضمير
التي تأخذها، وفرحة القلب برضى الناس، كلها أمور أسمى من المادة قد أخذتها وأنت
تعطى.. وستأخذ أعظم منها في السماء.


وعندما تعطى لا تحقق كثيرًا
مع الذي تعطيه. وإلا كانت منزلتك هي منزلة قاض لا عابد.. لا تحقق كثيرًا لئلا
تخجل الذي تعطيه، وتريق ماء وجهه. أعطه دون أن تشعره بأنه يأخذ.. حسن إنك
قد أعطيته حاجته، أعطه أيضًا كرامة وعزة نفس، ولا تشعره بذله في الأخذ.



وعندما تعطى أنس أنك قد
أعطيت. ولا تتحدث عما فعلته، بل لا تفكر فيه. ولعل هذا هو ما يقصده
السيد
المسيح بقوله: "إذا أعطيت صدقة، فلا تجعل شمالك تعرف ما فعلته يمينك". وإن
تذكرت قل لنفسك: "أنا لم أعط هذا الإنسان شيئًا، بل هو الذي أعطاني فرصة لأسعد
بهذا الأمر".


إن الأم تعطى ابنها
حنانًا، إنما تسعد هي نفسها بهذا الحنان. وهى
عندما ترضعه، إنما تشعر براحة، ربما أكثر من راحته هو في الرضاعة. ذلك إن عمل
الحب هو عمل متبادل يأخذ فيه الإنسان أثناء إعطائه لغيره.


وعمل الخير الذي لا تأخذ منه
سعادة، ليس هو خيرًا على وجه الحقيقة. إن أجره ليس فيه، وليس فيما بعد. انه عمل
ضائع.


كذلك
عندما تأخذ، خذ من الله وحده، وممن يرسلهم الله إليك. وحاذر من أن تأخذ من
الشيطان شيئًا ولا من جنوده.


إن الشيطان عندما يعطى، يأخذ
أكثر مما يعطيه.


قد يعطيك لذة الجسد،
ويأخذ منك كرامة الروح. وقد يعطيك الكرامة. ويأخذ منك الاتضاع، وقد يعطيك
الغنى، ويأخذ منك الزهد، ويعطيك الدنيا، ويأخذ منك الآخرة ويعطيك اللهو والعبث،
ويأخذ منك الحكمة والرزانة. ويعطيك اللعب، ويأخذ منك النجاح.. إنه يأخذ الجوهرة
التي فيك، ويعطيك القشور التي لها.


تخطئ إن ظننت أنك تأخذ
منه شيئًا. إنك الفاقد، ولست الآخذ، ولست المعطى.


أما الله، فإنه يعطى على الدوام،
ويعطى بسخاء ولا يعير، ويعطى عطايا صالحة تليق بصلاحه.. إننا نعيش في عطائه كل
لحظة من حياتنا.



كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3




المقال مع بعض التعديلات نُشِر في وقتٍ لاحق
في جريدة الأهرام يوم 27 نوفمبر 2011








فلسفة الأخذ والعطاء




هل نحن في الحياة نأخذ أم
نعطي؟ أم نحن نأخذ ونعطي؟ أم نأخذ ولا نعطي..؟ لكي نفهم كل هذا, علينا أن ندرك
ما هي فلسفة الأخذ والعطاء.


† كلنا
في الحياة نأخذ ونعطي, وسعيد هو الإنسان الذي مهما أعطي, يشعر أنه يأخذ أكثر
مما يعطي, أو أنه لا يشعر إطلاقًا بأنه يعطي.. بينما مسكين ذلك الشخص الذي لا
يظن أنه لا يأخذ شيئًا أو هو لا يشعر بما يأخذه.. إنه يعيش تعيسًا في الحياة,
شاعرًا بالظلم, وشاعرًا بالعوز والاحتياج, وقد يقضي عمره كله في التذمر وفي
الضجر والشكوى, وفي الافتقاد إلي الحب.


† واحد
فقط يعطي باستمرار دون أن يأخذ من أحد, انه الله, والله وحده يعطي الكل, ولا
يأخذ من أحد شيئًا. ذلك لأنه لا يحتاج إلي شيء فهو مكتف بذاته, كامل في كل شيء
يملك كل شيء, ولا يوجد عند أحد شيء يعطيه لله.

لكن لعل البعض يسأل: ألسنا في
الصلاة نعطي الله وقتًا, ونعطيه قلبًا وشعورًا وخشوعًا وحبًا؟ كلا ليس هذا هو
المفهوم الحقيقي للصلاة, بل إننا عندما نصلي, إنما نأخذ من الله معونة, ونأخذ
منه نعمة وبركة, ونأخذ كافة احتياجاتنا الروحية والمادية, بل نأخذ أيضا لذة
التخاطب معه ولذة الوجود في عشرة الله.

والذي يظن أنه في الصلاة يعطي
الله وقتا, ما أسهل عليه أن يمتنع أحيانًا عن
الصلاة
محتجًا بأنه ليس له, وقت ليعطيه!

في الواقع إننا نصلي لأننا
محتاجون إلي الله, لذلك نبسط إليه أيدينا إشارة إلي أخذنا منه, إن أفواهنا
تتقدس عندما تلفظ اسمه القدوس, ولاشك أنه تواضع كبير من الله عز وجل أن يسمح
لنا بمخاطبته, لهذا ففي كل مرة نسجد
للصلاة,
ينبغي أن نشكر الله -تبارك اسمه- علي تواضعه وسماحه لنا بمخاطبته.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org--prov-31-20-she-stretcheth-out-her-hand-to-the-poor

St-Takla.org Image:
PROV 31:20 She stretcheth out her hand to the poor
صورة في موقع الأنبا تكلا:
تَبْسُطُ كَفَّيْهَا لِلْفَقِيرِ، وَتَمُدُّ يَدَيْهَا إِلَى الْمِسْكِينِ
- أمثال 31: 20
وعندما يقول الله: يا ابني
أعطني قلبك.. فان ما يقصد: اعطني هذا القلب لكي أطهره وأقدسه, وأملأه حبًا
ونقاء, وأجعل فيه ما يحتمله من كل أنواع

الفضائل, وأرفعه عن مستواه الأرضي لكي أجلسه في السماويات.


† وعموما
من جهة موقفنا من العطاء, نحن لا نملك شيئًا لنعطيه, فكل الذي لنا هو ملك لله,
قد استودعنا إياه, وقد أخذناه منه لنعطيه لغيرنا, فكل ما نتبرع به لمشروعات
الخير, إنما نقول عنه لله ما سبق أن قاله داود النبي: من يدك أعطيناك تماما
كالابن الصغير الذي يقدم هدية في عيد الأسرة لأبيه أو أمه, ومن هنا قد أخذ
المال الذي اشتري به هذه الهدية.

إن الله قد أعطانا اليد التي
تعطي, وأعطانا الخير الذي نعطي منه, بل قد أعطانا أيضا محبة العطاء والقدرة علي
العطاء, حقًا إن موهبة العطاء قد أخذناها منه, قد تفضل الله وأنعم بها علينا,
هي جزء من عمله فينا, وجزء من مؤازرة نعمته علينا, لان كل موهبة صالحة هي نازلة
من فوق من عند الله.


† كل شيء
نعطيه سنجده في الأبدية, وسنري أكثر منه بكثير في المكافأة السمائية إذن فالشيء
الذي نعطيه, أو الذي يعطيه الله عن طريقنا, هي محجوز لنا فوق, لم يضع.. وفي
الواقع إننا لم نعطه, وإنا قد ادخرناه.. وبالإضافة إلي ذلك فإنما نحن نعطي
الفانيات لكي نأخذ الباقيات, نعطي الأرضيات ونأخذ السماويات.. لا شك إذن أننا
نأخذ أكثر مما نعطي.


† لذلك
أيها القارئ العزيز, عود نفسك علي العطاء, فقد قال

السيد المسيح له المجد: "مَغْبُوطٌ
هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ" (سفر
أعمال الرسل 20: 35). أعط بفرح لا بتضايق، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في

موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.

لان

الكتاب
يقول: المعطي المسرور يحبه الرب، ونص الآية هو: "الْمُعْطِيَ
الْمَسْرُورَ يُحِبُّهُ اللهُ" (رسالة
بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 9: 7).
إذن ليكن عطاؤك هو عن حب وعن عاطفة, وبسخاء وكرم, أعط وأنت موسر, وأعط وأنت
معوز, والذي يعطي من أعوازه يكون أعظم بكثير من الذين يعطون عن سعة وأجره أكبر
في السماء.


† وإن لم
يكن لك ما تعطيه لغيرك أعط ابتسامة طيبة, أو كلمة تشجيع, أو عبارة تفرح قلب
غيرك. ولا تظن أن هذا العطاء المعنوي أقل من العطاء المادي في شيء, بل أحيانًا
يكون أعمق أثرا, ولكن حذاري أن تكتفي بالعطاء المعنوي إن كان بإمكانك أن تعطي
المادة أيضًا.

وأشعر ـ عندما تعطي أنك تأخذ
فالسعادة التي يشعر بها قلبك حينما يحقق سعادة لغيره, هي شيء أسمي من أن يقتني
بالمال, راحة الضمير التي تأخذها, وفرحة القلب برضا الناس, كلها أمور أسمي من
المادة, يأخذ علي الأرض ويأخذ أعظم منها في السماء.


† عندما
تعطي, لا تحقق كثيرًا مع الذين تعطيه, وإلا كنت في موضع القاضي وليس العابد, لا
تحقق كثيرًا لئلا تخجل الذي تعطيه, وتريق ماء وجهه. حسن إنك قد أعطيته حاجته,
فأعطه أيضًا كرامة وعزة نفس, ولا تشعره بذلة في الأخذ,.


† وعندما
تعطي انس أنك قد أعطيت, ولا تتحدث عما فعلته, بل لا تفكر فيه, ولعل هذا بعض ما
قصده

السيد المسيح حينما قال في العطاء, لا تجعل شمالك تعرف ما تفعله يمينك، ونص
الآية هو: "لاَ
تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ" (إنجيل
متى 6: 3), وإنك تذكرت قل لنفسك, أنا لم أعط
هذا الإنسان شيئًا, بل هو الذي أعطاني فرصة لأسعد بهذا الأمر أن الأم عندما
تعطي ابنها حنانا إنما تسعد هي نفسها بهذا الحنان. وهي عندما ترضعه إنما تشعر
براحة, ربما أكثر من راحته هو في الرضاعة, لذلك فان عمل الحب هو عمل متبادل,
يأخذ فيه الإنسان أثناء إعطائه لغيره.


† كذلك
عندما تأخذ احذر من تأخذ شيئًا من

الشيطان ولا من جنوده, والشيطان عندما يعطي, يأخذ أكثر مما يعطيك, قد يعطيك
لذة الجسد, ويأخذ منك كرامة الروح, قد يعطيك كرامة أمام الناس, ويأخذ منك

فضيلة الاتضاع, أو يعطيك اللهو والعبث, ويسحب منك الحكمة والرزانة.. تخطيء
إذن إن ظننت انك تأخذ منه شيئًا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 12:02 pm

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





18- الذاتية و
إنكار الذات








لا تظنوا أيها الأخوة
الأحباء أن عبادة الأصنام قد تلاشت من الأرض. فهناك صنم خطير يكاد يعبده الكل..
انه الذات
ego..


كل إنسان مشغول بذاته،
معجب بذاته، يضع ذاته في المرتبة الأولى من الأهمية.. أو في المرتبة الوحيدة من
الأهمية.. يفكر في ذاته، ويعمل من أجل ذاته، ويهمه أن تكبر هذه الذات، بل تصير
أكبر من الكل، ويهمه أن تتمتع هذه
الذات، بشكل اللذات،
بأي ثمن، وبأي شكل.





كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___D-Agaggio-Ambivalence

St-Takla.org Image:
Painting by D'Agaggio - Ambivalence
صورة في موقع الأنبا تكلا:
لوحة للفنان داجاجيو: تكافوء الضدين
هذه هي الذاتية، أو
التمركز حول الذات..
وفيها يختفي الكل، وتبقى الذات
وحدها.. فيها ينسى الإنسان غيره من الناس، أو يتجاهل الكل، وتبقى ذاته في
الصورة، وحدها.. ولا مانع من أن يضحى بالكل من أجل ذاته.. وأن يفكر هذا الإنسان
في غيره، يكون تفكيره ثانويًا، في المرحلة التالية لذاته، أو قد يكون تفكيرًا
سطحيًا، أو تفكير عابرًا..


وإن أحب ذلك الإنسان الغارق
في الذاتية، فإنه يحب من أجل ذاته، ويكون من يحبه مجرد خادم للذاته..
هو لا يحب الغير من أجل
الغير، وإنما يحب من يشبعه في ناحية ما.. يحب مثلًا من يمدحه، أو من يقضى له
حاجياته، أو من يشبع له شهواته، أو من يحقق له رغبة معينة.. فهو في الحقيقة يحب
ذاته لا غيره. وما حبه لغيره سوى وسيلة يحقق بها محبته لذاته.


لذلك لا مانع عند هذا
الشخص أن يضحى بهذا الحب إذا اصطدم بذاته ورغباته..
ولعل هذا يفسر لنا
الصداقات التي
تنحل بسرعة إذا ما اصطدمت بكرامة ذاتية أو غرض ذاتي.. ولعل هذا يفسر لنا أيضًا
الزيجات التي تنتهي إلى الطلاق أو إلى الانفصال بينما يظن البعض أنها قد بدأت
بحب، وبحب عنيف أو عميق.. قطعًا أن ذلك لم يكن حبًا بمعناه الحقيقي، لأن في
الحب تضحية، وفيه احتمالا وبذلا وعذرًا للآخرين. والمحبة كما قال

الكتاب:
"تحتمل كل شيء"..


إنما مثل هؤلاء أشخاص كانوا
يحبون ذواتهم فيما هم يتغنون بمحبتهم لغيرهم.


كان في محبتهم عنصر الذاتية،
لذلك ضحوا بهذه المحبة على مذبح الذاتية أيضًا..
إن المحبة تصل إلى أعماقها حينما
تتكلل بالبذل.. إن المحب الحقيقي هو الذي يضحى من أجل أحبائه بكل شيء، ولو أدى
الأمر أن يضحى بذاته.. وكما قال
الإنجيل: "ليس حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه
عن أحبائه"


أما
المحبة التي
تأخذ
أكثر مما تعطى، فهي ليست محبة حقيقية، إنما محبة للذات.
كذلك المحبة التي تحب لتأخذ..
إنها تحب ما تأخذه، ولا تحب من تأخذ منه.. لذلك كانت محبة الله محبة كاملة
مثالية، لأنها باستمرار تعطى دون أن تأخذ ولذلك أيضًا كانت محبة الأم لطفلها
محبة حقيقية، لأنها باستمرار تعطى وباستمرار تبذل..


ولكن لعل إنسانًا يسأل:
ولماذا لا نحب ذواتنا؟ وأية خطيئة في ذلك؟ ومن من الناس لا يحب ذاته؟! إنها
غريزة في النفس..


نعم، جميل منك أن
تحب
نفسك، ولكن تحبها محبة روحية (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في
موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). تحب ذاتك من حيث أن تهتم بنقاوة هذه الذات
وقداستها وحفظها بلا لوم أمام

الله والناس..


و تحب ذاتك من حيث اهتمامك
بمصيرها الأبدي ونجاتها من
الدينونة الأخيرة حينما تقف أمام منبر الله العادل
لتعطى حسابًا عن أعمالها وعن أفكارها ونياتها ومشاعرها.. هذا هو الحب الحقيقي
للذات.. الحب الذي يطهر الذات من أخطائها ومن نقائصها، ويلبسها ثوبًا من السمو
والكمال.


وهناك شرط آخر لمحبة الذات
الحقيقية، أن الإنسان في محبته لذاته يحب جميع الناس، ويكون مستعدًا أن يضحى من
أجلهم بكل ما يملك، ولو ضحى بذاته أيضًا..


لا يجوز لك أن ترتفع على جماجم
الآخرين، ولا أن تبنى سعادتك على شقائهم، أو راحتك على تعبهم..


ضع مصلحة الآخرين قبل
مصلحتك، وفضل خيرهم على خيرك. ودرب ذاتك كيف تضحى من أجل الناس، سواء شعروا
بهذه التضحية، أو لم يشعروا، وسواء شكروا عليها أو لم يشكروا..



من هنا علمنا
السيد
المسيح فضيلة عظمى، وهى إنكار الذات.. وشرح لنا
كيف أن الذي يحب أن يسير في طريق الرب، عليه أولًا أن ينكر ذاته.



إن الشخص النبيل لا
يزاحم الناس في طريق الحياة، بل يفسح لهم مجالًا لكي يعبروا، ولو سبقوه..
أنه يختفي لكي يظهر غيره، ويصمت لكي يتكلم غيره،
ويمدح غيره أكثر مما يمدح نفسه، ويعطى مكانه ومكانته لغيره، وإن كان بذلك يسعد
نفسه من نفوس الناس..


إن الإنسان الكامل هو
دائم التفكير في غيره، ومحبة غيره، وصالح غيره، وأبدية غيره، وقداسة غيره..


أما ذاته فيضعها أخر الكل، أو
يضعها خادمة للكل.. إنه لا ينافس أحدًا من الناس. فطريق الله يسع الكل.. وهو
يشعر بسعادة عميقة كلما أسعد إنسانًا يجد سعادته في سعادته، وراحته، يجد فيهم
ذاته الحقيقية. لا ذاته الشخصية.. إنه يفرح لأفراحهم، ولو كانت الآلام تحيطه من
كل جهة.. وإن أصابهم ألم لا يستريح، وإن كانت وسائل الراحة تحت قدميه..



إنه شمعة تذوب لكي تضئ
للآخرين.. لا
تفكر في ذاتها إنها تنقرض، إنما تنشغل بالآخرين كيف يستنيرون.. وفي أنارتها
للناس لا تفرح بأنها صارت نورًا، إنما تفرح لأن الآخرين قد استناروا.. ذاتها لا
وجود لها في أهدافها.. ولو فكرت في ذاتها، لما استطاعت أن تنير للناس..



إن أنجح الناس في
المجتمع هم الأشخاص المنكرون لذواتهم، وأكثر الناس فشلًا هم الأنانيون.


إن انجح إداري هو الذي يعطي فرصة
لكل إنسان أن يعمل، ويشرف على الكل في عملهم، ويبدو هو كما لو كان لا يعمل
شيئًا بينما يكون هو مركز العمل كله. وأكثر إنسان محبوب في العمل، هو الذي كلما
نجح عمله، يتحدث عن مجهود فلان وفلان، وينسب النجاح إلى كثيرين غيره، ويختفي هو
كأنه لم يعمل شيئًا.. وكأنه يفرح بنجاح غيره لا بنجاح نفسه..


إن الناس يفرحون بمن
يعطيهم فرصة، وبمن يقدرهم، وبمن يشيد بمجهودهم.
أما الإنسان المتمركز حول ذاته،
الذي يخفى الناس لكي يظهر هو، ويعطل كل الطاقات لكي يمجد طاقاته الخاصة، فإنه
يفشل في كسب محبة الناس، وقد يفشل العمل كله بسببه..


الإنسان المخلص يهمه
أن ينجح العمل، على أي يد تعمله. أما الأناني فيهمه أن يتم النجاح على يديه،
ولو أدى الأمر إلى تعطيل العمل كله.
إن ذاتيته هي العقبة الكؤود التي
تعرقل كل
نجاح.


الإنسان المتمركز حول
ذاته لا يفكر في راحة غيره، سواء كان راحة فرد أو راحة المجتمع كله. ربما لا
يهتم بالصلح العام، ولا بالنظام العام، وإنما يرضيه فقط أن يجد طريقة. لذلك فإن
الأنانيين هم أكثر الناس كسرًا للقوانين.


الرجل الكامل ينكر
ذاته في علاقته بالناس، وأيضًا في علاقته بالله.. وما
أجمل قول المرتل في المزمور "ليس لنا يا رب ليس
لنا، ولكن لاسمك القدوس أعطِ مجدًا".. إنه يبحث عن مجد الله وعن
ملكوت الله
أولًا وأخيرًا.. يهمه أن يطيع وصية الرب، ولو أدى به الأمر أن يغضب ذاته، أو
يضغط على نفسه، أو يضحى براحته. إنه يبذل ذاته من أجل وصية الله..



حتى في
صلاته، ينسى
ذاته ويذكر الله..
إنني أتعجب إذ أجد كثيرين في
صلواتهم متمركزين حول ذواتهم.. كل صلواتهم طلبات خاصة.. يزحمون الصلوات
بطلباتهم ورغبتهم، وأيضًا بخطاياهم
واعترافاتهم.. أما الله وملكوته فلا يشغلهم
في الصلاة.. ما أجمل ذلك المصلى الذي يقول في صلاته: (من أنا يا رب، التراب
والرماد، حتى أتحدث عن ذاتي وطلباتي في صلاتي. أريد أن أنسى نفسي وأذكرك
أنت، أريد أن أسبح في جمالك غير المدرك، وفي كمالك غير المحدود.. أريد أن
أتأمل في صفاتك الإلهية التي تبهرني فأنسى ذاتي.. وعندما أنسى نفسي، سأجدها فيك،
في قلبك الكبير المحب.. هذا القلب الذي أحبه من أعماقي، والذي أود أن أحيا عمري
كله وأبديتي أيضًا متأملًا في محبته، وحنوه، وعفوه، ورقته، وطول أناته، وإشفاقه
على الخطاة الذين أولهم أنا)..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 12:04 pm

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





19- التواضع هو
الفضيلة الأولى








أريد في هذا المقال أن
أكلمكم عن فضيلة جميلة وأساسية وهى
الاتضاع.


الاتضاع هو الفضيلة الأولى في
الحياة الروحية.


الاتضاع هو السور الذي
يحمى الفضائل ويحمى المواهب، وكل فضيلة خالية من الاتضاع، عرضة أن
يختطفها شيطان المجد الباطل، ويبددها الزهو والفخر والإعجاب بالنفس.



لذلك إذا أعطاك الله
موهبة من مواهبه، ابتهل إليه أن يعطيك معها اتضاعًا، أو أن يأخذها منك، لئلا
تقع بسببها في الكبرياء وتهلك.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Repent

St-Takla.org Image:
A man kneeling under the Cross
صورة في موقع الأنبا تكلا:
رجل يسجد تحت أقدام الصليب
الاتضاع إذن هو الأساس الذي تبنى
عليه جميع الفضائل.


ليس هو فضيلة قائمة
بذاتها، إنما هو متداخل في جميع الفضائل، مثله كالخيط الذي يدخل في كل حبات
المسبحة.



والله يعطي مواهبه للمتواضعين،
لأنه يعرف أنها لا تؤذيهم. ويقول الكتاب المقدس إن الله يكشف أسراره
للمتضعين..هؤلاء الذين كلما زادهم الله مجدًا، زادوا هم انسحاقًا قدامه.



من أجل كل هذا دعانا الله جميعًا
أن نكون متضعين. وقد كان الاتضاع والوداعة، إحدى سمات
السيد المسيح البارزة
التي حببته إلى الكل.. وقد وصفه الإنجيل المقدس بأنه كان: "وديعًا ومتواضع
القلب".


وقد أتقن
القديسون الاتضاع بصورة
عجيبة..


ولم يتواضعوا فقط أمام الله
والناس، بل حتى أمام
الشياطين، وهزموهم بهذا الاتضاع.



القديس العظيم الأنبا انطونيوس
أبو
الرهبنة كلها، عندما كان الشياطين يحاربونه في عنف، كان يرد عليهم باتضاع
قائلًا: (أيها الأقوياء، ماذا تريدون منى أنا الضعيف، وأنا عاجز عن مقاتله
أصغركم)!! وكان
يصلى إلى الله قائلًا: (انقدني يا رب من هؤلاء الذين يظنون أنني
شيء، وأنا تراب ورماد).. فعندما كان الشياطين يسمعون هذه الصلاة الممتلئة
اتضاعًا، كانوا يقشعرون كالدخان.


وفي إحدى المرات ظهر الشيطان
للمتوحد الناسك
القديس مقاريوس الكبير وقال له: "ويلاه منك يا مقاره، أي شيء
أنت تعمله ونحن لا نعمله؟!
أنت
تصوم، ونحن لا نأكل. وأنت تسهر، ونحن لا
ننام، وأنت
تسكن البراري والقفار، ونحن كذلك، ولكن بشيء واحد تغلبن
"
فسأله عن هذا الشيء. فقال له
"
بتواضعك تغلبنا"..


في مرة أخري أبصر الأنبا
انطونيوس فخاخ الشياطين منصوبة، فألقي نفسه على الأرض أمام الله، وصرخ قائلًا:
(يا رب، من يستطيع أن يخلص منها؟!) فأتاه صوت يقول: (المتواضعون يخلصون منها).



إن كان التواضع بهذه القوة
التي تهزم الشياطين، فما هو التواضع إذن؟


التواضع هو أن تعرف ضعفك، وأن
تعرف سقطاتك وخطاياك، وأن تعامل نفسك على هذا الأساس.


ليس التواضع أن تشعر بأنك كبير
أو عظيم، وتحاول أن تتصاغر أو أن تخفي عظمتك (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع
هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. فشعورك بأنك كبير فيه نوع من
الكبرياء. وشعورك بأنك تخفي عظمتك فيه إحساس بالعظمة تخفيها عن الناس، ولكنها
واضحة أمام نفسك.


أما التواضع الحقيقي فهو
تواضع أمام نفسك أولًا. شعور حقيقي غير زائف، في داخل نفسك، إنك ضعيف وخاطئ حتى
في عمق قوتك تشعر أن القوة ليست منك، إنما هي منحة سماوية من الله لك، أما أنت
فبطبيعتك غير ذلك.


اعرف يا أخي من أنت، فهذه
المعرفة تقودك إلى الاتضاع. إنك تراب من الأرض. بل التراب أقدم منك، وجد قبل أن
تكون. خلقه الله أولًا، ثم خلقك من تراب.


أتذكر
أنني (البابا شنودة 3) ناجيت هذا التراب ذات
مرة في بضعة آيات قلت فيها:


يا تراب الأرض يا جدي

وجد الناس طرا


أنت أصلي، أنت يا أقدم

من آدم عمر


ومصيري أنت في القبر،

إذا وسدت قبر


بل أنك يا أخي، إذا فكرت في
الأمر باتضاع، تجد أن هذا التراب لم يغضب الله كما أغضبته أنت بخطاياك.


لذلك أقول لك حقيقية هامة وهي:



إن
المتواضع الوحيد هو الله.



الله هو الكبير الذي يتنازل
ويكلمنا نحن الصغار، وهو القدوس الذي يتنازل ويعاملنا نحن الخطاة.


أما نحن فالتواضع بالنسبة إلينا.
ليس تنازلًا، وإنما هو مجرد معرفة للذات.


إن عرفت هذا، فعامل نفسك إذن
بما تستوجبه هذه المعرفة،
ولا تطلب من الناس كرامة ولا مجدًا. وإن حوربت بهذا الأمر، رد على نفسك وقل:
(أنا لا أستحق شيئًا بسبب خطاياي.. وإن كان الله من فرط رحمته قد ستر خطاياي
عن الناس، ولكنني أعرفها جيدًا ولا أنساها لئلا أتكبر باطلًا)..


احذر من أن تنسي خطاياك، لئلا
تنتفخ، وتظن في نفسك الظنون، وتذكر قول ذلك القديس الذي قال:


(إن نسينا خطايانا، يذكرها
لنا الله. وإن ذكرنا خطايانا، ينساها لنا الله).


اعترف بخطاياك أمام نفسك، وأمام
الله، وإن استطعت فأمام الناس أيضًا.


وإن لم تسطع، فعلي الأقل لا تمدح
ذاتك أمامهم، ولا تقبل مديحهم لك وإن سمعته أذناك، فليرفضه قلبك وعقلك..


ولا تسع وراء الكرامة. وتذكر قول
مار اسحق:


(من سعي وراء الكرامة، هربت
منه، ومن هرب منها بمعرفة، سعت وراءه).


ولا يكن تواضعك مظهريًا، أو
باللسان فقط، إنما ليكن تواضعًا حقيقيًا من عمق القلب، وبيقين داخلي، ليكن
تواضعًا بالروح.


وإن عشت بالتواضع، ستحيا
باستمرار في
حياة الشكر..
ستشكر الله على كل شيء وفي كل حل، شاعرًا على الدوام أن الله يعطيك فوق ما
تستحق.


أما غير المتواضع، فإنه يكون في
كثير من الأحيان متذمرًا ومتضجراَ، شاعرًا أنه لم ينل بعد ما يستحقه، وأنه
يستحق الكثير، وأنه مظلوم، من الناس ومن الله!!


والشخص المتواضع يعيش في سلام مع
الكل، لا يغضب من أحد، ولا يغضب أحدًا.


لا يغضب من أحد، لأنه باستمرار
يلوم نفسه، ولا يلوم الناس. ولا يغضب أحدًا، لأنه يطلب بركة كل أحد وصلواته.
فلنكن جميعًا متضعين لكي نكون أهلًا لعمل الله فينا، الله الذي لا يحد الذي
تنازل واهتم بنا، له المجد الدائم إلى الأبد
آمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 12:06 pm

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





20- محبة المديح
و الكرامة








حدثتكم في
مقال سابق عن التواضع،
وأهميته في الحياة الروحية،
ومركزه بين
الفضائل.


وأريد في هذا المقال أن أتابع
هذا الموضوع، بالتحدث عن حرب عنيفة تقف في سبيل الأتضاع، وهي محبة المديح
والكرامة.


أول ملاحظة أقولها في هذا الأمر
هي أن:


التعرض لمديح الناس شيء، ومحبة
هذا المديح شيء آخر. قد ينال الإنسان
مديحًا من الآخرين ولا يخطئ، ولكنه إن أحب هذا
المديح قد أخطأ. إن الرسل والأنبياء والقديسين والشهداء والقادة الفضلاء، كل
أولئك مدحهم الناس ولم يخطئوا.. إنما الخطأ أن يحب الإنسان ألفاظ المديح
ويشتهيها وتشكل جزءًا من رغباته.


والقديسون في كل جيل كانوا
يهربون من المديح أيًا كان مصدره، سواء أتاهم المديح من الناس أو من داخل
أنفسهم.


وبعضهم كان يتمادى في هذا
الهروب، ويبعد عن كل أسباب المديح وكل مناسباته، حتى وصل الأمر إلى أن كثيرًا
من هؤلاء المتواضعين كانوا ينسبون إلى أنفسهم عيوبًا، وكانوا يتحدثون عن
نقائصهم وأخطائهم أمام الناس، ولا يدافعون عن خطأ ينسب إليهم حتى لو لم يكن
فيهم.




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org--Self-Love

St-Takla.org Image:
Too much self love? Pride
صورة في موقع الأنبا تكلا:
حب الأنا، الذات، محبة الذات، كبرياء

أما محبو المديح، فإنهم أنواع
ودرجات:


1
أقلهم خطأ هو الإنسان الذي لا يسعى إلى المديح، ولكن إن سمع مديحًا من الناس
فيه، فإنه يسر بذلك في داخله ويبتهج، وقد يبدو صامتًا لا يشعر أحد بما في داخله
من إحساسات.


2
نوع أخطر من هذا، وهو حالة الإنسان الذي إذ يبتهج في داخله من ألفاظ المديح التي
يسمعها، ويحاول أن يستزيد منها. كأن يقول عبارات تجلب له مديحًا جديدًا، أو يجر
الحديث إلى موضوعات مشرفة له، أو يتمنع عن سماع المديح بألفاظ متضعة تجلب له
المزيد من الثناء.


3
نوع ثالث أخطر من هذين هو حالة الإنسان الذي إذ يشتهي المديح، يحاول أن يعمل
أعمال بر أمام الناس لكي ينظروه فيمدحوه. وهذا النوع هاجمة
السيد المسيح، وقال
عنه إنه: "استوفى أجره" ولم يعد له أجر في السماء. ودعا الناس أن يصلوا في الخفاء،
وأن يخفوا عن أعين الناس
صومهم وصدقتهم وكل أعمال برهم.



والله الذي يري في الخفاء، هو
يجازيهم علانية. هؤلاء الذين يعملون البر في الخفاء، إنما يفعلون الخير حبًا في
الخير، وليس حبًا في المديح.


4
هناك نوع رابع في محبة المديح، وهو أصعب من كل ما سبق، وهو حالة الإنسان الذي
لا يكتفي بالوصول إليه، وإنما يتطوع لمدح نفسه، ويتحدث عن أعماله الفاضلة. وهكذا
يقع في الزهو والتباهي والخيلاء.. وقد يتمادى في هذا الأمر فيمدح نفسه بما ليس
فيه.


5
نوع خامس أسوأ من كل ما سبق، وهو حالة الإنسان الذي يشتهي المديح وينتظره، إذا
لا يصل إليه، يكره من لا يمدحه، ويعتبره عدوًا قد قصر في حقة فلم يقدره ولم
يعترف بفضله كما ينبغي. وقد يتمادى في هذا الأمر فيتضايق أيضًا ممن يمدحه ولكن
ليس بالقدر الذي كان ينتظره، وليس بالأسلوب الذي يشبع نهمه إلى العظمة
والفخر..



مثل هذا الإنسان الذي يكره من
لا يمدحه، ماذا تراه يفعل بمن ينتقده؟!


إنه ولا شك لا يمكن أن يحتمل
النقد ولا النصح ولا التوجيه، وطبعًا التوبيخ ولا الانتهار حتى ممن هو أكبر منه
كأب جسدي، أو أب روحي، أو معلم أو مرشد أو رئيس (اقرأ مقالًا آخر عن هذا
الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. ويعتبر كل نصح أو توبيخ يوجه
إليه، كأنه لون من الاضطهاد يقابله بالتذمر أو بالاحتجاج أو بالثورة والغضب.



6
على أن أسوأ درجة لمحبة المديح في نظري، هي حالة الإنسان الذي من فرط محبته
للمديح يريد أن يحتكره لنفسه فقط، فلا يطيق أن يسمع مدحًا في شخص آخر، وإلا
فإنه يكره نفسه ويحسد الممدوح.


وهكذا يعتبر من يمدح شخصًا غيره
عدوًا له منحرفًا عن طريق صداقته، يشبه بحالة زوجة تحب رجلًا آخر غير زوجها..
وفي الوقت نفسه يحاول أن يقلل من شأن الشخص الآخر الذي سمع مدحًا فيه، وربما
يتهمه بتهم ظالمة ويسئ إلى سمعته، لكي يبقي وحده، ولا شيئًا له في عذاب الناس.
من كل هذا نري أن محبة المديح تقود إلى رذائل عدة نذكر هنا بعضًا منها..


أول

لا شك أن مُحِب المديح يقع في الرياء،
ويحاول أن يبدو أمام الناس في صورة مشرفة نيرة خيرة غير حقيقته
الداخلية، وقد يتظاهر بفضائل هو بعيد عنها كل البعد.. قد يتظاهر بالصوم وهو
مفطر، وقد يتظاهر بالصفح وهو حاقد، وقد يتظاهر بالحب وهو يدس الدسائس..



ثاني

قد يقع محب المديح في الغضب وعدم الاحتمال:
فيغضب من كل من يوجه إليه
نقدًا، ومن كل من يخطئ له رأيًا، كما يغضبه من يمدح غيره أو يفضل أحدًا عليه.
وتكون الكرامة صنمًا يتعبد له في كل حين.. وقد تراه ثائرًا في أوقات كثيرة يصيح
صارخًا: "كرامتي.. ومركزي..".


ثالث

قد يقع محب المديح في الحسد وفي الكراهية، ولا
يكون قلبه صافيًا تجاه من يظن أنه ينافسه، أو من يظن فيه أنه نال كرامة أو
منصبًا أو مديحًا هو أولى به منه.. وقد تعذبه الغيرة والحسد إلى أخطاء أخرى
عديدة..


رابع

قد يقع محب المديح في حالة عدم الاستقرار،
فلا يثبت على حالة، وإنما
يختار لنفسه في كل مناسبة الوضع الذي يجلب له مديحًا في نظر من يقابله حتى لو
كان عكس موقف سابق له أو ضد رأى أبداه من قبل لنوال مديح من آخرين.


خامس

كثيرًا ما يقع محب المديح في الكذب أو المبالغة:
فهو على الدوام يحاول
أن يغطى أخطاءه ونقائصه بأكاذيب أو ألوان من التحايل، أو ينسب أخطاءه إلى غيره،
ويظلم غيره لكي يتبرر هو.. وقد يكذب أيضًا حينما ينسب إلى نفسه مفاخر وفضائل
ليست له، أو عندما يبالغ في وصف ما يرفعه في نظر الناس، محاولًا في كل ذلك أن
يخفى الآخرين لكي يظهر هو.


سادس

وقد يقع محب المديح في رذائل أخرى،
كأن يدبر دسائس لمنافسيه في
الكرامة، أو يشتهى موت أحدهم لكي ينال مركزه، أو يسلك في أسلوب التشهير بالغير
لكي يبقى وحده في الصورة..


وعمومًا فإن محب المديح يخسر
محبة الناس، لأن الناس تحب الإنسان المتواضع الذي يقدمهم على نفسه في الكرامة،
والذي يختفي هو لكي يظهروا هم، والذي يمدح كل أحد، ويحب كل أحد، ولا يعتبر
أحدًا منافسًا له..


ومحب المديح لا يخسر الناس فقط،
وإنما يخسر أيضًا أبديته، ويبيع السماء وأمجادها بقليل من المجد الباطل على هذه
الأرض الفانية.. وكل الفضائل التي يتعب في اقتنائها، يبددها بمحبة المديح،
ويأخذ آجر تعبه على الأرض، ولا يستبقى له أجرًا في السماء..


ومحب المديح قد يقع في خداع
الشياطين التي إذ تراه مستعبدًا لهذه الشهوة، تضلله برؤى كاذبة وبأحلام كاذبة
وبظهورات خادعة، وتوحي إليه بأشياء تضيع نفسه.. أو قد تحاربه من جانب آخر
فتدعوه بالغرور إلى درجات أعلى من مستواه يحاول إدراكها فلا يستطيع.. وتضربه
بضربات يمينية وتشتت هدوءه، وتجعله يعيش في قلق وفي جنون العظمة..


نطلب إلى الرب أن يعطينا
جميعًا نعمة الاتضاع، فالمجد لله وحده، وله العظمة وله القدرة.. وما أجمل قول
المرتل في
المزمور: "ليس لنا يا رب، ليس لنا، ولكن لاسمك القدوس
أعط مجدًا"..
له المجد الدائم إلى الأبد
آمين.



كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3




المقال مع بعض التعديلات نُشِر مرة أخرى في وقتٍ لاحق
في جريدة الأهرام يوم 18 ديسمبر 2011






محبة
المديح والكرامة





التعرض لمديح الناس شيء, ومحبة هذا المديح شيء آخر. فقد ينال
الإنسان مديحا من الآخرين ولا يخطئ. ولكنه إذا أحب هذا المديح واشتهاه, وأصبح
جزءا من رغباته. فحينئذ يكون قد أخطأ. وهكذا نقول: إن الرسل والأنبياء
والقديسين والشهداء والقادة الفضلاء... كل أولئك مدحهم الناس ولم يخطئوا.




علي أن القديسين في كل جيل كانوا بقدر إمكانهم يهربون من المديح أيا كان مصدره.
سواء أتاهم المديح من الناس, أو من الشيطان, أو من داخل أنفسهم. وبعضهم كان
يتمادى في هذا الهروب. وبعيد عن كل أسباب المديح وكل مناسباته. حتى وصل الأمر
إلي أن بعضا من هؤلاء القديسين المتواضعين كانوا يتحدثون عن نقائصهم وأخطائهم
أمام الناس,ولا يدافعون عن خطأ ينسب إليهم. حتى إن لم يكن فيهم.




أما محبو المديح فإنهم أنواع ودرجات: وأقلهم خطأ هو الذي لا يسعى إلي المديح.
ولكنه إذا سمع مديحا فيه من غيره, فإنه يسر بذلك في داخله ويبتهج. وقد يبدو
صامتا لا يشعر أحد بما في داخله من إحساسات.




نوع آخر, هو حالة الشخص الذي يبتهج في داخله بسبب ألفاظ المديح التي يسمعها. ثم
يحاول أن يستزيد منها. كأن يقول عبارات تجلب له مديحًا جديدًا. أو يجر الحديث
إلي موضوعات مشرفة له. أو يتمني عند سماع المديح بألفاظ متضعة تجلب له المزيد
من الثناء.




نوع ثالث هو حالة الشخص الذي إذ يشتهي المديح, يحاول أن يعمل أعمال بر أمام
الناس لكي ينظروه فيمدحوه! وهذا النوع هاجمه السيد المسيح وقال عنه إنه قد
استوفي أجره علي الأرض... ودعا الناس أن يعملوا الخير في الخفاء. والله الذي
يري في الخفاء يجازيهم علانية.


ولاشك أن الذين يعملون البر في الخفاء, إنما يفعلون الخير
حبا في الخير, وليس حبا في المديح.




هناك نوع رابع لمحبة المديح, وهو أصعب من كل ما سبق. وهو حالة الشخص الذي لا
يشبع مديح بعض الناس له, فإذا به يتطوع لمديح نفسه! وتحدث عن أعمال فاضلة له...
وبهذا يقع في الزهو والتباهي والخيلاء... وقد يتمادى في هذا الأمر فيمدح نفسه
بما ليس فيه.




نوع خامس أسوأ مما سبق. وهو حالة الشخص الذي يشتهي المديح وينتظر. وإذا لا يصل
إليه, يكره من لا يمدحه, ويعتبره عدوًا قد قصر في حقه, فلم يقدره حق قدره, ولم
يعترف بفضله... وقد يتمادى في هذا الأمر, فيتضايق أيضا ممن يمدحه, ولكن ليس
بالقدر الذي كان ينتظره, وليس بالأسلوب الذي يشبع فيه نهمه إلي العظمة والفخر.




مثل هذا الشخص الذي يكره من لا يمدحه, ماذا تراه يفعل بمن ينتقده؟! إنه ولا شك
لا يمكن أن يحتمل النقد ولا النصح ولا التوجيه. وطبعا لا يقبل التوبيخ ولا
الافتقاد حتى ممن هو أكبر منه كأبيه بالجسد, أو أبيه الروحي, أو أي معلم أو
مرشد أو رئيس! ويعتبر كل نصح أو توبيخ يوجه إليه, كأنه لون من الاضطهاد, يقابله
بالتذمر أو بالاحتجاج أو بالثورة والغضب.




علي أن أسوأ درجة لمحبة المديح في نظري, هي حالة الشخص الذي من فرط محبته
للمديح, يريد أن يحتكره لنفسه فقط, فلا يطيق أن يسمع مدحا لشخص آخر. وإلا فإنه
يكره المادح ويحسد الممدوح! وهكذا يعتبر من يمتدح غيره, بأنه منحرف عن طريق
صداقته. كما لو يشبهه بحالة زوجة تحب رجلا آخر غير زوجها! ومحب المديح هذا
يحاول أن يقلل من شأن الشخص الآخر الذي سمع مدحا له. وربما يتهمه ظالما ويسيء
إلي سمعته. وكل ذلك لكي يبقي وهو وحده, ولا شريك له, في إعجاب الناس.



† من
كل ما سبق نري أن محبة المديح تقود إلي رذائل عدة نذكر من بينها: فقد تقود من
يحب المديح إلي الوقوع في الرياء, محاولا أن يبدو أمام الناس في صورة مشرفة
نيرة خيرة غير حقيقته الداخلية, وقد يتظاهر بفضائل هو بعيد عنها تماما كأن
يتظاهر بالصفح وهو حاقد, أو بالحب وهو يدس الدسائس, أو يتظاهر بالصوم وهو مفطر.




وقد يقع محب المديح في الغضب وعدم الاحتمال. فيغضب من كل من يوجه إليه نقدًا,
أو يخطئ له رأيًا. كما يغضبه من يفضل أحدًا عليه. وتكون الكرامة صنما يتعبد له
محبو المديح في كل حين. وقد تراه ثائرًا في أوقات كثيرة يصيح صارخًا: كرامتي
كرامتي.




وقد يقع محب المديح في الحسد وفي الكراهية. ولا يكون قلبه صافيًا تجاه من يظن
أنه ينافسه, أو في من يظن أنه نال كرامة أو منصبا أو مديحا هو أولي به منه! وقد
تعذبه الغيرة والحسد بسبب كل هذا, وقد يجره الحسد إلي أخطاء أخري عديدة.




وقد يقع محب المديح في حالة عدم استقرار. فلا يثبت علي حاله, وإنما يختار لنفسه
في كل مناسبة الوضع الذي يجلب له مديحا في نظر من يقابله حتى لو كان في عكس
موقف سابق له، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في

موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى...
وكثيرًا ما يقع محب المديح في الكذب أو المبالغة. وكثيرا ما يغطي أخطاءه أو
نقائصه بأكاذيب أو ألوان من التحاليل, أو ينسب أخطاءه إلي غيره, ويظلم غيره لكي
يتبرر هو, أو يشتهي موت غيره مما نال مركزا يشتهيه هو.




وعموما فإن محب المديح يخسر محبة الناس. لأن الناس تحب الإنسان المتواضع الذي
يقدمهم علي نفسه في الكرامة, والذي يختفي لكي يظهروا هم, والذي يمدح كل أحد,
ويحب كل أحد, ولا يكره منافسا له.


ومحب المديح لا يخسر الناس. إنما يخسر أيضا أبديته. ويبيع
السماء وأمجادها بقليل من المجد الباطل علي هذه الأرض الفانية. وكل الفضائل
التي يتعب في اقتنائها, يبددها بمحبة المديح.


ومحب المديح قد يقع في

خداع الشياطين, التي تضلله برؤي وأحلام كاذبة وبظهورات خادعة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 12:07 pm

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





21- ما هي
الصلاة وكيف تكون؟








في بدء السنة الجديدة وقف
كثيرون
يصلون، وارتفعت أكف الضراعة
إلى الله..


ووسط
صلوات الكثيرين، نريد
أن نتحدث اليوم عن
الصلاة: ما هي
صلوات مقبولة، وأخرى غير
مقبولة؟


و ما شروط الصلوات المقبولة؟


إن الصلاة جزء من
طبيعة الإنسان، كأنها غريزة.. ومن هنا كان جميع الناس يصلون..
حتى أن الوثنيين أيضًا
يعرفون الصلاة.. إن القلب بدون الله يشعر بفراغ كبير. فالله له وجود في
حياتنا، ليس هو معتزلا عنا، يسميه الكتاب المقدس: "عمانوئيل"
أى

الله معنا.. ونلاحظ أن
الطفل يقبل فكرة الله وفكرة
الصلاة، بدون شرح، إنها فيه..




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org--Confession-Prayer

St-Takla.org Image:
A man kneeling and praying, black and white clipart
صورة في موقع الأنبا تكلا:
كليبارت أبيض وأسود، رجل يركع و يصلي

إن قلنا إن الإنسان
اجتماعي بطبعه، نستطيع أن نطبق هذه القاعدة جسديًا وروحيًا أيضًا.. فروح
الإنسان
تشتاق إلى الروح الكلى، وتجد لذة في الالتقاء به والجلوس إليه..



الصلاة إذن هي اشتياق
إلى الله.. روح الإنسان تشتاق إلى عشرة أخرى غير عشرة المادة.. وفي داخل كل منا
اشتياق إلى غير المحدود. واشتياق
آخر إلى مثالية عالية غير موجودة في هذا العالم.. ومن هنا يلجأ الإنسان إلى
الله ليشبع شوقه الروحي..


الصلاة هي أعمق ما في
الروحيات.. هي تفرغ القلب لله.. هي عمل
الملائكة، وعمل الإنسان عندما يتشبه
بالملائكة..
هي عمل
النساك والمتوحدين الذين تركوا كل شيء من أجل محبتهم لله، ووجدوا في هذه
المحبة ما يكفيهم وما يغنيهم.


الصلاة هي راحة النفس.
هي الميناء
الهادئ الذي ترسو عنده النفس بعيدًا عن أمواج العالم المتلاطمة. الصلاة هي واحة
خضراء في برية العالم القاحلة.. هي الوقت الذي تلتقي فيه النفس بمن يريحها. تجد
القلب الكبير الذي تأتمنه على أسرارها وتستطيع أن تحدثه بكل صراحة عن متاعبها
وعن ضعفاتها وسقطاتها. وهى موقنة تمامًا أنه لن يحتقر سقوطها، بل يقابلها بكل
حنو، ويعينها على القيام، ويشجعها..


الصلاة هي خلوة النفس مع
الله، هي لقاء مع الله، لقاء حب. هي
التصاق بالله. هي تلامس قلب
الإنسان مع قلب الله. هي تمتع النفس بالله.. وفي هذا قال داود النبي: "ذوقوا
وانظروا ما أطيب الرب"،
وقال أيضًا: "أما أنا فخير لي الالتصاق بالرب"..


الصلاة هي صلة بالله،
وربما من هذا المعنى اشتق اسمها (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع
الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. وهكذا يكون الإنسان في حالة صلاة، إن وجدت
هذه الصلة، وإن
شعر بالوجود في حضرة الله، وإن أحس القلب أنه قائم فعلًا أمام الله، يتحدث
إليه.. ليس المهم هو طول الصلاة ونوع الكلام بقدر ما تتركز الأهمية في وجود صلة
مع الله.. إن لم توجد هذه الصلة لا يعتبر الإنسان مصليًا، مهما ركع ومهما سجد
ومهما ظن أنه كان يتحدث مع الله.. إن اللمبات الكهربائية مهما كانت قوية
وجميلة، فإنها تكون عديمة الفائدة ما لم يسر فيها التيار.. هكذا الصلاة..



الصلاة هي تقديس
للنفس، هي رفع الفكر إلى الله، ورفع القلب إلى
الله. وعندما يرتفع الفكر إلى الله، يبعد عن المادة وعن محبتها والإنشغال بها،
ويكون في مستوى أعلى، في مستوى روحي، وهكذا يتطهر الفكر بالصلاة ويتنقى،
وكذلك القلب.. ويدخل كلاهما في جو آخر له سموه، يدخلان في عشرة الملائكة
وأرواح الأبرار. وبمثل هذه الصلاة تبطل الأفكار الرديئة، وتبطل طياشة الأفكار،
ويتجمع العقل في الله.


و بالصلاة يصل الإنسان إلى ما
يسميه القديسون"إستحياء الفكر"
أى أن الفكر الذي يتقدس بالصلاة يستحى من التفكير في
شيء ردئ. وهكذا يخجل الإنسان من أن يستضيف في ذهنه فكرًا شريرا في الموضع
الذي كان
يوجد فيه الله في العقل في وقت الصلاة.. وبهذا تساعد الصلاة على حياة
التوبة
والنقاوة..


لكل هذا كانت الصلاة رعبًا
للشياطين.. فالشياطين
يخافون جدًا من عمل الصلاة، ويرونه سعيًا لإمدادات إلهية ومعونات سماوية تصل
إلى النفس، فتحطم قوى الشياطين التي تحاربها. لذلك فإن الشياطين تحاول بكل
قوتها أن تعطل الإنسان عن عمل الصلاة، ونقصد الصلوات الروحية التي تخيفهم.. أما
الصلوات الفاترة أو السطحية فلا يهتم الشيطان بمقاومتها. إنها لا تؤذيه..



إن الصلوات الروحية تسبب
حسد
الشياطين وتذكرهم بما فقدوه.
وتشعرهم بالدالة الموجودة بين الله والإنسان فيتعبون.. ويحاولون أن يمنعوا
الصلاة. فإذا أصر الإنسان على الصلاة، يحاول الشياطين أن يشتتوا فكره، ويقدموا
له تذكارات ومشاغل وأفكارًا ليجذبوه إلى شيء آخر بعيدًا عن الحديث مع الله.



الصلاة هي طعام الروح، هي
غذاء الملائكة. هي
عاطفة مقدسة تغذى القلب.. بل في أثنائها قد ينسى الجسد أيضًا طعامه، ولا يشعر
بجوع. ومن هنا كان ارتباط الصوم بالصلاة. فعندما تتغذى الروح بالصلاة. ويمكنها
أن ترفع الجسد معها وتشغله عن التفكير في طعامه، وتعطيه طعامًا آخر. وبهذا
تستطيع الروح أن تحمل الجسد.. الصلاة هي حركة القلب، حتى بدون كلام.. إن
الصلاة ليست مجرد حديث فقد تكون خفقة القلب صلاة، وقد تكون دمعة العين صلاة،
وقد يكون رفع البصر إلى فوق، أو رفع اليدين نوعًا آخر من الصلاة.. إن الله يفهم
اللغة التي نخاطبه بها خارج حدود الألفاظ،
كالأب الذي يدرك مشاعر
ابنه وطلباته
دون أن يتكلم.. وهكذا يقول داود النبي لله: "أنصت إلى دموعي". ذلك لأن دموعه
كان لها صوت خفي يسمعه الله..


الصلاة هي تسليم حياتنا لله،
هي إشراكه في حياتنا، هي رفض من الإنسان أن يستقل بحياته بعيدًا عن الله.
فبالصلاة نطلب من الله أن يتدخل في حياتنا، ويدبرها حسب مشيئته الصالحة
الطوباوية، معلنين في اتضاع أمام الله أننا لا نستطيع أن نعتمد على أذهاننا
وحدها، وأننا لا نقدر أن نعمل شيء.


إن الصلاة شرف عظيم، بها نصعد
إلى الله، وبها نتلاقى معه، نحن التراب والرماد. وبالصلاة
تتحول النفس إلى سماء وتتمتع بالوجود في حضرة الله والعجيب أنه مع هذا الشرف
العظيم الذي للصلاة يمتنع البعض عن الصلاة، يمتنع التراب عن مخاطبة رب الأرباب
خالق السماء والأرض الكلى القدرة..


ليست الصلاة تفضلا منا على
الله، كما لو كنا نعطى الله شيئا من وقتنا أو من مشاعرنا. وليست هي ضريبة
يفرضها الله علينا. وليست هي عملًا نغصب عليه بأمر سماوي.
كلا، إنما الصلاة هي أخذ لا
عطاء. بها نأخذ من الله بركات وعطايا ومواهب دون أن نعطيه شيئًا. وإن كنا نقدم
لله وقتًا أو نقدم له قلبًا، فإنما لكي يملأ هذا القلب من محبته،
ويقدس هذا الوقت ببركته.. إن اعتقادنا الخاطئ في أن الصلاة إعطاء هو الذي
يجعلنا في كبرياء وتمنع. نقصر في أدائها، أقصد: نقصر في حق أنفسنا أولًا وقبل
كل شيء، لأننا نحن المستفيدون من الصلاة وليس الله. فلنحاول أن نصلى، لكي نأخذ
بركة ومعونة، ولكي نتمتع بالله، ولكي تتقدس قلوبنا وحياتنا كلها. وإن صلينا،
ليتنا نعرف كيف نصلى، وكيف نخاطب الله الذي له كل مجد وكرامة وعزة إلى الأبد
آمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 12:09 pm

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





22- الإيمان
العملي








أيها القارئ العزيز:
لا شك أنك تعتقد في نفسك أنك شخص مؤمن وأن أيمانك بالله ليس هو موضع سؤال.


فهل اختبرت اعتقادك هذا في
ضوء "الإيمان العملي"؟!
ولعلك تسأل: وما
هو الإيمان العملي؟


و للإجابة على هذا السؤال نقول:
إن كثيرين يؤمنون بالله إيمانًا نظريًا، إيمانا فكريًا، إيمانًا يختص بالعقل
فقط ولا يتعدى نطاق العقل.. أما
الإيمان
العملي، فهو الإيمان الذي تظهر
ثماره وعلاماته واضحة في حياة الإنسان، بحيث تشهد أعماله وأقواله وسلوكه
أنه شخص مؤمن.. لهذا يسأل القديس بولس الرسول ويقول:
"لنختبر أنفسنا هل نحن في الإيمان". ولتوضيح هذا الأمر سأضرب
بضعة أمثلة:


أنت تؤمن أن الله موجود،
وأنه عادل، وأنه يحكم للمظلومين، لماذا إذن تخاف؟ ولماذا تضطرب؟ وهل خوفك
يدل على أنك شخص مؤمن؟!




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Carrying-the-Cross

St-Takla.org Image:
Carrying the Holy Cross, humbleness, being like Jesus
صورة في موقع الأنبا تكلا:
حمل الصليب، التواضع، التشبه بالمسيح

عن داود النبي يقول: "الرب نورى
وخلاصي، ممن أخاف؟ الرب عاضد حياتي، ممن أجزع.. إن يحاربني جيش، فلن يخاف قلبي.
وإن قام على قتال، ففي ذلك أنا مطمئن..
"..
داود النبي يؤمن أنه في رعاية
الله، حمل صغير في غنم رعيته، ولذلك يخاطب الله
قائلًا: "إن سرت في وادي ظل الموت فلا أخاف شرًا، لأنك أنت معي.. عصاك وعكازك
هما يعزيانني"..


حقًا، إن القلب المؤمن لا
يخاف. الإنسان المؤمن الذي يثق برعاية الله له، لا يمكن أن يخاف. إن الخوف دليل
عملي على ضعف الإيمان. ضعف الإيمان برعاية الله، وحمايته، وحفظه..



إن المؤمن ينصت إلى صوت
المزامير
وهى تشجعه بقول الوحي الإلهي: "فلا تخش من خوف الليل. ولا من سهم يطير
بالنهار.. يسقط عن يسارك ألوف، وعن يمينك ربوات. وأما أنت فلا يقتربون إليك بل
بعينيك تتأمل، ومجازاة الخطاة تبصر".


لهذا استطاع
القديسون أن
يواجهوا الأخطار بقلوب مملوءة بالسلام لا تعرف للخوف معنى..
وإن
ضغطت عليهم الضيقات، وإن بدا أن أعداءهم أكثر قوة وعددًا، يرن في آذانهم القول
الإلهي: "أنا معكم، لا تخافوا"، "الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون"، "إن الذين معنا أكثر من الذين علينا". عاش آباؤنا في
البراري والقفار، في وسط الوحوش والحيات
والعقارب ودبيب الأرض، ولم يخافوا.. وتعرضوا لهجمات
الشياطين وحروبهم، ولم
يخافوا.. كانوا مؤمنين بعمل الله معهم، وعمل الله من أجلهم..



لذلك إن حاربك الخوف، وَبِّخ
ذاتك
وقُل: أين إيماني؟! اشعر باستمرار بأن الله موجود، وأنه يعمل، وأنه يحمي
السائرين في طريقه؛ يحميهم من الأخطار التي يرونها، ومن الأخطار الخفية
التي لا
يعرفونها. هو يدافع عنا أكثر من دفاعنا عن أنفسنا.. ولكنه دائمًا يتدخل في

الوقت المناسب في الوقت الذي تحدده حكمته الأزلية. فإن حاربك الخوف بسبب
أن المعونة الإلهية بدت متباطئة في الوصول إليك، فلتتشجع بقول داود النبي
في
المزمور: "انتظر الرب، تقو وليتشجع قلبك، وانتظر الرب".. حالة
واحدة تخاف منها. عندما تشعر أن الله قد تخلى عنك بسبب خطاياك.


وحتى في هذه الحالة يستطيع المؤمن
أن يجد حلًا إذ يشعر أنه بالتوبة يصطلح مرة أخرى مع الله،
ويعود الله إليه، وتعود معونته. والتوبة في مقدور كل إنسان: يكفى أن يندم من كل
قلبه، ويرفع قلبه إلى الله في انسحاق.. وإذ يشعر برجوع الصلة، ويزول الخوف
ويطمئن (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم
الأسئلة والمقالات)..
الإنسان المؤمن لا يخاف. والإنسان المؤمن
حقًا، لا نخطئ. إنك قد تخجل من أن ترتكب خطيئة أمام أحد معارِفَك، أو أمام من
توقرهم في داخلك، فكن بالأولى أمام الله!! إن الذي يضع الله أمام عينيه، لا شك
أنه يستحى أن يخطئ قدامه.. مثلما عرضت الخطية على يوسف الصديق، فقال: "كيف
أخطئ، وأفعل هذا الشر العظيم أمام الله؟!".


أؤكد لكم أننا في كل مرة نخطئ،
نكون قد نسينا الله، نسينا أنه يرانا ويبصر ما نفعله، وهكذا إيماننا في وجود
الله قد ضعف.. في كل مرة نظلم غيرنا، نكون قد نسينا الله العادل، وفقدنا
الإيمان بالله الذي يحكم للمظلومين.. في كل مرة نفعل ما لا يليق، لا تكون صورة
الله واضحة أمام أعيننا..


إن الإنسان المؤمن لا يخطئ، ليس
فقط لإيمانه بأن الله يراه، وإنما أيضًا لإيمانه بأن الله سيحاسب وهو الديان
الذي لا مهرب منه..





كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org--Atheism-001

St-Takla.org Image:
Atheism word in Arabic and English, with the verse: "But all men are vain, in
whom there is not the knowledge of God: and who by these good things that are
seen, could not understand him that is, neither by attending to the works have
acknowledged who was the workman" (Wisdom 13:1)
صورة في موقع الأنبا تكلا:
كلمة الإلحاد باللغة العربية والإنجليزية، مع آية: "ان جميع الذين لم
يعرفوا الله هم حمقى من طبعهم لم يقدروا ان يعلموا الكائن من الخيرات
المنظورة ولم يتاملوا المصنوعات حتى يعرفوا صانعها" (سفر الحكمة 13: 1)



لهذا كان الإباحيون يحاربون
باستمرار فكرة وجود الله، ويتخذون الله عدوًا لهم، وتقود الإباحية إلى الإلحاد.. أما
المؤمنون فتظهر ثمار إيمانهم في حياة العفة والطهارة والقداسة التي يسلكون
فيها، وبها يشعر الناس أنهم مؤمنون. ولذلك قال
السيد المسيح: "من ثمارهم
تعرفونهم". فإن كنت تسلك في الخطية فلا تفتخر باطلًا، وتقول إنك إنسان مؤمن!!
لئلا تكذبك أعمالك، وتقف شاهدة ضدك!


إن الإيمان كما قلت من قبل،
ليس مسألة عقلية أو نظرية، إنما يدخل في الحياة العملية، ويصبح إيمانًا
عمليًا، تسمى الحياة فيه "حياة الإيمان".


الإيمان إذن يتعارض مع الخوف،
ويتعارض مع
الخطيئة والشر.. هو أيضًا يتعارض مع التذمر والضجر. أنت تؤمن بالله.
حسنًا تفعل. فهل تؤمن أن الله يصنع معك خيرًا؟ إن كنت تؤمن بهذا فلماذا تتذمر؟
ولماذا لا تحيا في حياة الرضا
والشكر؟


إن المؤمنين يحيون باستمرار في
حياة الشكر، يشكرون الله في كل حين، على كل شيء.. يقبلون كل شيء من يد الله في
رضى وفي فرح، لا يتذمرون ولا يتضجرون.. هم يؤمنون أنه ضابط للكل، وأنه يملك
زمام الكون كله، ويدبر أموره حسب مشيئته الإلهية الصالحة. لذلك هم مطمئنون إلى
عمل الله.. ما يعمله الله خير ومقبول. وكل ما يشاؤه الله هو نافع ومفرح. فلتكن
مشيئته..


المؤمنون لا يضعون مشيئة الله
تحت مقاييس حكمتهم البشرية، إنما يخضعون حكمتهم البشرية لمشيئة الله،
ويقبلون مشيئة الله في غير
تذمر شاعرين أنها لصالحهم مهما كانت تبدو غير ذلك.. وحقًا كم من أمور تضايق
منها الناس في بادئ الأمر ثم أثبتت لهم الأيام أنها كانت خيرًا وبركة.. لذلك
فإن المؤمن يحيا باستمرار في
حياة التسليم.


حتى إن كان الأمر الذي
يحدث للمؤمن هو شر واضح، فإنه لا يتذمر، شاعرًا بالإيمان أن الله قادر أن يحول
الشر إلى خير..
إن أخوة يوسف صنعوا به شرًا،
وامرأة

فوطيفار الزانية فعلت به أيضًا شرًا، وقادته إلى السجن. ولكن
الله حول
ذلك الشر إلى خير.. كم من أمور يريد بها الناس ضررنا، ولكن هذه الأضرار في
طريقها إلينا تمر على يد الله صانعة الخيرات، فتحول الضرر إلى خير.. فلنكن إذن
مطمئنين شاعرين بالإيمان أن حياتنا في يد الله، وليست في أيدي الناس، ولنقل
باستمرار تلك الآية الجميلة المعزية التي يقول فيها الوحي الإلهي: "كل الأشياء
تعمل معًا للخير للذين يحبون الرب".


الإيمان إذن يتعارض مع
الخوف، ومع الخطيئة، ومع التذمر.. وهو أيضًا بالأكثر يتعارض مع اليأس..
ألست تؤمن أن الله قادر على كل شيء؟ آمن إذن أن الله
قادر على حل جميع إشكالاتك، وقادر على إزالة جميع متاعبك. لا داعي إذن لليأس،
فهو لا يتفق مع الإيمان.. وقل لنفسك باستمرار: "عند الله لكل مشكلة حل، أو
حلول. وهو قادر على كل شيء.
"غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله".



لهذا نجد أن رجل الإيمان
بشوش باستمرار، فرح القلب، مهما أحاطت به المتاعب لا يحزن ولا يكتئب ولا ييأس..



إنه يعيش في الحل
الآتي، وليس في المشكل الحاضر. يجعل الله بينه وبين المتاعب فتختفي المتاعب
بينه وبين الله، لئلا يختفي إيمانه بالله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 12:09 pm














كتب قبطية





كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





23- التوبة








توجد موضوعات روحية تخص
مجموعة معينة من الناس دون مجموعة
أخرى. على أن هناك موضوعًا يخص الكل،
مهما حاول البعض أن ينكر احتياجه إليه.
أما هذا الموضوع فهو التوبة..



كل إنسان يحتاج إلى
التوبة. لأنه لا يوجد أحد بلا خطية. الكل معرض للخطأ. والذي يقول إنه لا يخطئ
هو بغير شك واحد من اثنين: إما أنه إنسان لا يحاسب نفسه جيدًا، وإما أن مقاييسه
الروحية في حاجة إلى تعديل.


شعور الإنسان باحتياجه
إلى التوبة، هو دليل صحة نفسه، دليل على أنه يريد أن يصلح حاله وقلبه. أما الذي لا يشعر بحاجته إلى
التوبة، فلابد أنه سيبقى في أخطائه، تمنعه
كبرياؤه من الاعتراف بالخطأ.. إنه
بار في عيني نفسه، ولكنه ليس بارًا أمام الله وأمام الناس.. حتى أن القديسين
أنفسهم كانوا يجاهدون من أجل التوبة، ولكن في مستويات عليا غير المستويات
العادية..


إن كان الأمر هكذا،











كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org--Coptic-Monk-Prostration-Matania

St-Takla.org Image:
Orthodox Coptic monk performing prostration

صورة: راهب قبطي من الكنيسة الأرثوذكسية يقوم بعمل
ميطانية أو سجود



فما هي التوبة إذن؟


ليست التوبة هي مجرد
ترك الخطية وعدم السلوك فيها..
فكثيرًا ما يحدث أن يترك الإنسان
الخطية لأسباب غير روحية، يتركها ليس محبة للبر، وليس لمحبته لله وإنما لأسباب
أخرى، يكون في خلالها خاطئًا دون أن يخطئ.


فقد يبتعد الإنسان عن
الخطيئة أحيانًا بسبب الكبرياء، أو بسبب العناد، أو بسبب الخجل، أو بسبب الخوف:
الخوف من أن
يضبط أو الخوف من النتائج. أو بسبب أن الفرصة لم تكن متاحة، أو بسبب أن الخطية
معتذرة أو رافضة.. وقد يرفض الخطية من أجل التظاهر بالبر أو من أجل
مديح
الناس..



وفى كل هذه الحالات لا تكون الخطية في سلوكه، وإنما قلبه.. هو يريد ولكنه
لا يفعل..

والله
فاحص القلوب والأفكار، يعرف تمامًا أن مثل هذا الإنسان ليس تائبًا. إنه لا يزال
في حياة الخطيئة، ولا يزال للخطية سيطرة عليه، وإن كان لا يخطئ بالفعل..



إن التوبة هي حالة
تغيير في القلب. هي
نقطة تحول في حياة الإنسان.. هي
تجديد للقلب.. هي حياة جديدة يحياها الشخص تختلف اختلافًا كليًا عن حياته
الأولى في السقوط.


و قد يتغير إنسان ويسير في
الفضيلة، ولكنه لا يعتبر تائبًا إلا إذا استمر في حياة الفضيلة دون أن يرجع إلى
الوراء. فكثيرون
يظنون أنهم تابوا، وأن حياتهم قد تجددت، ويستمرون في هذا الوضع الجديد مدة، ثم
تحدث لهم نكسة روحية، فيرجعون إلى أخطائهم، والبعض يقومون ثم يسقطون، ثم يقومون
ويسقطون. وفي هذه الذبذبة لا نستطيع أن نقول إنهم تابوا.. ربما يكونون في مجرد
محاولات للتوبة.


إن ترك الخطية ولو إلى
فترة، ليس هو التوبة الحقيقية..


فقد يبعد الشخص عن
الخطية، أو تبعد الخطية عنه، ليس لأنه قد صار بارًا، وإنما لأنه في هذه الفترة
بالذات غير محارب بهذه الخطيئة بالذات..


إن
الشيطان ذكى في حروبه،
يعرف متى يحارب، وكيف يحارب، وبأية خطيئة يحارب الإنسان (اقرأ مقالًا آخر عن
هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وإن وجد الإنسان
مستعدًا استعدادًا كاملًا ومتحفزًا كل التحفز لمواجهته في ميدان معين، قد يترك
هذا الميدان ويحاربه في موقع آخر.


فإن وجدت نفسك
مستريحًا فترة ما من خطيئة معينة، لا تظن أنك قد صرت نقيًا من جهتها. ربما يكون
الشيطان قد تركك إلى حين
ريثما يعد لك كمينًا في موضع
آخر، ثم يرجع إلى محاربتك مرة أخرى على حين فجأة بهذه الخطيئة التي ظننت أنك قد
تبت عنها. لذلك كن حريصًا باستمرار، يقظًا باستمرار، مستعدًا باستمرار، لأنك لا
تعرف في أية ساعة أو بأي شكل تأتيك الحرب الروحية..


وقد تستريح فترة من خطيئة
معينة بالذات، ليس لأنك تبت عنها، وإنما بسبب شفقة الله عليك.
أراد لك فترة راحة حتى لا تكل في
الجهاد، أو لكيلا تقع في اليأس.. وربما تكون الخطيئة قد بعدت عنك بسبب صلوات
بعض القديسين الذين تشفعوا فيك أن يمد لك الله يد المعونة حتى لا تسقط. ربما
تكون القوة الحافظة المحيطة بك هي التي دافعت عنك، ولا يكون قيامك راجعًا
لتوبة..








كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Confession-Coptic-02

St-Takla.org Image:
Spiritual father, priest, repentance and confession
صورة في موقع الأنبا تكلا:
أب روحي، كاهن، التوبة و الاعتراف، معترف

هناك إذن فرق كبير بين
إنسان منتصر في حياته الروحية، وإنسان غير محارب. وتظهر التوبة على حقيقتها إذا
حوربت فانتصرت. وقد
ينتصر إنسان في حرب خفيفة ولكنه يضعف ويسقط إذا كان أغراء الخطيئة شديدًا
وقاسيًا. أما التائب الحقيقي فهو رجل الله الذي يحارب حروب الرب في عنفها
وينتصر. تضغط عليه الخطية في أشد إغراءاتها، وفي أقسى صورها، وفي أقصى حدودها،
وينتصر. ويستمر أمامه الأغراء، ويستمر في نصرته.. مثل يوسف الصديق..



هذه هي التوبة. إنها
حياة النصرة. حياة الإنسان الذي يجاهد من أجل الرب وينجح. حياة القلب الذي يرفض
الخطية مهما ضغطت عليه..


ترك الخطية هو بداية
حياة التوبة. أما كمال التوبة فليس هو ترك الخطية، وإنما هو كراهية الخطية. وقد
يكره الإنسان الخطية أحيانًا بعض الوقت اشمئزازًا منها أو كرد فعل لبشاعتها، ثم
يرجع بعد حين، بعد زوال هذا الانفعال فيشتاق إليها مرة أخرى. ليست هذه هي
التوبة. إنما التوبة هي كراهية حقيقية للخطية، كراهية دائمة بسبب أن هذه الخطية
لم تعد تتفق إطلاقًا مع طبيعة الإنسان الجديدة التي تجددت بالتوبة..



على أن كراهية الخطية
هي حالة سلبية. أما الحالة الإيجابية فهي محبة الله. والتوبة الحقيقية هي
النتيجة الطبيعية لدخول محبة الله في القلب.
إنها استبدال شهوة بشهوة. إنها
حلول شهوة البر محل شهوة العالميات. حلول الله محل العالم في قلب الإنسان.



التوبة هي الدرجة
الأولى في السلم الروحي. منها يرتقى الإنسان درجة درجة في حياة القداسة
والنقاوة حيث يصل أخيرًا إلى الكمال. والكمال
هو قمة الدرج الروحاني..


وهذه القداسة، وهذا الكمال، لا
يعلنهما الله للإنسان دفعة واحدة، لئلا يقع في صغر النفس، ويرى أنه ليس من
السهل عليه الوصول..


الكمال كالأفق، هو آخر
ما تصل إليه رؤيتك. عنده ترى السماء والأرض متعانقتين. فإذا ما وصلت إليه ترى
أفقًا آخرًا في انتظارك بعيدًا عنه. وعندما تصل
إلى هذا الأفق الآخر تتطلع إلى أفق أبعد.


وتظل تنتقل من أفق إلى فوق،
ترقى من كمال إلى كمال أعلى. وأعلى ما يصل إليه الإنسان من كمالات هو جهالة
بالنسبة إلى كمال الله الذي فيه يتركز الكمال الذي لا يحد، له المجد في كماله
إلى الأبد،
آمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 12:11 pm

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث







24- محاسبة
النفس











هناك فضيلة تلزم لكل إنسان،
أيًا كانت درجته، وبدونها ما أسهل أن
يضل وأن ينحرف هذه
الفضيلة هي محاسبة
النفس.



أليس من العار أن
نجتهد كثيرًا في محاسبة غيرنا من الناس، بينما أنفسنا لا نحاسبها!!



نفترض مثاليات عالية نضعها أمام
الآخرين، وإن تخلفوا عنها ولو قليلًا، ننصب لهم الموازين، ونكيل لهم الاتهامات،
ونحاسبهم حسابًا عسيرًا، كأننا مسئولون عن كل أعمالهم.. أما أنفسنا، فنادرًا ما
نضعها تحت الحساب.


بينما في حقيقة الأمر
نحن أقدر على محاسبة أنفسنا لا غيرنا.. أنفسنا معنا في كل حين، نعرف جميع
خباياها، وجميع نواياها، وجميع ظروفها وأحوالها، و
نعرف
كل أعمالها وأفكارها، لذلك نحن
نقدر على محاسبتها، ونكون عادلين في حسابنا،
لأنه من معرفة يقينية أما غيرنا، فلا نعرف دواخله، ولا نعرف ظروفه وقد نظلمه في
حكمنا. وما أصدق قول الكتاب: "لا يعرف الإنسان إلا
روح الإنسان الساكن فيه"..
فليتنا نحاسب أنفسنا لا غيرنا..




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Life-of-Jesus-09

St-Takla.org Image:
Jesus consoles a man

صورة في موقع الأنبا تكلا:
السيد المسيح يعزي رجل

ليتنا نحاسب أنفسنا
بدلًا من أن يحاسبنا الناس.

ما أجمل قول
القديس مقاريوس
الكبير: (احكم يا أخي على نفسك، قبل أن يحكموا عليك).. ويقينًا أننا لو حاسبنا
أنفسنا، وعرفنا أخطاءنا، سوف لا نتضايق من محاسبة الناس لنا، وسوف لا نغضب
منهم، بل نقول -ولو في داخلنا-
"نحن بعدل جوزينا"..


بل ليتنا نحاسب أنفسنا،
قبل أن يحاسبنا الله في اليوم الأخير. إن محاسبتنا لأنفسنا، تقودنا إلى التوبة،
إذ ندرك واقع سقطاتنا فنتوب عنها ونتركها، والتوبة تمحو الخطايا، وتستمطر مراحم


الله، وتوقفنا بلا دينونة في اليوم الأخير..


ومحاسبة النفس تقود الإنسان
إلى الاتضاع، وتبعد عنه الغرور
والكبرياء..

إنما يتعجرف الإنسان الذي لا
يدرى حقيقة ذاته، ولا يعرف نقائصه وعيوبه.. أما الذي يحاسب نفسه، وتنكشف أمامه
خطاياه وسقطاته وضعفاته، حينئذ يدرك أنه أقل بكثير مما كان يظن في نفسه، وتتضع
نفسه من الداخل وان حاولت أن ترتفع يذكرها بما اكتشفه فيها من عيوب..


ولكن كل ذلك يتم، إن كنا
دقيقين في محاسبتنا لأنفسنا، غير مجاملين لها، وغير ملتمسين لها
الأعذار في كل
شيء..



حقًا، ينبغي أن نكون
حازمين في محاسبتنا لأنفسنا. ولا يصح أن نغطى كل ذنب بعذر، ولا يصح أن نبرر
ذواتنا فيما نرتكبه من أخطاء، ولا يصح أن نلقى اللوم على الظروف أو على الآخرين
أو على الضعف البشرى، ولا أن نخفى خطايانا وراء نيات حسنة. بل نكون صرحاء مع
أنفسنا، غير مجاملين لها، ولا مدللين لها..


فلنكن مدققين جدًا في
محاسبتنا لأنفسنا، عطوفين جدًا في محاسبة الآخرين.

لأننا لا نعرف ظروف الآخرين،
فربما يكون لهم عذر. كذلك لا نعرف تكوينهم النفسي والعصبي، ولا نعرف كل ظروفهم
العائلية والاجتماعية والصحية والوراثية. أما من جهة أنفسنا، فندرك أنها بلا
عذر، ونعرف تمامًا مقدار الإرادة الخاطئة في عملها، ومقدار تدخل الظروف..



وفى
محاسبتنا لأنفسنا،
ينبغي
أن نحاسبها على كل شيء (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا
تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)..

على العمل الخاطئ، وعلى مجرد
النية الخاطئة وعلى أخطاء الفكر والحس واللسان والشعور، وكل شيء.. ونحاسبها
أيضًا على علاقتها بالله وبالناس.. ونحاسبها على مدى النمو في حياتها الروحية.
لا يكفى أن يكون الإنسان بعيدًا عن الخطية، إنما يجب أن يكون سائرًا في الفضيلة
وناميًا فيها.


ينبغي أن نحاسب أنفسنا
في ضوء مقاييس الكمال المطلوب منا. و
هنا
نوضح أنه كلما كان الإنسان ناميًا في معرفته الروحية دارسًا لحياة القديسين
والأبرار، متعمقًا في فهم الفضيلة، فعلى هذا القدر يكون مستوى محاسبته لنفسه
عاليًا. إن أصحاب القامات الروحية العالية يحاسبون أنفسهم على أخطاء قد لا
يراها غيرهم أخطاء، ولكنها في نظرهم كذلك بحسب نموهم الروحي.


إن الله أعطي لكل منا
ضميرًا يحاسبه. وبعضنا يحاول أن يسكت هذا الضمير،

وبعضنا يحاول أن يميته، وبعضنا
يهرب منه وبعضنا يحاول أن يتحايل على ضميره بحيل عقلية لتبرير مسلكه.. ولكن
الإنسان الصالح هو الذي يخضع لتوجيهات ضميره ويحنى نفسه لمحاسبته، بل يجعل هذا
الضمير يستنير أكثر وأكثر، ويكون مرفهًا أكثر وأكثر، بالمداومة على القراءة
الروحية والتأمل في الفضائل..


لذلك ننصحك باستمرار
أن تكون رقيبًا على نفسك.

لا تجعل شيئًا من تصرفاتك أو من
نواياك يفلت من مراقبتك. لا تترك دوامة المشغوليات تجرفك وتجعلك تنسى نفسك،
فتقلل من مراقبتك لها. اتبع هذه المراقبة، بمحاسبة، وبمعاقبة، إن استلزم
الأمر..


قل لنفسك ما يخجل
الناس من قوله لك.

ربما تجرحك كلمة صريحة يواجهك
بها الغير، ولكنك تستطيع أن تقول هذه الكلمة لنفسك. بل تستطيع أن تبكت ذاتك،
وأن توبخ ذاتك، وأن تقوم ذاتك وتؤدبها، فهي تخضع لك..


لا تترك نفسك على
هواها، تسير حسبما تشتهي، دون رقيب أو مؤدب.
.


وأعرف أنك خير قاض يحكم على
نفسك، وأعرف أن الشخص المجتهد في محاسبة نفسه، إنما هو الشخص الحريص على خلاص
نفسه، الحريص أن يحفظ ذاته نقيًا من كل شائبة ومن كل لوم..


ومحاسبة النفس تقود
إلي الصلاة وإلي
الاعتراف..

إن حاسب الإنسان نفسه ووجدها قد
أخطأت إلي الله أو إلي الناس، عليه أن يسكب ذاته أمام الله، ويعترف له بهذا
الخطأ، ويطلب منه المغفرة، ويطلب منه أيضًا القوة على تجنب هذا الخطأ وعليه
أيضًا أن يعترف لمن أخطأ إليه حتى يكسب رضاه ويصفي قلبه من جهته.. إلي باقي
عناصر الاعتراف الأخرى..


ولعل البعض يسأل: متى
يتاح للإنسان أن يحاسب نفسه!

إن البعض يحاسب نفسه في مناسبات
معينة، وكأن يجلس في بداية سنة جديدة ويحاسب ذاته على سلوكه خلال السنة الماضية
كلها، والبعض قد يحاسب نفسه قبل الذهاب إلي الاعتراف والبعض يحاسب نفسه في
نهاية كل يوم، قبل أن ينام. والبعض يحاسب نفسه على كل فعل بعد هذا الفعل
مباشرة، قبل أن يفقد تأثيره..


ولكن أفضل الناس هو
الذي يحاسب نفسه على العمل قبل أن يعمله.

فيسأل نفسه: أيجوز لي أن أفعل
كذا أو أن أقول كذا؟


وإن فعلت هذا الأمر ألا
أرتكب كذا وكذا من الإثم؟ وهكذا يتجنب الفعل الخاطئ، ويتجنب ما قد يسببه هذا
الفعل من نتائج لا تليق..


إن محاسبة النفس قد
تقود الإنسان إلي حياة البر، أو على الأقل إلي
حياة التوبة. وفي أقل القليل
تقوده إلي حساسية الضمير وإلي يقظة القلب، وإلي
التواضع
والانسحاق.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
منتدايات يسوع بحر الحب
عضو ماسى
عضو ماسى
منتدايات يسوع بحر الحب


الساعة الأن :
الوسام : كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
عدد المواضيع : 14684
عدد المسهمات : 91261
السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 13/08/1983
العمر : 41

كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟   كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالأحد ديسمبر 09, 2012 12:13 pm

كتب قبطية




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث





25- لا تُغَطِّ
أخطائك بالأعذار








في حياتك الروحية: واجه الواقع..
كن صريحًا مع نفسك، ومع الناس.. وإن أخطأت، لا تحاول أن تغطي الخطأ بالأعذار..
بل اعترف بالخطأ، في
أتضاع وفي صدق وحاول
أن تصلحه.


ما أسهل على الضمير
الواسع أن يجد عذرًا يغطي به أية خطيئة يقع فيها..!!
ما أسهل عليه أن يبرر أي موقف، بأي كلام!



إن الذين قتلوا سقراط Socrates، قالوا إنه
يفسد عقول الشباب! ومجمع السنهدريم الذي حكم على
السيد المسيح قال إنه مجدف!!
وحتى يهوذا الخائن كان يغطي خطيئة بعذر..


إن الأعذار باب واسع إن فتحناه، اتسع لكل فعل..




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Jesus-Trial-06

St-Takla.org Image:
Trials of Jesus
صورة في موقع الأنبا تكلا:
محاكمات السيد المسيح
إن الأعذار لا تعرف الخجل، وإن
كان الخجل قد يدفع أحيانًا إليها!!


الدافع الأول للأعذار هو
تبرير الذات.


والسبب الحقيقي للأعذار
الخاطئة هو كبرياء النفس التي ترفض أن تعترف بالخطأ.



والذات صنم يتعبد له الإنسان،
ويريده أن يكون كاملًا وجميلًا في عينيه وفي أعين الناس..


يسئ إلي البعض أن يبدو مخطئًا،
لذلك يغطي خطأه بعذر أو بأعذار. ويكون العذر في حد ذاته خطأ آخر قد يحط من قدر
الإنسان أكثر من الخطأ الذي يحاول أن يخفيه. وكما قال المثل: "عذر أقبح من
ذنب".


الإنسان الذي يبرر
ذاته بمختلف الأعذار، هو إنسان يرفض أن يتوب.


أما الاعتراف بالخطأ فهو دليل
على صحة النفس، ودليل على الرغبة في التوبة، وإظهار لندم الإنسان على أخطائه.
وقد صدق الكتاب حينما قال: "أنت بلا عذر أيها الإنسان".


والأعذار قد تكون مكشوفة
أحيانًا ومفضوحة، ومجالًا للسخرية، وموضعًا لشك الناس، وبخاصة إذا كثرت، أو إن
كان الخطأ واضحًا للكل. لذلك على الإنسان أن يراجع نفسه كثيرًا قبل أن يحاول
تغطية أخطائه بالأعذار.


بل قد تكون الأعذار
أحيانًا سببًا للإثارة، يتعب السامع.. ويكون خيرًا للمخطئ لو انه يصمت، إن لم
يستطع الاعتراف. فالصمت لا يثير كالأعذار التي تدل على استهانة المخطئ بما
فعله، وكأنه يظن الأمر طبيعيًا لا إثم فيه..!


والأعذار قد تكون صادقة، وقد
تكون مختلفة وغير حقيقية. والكذب معين لكل خطية، يقترب من كل مخطئ وبيده
ورقة تين عريضة يحاول أن يستره بها. والأعذار الكاذبة خطيئة مزدوجة تدل على مرض
الضمير..


وقد تكون الأعذار لونًا من
الخداع، أو شرحًا لما
حدث على غير واقعه الحقيقي (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع
الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وقد يلجأ فيها الشخص إلى الاحتماء وراء أسباب
ثانوية عن السبب الأساسي للفعل..


وقد ينكشف عذر، فيغطيه صاحبه
بعذر آخر..


وهكذا يدخل في سلسلة لا
تنتهي
من الأعذار، كلها تصرخ قائلة: (إنني مجرد ستار لنفس أتعبتها
الكبرياء أو أتعبها
الخجل، فتريد أن تقف بريئة أمام الناس بأى سبب وبأية وسيلة..).




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Www-St-Takla-org___Word-Excuses

St-Takla.org Image:
Arabic Word: Excuses
صورة في موقع الأنبا تكلا:
كلمة الأعذار

إن الأعذار بهذه
الصورة نوع من المكابرة،
تحاول أن تخفى الحقيقة، وأن تلبس
المذنب ثياب الأبرياء. وهى غير الأعذار البريئة الحقيقية التي تتقبلها النفس في
رضى..


ما أجمل أن يعترف
الإنسان بخطئه.. فالاعتراف بالخطأ يدل على محبة الإنسان
للحق
والعدل وعدم تحيزه
لنفسه.. وعدم
مجاملته لذاته..


والذي يعترف بالخطأ يدل أيضًا
على صحة فهمه، وعلى أنه غير محب للمغالطة، وغير محب للمكابرة، وغير محب للرياء.



والاعتراف بالخطأ دليل على
التواضع..


فالإنسان المتواضع لا يسلك في
تبرير الذات، وإنما في تقويم الذات وتصحيح وضعها. وهو يحكم على نفسه، قبل أن
يحكم الناس عليه. بل حتى لو كان الناس غير منتبهين لخطيئته، فإن هذا لا يمنعه
من أن يعترف بأنه قد أخطأ في هذا الفعل أو ذاك..




كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Divider-3


ما أقل المعترفين
بأخطائهم، وما أكثر المبررين ذواتهم بالأعذار..


و من أخطر الأعذار، الأعذار
الشائعة عند الجميع، حتى أصبحت
أمثالًا يتداولها الناس..


فقد يجتاح المجتمع خطأ عام، يسلك
فيه الكل. وإن عاتبت إنسانًا محبًا للحق في مثل هذا السلوك الخاطئ، ربما يجيبك
بهذه الإجابة المحفوظة: (أعمل إيه؟ الناس كلها كده)! كما لو كانت عمومية الخطأ
عذرًا يبرر وجوده..!


كلا، فإن الإنسان المحب
للحق، لا يصح أن ينحرف في أخطاء المجتمع الشائعة، بل يقاومها، ولو وقف في ذلك
وحده.


فهكذا كان المصلحون، بل
هكذا كان الأبرار في كل جيل: لهم طابعهم الروحي الذي يميزهم. حتى لو أخطأ الكل
فإنهم لا يخطئون، واضعين أمامهم قول الكتاب: "لا تشاكلوا هذا الدهر

أى لا تكونوا شكله وشبهه. بل إن داود النبي يصرخ في
المزمور ويقول: "نجنى يا رب
من هذا الجيل".


لقد كان نوح البار في وسط
كله فساد في زمن الطوفان، ولكنه تميز عن معاصريه بقداسته، ولم يجار الوسط
الفاسد. وهكذا أيضًا كان لوط في أرض سادوم.. وما أكثر الأمثلة.



إلى جوار عذر الخطأ
الشائع، يوجد عذر آخر عام وشائع:


فقد يعتذر إنسان بضعف
الطبيعة البشرية، أمام قوة الإغراءات الخارجية..
وقد يظن هذا مبررًا لسقوطه.



والواقع أن الله لا يمكن أن
يأمرنا بوصايا فوق مستوى إمكانيات إرادتنا، وإلا كان هذا لونًا من الظلم،
وضربًا من التعجيز، كما قال الشاعر:


ألقاه في اليم مكتوفًا
وقال له

إياك إياك أن تبتل بالماء


إن الله عندما يأمر
بوصية ما، إنما يعطى النعمة التي تساعد على تنفيذها..


وطبيعتنا البشرية ليست واقفة
وحدها، وإنما هي مسنودة ومؤيدة بقوة
الله. والله يعمل فينا، بقوته، وبنعمته،
وبروحه القدوس.. وعندما نتجه نحو الخير، نجد كل قوى السماء تساندنا وتعيننا..
والملائكة، وأرواح القديسين، وصوت الله في ضمائرنا وفي قلوبنا.. وكم من مواقف
انتصرنا فيها، وشعرنا يقينا بيد الله في العمل.. إنه هو الذي قال: "بدوني لا
تقدرون أن تعملوا شيئًا".


لا يصح أن نصف الطبيعة
البشرية على الدوام بالضعف وبالفساد.. إن الله
قد وضع فينا قوى عجيبة، نحن للأسف لا نبصرها، وبالتالي لا نستخدمها. ثم بعد ذلك
بكل جرأة نلوم طبيعتنا..


وللأسف أيضًا يوجد من سقط
ويقول: "لا يصح أن نقاوم الطبيعة
"!!


كلا، ليست هذه هي الطبيعة
البشرية التي خلقها الله، لأن الله لا يخلق شيئًا فاسدًا!! حاشا.



سِر أيها المبارك في طريق
الله.. وتشدد، وتشجع.. وفي أخطائك لا تلتمس لنفسك الأعذار.


لا تحاول أن تغطى
أخطاءك، بل حاول أن تعالجها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mylordjesus.yoo7.com
 
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» حصريا حمل كتاب الخدمة للبابا شنودة الثالث
» حصريا كتاب كيف نعامل الاطفال للبابا شنودة الثالث بحجم خيالى
» لاهوت وعقيدة للبابا شنودة الثالث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدايات يسوع بحر الحب :: منتدى الأبـــــــــــاء :: قسم الاباء :: منتدى قداسة البابا شنودة الثالث معلم الأجيال ذهبى الفم لسان العطر :: كل أصدارات كتب البابا شنودة التالت ومقالاتة (هنا مكتبة البابا )-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» قصة حب عمرك ماتتخيلها انا وانت
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالخميس يناير 26, 2017 1:42 pm من طرف nesma

» هبعتلك وردة
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالخميس يناير 26, 2017 1:35 pm من طرف nesma

» البنت الجدعة
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالخميس يناير 26, 2017 1:26 pm من طرف nesma

» كلمات من شفايف بنت مجروحة
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالخميس يناير 26, 2017 1:17 pm من طرف nesma

»  أختبر نفسك هل أنت مريض نفسى ؟
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالإثنين يناير 23, 2017 3:13 pm من طرف nesma

» فى علم النفس... عندما ترى:
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالإثنين يناير 23, 2017 3:09 pm من طرف nesma

» كيف تتحدث مع الأخرين بثقة وبدون خجل ..... ؟؟؟؟؟
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالإثنين يناير 23, 2017 3:07 pm من طرف nesma

» ابحث عن شبيهك فى الحياه
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالثلاثاء يناير 17, 2017 11:54 pm من طرف nesma

»  الجنـــون .. جعل الحـبّ اعمــــى فهل فكرنا يوماً ما سبب هذه التسمية ؟
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالثلاثاء يناير 17, 2017 11:49 pm من طرف nesma

» الصفات التي لايحبها الشباب في زوجات المستقبل
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالثلاثاء يناير 17, 2017 11:47 pm من طرف nesma

» اوعى تفهم غلط
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالثلاثاء يناير 17, 2017 11:42 pm من طرف nesma

» ♥ إذاخسرت من تحب♥
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالثلاثاء يناير 17, 2017 11:40 pm من طرف nesma

» ♥ حبّـــك عــذّبني / خاطـــــــرة ♥
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالثلاثاء يناير 17, 2017 11:36 pm من طرف nesma

» عمرك حسيت انك ميت
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالثلاثاء نوفمبر 01, 2016 7:54 pm من طرف nesma

» قال شكسبير
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالثلاثاء نوفمبر 01, 2016 7:48 pm من طرف nesma

»  صفات مواليد كل شهر
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالثلاثاء نوفمبر 01, 2016 7:46 pm من طرف nesma

» █ أرجــــوكَ أنْ تنســــــى / خاطــــرة █
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالثلاثاء نوفمبر 01, 2016 7:39 pm من طرف nesma

»  يارب دعوة من قلب حزين تبعتلى رسالة فى قلبى مع أتنين طيبين لقلب غالى راح منى وسط السنيين ويقولولة
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالثلاثاء نوفمبر 01, 2016 7:32 pm من طرف nesma

» كيف أتكلم عنك حبيبي عماد
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالثلاثاء نوفمبر 01, 2016 7:28 pm من طرف nesma

» خلينا اخوات
كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية للبابا شنودة الثالث 1- ما هو الخير؟ Emptyالثلاثاء نوفمبر 01, 2016 7:23 pm من طرف nesma

احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 13246 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو iqixcubub فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 49059 مساهمة في هذا المنتدى في 11379 موضوع
سحابة الكلمات الدلالية
مسيحية تهنئة فيلم المجيد التوبه وظائف للعدرا ارميا الله خوري فرنسيس قداسات بولس البابا رجوع رسائل رفقا الميلاد بعيد
منتدايات يسوع بحر الحب
منتدايات يسوع بحر الحب
منتدى , دينى , مسيحى , ثقافى , تعليمى , ترافيهى
موقع دينى مسيحى أرثوذوكسى يحتوى على

,قسم قداسة البابا تواضروس الثاني البابا118 ,قسم البابا شنودة التالت رئيس المتوحـــدين ,قسم البابا كيرلس شفيع الطالبة والمساكين ,قسم الاب مكارى يونــان محارب الشيــطان , قسم زكــرايا بطـرس صــاحب الصوت الحر, عظـات وتأملات وكتــب الاب متــى المسكين , قسم بستان الرهبان واجمل أقـــوال الابـــاء , قسم ولادة الألة الــ أم ــنور العذراء مريم ,قسم سنــوات مع أسئلة النـــاس هــنــــــــا, كلــــــمات مضـــيئـة مـــــن العصر الحديث , سينـما المنـتدى 24 سـاعة أفلام أون لايــن,الأفلام المسيـحية الجديدة ,فيديوهات نهاية العالم وقرب مجئ رب المجد,فيديوهات ومرائيات مسيحية متميزة وحصرية,فيديوهات ومرائيات صلاة الأباء بالمــوسـيقى ,فيديوهات ومرائـيات حـوادث حقــيقة واقــعية,فيديوهات ومرائيات عامة ومـنواعة ومختلفة,ألأفلام الوثائقية والتسجلية العلمية والابحـاث ,أفلام الكرتون والأنمى الترفيهية لكل الاعمارلألحان والموسيقى الكنسية للأفلام والتـرانيم,ألبومات وشرائط الترانيم المسيحية الحصرية .الترانيم المسيحية الفرادية وترانــــيم الافــلام ,ترانيم أغابى وسى تى فى والقنوات المسيحية ,ترانيم مسيحية فيديو كليب اون لاين وللتحميل,اجمل كلمــات الترانيم المكتوبة بشــكل ممـــيزجمل ترانيم البوربوبنيت,ترانيم وموسيقى الاطفال ,التأملات الروحية ,الكـــتاب المقــدس ,مكتبة الكتب المسيحية , الأديرة والكنائس ,تعليم اللغة القبطية ,منتدى الخدمة والخدام ,صلاة الاجبية ,أجمل العظات المسيحية الحصرية , اجمل القداسات المسيحية المختلفة ,رسائل روحية رسائل من القلب ,ســــنكســـــار الكنــيسة القبطية ,سير الشهداء والقديسين,تعلم كيف تصلى ,قصص صوتية مسموعة,البوم المعجزات المسيحية,العقيدة المسيحية والشبهات,قسم الشهيدة هناء يسرى,الصور المسيحية والتصميمات الحصــرية,صور رب المجد يسوع المســيح المتميزة,صور وتصميمات ملكة النور الــ أم ـــنور,صور قداسة البابا شنودة التالت المختلفة,صور شفــــيع المـــلاييــن البابا كيـرلــس,صور قداسة البابا تواضروس الثاني البابا 118,صـور أيات مسيحية و صور أقوال الأباء,صور و منـاظـر طبـيعية ثابــتة ومتـحركـة,صورة ومعلومة زود معلوماتك ومهارتك ,غرائــــب وعجــائــب ونــــاوادرالصــــور ,الصــور العــــامة الثابــــتة والمتحــركــة ,موسوعة الصــور المرسومة بخــط الــيد ,أحاسيس ومشاعر الشباب حبر من دهب , تصميمات الاعضاء المتميزة ,قسم ثــــقافة وعــــــلوم وتـــــــــــــــاريخ ,المنتدايات العامة الترفيهية والثقافية,النصائح الزوجية خبرات من الحياة,قسم الطفل (تعلم كيف تربى طفلك ),أبنى بيتك بنفسك بفكرك على ذوقك ,عالم الموضة والازياء المودرن,أكلتك سر محبتك (أسرار الطبيخ ),ألعاب الاعضاء الترافيهية,ألعاب الكمبيوتر والجرافيك,قسم الموبيل واحدث الابتكارات,قسم الفكاهة والضحك والفرفشة,قسم عجائب وغرائب الطبيعة,المسابقات والتحديات والفوازير,نادى بحر الحب الترافيهى ,قسم حكمة فى قصة ( أجمل القصص المقروءة ),المسرح الكنسى (أسكتشات ونصوص مسرحية مختلفة ),قسم الرسم والالوان للأعضاء المواهبين,أجمل الاشعار المسيحية الكتابية,أجمل الاشعار الكتابية العامة,أشعار بحر الحب الخاصة,خبر عــــــاجــل,قسم الطب والعلوم والجديد فى عالم الطب,طــــرق علاج الأدمان والتخلص منة نهائيا ,قسم علم النفس والاستشارت النفسيية,قسم الاستشارات القانونية والقضائية,قسم الابحاث والرسائل العلمية,أعلانات المنتدى ( أعلن هنا عن اى حاجة مجانا ),أعلانات عن الوظائف الخالية يوميا,مكتبة برامج الكمبيوتر,مكتبة البرامج المسيحية,مكتبة برامج الحماية من الفيروسات,مكتبة برامج الحماية من الهكر,مكتبة برامج الفيس بــــوك وملحقاتة,مكتبة برامج الشات والمحادثة,مكتبة برامج تطوير المواقع,مكتبة برامج الفوتو شوب,مكتبة برامج السويتش ماكس,مكتبة برامج تصميمات الصور والجرافيك والفيديو,قسم اللة محبة والمشاكل الشبابية, قسم فى النور للمشاكل الزوجية , ترانيم الامل , مدرسة المسيح كنوز لاتفنى

مواضيع مماثلة
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدايات يسوع بحر الحب على موقع حفض الصفحات
feedburne

منتدايات يسوع بحر الحب

↑ Grab this Headline Animator

مواقع صديقة
PRchecker.info
عدد الزوار
كن من معجبينا في الفيس بوك ...