القديس يوحنا ذهبي الفم أقوال عن أشركه في ولائمك وفي وصية ميراثك.

القديس يوحنا ذهبي الفم  أقوال عن أشركه في ولائمك وفي وصية ميراثك.




أشركه في ولائمك وفي وصية ميراثك.

+ إنني لست أخاطب الذين يدعون إلى موائدهم ومجالسهم الزناة والمضحكين وغيرهم إذ ليس لي كلام مع هؤلاء كما لا كلام لي مع الشياطين كما أنني لست أخاطب الذين يظلمون الآخرين والذين يملأون بطونهم بشراهة لأنه لا يليق بي أن أخاطب الذئاب والخنازير إنما أوجه حديثي إلى أولئك الذين يتنعمون ويتلذذون ويتصرفون بنا يفضل عنهم بعمل ولائم لا حاجة لهم إليها فينعمون غير المحتاجين فتدعو إلى وليمتك خادمك ووكيلك ولأغنياء جيرانك فشبعهم من طعامك أما أخوك في بنوتك لألهك وسيدك ورازقك فلا تفتح له بابك ولا تعطيه من الخير الذي عندك فالأول تجالسه ويتنعم معك لأجل الضحك والثاني تهينه ولا تخش العقوبة في نار جهنم المعدة لإبليس ومن يطيعه.

فإن كنت يا هذا تقشعر عندما تسمع هذا القول فالأول بك أن تقشعر عاملا وخير لك أن يتكئ معك المسيح لا المستهزئ الذي يضحك وأن يجلس على مائدتك ذاك الذي أعطاها لك.

لست بهذا أمنعك من طعام الأول على سبيل الرحمة إنما فقط أمنع عنك الأمور غير اللائقة.

+ ليكن مرافقوك والذين يأكلون معك أناسا فقراء وأحراراَ لا خائنين ومغنين فيكون منزلك كنيسة لا مسرحاَ فيهرب الشيطان ويدخل المسيح ومعه زمرة الملائكة.

+ إن بخلت في العطاء وحاربك الشيطان مانعاَ إياك عن الرحمة فقل لنفسك معاتباَ لها ألست يا نفسي في كل مناسبة تعدين وليمة للأصدقاء وتنفقين الكثير في شراء الخراف والدجاج والفاكهة مما لا ترجعين منه إلى غاية  أكثر من طرحه في القاذورات سريعاَ فما بالك لا تعدين وليمة لخالقك وموجدك من العدم فتكرمينه مرة واحدة في الأسبوع فيجازيك عن ذلك بسعادة أبدية؟!

+ هذه المائدة التي للفقراء يكون فيها السيد المسيح وأما تلك التي للعظماء فيكون فيها العبيد والأتكاء مع العبيد.

( 1 ) فإنني أنا والذين معي اخترنا مائدة العظماء فتكونون مرتعدين خائفين تهابون المتكئين فلا تتجاسرون حتى على مد أياديكم فتكونون كالجالسين في المدرسة وليس على مائدة الغذاء فإنني أبتغي أن أكل خبزا فقط بحريتي من أن آكل أطعمة كثيرة بلا حرية لأنه مكتوب آكلة من البقول حيث تكون المحبة خير من ثور معلوف و معه بغضة (أم 15 :  17)

( 2 ) ومن جهة المصاريف فهذه الوليمة أفضل فتلك نفقاتها كثيرة فمن يدعو أولئك يستعد للوليمة قبلها بأيام كثرة ويلتزم بشراء أشياء كثيرة وبتباحث مع الطباخين الذين يعتزمون على الكفاح وذلك لنه يخشى أن يعمل شيئا بلا تميز فيذمه الكثيرون أما الذي يقدم الوليمة الأخرى فيكون خاليا من الاهتمامات فيقوم بالوليمة بنفسه ولا يهتم بها قبل ميعادها بأيام كثيرة.

كذلك في الوليمة الأولي يفقد الشخص معروفه حالا وأما الأخرى فيبقي الله غريمه لأن الطعام يباد أما النعمة فلا تباد بل تجعله مسروراَ كل يوم أكثر ممن يشربون الخمر.

( 3 ) لننظر ماذا يحدث أثناء تقديم المائدة ففي الوليمة الأولي تجد آلات الموسيقي أما الثانية فلا تجد شيئا من هذا لكن توجد تسابيح وتراتيل فهناك تسبحه للشياطين أما هنا فتسبحه الله سيد الكل.

عن كان الله قد أحسن إليك بخيراته فمن الواجب عليك أن تشكره بعدما تتناول القوت لكنك إذ تحضر أصحاب المجون والخلاعة تدخل الشياطين لأن كل ما تسمعه من الأغاني العشيقة ليست إلا تسابيح الشياطين فكان يليق بك أن تقول مبارك أنت يارب لأنك علتني بخيراتك ولكنك ككلب دنيء ما تذكر الرب بل تدخل الشياطين عوضاَ عنه بل الكلاب إذا أكلت تلحس أربابها وأما أنت فما تفعل هذا فالكلب وإن لم يأكل بلحس سيده أما أنت فتأكل وتنبح ضده والكلب لو أحسن إليه الغريب تنحل عداوته ولا يميل لآذيته أما أنت فتصيبك الشياطين بشرور كثيرة ومع ذلك تدخلهم إلى وليمتك.

فكيف لا يكون أمراَ ردياَ أن تجمع فيدارك مغنيات وتتلذذ كالخنزيرة المتمرغة في الحماة؟!

( 4 ) أتريد أن تعرف نهاية الوليمة فإن الذين ينهضون عن تلم الوليمة يشبهون المصروعين والمجانين فيضحك عليهم الخدام لأن الخدام ينصرفون عن الوليمة وهم في وعي أكثر من الضيوف السكارى يا له من خزي!! أما مائدة المساكين فما يوجد مثلها إذ ترفع بالشكر فينصرفون وينامون بلذة وينهضون من النوم بلذة متحررين من كل خزي وعار.

( 5 ) فالذي يدعو المساكين يدفعه إلى هذا العطف والوداعة أما الذي يقدم تلك الوليمة فإنما يقدمها بالمجد الفارغ ويعدمها من الظلم والطمع وقد ينتهي إلى جنون وذمول لأن هذه هي قروح المجد الفارغ أما الأخرى فغايتها شكر الله وتمجيده.      

+ إذا كان لأبان (خال يعقوب) الكافر العابد للأوثان لما كلمت أيام خدمة يعقوب له لم يرد أن يزف ابنته إليه بالطبول والأبواق والملاهي وما شابه ذلك رغم وجود مثل هذه الأشياء وكثرة العاملين بها في زمانه لكنه جمع العشيرة وصنع لهم طعاماَ وزفها إليه بحضورهم فما بالك أيها السامع للكلمات الإلهية والمثقف بالشرائع المسيحية والمأمور بترك الملاهي العالمية تستبيح أنت تزف ابنتك إلى الختن (العريس) بمحفل الشياطين؟ كيف لا تخجل من أن تدخل في منزلك السفهاء وأصحاب الخلاعة بينما إخوة المسيح يتضورون جوعاَ ويحترقون عطشاَ؟! ما بالك تستسهل صرف الأموال وبذل الجهود وتهون عليك التكاليف في أعداد مثل هذه الولائم السمجة ولا تفعل ذلك في الاحتفال بالضعفاء والمساكين؟!

كيف لا تفكر أن بعض الراقصات قد يشغفن العريس بحركاتهن وعذوبة كلامهن فتخمد نار اشتياقه نحو قرينته الطاهرة وينشغل بالفاسدات وحينئذ تنشب بيته وبين قرينته المخاصمات والفتن وتنتزع من بينها المحبة والألفة فيعيشان عيشة مرة شريرة؟!

فإن قلنا ألم تصبح هذه الأمور عادة وسنة يجري عليها جميع البشر ولا سبيل إلى إبطالها؟ أجبتك قائلا لا تلوم أيضا الزاني والسارق والقائل وعابد الأصنام وأمثالهم لأنهم يقولون كيف نترك عوائدنا المألوفة؟

+  إن شئنا الهروب من الدينونة فلنستعطف الديان من الآن بواسطة المساكين وإن كتبت وصية عند وفاتك فاكتب أيضا مع أهلك وأصدقائك حصة لنفسك الذاهبة إلى هناك.