لا تطرح ثقتك
8 استخدم فمك
هل تعاني من هزيمة ما؟
هل ثمة أمور تحرمك من السلام، وتعوق نجاحك وسعادتك؟
احتياجك الأول إلى هذه الخطوة الهامة:
أن تعلن لنفسك رفضك للهزيمة وعزمك أن تواجه هذه الأمور حتى تنتصر عليها..
اتخذ الآن قراراً أن تواجهها بالإيمان.. أياً كانت المشكلة، وعد الرب لك بالانتصار.. قصده الثابت أن تمتلئ بالسلام الكامل (في4: 7) والفرح المجيد (1بط1: 8)، وأن تكون ناجحاً (3يو 2) تسير "من مجد إلى مجد" (2كو3: 18)..
ارفض الهزيمة..ارفض الفشل..
قرر ان تكون منتصراً.. أن تحيا ناجحاً، فهكذا تصير في مشيئة الرب الصالحة..
الروح القدس سيساعدك، فهو رفيقك الذي يُعين ضعفك (رو8: 26).. اطلب إرشاده.. سيقودك إلى وعود الكلمة التي تناسب مشكلتك..
تمسك بهذه الوعود.. انشغل بها.. انتظر واثقاً أنها ستتحقق..
ستنتصر وستنجح، لأن الرب المحب يريدك منتصراً وناجحاً..
حدثتك الفصول السابقة عن كل ذلك.. ويأتي هذا الفصل ليُضيف جانباً هاماً في موضوع الإيمان يتعلق باستخدام الفم.. فللفم دور فعال جداً في معارك الإيمان..
إقرأ هذه الآيات وستُدرك معي هذه الحقيقة..
"الفم يعترف.. للخلاص" (رو10: 10)
"وكان حين سمع الشعب صوت البوق أن الشعب هتف هتافاً عظيماً فسقط السور في مكانه" (يش6: 20)
"الحق أقول لكم إن من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه بل يؤمن أن ما يقوله يكون فمهما قال يكون لكم" (مر11: 23)
"لو كان لكم إيمان مثل حبة الخردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتُطيعكم" (لو17: 6)
إنها آيات ذهبية تبوح لنا بحقائق عظيمة تتعلق بالفم..
اعتراف الفم يأتي لنا بالخلاص..
هل تريد أن تتخلص من ضيقة ما؟.. هذا هو الشرط، أن تؤمن ثم تعترف بفمك أن لك خلاصاً منها..
هتاف الفم يُسقط الأسوار..
هل هناك أسوار تعوق امتلاكك للوعود؟.. تعلم أن تهتف بفمك.. اهتف مسبحاً الرب.. تسبيح الإيمان يُسقط الأسوار..
أوامر الفم تنقل الجبال وتقلع الأشجار..
قُل للجبال أن تنتقل.. قُل للأشجار أن تنقلع.. قُل للحواجز التي تعوق البركة أن تتحرك من أمامك.. تحدث إليها بسلطانك كابن لله.. لن تصمد أمام أوامر الإيمان، وستزول..
الرب يريد لفمك أن يتكلم بكلمات الإيمان..
أن يعترف..
أن يهتف..
وأن يأمر بسلطان..
ثلاثة أمور أساسية لحياة الإيمان المنتصرة، الحياة التي تسخر من الظروف، وتستخف بمملكة الظلمة، وترى أعمال الرب المدهشة..
أبي السماوي..
في القديم قلت لموسى "أنا أكون مع فمك" (خر4: 15)..
وبكل تأكيد أنت تقول لي ذات العبارة..
إني أُسلمك فمي، واثقاً أنك ستكون معه..
ليعترف، وليهتف، وليأمر..
وليكون كما تريده أنت.. فما يعلن كلمات الإيمان..
سيدي..
المس فمي الآن.. المسه، ليتنقى من ألفاظ الشك..
ولينطق بعبارات الإيمان أكثر من ذي قبل..
نعم، المس فمي لينطق بعبارات الإيمان التي ترعب إبليس..
وتصنع العجائب..
اطلب هذا الإسم العظيم.. اسم من أحبني ومات لأجلي.. اسم ربي يسوع..
أولاً: اعتراف الفم
تؤكد لنا كلمة الله الحية ضرورة مُصاحبة كلام الفم لإيمان القلب.. داود النبي يقول في أحد مزاميره: "آمنت لذلك تكلمت" (مز116: 10)، ويأتي الرسول بولس في العهد الجديد ويردد نفس ما قاله داود: "فإذ لنا روح الإيمان عينه حسب المكتوب آمنت لذلك تكلمت. نحن أيضاً نؤمن ولذلك نتكلم أيضاً" (2كو4: 13)..
هذا إعلان مجيد.. إن لنا [أي لكل مؤمن] روح الإيمان عينه الذي كان لداود بطل الإيمان.. لسنا للشك والخوف، لقد دعانا الرب لنكون "أهل الإيمان" (غلا6: 10)، وقَسَمَ لكل واحد منا "مقداراً من الإيمان" (رو12: 3) لكي ينمو (2كو10: 14)..
أيها القارئ، ردد الآن بصوت مرتفع: "أنا لست للشك، لست للخوف.. أنا ابن للآب، مفدي بالدم، أنا من أهل الإيمان.. لي روح الإيمان عينه، روح الإيمان الذي كان لداود وبولس.. لي أن أؤمن وأتكلم.. أؤمن بقلبي وأتكلم بفمي"..
أقرأ أيضاً هذه الآيات من الإصحاح العاشر من رسالة رومية:
"إن اعترفت بفمك.. وآمنت بقلبك"
"القلب يؤمن.. والفم يعترف" (رو10: 9 ،10)
في الآية الأولى يُذكر إعتراف الفم قبل إيمان القلب.. وفي الثانية نرى العكس، يأتي إيمان القلب أولاً.. هذا يعني أنهما أمران متساويا الأهمية، ولا غنى لأحداهما عن الآخر.. كلاهما لازمان وبنفس القدر لتحقيق الوعود..
تمسك بالاعتراف..
الرسالة إلى العبرانيين تحثنا على الإعتراف قائلة: "فإذ لنا رئيس كهنة عظيم قد اجتاز السموات يسوع ابن الله فلنتمسك بالإقرار [أي بالإعتراف]" (عب4: 14)
إن كلمة اعتراف هي ترجمة للكلمة اليونانية homologia، والتي تأتي من الفعل homologeo وهو فعل من شقين “homou” ويعني "نفس الشئ the same" و"lego" ويعني "يتكلم".. فتكون كلمة اعتراف معناها الحرفي أن تقول نفس الشئ الذي يقوله شخص آخر(37)..
لنتمسك بالاعتراف.. أي لنقل دائماً نفس الشئ الذي يقوله الرب في كلمته..
كمثال، هب أنك تواجه خطراً ما، كيف ستكون كلماتك؟ هل ستخرج من فمك كلمات تُعبر عن الخوف والعجز والفشل؟.. هل ستقول مثلاً: لقد انتهيت، الخسارة باتت مؤكدة، إنها لكارثة كبرى، فرص النجاة تكاد تكون منعدمة؟..
كلمات كهذه تقف ضد ما يقوله الرب في كلمته..
ضد الاعتراف.. ضد الإيمان، فالرب يقول إن لك نجاة من الخطر (مزمور91)، وإنه يحفظك من كل شر (مز121: 7)، وإن كل الأشياء تعمل معاً لخيرك (رو8: 28)..
الإعتراف هو أن تقول نفس ما يقوله الرب، فتخرج من فمك كلمات كهذه: "أنا محمي.. أنا أثق في تدخُل إلهي.. أثق أنه يحفظني.. متأكد أنه يُنجيني.. متأكد أنه سيُحول كل شئ لخيري.. أثق أنه يعتني بي.. يرسل ملائكة خاصة لحمايتي"..
تأمل الرسول بولس وهو في وسط والاضطهاد.. كيف كانت كلماته؟.. هل قال إن كرازته ستضعف أو إن ثمره سينقُص؟ كلا.. بل كان ينطق دائماً بكلمات الإيمان: "إني لا أُخزى في شئ" (في1: 20)، "سينقذني الرب من كل عمل ردئ" (2تي4: 18).. "أموري [بما فيها من اضطهادات] قد آلت أكثر إلى تقدم الإنجيل" (في1: 12)..
نُبهِج الرب باعترافنا
هو يقول لنا: "تبتهج كليتاي [أي أحاسيسي] إذا تكلمت شفتاك بالمستقيمات" (أم23: 16)
حينما نتمسك بالاعتراف الحسن، وفي مختلف ظروفنا نقول نفس ما يقوله الرب في كلمته، فنحن نتكلم بالمستقيمات.. إننا نُبهج قلب الرب..
أيها الحبيب، هل تُريد أن تُبهج قلب سيدك؟..
لا تسمح بأي كلمات تخرج من فمك تعارض وعوده التي سجلها لك في كتابه.. تكلم دائماً بالمستقيمات، وإن حدث في وقت وفشلت في هذا الأمر، اذهب سريعاً إليه معترفاً بخطيتك طالباً منه أن يُطهر لسانك بالدم الثمين..
للاعتراف قوة جبارة
يقول سفر الأمثال: "الإنسان يشبع من ثمر فمه" (أم 12: 14)، "ومن ثمر فمه يأكل الإنسان خيراً" (أم13: 2)، "ومن غلة شفتيه يشبع" (أم18: 20).. هذه الآيات تؤكد أن كلمات الفم التي تخضع للكلمة وتتفق معها هي بذار حية لها قوة الإثمار، فهي تعود إلينا بما يُشبعنا..
وتقول آية أخرى من سفر الأمثال إن "هدوء اللسان شجرة حياة" (أم15: 4)..
أو حسب ترجمات أخرى "اللسان الذي يأتي بالشفاء شجرة حياة" (NIV)، و"اللسان السليم ينعش كشجرة حياة" [كتاب الحياة].. فلكلمات اللسان التي تخضع لكلمة الله قوة تشفي وتُنعش من يقولها عن إيمان وكذلك من يستمع إليها برغبة واهتمام..
وتؤكد الكلمة أيضاً أن "فم الصديق ينبوع حياة" (أم10: 11)، و"للإنسان فرح بجواب فمه" (أم15: 23)، فهل نجعل لساننا ينطق خاضعاً للكلمة ومعترفاً بما فيها من وعود فتنساب الحياة والفرح مع كلماته؟
آه، أية قوة في كلمات اللسان، تقول الكلمة في عبارة وجيزة وشاملة في نفس الوقت:
"الموت والحياة في يد اللسان" (أم18: 21)
الموت والحياة في يده.. نعم فإذا انقاد بالعيان أو المشاعر ونطق بعبارات انهزامية تُخالف ما قاله الرب في كلمته، نطق بالموت لنا ولمن يسمعنا..
كلماته ستزيد من الشك والخوف والقلق، هذه الأحاسيس المميته التي تدمر صحة النفس والجسد..وتشجع العدو أكثر على مُهاجمتنا مُستخفاً بنا..
أما أن اعترف اللسان بما قاله الرب في كلمته من وعود، فقد نطق بالحياة لنا ولمن يُنصت إلينا..
كلماته ستنطق بأخبار طيبة وحسنة تُقوينا وتقوي من يسمعنا ليس في النفس فقط بل أيضاً في الجسد، مكتوب "الخبر الطيب يسمن العظام" (أم15: 30).. وايضاً "الكلام الحسن حلو للنفس وشفاء للعظام" (أم16: 24)..
تُرى هل أدركت هذه القوة الكامنة في لسانك؟.. وهل صرت حريصاً أن تتكلم طبقاً لما تقوله الكلمة؟.. الرسول بطرس يقول لنا: "إن كان يتكلم أحد فكأقوال الله" (1بط4: 11)
أيها الحبيب، إنه الوقت الآن لنمتحن كلماتنا..
هل تتفق أم تتعارض مع ما تقوله الكلمة؟
هل هي كلمات تُفرح قلب الرب أم تُحزنه؟ هل تقوي إيماننا أم تُضعفه؟
هل تُسمن العظام أم تأتي بالمزيد من الإعياء؟
لنمتحن كلماتنا.. هل تحمل الحياة أم الموت؟
هل تقول كلماتنا نفس ما يقوله الرب عنا؟
تعال معي إلى سفر العدد الأصحاحات 22، 23، 24 لنعرف من كلمة الله ما يقوله الرب عن أولاده المؤمنين به..
الأصحاحات تُحدثنا عن شخص اسمه بلعام كانت له علاقة وطيدة بالأرواح الشريرة (عد24: 1)، وكان يستخدمها في إطلاق اللعنات على الناس..
لقد ذهب إليه بالاق ملك موآب طالباً منه إيذاء شعب الله بأن ينطق بلعنات عليهم..
مبارك الرب، لم يدع بلعام يلعن الشعب بل أجبره أن ينطق بكلمات البركة عوضاً عن اللعنه..
ومن خلال هذه الكلمات، كلمات الرب التي أجبر بلعام على نطقها، نرى أربعة امتيازات سامية قالها الرب عن شعبه..
أنهم أبرار
لهم حماية
مباركون
ومنتصرون
نحن أبرار
كلمات عظيمة جداً التي نطق بها الرب على فم بلعام بشأن البر..
"لم يبصر [أي الرب] إثماً في يعقوب، ولا رأى تعباً [خطأ](38) في إسرائيل" (عد23: 21)
كيف لم يبصر أي أثم أو خطأ؟.. ألم يكن للشعب آثام وأخطاء؟
نعم، ولكن كانت لهم أيضاً دماء الذبائح التي تشير إلى دم يسوع الثمين.. كانت لهم هذه الدماء تخفي آثامهم وتحجب خطاياهم..
أيها الحبيب.. إن كنت مؤمناً مولوداً من فوق، فالله يقول عنك في كلمته أنك في المسيح تُحسب بلا خطية، ترتدي ثياب البر (إش61: 10) ولك امتيازات الأبرار..
"ونحن متبررون الآن بدمه" (رو5: 9)
"وجعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" (2كو5: 21)
"وأما الذي لا يعمل ولكن يؤمن بالذي يُبرر الفاجر فإيمانه يُحسب له براً. كما يقول داود أيضاً في تطويب الإنسان الذي يحسب له الله براً بدون أعمال. طوبى للذين غُفرت آثامهم وسُترت خطاياهم. طوبى للرجل الذي لا يحسب له الرب خطية" (رو4: 5-8)
كل مؤمن حقيقي اغتسل بالدم الثمين يُحسب دائماً باراً لأنه دائماً يُرى في المسيح، حتى لو كان طفلاً في الإيمان (1كو3: 1)..
لا تقل أنا مذنب استحق العقاب، هذا ضد الاعتراف لأنه يناقض ما قاله الله عنك في كلمته..
بل قُل كنت مُذنباً أستحق العقاب، لكن الرب تحمل عقابي بالكامل.. أنا الآن مبرر.. أنا الآن في المسيح.. لست تحت دينونة (رو8: 1).. قد يؤدبني الرب كأبن لكنه أبداً لن يُعاقبني كمُذنب..
قل أيضاً: الرب سيستجيب صلاتي لأنه يحسبني باراً، ولست مستهتراً إنني أرفض الإثم.. "طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلها" (يع5: 16)
قل: الرب سيُنجيني من الخطر لأنه يحسبني باراً..
"أما البار فيُنَجَى من الموت" (أم11: 4)
قل: إبليس لا يقدر أن يشتكي عليَ ولن يقدر أن يؤذيني لأن الرب يقول عني إني بار..
"والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضاً إن كان الله معنا فمن علينا.. من سيشتكي على مختاري الله. الله هو الذي يُبرر. من هو الذي يدين" (رو8: 30- 34)
لنا حماية
هللويا، لم يستطع بلعام بكل قوته الشيطانية أن يصيب شعب الله بأي لعنة.. اسمعه معي وهو يعترف بعجزه "كيف ألعن من لم يلعنه الله وكيف أشتم من لم يشتمه الرب" (عد23: 8)..
أيها المؤمن، يا من وُلدت من فوق، يا من اغتسلت بالدم وصرت أبناً وارثاً لله (غل4: 7).. ثق أنك محمي قد باركك الرب ولن يقدر أحد أن يؤذيك بأيه لعنة.. وإذا حدث وضايقتك الأرواح الشريرة، فلتُسمعها اعترافك بأنك محمي.. صُد سهان إبليس الملتهبه بترس الإيمان، إيمانك بالحماية (أف6: 16)..
لقد تعرض بولس لمخاطر عده، فماذا كان اعترافه؟
"لي رجاء [ثقة KJV] فيه أنه [أي الرب] سيُنجي أيضاً فيما بعد" (2كو1: 10)
"لأنه قال لا أهملك ولا أتركك حتى إننا نقول واثقين الرب معين لي فلا [الأدق فلن](39) أخاف" (عب13: 6)
تأمل أيضاً وبفرح ما قاله الرب على فم بلعام: "ليس عيافة [سحر] على يعقوب ولا عرافة على إسرائيل" (عد23: 23)
الرب يقول أن أرواح السحر والعرافة لا تؤثر على شعبه.. الاعتراف هو أن تقول ما يقوله الرب عنك.. أن تقول إن السحر لا يؤثر عليك والحسد أيضاً لا يؤثر عليك، وإن دم يسوع الثمين يحميك كل الحماية..
لنا بركة
هل يحاول إبليس أن يُصيبك بلعنات؟
هل يجتهد أن يرسل لك لعنات، استمراراً للعنات كانت في حياتك قبل أن تؤمن، أو لعنات كانت ملتصقة بآبائك وأجدادك؟
كن حازماً معه.. لا تسمح له أن يفعل ذلك.. أنت لك سلطان أن تُقاومه وتُجبره على الهرب من أمامك..
قاومه بكلمات اعترافك بأنك لست تحت أية لعنه، لأن المسيح قد افتداك تماماً منها (غلا3: 13)..
تأمل، لقد حاول بلعام أن يلعن الشعب، لكن الرب منعه وقال له:
"لا تلعن الشعب لأنه مبارك" (عد22: 12)
هللويا.. الرب يقول عنا إننا مُباركون.. أفلا نقول عن أنفسنا نفس الشئ، إننا مباركون؟!
لقد غير بلعام موقعه ثلاث مرات، وفي كل مرة كان يقترب أكثر إلى مكان حلول شعب الله.. في المرة الأولى كان في موقع بعيد لم يقدر أن يرى منه سوى جزء صغير من الشعب (عد22: 41)..
وفي المرة الثانية أتى إلى موقع أفضل.. وفي الثالثة صار قريباً جداً حتى أنه رأى بوضوح أماكن تجمعات كل سبط من الشعب (عدد24: 2)..
ومع أن الله أجبره في كل مرة من الثلاث مرات أن ينطق بكلمات البركة للشعب، إلا أن البركة في المرة الثانية كانت أعظم منها في الأولى.. وفي الثالثة أعظم من كلتيهما..
يا للتعزية القوية!! كلما غير إبليس من مواقعه ليقترب منا أكثر ليُضايقنا، كلما كانت الفرصة لنحظى ببركات أعظم وأعظم..
أيها الحبيب، هل يحاول إبليس أن يُضايقك؟.. هل تجتاز في ضيقة صعبة؟.. لا تسمح مطلقاً لكلمات التذمر أن تخرج من فمك، لا تنس أنك مبارك وأن قصد الرب أن يباركك أكثر من الماضي.. وأن الضيقات ستُستخدم لخيرك..
دع فمك ينطق بكلمات الإيمان..
دع أحاديثك مع الآخرين تذيع طمأنينتك وثقتك في أنك مبارك..
هيا، اعلن إيمانك.. هيا ردد الآن وبصوت مرتفع:
لن يعوزني شئ (مز23: 1)
الرب سيهبني كل شئ (رو8: 32)
ما يحدث معي هو لبركات أعظم.. الرب يخرج لي من الجافي حلاوة (قض14: 14)..
الله سيسدد كل احتياجي بحسب غناه في المجد (في4: 19)..
الرب يزيدني كل نعمة ليكون لي اكتفاء كل حين (2كو9: 8)
قصد الرب أن أكون ناجحاً، سليم الجسد والنفس (3يو2)..
لنا النصرة
مجداً للرب، فقد قال عنا في كلمته إننا منتصرون نسير في موكب الغلبة (2كو2: 14)، نطأ العدو بأقدامنا (لو10: 19).. لسنا مطلقاً للفشل أو الهزيمة (2كو4: 1، غلا6: 9)..
أراد بلعام أن يهزم الشعب بلعناته، لكن الرب أمين لشعبه، لم يسمح له بل أجبره أن ينطق بكلمات تؤكد قوة الشعب وقدرته على تحقيق النصر في أية معركة يدخلها.. تأمل ما قاله:
"هوذا شعب يقوم كلبوة ويرتقع كأسد" (عد23: 24)
"جثم كأسد ربض كلبوة. من يقيمه" (عد24: 9)
الرب يقول عنا أننا أسود، وسفر التثنية يقول لنا مؤكداً قوتنا:
"من مثلك يا شعباً منصوراً بالرب.. فيتذلل لك أعداؤك وأنت تطأ مرتفعاتهم" (تث33: 29)
الإيمان هو أن نصدق بقلوبنا أننا أقوياء ولنا النصرة..
الإيمان هو أيضاً أن نعترف بأفواهنا بما صدقته قلوبنا.. أن نعترف أننا أسود منتصرون، أقوياء، ومن مثلنا!!
أيها الحبيب..
هل أنت مستعبد لخطية ما؟ لا تجعل فمك يتحدث عن العيان.. كفى كلمات تعارض وعود الله.. كفى أحاديث تزيد من استسلامك.. انطلق بكلمات الإيمان..
قُل: "الخطية لن تسودني لأنني لست تحت الناموس بل تحت النعمة" (رو6: 14)
هل أنت مهدد بالفشل في أحد مجالات الحياة (كالأسرة أو الدراسة أو العمل أو الخدمة).. انطلق بما تقوله كلمة الله عنك..
قُل: "استطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني" (في4: 13)
هل أنت في مواجهة شرسة مع الأرواح الشريرة؟.. لا تدع فمك يتحدث عن قوتها، لا تمجدها بكلماتك.. قٌل كلمات الإيمان.. قُل ما قاله الرب عن الشيطان، إنه سيُسحق تحت أقدامنا في كل معاركه معنا..
"إله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعاً" (رو16: 20)
هل تشعر بقوة إغراء العالم؟.. لا تتحدث عن ضعفك أمام هذه القوة، هذا ضد الاعتراف الحسن.. الاعتراف هو أن تردد ما يقوله الرب في كلمته..
"أنتم من الله أيها الأولاد وقد غلبتموهم لأن الذي فيكم أعظم من الذي في العالم" (1يو4:4)
هيا قُل الآن بصوت مرتفع: أنا في المسيح أعظم وأقوى.. أعظم وأقوى من إبليس..
إبليس محتقر جداً أمام المسيح الذي فيَّ..
هل هو كبرياء؟
قد يعترض أحد ويقول كيف أقول عن نفسي هذه الصفات الحسنة؟.. إنه لكبرياء؟!
كلا يا عزيزي بل هذا هو اعتراف الفم المُكمل لإيمان القلب.. فأنت لا تعترف بهذه الامتيازات وتقول إنها لك بسبب استحقاقك الشخصي.. كلا بل أنت تعترف بها مؤكداً إنها هبات سامية أعطاها الرب لك مجاناً بسبب نعمته الغنية وحبه الذي بلا حدود..
وفي ذات الوقت الذي تقول فيه عن نفسك إنك في المسيح ملك (رؤ1: 6) تسير من مجد إلى مجد (2كو3: 18)، تعترف أيضاً أنك في ذاتك دودة (إش41: 14) وتراب ورماد (تك18: 27)..
إنه اعتراف بالنعمة الغنية، التي تجعل الدودة ملكاً والتراب يسير من مجد إلى مجد..
لم يكونوا مُتكبرين
لم يكن داود مُتكبراً حين قال "أحمدك من أجل أني قد امتزت عجباً" (مز139: 14).. و"الآن يرتفع رأسي على أعدائي" (مز27: 6).. "لا أخزى إلى الدهر" (مز71: 1)..
ولم يكن ميخا مُتكبراً في كلماته: "أنا ملآن قوة روح الرب وحقاً وبأساً" (ميخا3: 8)..
وهل فقد بولس اتضاعه حين قال: "أنا قوي" (2كو12: 10)، و"الله لم يُعطنا روح الفشل بل روح القوة" (2تي1: 7)؟
وهل لم يكن من الاتضاع أن يقول يوحنا عن نفسه وعنا "جعلنا [الرب] ملوكاً" (رو1: 6)؟.. كلا، بل هذه هي كلمات الإيمان الحقيقي التي امتلك أصحابها الاتضاع الحقيقي..
عزيزي، رَدد مثلهم كلمات الإيمان وأنت تُدرك أنه لولا النعمة الغنية لبقيت في المزبلة إلى الآن.. هيا ردد مثلهم بقلب متضع وبصوت عال:
أنا قوي..
لي روح القوة..
لن أخزى.. لن أخزى إلى الدهر..
ثانياً: الهتاف
وبعد حديثنا عن اعتراف اللسان بما يؤمن به القلب، نأتي إلى الهتاف.. يقول المزمور: "طوبى للشعب العارفين الهتاف" (مز89: 15)، فما هو الهتاف؟.. هو التسبيح بقوة، والتسبيح بكل الكيان..
سبح الرب مُعبراً في تسبيحك عن ثقتك في أنه سيحقق كل وعوده التي وعدك بها..
سبح الرب بقوة مُعبراً في تسبيحك عن ثقتك في حبه لك وفي قوته العاملة وسط ظروفك..
سبح الرب بكل كيانك مُعبراً في تسبيحك عن إيمانك في أمانته المُطلقة وسهره المستمر من أجل أن يتمم وعوده معك..
الهتاف.. التسبيح بقوة.. الترنيم بكل الكيان، هو تعبير الفم عن إيمان القلب بأن الوعد سيتحقق، وهو تعبير تسمعه مملكة الظلمة فترتعب وتهرب مذعورة غير قادرة على الاستمرار في محاربتك بالشك والخوف.. وغير قادرة على إعاقة تحقيق الوعد..
انظر إلى يهوشافاط الملك.. كانت عاصمة مملكة أورشليم مُحاصرة من ثلاثة جيوش قوية، وبحسب المنطق البشري الطبيعي لم يكن هناك أدنى أمل في النجاة، ولا مفر من الاستسلام.. لكنه لم يترك نفسه للخوف بل اتجه بكل قلبه إلى الرب الذي يُنجي، فأعطاه الرب وعداً بالانتصار (2أي20: 15)..
فكيف استجاب يهوشافاط لهذا الوعد؟.. فَعَلَ أمراً ليس في إمكان الذهن الطبيعي أن يتوقعه!!.. لقد قاد جيشه قبل المعركة إلى التسبيح الغناء!!
كيف يسبحون وهم لايزالون وسط الخطر؟..
كيف يسبحون قبل أن يدخلوا المعركة ويتخلصوا من الأعداء؟
هذا هو الإيمان.. أن نُسبح بقوة، أن نهتف للرب قبل أن يتحقق الوعد تعبيراً عن ثقتنا الكاملة في أمانته أنه سيُتمم الوعد، ولن يخذلنا أبداً..
لقد آمن يهوشافاط بالكلمة التي قالها له الرب.. آمن بالمُستحيل.. ولأنه آمن هتف قبل المعركة مُسبحاً الرب..
هتف يهوشافاط قبل أن ينال تحقيق الوعد لأن هذا هو الإيمان، يسبق العيان..
وماذا كانت النتيجة؟.. لأنه آمن وعَبرَ عن إيمانه بالهُتاف، انتصر وكان انتصاره عظيماً جداً..
تأمل أيضاً ما فعله الشعب المُتمسك بالرب [مملكة يهوذا] عندما أدركه الخطر..
يقول الكتاب: "فالتفت يهوذا وإذا الحرب عليهم من قدام ومن خلف [هجوم شرس مُكثف من العدو]. فصرخوا إلى الرب وبَوقَ الكهنة بالأبواق وهتف رجال يهوذا [كلمة يهوذا تعني حمد وتسبيح] ولما هتف رجال يهوذا ضرب الله يربعام [العدو] وكل إسرائيل أمام أبيا ويهوذا" (2أي13: 14-15)..
"لما هتف رجال يهوذا"، لما عبروا عن إيمان قلوبهم بهتاف أفواههم، تدخل الرب وحسم المعركة لصالحهم، فهو دائماً يُمجد هتاف الإيمان..
عندما تؤمن بوعد ما، سبح الرب بكل كيانك معلناً ثقتك أنه سيحقق هذا الوعد.. اهتف، فالهتاف المستمر يحسم معاركك مع الشك والخوف..
أيها الحبيب، الإيمان يجعلك تهتف فرحاً بسقوط الأسوار قبل أن تسقط بالفعل، كما فعل الشعب في القديم بقيادة يشوع (يش6: 20)..
هل هناك أسوار تعوق راحتك وسلامك؟.. هل أخذت من الرب وعداً بأنها لن تبقى؟.. هيا افعل مثل يشوع.. اهتف بسقوطها معطياً المجد لإلهك.. ستسقط الأسوار، ستسقط..
هل أنت في احتياج إلى حرية وشفاء؟.. اهتف لإلهك المحرر والشافي، اهتف لإلهك الذي يُحرر من كل القيود ويشفي من جميع الأمراض (مز103: 3)..
يالقوة هتاف التسبيح!! يُسقط الأسوار(يش6: 20) ويفتح الأبواب ويفك القيود (أع16: 25).. يهزم إبليس ويعطي المجد لله..
للفم أن يعترف بما يؤمن به القلب، وله أن يهتف مُسبحاً بقوة، والآن إلى النقطة الثالثة، أن يأمر..
ثالثاً: أوامر الفم
عند شاطئ البحر أدرك موسى أنه هو وشعبه في خطر عظيم، فصرخ إلى الرب طالباً النجدة..
أجابه الرب بإجابة غير متوقعة.. "قال الرب لموسى مالك تصرخ إلى.. ارفع أنت عصاك ومد يدك على البحر وشُقه" (خر14:15)..
الرب يلوم موسى قائلاً: "لماذا تصلي إلىّ.. هذا وقت تستخدم فيه السلطان الذي أعطيته لك.. ارفع أنت عصاك.. مُد أنت يدك على البحر وشُقه"..
نعم من الضروري جداً أن نكون في شركة مستمرة مع الرب، فهذا يحفظ إيماننا قوياً..
لكن من اللازم أيضاً أن نستخدم عند الاحتياج السلطان الذي أعطاه الرب لنا..
لقد أعطانا الرب سلطاناً يجب أن نستخدمه.. اقرأ بتركيز هذه العبارت الثلاث الهامة من أقوال الرب يسوع:
الأولى من إنجيل متى، والمناسبة كانت فشل التلاميذ في طرد أرواح شريرة قوية من إنسان تسكنه.. يقول الرب: "الحق أقول لكم لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل ولا يكون شئ غير ممكن لديكم" (مت17: 30)
الثانية من إنجيل مرقس، والمناسبة، بعدما لعن الرب يسوع شجرة التين الخادعة.. العبارة تقول: "ليكن لكم إيمان بالله.. لأني الحق أقول لكم إن من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه بل يؤمن إن ما يقوله يكون له فمهما قال يكون له" (مر11: 22، 23)
والثالثة من إنجيل لوقا، والمناسبة هي حديث الرب عن مسامحة المُسئين إلينا.. والعبارة هي: "لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتُطيعكم" (لو17: 6)
هذه العبارات الثلاث تقول إن لنا سُلطاناً أن ننقل الجبال وأن ننزع الأشجار عندما نأمرها.. ومن مناسبات النطق بكل عبارة نستطيع أن نقول:
الجبل في المناسبة الأولى يشير إلى قوى الظلمة التي تحاول أن تفسد حياتنا وتعطل أفراحنا وسلامنا..
والجبل في المناسبة الثانية يتحدث عن الأمور التي يستخدمها العدو في خداع الناس..
أما شجرة الجميز التي تُعرف بجذورها العميقة فهي تُحدثنا عن جذور المرارة التي تتغلغل داخل النفس بسبب إساءات الآخرين وتجعلها غير قادرة على مُسامحتهم..
أيها الحبيب، هل آمنت بهذا السلطان الذي أعطاه لك الرب؟.. هل تستخدم فمك كما استخدم موسى عصاه؟.. كلمات الرب يسوع تدعوك أن تستخدم فمك..
استخدمه مع النوع الأول من الجبال
(قوى الظلمة التي تبغضك)
لقد منحك الرب سلطاناً عليها "على الحيات والعقارب وكل قوة العدو" (لو10:9).. تأمل إنه سلطان على كل جنود إبليس بما فيهم من رؤساء وسلاطين في عالم الروح.. قال الرب عن المؤمنين: "يخرجون الشياطين بإسمي" (مر16: 17)..
أيها الحبيب، هل اكتشفت وجود جبل شيدته قوى الظلمة يعطل سعادتك أو يمنع بركات آتية إليك؟.. إياً كانت الدائرة التي يقف فيها العدو كالجبل أمامك.. الأسرة.. العمل.. الخدمة.. الجسد.. اتجه إليه، إن لك سلطاناً عليه.. قُل له بإيمان باسم الرب يسوع أن ينتقل من أمامك.. الكلمة تُعلمك "قاوموا إبليس فيهرب منكم" (يع4: 7).. لن يقدر العدو أن يصمد أمامك طويلاً..
تعلم أن تفعل كما فَعَلَ الرب يسوع، أن تنتهر الريح متى حركها إبليس ضدك (مر4: 39)، وأن تنتهر المرض متى كان هجوماً من إبليس عليك (لو4: 39).. وأن تَصمت العدو متى حَرك ألسنة الناس لتشتكي عليك (مر1: 25)..
واستخدم فمك مع النوع الثاني من الجبال
(قوى التضليل)..
انظر لقد كلم الرب شجرة التين التي حاولت أن تخدعه وقال لها "لا يأكل أحد منك ثمراً بعد إلى الأبد" (مر11: 14)
اتجه إلى قوى إبليس التي تضلل وتخدع من تهتم بهم.. استخدم فمك ووجه كلماتك إليها.. مُرها باسم الرب يسوع كي ترحل عنهم وتكف عن إظلام أذهانهم.. ستخضع لك كما خضعت شجرة التين الخادعة للرب..
هل تبدو قوى التضليل مثل الجبال؟.. الرب أمين في وعده "من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه.. فمهما قال يكون له" (مر11: 23)..
لكن انتبه، فلا تهتم فقط بحروبك الخارجية مع إبليس.. لا تنشغل بنقل الجبال وتنسى الداخل.. احذر لئلا يكون إبليس قد أتى إليك مخادعاً كالحية وزرع في داخلك ما يضغف مع الوقت إيمانك..
إن أخطر ما يحاول العدو أن يزرعه هو الإحساس بالمرارة تجاه شخص أساء إليك.. هل لنا امتياز أن ننقل الجبال التي في الخارج؟.. الرسول بولس يقول "إن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلستُ شيئاً" (1كو13: 2)..
إذا غابت المحبة من قلبك فلن تكون شيئاً.. ستفقد انتصاراتك، وستُصاب نفسك بالجفاف وستنطفئ حرارتك..
الإيمان يحتاج إلى الحب ليظل عاملاً.. الرسول بولس يقول "في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة [الأمور الشكلية] بل الإيمان العامل بالمحبة" (غلا5: 6)..
لهذا السبب كان حديث الرب يسوع الأخير عن أوامر الفم متعلقاً بالحب.. بالغفران للآخرين.. لقد قال إن لنا سلطاناً أن نقلع جذور والمرارة التي تشبه جذور شجرة الجميز في تغلغلها..
استخدم فمك أيضاً مع شجر الجميز..
كان الرب يتحدث عن ضرورة الغفران للمُسيئين إلينا، فقال لتلاميذه:
"وإن أخطأ إليك [أخوك] سبع مرات في اليوم ورجع إليك سبع مرات في اليوم قائلاً أنا تائب فاغفر له" (لو17: 4)
ورأى بطرس أنها وصية صعبة فوق استطاعة القدرة البشرية، فسأل الرب مُعبراً عن عجزه في إتمامها..
"يارب كم مرة يخطئ إليّ أخي وأنا أغفر له. هل إلى سبع مرات" (مت18: 21)
تأمل لقد حذفَ بطرس عبارة "في اليوم".. فقد كان أمراً أبعد من تخيله أن يغفر لنفس الشخص سبع مرات في يوم واحد..
وكيف كانت إجابة الرب؟.. هل خَففَ له الوصية؟ هل أنقص عدد مرات الغفران؟.. كلا، بل وضح ما يقصده.. أنه لم يكن يقصد أن يكون الغفران محدوداً بعدد ما.. بل بلا حدود!!
"قال له يسوع لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات" (مت18: 22)
ثم أضاف مؤكداً أن يكون الغفران تركاً من القلب، ".. تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته" (مت18: 35)..
يتحدث رقم 7 في الكتاب المقدس عن الأمر الكامل(40).. وقم 10 إلى كمال الترتيب الإلهي(41).. ورقم 7x70 هو 7x7x10 .. الرب يقصد أن يكون غفراننا للمسيئين إلينا كاملاً وبلا حدود، فعندما يتوفر الحب لن يكون هناك حدود (أف3: 18)..
الرسول بولس يقول لنا إن المحبة الحقيقة لا تسجل أي خطأ.. "المحبة.. لا تظن السوء It keeps no record of wrong (NIV)" (1كو13: 5)..
فَحَصَ التلاميذ أنفسهم فوجدوا أنهم لا يؤمنون بأنهم قادرون أن يحبوا الآخرين بهذا الحب الذي يجعلهم يغفرون بلا حدود.. كيف بلا حدود؟!!
قالوا للرب: "زد إيماننا" (لو17: 5)..
أجابهم الرب قائلاً: "لو كان لكم إيمان مثل حبة الخردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتُطيعكم" (لو17: 6)
شجرة الجميز في كلمات الرب تشير إلى المرارة التي تتغلغل داخل الإنسان لتجعله عاجزاً عن الغفران..
أيها الحبيب، الإيمان يقلع شجرة الجميز مهما كانت جذورها عميقة.. الإيمان يزيل المرارة.. الإيمان يجعلك قادراً على الغفران من القلب..
هل أساء إليك شخص ما؟.. هل لا يزال يسيئ إليك؟.. هل تشعر أن جذور شجرة الجميز تتعمق في داخلك أكثر وأكثر؟.. لا، لاتستسلم فعدم الغفران سيحرمك من القوة والراحة.. هيا استخدم إيمانك.. مُر هذه الشجرة أن تخرج من داخلك.. تحدث إليها بإيمان، أسمِعها ما قاله الرب لك..
قُل لها: "بل إلى سبعين مرة سبع مرات.. سأترك له من كل قلبي.. إني آمرك أن تختفي من حياتي".. ستُطيعك لأن هذا هو وعد الرب..
أيها القارئ، هل تغلغلت في داخلك جذور مرارة تجاه شخص ما؟.. هل كان هذا بسبب جرح عاطفي أو اعتداء جسدي؟.. أم هي مرارة نحو أحد أفراد أسرتك بسبب حرمان قديم أو كلمات محبطة مستمرة؟.. إن عدم الغفران أمر خطير للغاية يحرمنا من التمتع بالبركات (مت18: 34)..
ما العلاج؟
الرب يسوع يقول لك: "تحدث إلى شجرة الجميز بكلمات الإيمان.. اطرد المرارة التي بداخلك.. إن لك السلطان أن تطردها"..
أسمِع نفسك كلمات الكتاب التي تقاوم مرارة إساءات الآخرين..
"باركوا على الذين يضطهدونكم. باركوا ولا تلعنوا" (رو12: 14)
"مسامحين بعضكم بعضاً.. كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضاً" (كو3: 13)
"ليُرفع من بينكم كل مرارة.. متسامحين كما سامحكم الله أيضاً في المسيح" (أف4: 31، 32)
أيها الحبيب، أياً كان العائق أمام سعادتك سواء كان في الخارج أم في الداخل، آمن بقلبك أنك قادر أن تُزيله.. ثم دع فمك يُعبر عن إيمان قلبك.. تَعَود أن تتحدث إلى العوائق وأن تنطق لها بالآيات المناسبة.. لن تقدر أن تصمد أمامك.. ستختفي.. حتماً ستختفي كما وعدك الرب..
لا تقل ليس لي إيمان كافي
لا تصدق العدو.. قاوم أي إحساس بالضعف وصغر النفس.. كل مؤمن وُلِدَ من فوق قد قَسَمَ له الله نصيباً من الإيمان (رو12: 3)..
ثق أن بداخلك إيماناً، وبإمكانك أن تستخدمه.. ثق أن الرب لن يقودك إلى معارك فوق طاقتك..
تأمل حينما وَجَدَ التلاميذ أنفسهم عاجزين عن الغفران للمسيئين إليهم، فقالوا للرب: "زد إيماننا".. فهل وعدهم الرب بأن يعطيهم إيماناً أكثر؟.. كلا!!.. بل قال لهم: "استخدموا الإيمان الذي فيكم حتى ولو كان صغيراً مثل حبة الخردل"..
حينما تطلب من الرب أن يزيد إيمانك، سيقول لك: "وبداخلك إيمان، استخدمه"..
ياللتشجيع الإلهي!! الرب يقول: "حبة خردل.. هي أصغر جميع البذور ولكن متى نمت فهي أكبر البقول" (مت13: 32)..
هل تقول بعد هذا إن إيماني غير كاف؟!
تأمل.. إذا زرعت حبة الخردل فلن تظل صغيرة، بل ستنمو وتصير أكبر البقول..
هل إيمانك صغير؟.. استخدمه.. هذا هو معنى الزرع.. استخدامك له سيُنميه ليجعله كبيراً..
الإيمان ينمو ويزداد (2تس1: 3، 2كو8: 7)، وينمو بالاستخدام.. الرب يقول بوضوح: "مًن يُعطي فيزداد ومًن ليس له فالذي عنده يؤخذ منه" (مت25: 29).. هذا مبدأ روحي ينطبق على الإيمان..
انظر إلى عضلات يدك، فهي تضعف إذا لم تستخدمها، وتزداد قوة كلما أكثرت من استعمالها.. هكذا ينمو إيمانك بالاستخدام.. هيا ازرع الآن حبة الخردل.. هيا استخدم الإيمان الذي فيك..
أيها الحبيب، هل أدركت ضرورة استخدام اللسان لكي يكون إيمانك عاملاً؟.. تأمل العبارة التي قالها الرب للمرأة الكنعانية..
"لأجل هذه الكلمة [التي قالتها المرأة له] اذهبي. قد خرج الشيطان من ابنتك" (مر7: 29)
"لأجل هذه الكلمة".. لقد كان تحرير ابنتها مرهوناً بهذه الكلمة.. كلمة الإيمان..
قد يتعطل تحقيق الوعد بسب عدم نُطقنا بكلمات الإيمان..
أيها الحبيب، إن لم تكن قد استخدمت فمك من قبل للتعبير عن الإيمان، ابدأ من الآن في استخدامه..
بالاعتراف
بالهتاف
وبإصدار الأوامر إلى الجبال.. وشجر الجميز..
بكل تأكيد لن يكون غدك مثل اليوم.. بل أعظم.. أعظم بكثير..
أبي السماوي،
لقد حان الوقت لأعترف أمامك أنني عاجز بقوتي عن أن أضبط شفتي (يع3: 8)..
عاجز أن أنقيهما تماماً من الكلمات التي تُعبر عن الخوف والقلق، والتذمر والانهزام..
الكلمات التي أعرف أنها تُعطي لإبليس مكاناً..
أعترف أمامك أنني عاجز أن أنطق في مختلف الظروف بعبارات الطمأنينة والسلام والثقة والانتصار..
العبارات التي تهزم إبليس وتجعله يهرب من أمامي..
لكن ما أعجز أنا فيه، تستطيع أنت أن تعمله فيّ، وبسهولة..
أليس مكتوباً أنك أنت العامل فيّ (في2: 13)؟..
لذا فإنني أُسلمُكَ شفتي..
اضبطهما أنت بروحك..
لتنطقا في كل الظروف كما تريدهما أنت..
تنطقان بكلمات الإيمان.. تعترفان بكلمتك.. تسبحان بكلمتك، وتأمران بكلمتك.. لحياة المجد والقوة..
أثق أنك تريد.. وأنك تستطيع..
القس دانيال